إسبانيا تنقل رفات مواطنيها من جزيرتين يطالب المغرب باستعادتهما

time reading iconدقائق القراءة - 8
 جزيرة "قميرة" الخاضعة لسيطرة إسبانيا ويطالب المغرب باسترجاعها - AFP
جزيرة "قميرة" الخاضعة لسيطرة إسبانيا ويطالب المغرب باسترجاعها - AFP
دبي- عزيز عليلو

قالت وزارة الدفاع الإسبانية، إنها ستبدأ بنهاية يوليو الجاري في استخراج ونقل رفات عشرات المواطنين الإسبان، بينهم جنود ومدنيون، من جزيرتين يطالب المغرب باستعادتها، إلى مقبرة أخرى ف.

ويتعلق الأمر بجثامين 54 مواطناً إسبانياً دُفنوا قبل أكثر من 280 سنة في "صخرة الحسيمة"، التي تعرف باسم "جزيرة النكور"، وتقع قرب الساحل الشرقي للمغرب، و جزيرة "قميرة"، الواقعة غربي البحر الأبيض المتوسط.

ولم تعلن حكومة مدريد السبب وراء هذا القرار، فيما أفادت وسائل إعلام إسبانية بأن الخطوة تثير مخاوف من تخلي إسبانيا عن سيادة الجزيرتين لمصلحة المغرب.

ونشرت وزارة الدفاع الإسبانية الجمعة الماضي، قائمة بأسماء المواطنين الإسبان المدفونين في الجزيرتين، وطلبت من أقاربهم اختيار مكان دفنهم.

وقالت في بيانها، إن وزارة الدفاع ستشرع في استخراج الجثامين بحلول 30 يوليو الجاري، مضيفةً أنها ستنقل الجثامين إلى مقبرة “بوريسيما كونسبسيون” في مدينة مليلية، ما لم يختر أقاربهم دفنهم في مناطق أخرى.

وأحصت وزارة الدفاع الإسبانية 18 قبراً لمواطنين إسبان دفنوا في "جزيرة النكور"، في الفترة بين 1741 و1921، بينهم جنود إسبان ومدنيون.

وفي جزيرة "قميرة"، عثرت الوزارة على 36 قبراً لمواطنين إسبان دفنوا هناك في الفترة بين عامي 1864 و1925. وتضم القائمة جنوداً، وسياسيين وأطباء، ونساء ورجال وأطفال، أعمار بعضهم لم تتجاوز 3 أشهر عند وفاتهم.

نزاع متجدد

وسيطرت إسبانيا على "صخرة الحسيمة"، التي تقع على بعد 300 متر فقط عن ساحل مدينة الحسيمة المغربية، عام 1559، وبعدها احتلت جزيرة "قميرة" الواقعة على بعد 30 كيلومتراً عن مدينة الحسيمة، عام 1564.

ويعتبر المغرب أن هذه الجزر جزءاً من أراضيه، ويطالب منذ 60 عاماً، بالسيادة عليها وعلى جيبي سبتة ومليلية، الخاضعين للسيطرة الإسبانية منذ قرون.

وسيطرت إسبانيا على سبتة في عام 1688، بموجب معاهدة لشبونة. وأثارت حدود سبتة حرباً بين إسبانيا والمغرب، بين عامي 1859 و1860، كما احتلتها قوات الجنرال فرنسيسكو فرانكو، وانطلقت منها إلى إسبانيا، بعد تمردها على الحكومة اليسارية، مؤذنة باندلاع الحرب الأهلية (1936-1939).

كذلك سيطرت إسبانيا على جيب مليلية، في عام 1497، علماً أن مدريد منحت سبتة ومليلية حكماً ذاتياً، في عام 1995.

وتجددت مطالب استرجاع هذه الأراضي خلال الأشهر الأخيرة، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين الرباط ومدريد، بسبب استقبال السلطات الإسبانية زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.

وفي يونيو الماضي، دعا "حزب الاستقلال" المغربي إلى استرجاع مدينتي سبتة ومليلية والجزر الخاضعة للسيطرة الإسبانية، مؤكداً أن الوقت حان لإثارة هذا الموضوع.

وقال نور الدين مضيان، رئيس الفريق النيابي لـ"حزب الاستقلال"، في ندوة افتراضية، نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني: “الوقت حان لاسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين، والجزر الجعفرية والجزر المرتبطة بهما”.

وأضاف: "لا بد من إثارة مجموعة من الملفات مع إسبانيا، والمغرب انتهج أسلوبا متزناً، ولكنه شرس في الوقت ذاته”.

وقبل التوتر الأخير، بلغت العلاقات بين إسبانيا والمغرب "أدنى مستوى"، بعد الاحتكاك في جزيرة ليلى (بيريخيل بالإسبانية) غير المأهولة، في يوليو 2002، والتي تبعد 250 متراً عن المغرب، و8 كيلومترات عن سبتة، و13.5 كيلومتر عن البرّ الإسباني. وأخرج آنذاك الجيش الإسباني عسكريين مغاربة تمركزوا في الجزيرة.

أبراج مراقبة

بالتزامن مع تصاعد التوتر، أفادت صحيفة "لاراثون" الإسبانية الشهر الماضي بأن مدريد أطلقت مشروعاً جديداً لإنشاء أبراج مراقبة جديدة على "صخرة الحسيمة" و"جزيرة قميرة".

وسيتم نصب الأبراج بارتفاع 9 أمتار على الأقل، وفقاً للصحيفة، التي قالت إن وزن كل برج لن يتجاوز 130 كيلوغراماً، وسيكون قادراً على تحمل درجات حرارة تتراوح بين -20 و60 درجة. وستبلغ قيمة هذه الأبراج الثلاثة نحو 130 ألف يورو، بحسب ما جاء في وثيقة وزارة الدفاع الإسبانية.

وأشارت وثيقة وزارة الدفاع الإسبانية إلى أن قيادة الكتيبة الثانية من فوج الإرسال رقم 22، المسؤولة عن صيانة أنظمة الاتصالات العسكرية، وفرقة المهندسين بالجيش الإسباني، هي التي طلبت وضع هذه الأبراج، بهدف "حماية السيادة الإسبانية".

وقالت الصحيفة، إن هذه الخطوة تهدف إلى "تأمين السيادة الإسبانية على المناطق الخاضعة لسيطرتها، وسط محاولات من المغرب لوضع السيادة عليها"، مذكرة بدخول الجيش المغربي عام 2002 إلى جزيرة "ليلى" المهجورة الخاضعة للسيطرة الإسبانية، والتي يطالب بها المغرب. كذلك محاولة "لجنة تحرير سبتة ومليلية" المدنية وضع علم المغرب على أعلى قمة في "جزيرة قميرة".

"سيناريو الصحراء"

يأتي قرار إسبانيا نقل جثامين مواطنيها من "صخرة الحسيمة" و"جزيرة قميرة" فيما تحاول مدريد إصلاح العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، وهو ما دفع وسائل إعلام محلية إلى إثارة مخاوف من رغبة إسبانيا من التخلي عن سيادتها على الجزيرتين للمغرب.

وقالت صحيفة "أوك ديارو" الإسبانية، الثلاثاء، إن قرار وزارة الدفاع أثار اهتماماً بالغاً في البلاد، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الصحراء، إذ مهّد نقل جثامين المواطنين الإسبان إلى انسحاب إسبانيا من المنطقة.

وفي 1975، نقلت إسبانيا جثامين نحو 1800 مواطن إسباني من أقاليم الصحراء، التي كانت تستعمرها، قبل انسحابها منها في العام ذاته.

ولفتت الصحيفة إلى أن المخاوف من انسحاب القوات الإسبانية القليلة، التي تتمركز في "صخرة الحسيمة" و"جزيرة قميرة"، زادت أكثر في ظل رغبة الحكومة الإسبانية في إصلاح العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بعد أن تضررت خلال الأشهر الأخيرة.

وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، السبت، تعديلاً حكومياً يشمل وزيرة الخارجية أرانشا غونزاليس لايا، التي تعرضت لانتقادات بسبب طريقة تعاملها في الأزمة مع المغرب.

وفي أول تصريح له عقب استلام مهامه، قال وزير الخارجية الجديد خوسيه مانويل ألباريس إن من بين أولوياته "تعزيز العلاقات خصوصاً مع المغرب"، وفقاً لصحيفة "20 مينوتوس" الإسبانية.

واندلعت أزمة دبلوماسية بين الرباط ومدريد في أبريل الماضي، حين استقبال إسبانيا زعيم جبهة "بوليساريو" إبراهيم غالي، لعلاجه إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.

وأدرجت مدريد الأمر في إطار "إنساني"، لكن الرباط رفضت حججها، واعتبرت وزارة الخارجية المغربية، أن هذا الملف كشف عن "المواقف العدائية لإسبانيا واستراتيجياتها المسيئة، تجاه قضية الصحراء"، وشكت من "انهيار الثقة" بين الجانبين.