هل تفلح دعوى تكساس في إبطال نتائج الانتخابات الأميركية؟

time reading iconدقائق القراءة - 12
متظاهرون أمام مقر المحكمة العليا في واشنطن دعماً للرئيس الأميركي دونالد ترمب - 8 ديسمبر 2020 - REUTERS
متظاهرون أمام مقر المحكمة العليا في واشنطن دعماً للرئيس الأميركي دونالد ترمب - 8 ديسمبر 2020 - REUTERS
دبي- الشرق

بعد توالي خساراته في المعركة القضائية لإلغاء نتائج الانتخابات بداعي التزوير، يعلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب، آماله على دعوى أخيرة، قد تحيي فرصه الضئيلة في إبطال فوز خصمه الديمقراطي جو بايدن.

وقبل 6 أسابيع من انتهاء ولايته، طلب ترمب من المحكمة العليا الأميركية، التدخل في دعوى قضائية رفعتها ولاية تكساس لإلغاء نتائج التصويت في ولايات جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، التي فاز بها بايدن.

ووقع الخميس، 106 أعضاء جمهوريين في مجلس النواب الأميركي، مذكرة لدعم الدعوى القضائية التي أقامتها ولاية تكساس، والتي تهدف إلى إلغاء نتائج الانتخابات في 4 ولايات حاسمة، وهي جورجيا وميتشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، وفق شبكة "سي بي إس نيوز".

وقال الجمهوريون في بيانهم، إن "هذه المذكرة، تعرض قلقنا كأعضاء في الكونغرس، من أن المخالفات غير الدستورية التي شهدتها الانتخابات الرئاسية لعام 2020، تلقي بكثير من الشك في النتائج، وفي نزاهة نظام الانتخابات الأميركي".

وإذا قضت المحكمة بإبطال النتائج في تلك الولايات، فيعني ذلك أن بايدن سيفقد أغلبية 270، من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة للفوز.

هل تؤدي إلى تغيير النتيجة؟

ويعتبر ترمب، مثل تكساس التي يمثلها في الدعوى المدعي العام الجمهوري للولاية كين باكستون، أن الولايات المتأرجحة الأربع، استخدمت فيروس كورونا المستجد "ذريعة"، و"تجاهلت أو جمّدت تنفيذ قوانين كثيرة خاصة بالولاية، مخصّصة لحماية نزاهة الاقتراع".

ويطالب مدعي ولاية تكساس، المحكمة العليا، بمنع الولايات من استخدام نتائج انتخابات 2020 "المعيبة دستورياً"، بحسب وصفه في الدعوى، إن لم تقم مجالسها التشريعية بـ"مراجعة النتائج"، علماً أن الجمهوريين يسيطرون على تلك المجالس، وفقاً لما أفاد موقع "فوكس" الأميركي.

وذكر الرئيس دونالد ترمب أنه "إذا كانت الولايات المدعى عليها غير قادرة على المصادقة على 38 ناخباً (في المجمّع الانتخابي)، أو أكثر، فلن يحصل أي من المرشحَين على أغلبية من إجمالي عدد الناخبين في المجمّع، وفي هذه الحالة ستنتقل الانتخابات إلى مجلس النواب، بموجب التعديل الثاني عشر" للدستور الأميركي.

التعديل الثاني عشر للدستور

لكن وكالة "بلومبرغ" نقلت عن لورانس ترايب، أستاذ القانون في جامعة هارفرد، قوله إن "ما تتجاهله استراتيجية تكساس بحماقة، هو أن التعديل الثاني عشر يقضي بتنظيم الانتخابات في مجلس النواب، فقط إن لم يكن لدى أي مرشح (أغلبية من العدد الكلّي للناخبين المعينين)، وأن (العدد الكلّي) سينخفض إلى 475 فقط، وليس 538، إذا نجحت مناورة تكساس".

واعتبر ترايب أنه حتى إصدار المحكمة العليا حكماً لمصلحة تكساس، قد لا يعني فوز ترمب في الانتخابات.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن استبعاد الولايات الأربع المُدعى عليها، من المجمّع الانتخابي، سيمنح بايدن تقدماً بفارق 12 صوتاً (244-232).

وأضافت أن كثيرين من المحافظين، يعتبرون أن عدم حصول أي مرشح على 270 صوتاً في المجمّع، سينقل الانتخابات إلى مجلس النواب، حيث سيكون الجمهوريون متقدمين، لأن التصويت حينها سيتم عبر وفود الولايات بدلاً من أعضاء المجلس.

ويتمتع كل وفد من الولايات في مجلس النواب بصوت واحد، والفائز بترشيح 26 وفداً يصبح رئيساً للبلاد.

"تغيير قواعد الانتخابات"

ولفتت "بلومبرغ" إلى أن "تكساس تزعم انتهاك الحقوق الدستورية للناخبين، من خلال تغييرات في قواعد الانتخابات بالولايات الأربع الأخرى"، مضيفة أن "الدعوى تطلب من المحكمة منع تلك الولايات من الإدلاء بأصوات المجمع الانتخابي الخاصة بها، والبالغ عددها 62، لمصلحة بايدن"، وبأن "تأمر المجالس التشريعية التي يسيطر عليها الجمهوريون، بتعيين إما ناخبين جدد في المجمع الانتخابي، وإما بالامتناع عن تعيين أي ناخب".

وأشارت إلى أن أياً من الخيارين سيتطلّب من القضاة إبطال أصوات ولايات يقيم فيها نحو 40 مليون شخص.

وذكّرت "بلومبرغ" بأن حملة ترمب وحلفاءها طرحوا "مزاعم مشابهة سابقاً"، تتمثل في أن "مسؤولي ولايات، لا هيئاتها التشريعية، بدّلوا العمليات الانتخابية بشكل غير دستوري".

واستدركت الوكالة أن "قضاةً، بعضهم عيّنهم ترمب، رفضوا هذه الحجج"، إذ قال كثيرون منهم إنه "حتى ولو حصلت انتهاكات"، فإن "حرمان ملايين الناخبين من حق التصويت، أمر لا يمكن تصوّره، وسيشكّل انتهاكاً دستورياً أكبر بكثير من تلك المزعومة في الطعون الانتخابية".

"مخالفات كبرى"

وشرحت الصحفية آمي هاو، في مدوّنة SCOTUSblog القانونية، أن المدعي العام في تكساس، كين باكستون "يتهم مسؤولين حكوميين في الولايات الأربع، باستخدام جائحة كورونا، لإجراء تغييرات على قوانين الانتخابات في ولاياتهم، من خلال أمر تنفيذي أو دعاوى قضائية ودية، ما يضعف نزاهة الاقتراع".

وأضافت أن باكستون يعتبر أن مسؤولي تلك الولايات "أغرقوها" بأصوات الغائبين، و"أضعفوا أقوى التدابير الأمنية التي تحمي نزاهة التحقق من التوقيع على التصويت، ومتطلّبات الشهود".

ونتيجة لذلك، يرى باكستون أن انتخابات 2020 "عانت مخالفات كبرى وغير دستورية في الولايات الأربع"، مثل معاملة الناخبين في المناطق التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي، بشكل أفضل من المناطق الأخرى.

ويشدد المدعي العام لولاية تكساس على أن هذه العيوب "تجعل من المستحيل معرفة مَن، الذي فاز بشكل شرعي في انتخابات 2020، وتهدد بتلطيخ كل الانتخابات المستقبلية".

لكن خبراء قانونيين يرون الأمر من منظار مختلف، إذ نقلت "بلومبرغ" عن ليزا مارشال مانهايم، أستاذة القانون الدستوري والانتخابي في كلية الحقوق بجامعة واشنطن، قولها، إن "تكساس تعيد تدوير مزاعم قانونية فشلت سابقاً، ولكن من خلال دعوى قضائية تعاني مجموعة كاملة من المشكلات الإجرائية الإضافية".

واعتبرت أن قضية تكساس "ستواجه المصير ذاته"، وتابعت: "القانون لا يسمح لتضارب ضئيل في الانتخابات، بأن يؤدي إلى إبطال ملايين من الأصوات الصحيحة. إن محاولة تكساس إبطال أصوات أميركيين في ولايات أخرى، تُعتبر سابقة، ويصعب أن تتوافق مع التزام مزعوم لمسؤولي تكساس، بحقوق الولاية".

"تبرير مظالم عامة"

أما ستيفن فلاديك، أستاذ القانون في جامعة تكساس، فاعتبر أن "لا شيء بشأن الأذى الذي تزعم تكساس أنها ستعانيه، يقتصر عليها مقارنة بأي ولاية أخرى".

وأضاف أن "المحكمة العليا لن تكون في عجلة من أمرها لفتح الأبواب على مصراعيها، أمام ولايات ترفع دعاوى لتبرير مظالم عامة".

وإذا كان رفع دعاوى أمام المحكمة العليا، لا أمام محكمة أدنى منها، هو أمر جائز في ملفات قضائية معيّنة بين الولايات الأميركية، فإن المحكمة "لم تبدِ حتى الآن اهتماماً بالانخراط في الأمر"، وفق "بلومبرغ"، التي ذكّرت برفض المحكمة، الثلاثاء، طلباً من حلفاء جمهوريين لترمب، بإبطال فوز بايدن في ولاية بنسلفانيا.

وأشارت الوكالة إلى أن يمينيين "يعتقدون بأن القضاة قد يستمعون" إلى الدعوى في المحكمة العليا، ولا سيّما أن للمحافظين غلبة فيها (6-3)، كما أن ترمب عيّن 3 من قضاتها.

واستدركت الوكالة أن القضاة، ليسوا مرغمين على درس الدعوى، إذ إن "قواعد المحكمة تلزم المتقاضين بتقديم طلب لنيل إذن لتقديم قضية أصلية". وأضافت أن ذلك "يعني أن تكساس ستحتاج إلى موافقة 5 قضاة على المضيّ في القضية".

تدخل "قاتل" لترمب

وتابعت "بلومبرغ" أن خبراء قانونيين، يرون أن "هناك فرصة ضئيلة جداً لأن يستمع القضاة إلى ملف واضح أنه ضعيف جداً من وجهة نظر دستورية".

ونقلت عن جيسيكا ليفينسون، من كلية لويولا للحقوق، قولها: "قبل أن تخسر، عليك أن تصل إلى المحكمة. وأعتقد بأنهم لن يصلوا إلى المحكمة. سيكون سباقاً لتبيان هل سترفض المحكمة هذه القضية، بشكل أسرع ممّا فعلت في بنسلفانيا".

ولفتت الوكالة إلى أن سعي ترمب إلى إشراك نفسه في الدعوى، "قد يؤذيه، أكثر ممّا ينفعه". ونقلت عن ليفينسون قولها: "إذا تدخل ترمب، فسيكون ذلك قاتلاً بالنسبة إلى الحجّة القائلة بوجوب أن تكون هناك ولاية قضائية أصلية، إذ إن هذا نزاع بين ولايات". وأضافت أن الأمر يتطلّب أصوات 5 قضاة، ليقرّروا إمكان مشاركة الرئيس في الدعوى.

وأفاد موقع "فوكس" بأن مارك إلياس، وهو رئيس مكتب محاماة يمثل حملة بايدن، كتب على "تويتر" أنه "ليس قلقاً" من الدعوى، مرجّحاً "ألا تنجح".

لكن ثمة معارضة لدى الجمهوريين أيضاً، إذ قال السيناتور جون كورنين، أبرز ممثلي الجمهوريين في تكساس، لشبكة "سي إن إن" إنه لا يفهم "النظرية القانونية" التي استند إليها رافعو الدعوى. وأضاف: "لماذا قد يكون لولاية، ولو كانت عظيمة مثل تكساس، رأياً في كيفية إدارة ولايات أخرى لانتخاباتها؟".

"مجرد جنون"

أما السيناتور الجمهوري ميت رومني، فوصف الدعوى بأنها "مجرد جنون"، معتبراً أنها "خطرة ومدمّرة لقضية الديمقراطية".

وتابع: رومني "فكرة إبدال أصوات الشعب بمشرعين حزبيين، هي خارج شخصيتنا الوطنية تماماً".

لكن موقع "فوكس" يلفت إلى أن نجاح الدعوى ومنع الولايات الأربع المعنيّة من الإدلاء بأصواتها الانتخابية لمصلحة بايدن، يعني أنه لن يحصل على 270 صوتاً في المجمّع الانتخابي، يحتاجها ليصبح رئيساً.

وينبّه إلى أن ذلك "قد يشكّل مؤشراً إلى نهاية الانتخابات الرئاسية الديمقراطية في الولايات المتحدة"، مستدركاً أن "لا سبب للاعتقاد بأن المحكمة العليا ستُقحم نفسها في انتخابات، فاز بها بايدن بكل وضوح".

وذكّر الموقع بأن ترمب يجني تبرعات ضخمة، دعماً لمساعيه في الطعن بنتائج الاقتراع، معتبراً أن فشل "مناورة تكساس" قد يعزّز سردية "الانتخابات المزورة" التي يروّج لها ترمب، والتي "يمكن أن تصبح منصته لخوض انتخابات 2024".

ورجّح ألا يتردد الرئيس في "تشويه سمعة" المحكمة العليا، بوصفها جزءاً من "الدولة العميقة" في الولايات المتحدة، إذا تطلّب الأمر منه ذلك.