"كابوس الركود".. ألمانيا تخشى قطع إمدادات الغاز عبر "نورد ستريم"

time reading iconدقائق القراءة - 5
منشآت طاقة لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" في لوبمين الألمانيية في 8 مارس 2022. - REUTERS
منشآت طاقة لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" في لوبمين الألمانيية في 8 مارس 2022. - REUTERS
دبي-الشرق

تخشى ألمانيا وحلفاؤها أن يستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فترة صيانة خط "نور ستريم" المخصص لنقل الغاز الروسي لأوروبا، والتي ستستمر لـ10 أيام، لقطع الإمدادات إلى الأبد، في خطوة قد تنذر بكابوس ركود قد يصيب اقتصاد القارة العجوز.

ووفقاً لتقييمات المناطق الصناعية ومراكز اتخاذ القرار في برلين، والتي اطلعت عليها "بلومبرغ" فإن ألمانيا وضعت تحذيراً باللون الأحمر على الروزنامة بالفترة من 11 إلى 21 يوليو الجاري، في حين بدأت حكومة المستشار الألماني أولاف شولتز بوضع إجراءات طارئة.

وقال كريستيان كولمان، الرئيس التنفيذي لشركة "Evonik Industries AG" للكيماويات الألمانية العملاقة: "قلقون للغاية.. سيكون من السذاجة ألا نقلق". وأضاف: "القلق ذلك ليس كافياً، لسنا في ندوة جامعية لمناقشة علم الاجتماع، يجب اتخاذ إجراءات.. نحن بحاجة للاستعداد لهذا السيناريو".

ويرى المحللون أنه نظراً لاعتماد ألمانيا على روسيا في الحصول على أكثر من ثلث إمداداتها من الغاز، ولأنها تفتقر إلى بدائل قابلة للتطبيق على المدى القصير، فإن الكرملين "لن يُضيّع" فرصة إلحاق الضرر بأوروبا، رداً على العقوبات الغربية والدعم الموجه لأوكرانيا.

وتنفي موسكو نيتها استخدام الطاقة كسلاح ضد أوروبا، والتي باتت في أمس الحاجة لتدفئة المنازل وتشغيل المصانع خلال فصل الشتاء، إلا أنه كلما سارعت روسيا بإحداث مزيد من الاضطراب في أسواق الغاز، ارتفعت الأسعار.

"صندوق أسود"

وبدأت ألمانيا التي يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، الاستعداد تدريجياً لمواجهة أوقات عصيبة قادمة، إذ قارن شولتز الوضع بارتفاع التضخم في الستينيات والسبعينيات، محذراً من أن ذلك "لن ينتهي قريباً".

ويرى المسؤولون في برلين، أن الحكومة ليست لديها رؤية لخطط الرئيس الروسي، مع قطع خطوط الاتصال بعملاق الغاز الروسي "غازبروم"، مشيرين إلى أن البلاد باتت في "صندوق أسود".

وفي هذا الصدد، حذر وزير الاقتصاد روبرت هابيك من أزمة المالية، تبدأ بانهيار في أسواق الطاقة والتداعيات التي من شأنها الإضرار بالمحرك الصناعي لأوروبا.

"إجراءات واقعية"

وعلى إثر ضغط الطاقة، اتخذت مدن ألمانية عدة إجراءات "أكثر واقعية"، إذ خفضت ميونيخ درجة حرارة حمامات السباحة العامة، وأصبحت كولونيا تخفت أضواء الشوارع، فيما تخطط هامبورج لتوفير الماء الدافئ فقط في أوقات محددة من اليوم.

كما تعمل المكاتب البرلمانية في برلين على خفض مُنظمات الحرارة، في حين ستبدأ شركة العقارات "Vonovia SE"، في خفض درجات الحرارة أثناء الليل في الجزء الأكبر من شققها إلى 17 درجة مئوية (63 درجة فهرنهايت).

وفي إطار الاستعداد، تعمل إدارة شولتز على تعزيز سلطاتها، بما في ذلك تسريع التشريعات التي من شأنها أن تسمح لها بالحصول على حصص لإنقاذ شركات الطاقة الألمانية مثل "يونيبر" Uniper SE المتعثرة. 

كما حذّر الرئيس التنفيذي للشركة، كلاوس ديتر موباتش من أن "يونيبر" لن يكون أمامها خيار سوى سحب الغاز من التخزين، ورفع الأسعار على العملاء، وحتى تقليل العرض.

وهذا بالضبط نوع التأثيرات غير المباشرة التي سعى هابيك إلى تجنبها أثناء محاولته الدفاع عن الاقتصاد من تسليح روسيا لمواردها من الطاقة، إذ قال رداً على بيان الشركة: "لن نسمح بإفلاس شركة ذات أهمية نظامية نتيجة لذلك، وإلقاء سوق الطاقة العالمية في حالة اضطراب".

ولمحاربة الأزمة، تتراجع ألمانيا أيضاً عن الالتزامات البيئية من خلال إحياء محطات الفحم المتوقفة لتوليد الكهرباء، ما يُمكّن من خفض كمية الغاز المستخدمة في الطاقة بنسبة 52% خلال الشهر الـ 12 المقبلة، بحسب تقديرات "بلومبرغ".

مرافق ممتلئة

ورأى محللون من "بلومبرغ" أن تدابير توفير الطاقة المدعومة من الدولة لتقليل استخدام الغاز واستبداله بالفحم لتوليد الطاقة قد لا تخفف الأثر، ما يترك القطاع الصناعي الألماني معرضاً بشكل خاص لـ"صدمات الإمداد والسعر".

ولدى الحكومة الألمانية بالفعل سلطة تقنين الغاز، إذ صعدت مستوى التأهب إلى ثاني أعلى مرحلة "إنذار" في منتصف يونيو الماضي، بعد أن خفضت "غازبروم" تدفقات نورد ستريم بنسبة 60%.

وتهدف ألمانيا إلى أن تكون مرافق التخزين ممتلئة بنسبة 90% على الأقل بحلول نوفمبر، إذ يبلغ المستوى الحالي حوالي 63%، ما يعني أن الأمر سيستغرق 86 يوماً للوصول إلى هذا الهدف.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات