من أين ستحصل أوروبا على الوقود بعد 22 يوماً؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
لوحة تعرض أسعار البنزين والديزل في محطة وقود بمونسالا، غرب فنلندا- 10 مارس 2022 - AFP
لوحة تعرض أسعار البنزين والديزل في محطة وقود بمونسالا، غرب فنلندا- 10 مارس 2022 - AFP
دبي -الشرق

يستعدُّ الاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمة وقود محتملة في غضون أقل من شهر من الآن، حين يبدأ سريان الحظر على شحنات وقود الديزل المنقولة بحراً من روسيا، المورٍّد الخارجي الأكبر والوحيد للكتلة، ما يثير بحسب "بلومبرغ"، تساؤلات عن البدائل المتاحة لسدِّ هذه الفجوة الهائلة.

واستورد الاتحاد الأوروبي نحو 220 مليون برميل من منتجات الديزل من روسيا العام الماضي، وفقاً لبيانات شركة "فورتكسا" البريطانية، المتخصصة في تتبع ناقلات النفط. 

ويُعد الوقود عنصراً حيوياً لاقتصاد التكتل وتشغيل السيارات، والشاحنات، والسفن، ومعدات البناء والتصنيع. وسيتم حظر جميع واردات الوقود تقريباً اعتباراً من 5 فبراير المقبل، في محاولة لمعاقبة موسكو على الحرب في أوكرانيا.

ويمثل إيجاد بديل لهذا القدر من الوقود الروسي، الذي يُعادل 14 ألف حمام سباحة أولمبي مليء بالديزل، تحدياً كبيراً.

بدائل الوقود الروسي

مع ذلك، تشير "بلومبرغ" إلى أنه تمَّ بالفعل إحراز تقدم في هذا الاتجاه ففي عام 2021 مثَّلت روسيا مصدراً لأكثر من نصف شحنات الوقود المنقولة بحراً إلى الاتحاد الأوروبي، لكن هذه النسبة انخفضت إلى نحو 40% بحلول ديسمبر الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة الشحنات المنقولة من السعودية والهند

وبحسب الوكالة، ثمَّة ما يدعو للاعتقاد بأنه ستتم تغطية الإمدادات الروسية المتبقية بالبراميل القادمة من أماكن أخرى.

وقال يوجين ليندل رئيس قسم المنتجات المكررة في شركة "فاكت جلوبال إنيرجي" للاستشارات: إن "الإمدادات الروسية المفقودة سيتم استبدالها". 

ووفقاً لـ"بلومبرغ"، يعدُّ الشرق الأوسط المكان الأكثر وضوحاً الذي يُمكن أن تحصل منه أوروبا على المزيد من الوقود نظراً لقربه من دول الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً الدول المطلة على البحر المتوسط، وامتلاكه معامل تكرير حديثة قادرة على إنتاج الملايين من براميل الوقود.

وأشارت الوكالة إلى الاتفاق الذي أبرمته شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) مع ألمانيا لإمدادها بالوقود، وزيادة الشحنات الموردة من الهند والولايات المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي في الأسابيع الأخيرة. 

ويُتوقع أن تنتج مصافي التكرير الأميركية كميات قياسية من المقطرات، وهي إحدى فئات الوقود وتتضمن وقود الديزل المستخدم في تشغيل الشاحنات والسيارات، هذا العام.

الدور الصيني

ومع ذلك، قد يكون المورد المحتمل الأهم -وإن بشكل غير مباشر- هو الصين. وقال مارك ويليامز، مدير قسم الأبحاث في شركة "وود ماكنزي" إن "سياسة الصين ستكون العامل الذي سيغير قواعد اللعبة"، مُضيفاً أن بكين "تتحكم في فائض طاقة التكرير العالمي". 

وزادت شحنات وقود الديزل المُوردة من الصين بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، وعلى الرغم من أنَّ جزءاً بسيطاً من هذه الشحنات يُنقل بحراً إلى أوروبا، إلا أنها تزيد الإمدادات الإقليمية، ومن شأنها الإسهام في توافر براميل الوقود المتجهة إلى القارة العجوز من المنتجين الآخرين. 

وارتفعت حصة تصدير الوقود الأولى للصين في عام 2023 بنسبة 50% تقريباً، مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، ما يجعل عودة شحنات الديزل إلى المستويات المنخفضة التي شوهدت في أوائل عام 2022 أمراً غير مرجح.

وتوقع ويليامز أن تتراوح صادرات الصين من وقود الديزل بين 400 و600 ألف برميل يومياً خلال النصف الأول من العام الجاري، مُوضحاً أن هذه الكمية مشابهة لكمية شحنات الوقود المنقولة بحراً من روسيا التي قد يفقدها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.

كما توقَّع ويليامز حدوث تغيير في التدفقات التجارية للديزل بدءاً من فبراير المقبل. 

وقالت "بلومبرغ" إن الصين تفضل في بعض الأحيان إعطاء الأولية لبيئتها على جني الأرباح من تصدير الوقود، وأنها قد تفعل ذلك مرة أخرى. 

مخاوف الإمدادات الروسية

وعلى الرغم من وجود العديد من خيارات إعادة التوريد إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، توجد مخاوف محتملة أوسع نطاقاً من اختفاء الإمدادات الروسية من السوق العالمية بالكامل بسبب عقوبات الاتحاد الأوروبي، وتراجع الإمدادات العالمية وارتفاع الأسعار في حالة عدم تمكن موسكو من إيجاد عدد كاف من المشترين من خارج الاتحاد الأوروبي وتخفيض الإنتاج في معامل التكرير نتيجة لذلك. 

وتتوقع شركة "فاكت جلوبال إنيرجي" تراجع عمليات معالجة النفط الخام في معامل التكرير الروسية بمقدار 510 ألف برميل يومياً على أساس سنوي في فبراير ومارس المقبلين.

وأرجع ليندل ذلك إلى "الصيانة المؤجلة من الربع الرابع وبعض الخلافات التجارية المتعلقة بتنفيذ الحصار". كما توقعت الشركة تعافي معدلات المعالجة بحلول الصيف. 

وقالت "بلومبرغ" إن إخراج الوقود من روسيا قد يشكّل تحدياً حتى في حالة وجود العديد من المشترين المستعدين للشراء، مُشيرة إلى "قلق" شركات الشحن من انتهاك العقوبات الغربية. 

وأضافت الوكالة أن مدى قوة الطلب على الوقود يمثل الجانب الآخر لأي سؤال بشأن ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيحصل على كمية كافية من الديزل في المستقبل. 

وساعد الطقس الدافئ خلال الفترة الأخيرة في أوروبا على تقليل استهلاك وقود التدفئة وخفض سعر الغاز الطبيعي، ما يجعل -من الناحية النظرية- إنتاج وقود ديزل عالي الجودة أرخص بالنسبة لمعامل تكرير النفط، ويقلل أيضاً من دوافع الشركات لاستخدام الغاز بدلاً من النفط لتوليد الطاقة. 

وقالت "بلومبرغ" إن الدول الوسيطة المحتملة قد تلعب دوراً في المساعدة في تخفيف تأثير حظر الاتحاد الأوروبي على الخام الروسي وسقف الأسعار.

وأوضحت أنَّ تركيا، الدول غير العضو في الاتحاد الأوروبي، قد تستورد كميات كبيرة من الوقود الروسي لاستخدامه في سوقها المحلية، مع بيع الوقود غير الروسي الذي تنتجه في مصافيها إلى الاتحاد الأوروبي بسعر أعلى بكثير. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات