انهيار قياسي للعملة اللبنانية أمام الدولار

time reading iconدقائق القراءة - 4
لبنانيان يمرّان قرب مكتب صرافة مغلق في بيروت- 29 نوفمبر 2019 - AFP
لبنانيان يمرّان قرب مكتب صرافة مغلق في بيروت- 29 نوفمبر 2019 - AFP
دبي-أ ف برويترز

سجلت الليرة اللبنانية، الثلاثاء، انخفاضاً قياسياً غير مسبوق منذ دخول لبنان دوامة الانهيار الاقتصادي قبل سنة ونصف، إذ لامس سعر الصرف مقابل الدولار عتبة 10 آلاف ليرة في السوق السوداء.

ومنذ صيف 2019، على وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في لبنان منذ الحرب الأهلية (بين 1975 و1990)، بدأت قيمة الليرة تتراجع تدريجياً أمام الدولار، تزامناً مع أزمة سيولة حادة، وتوقف المصارف عن تزويد المودعين أموالهم بالدولار.

ولا يزال سعر الصرف الرسمي يساوي 1507 ليرات للدولار، وهو السعر الذي كان مثبتاً طوال عقود. لكن السوق السوداء أصبحت المصدر الرئيسي للسيولة، بعدما توقفت البنوك عن صرف دولارات.

"جنون"

وقال أحد الصرافين لوكالة "فرانس برس" إن سعر الصرف في السوق السوداء تراوح الثلاثاء بين 9900 و10 آلاف ليرة، فيما لخّص صراف آخر الوضع بالقول إن "ما يحصل في السوق سوداء جنون".

وببلوغ هذا الرقم القياسي، أصبح الحد الأدنى للأجر الشهري في لبنان يوازي قرابة 68 دولاراً، ما ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين الذين أصبحت نسبة كبيرة منهم ترزح تحت خط الفقر.

وينعكس الانخفاض في قيمة الليرة على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات، وارتفعت أسعار العديد من السلع الاستهلاكية، مثل الحبوب وحفاضات الأطفال، إلى 3 أضعاف.

ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144%.

وكان سعر صرف الليرة اللبنانية انخفض إلى 9800 خلال الصيف الماضي قبل أن يعاود الارتفاع تدريجياً، وحافظ خلال الأسابيع الماضية على معدل يتراوح بين 8 آلاف و8500 للدولار.

إعادة هيكلة القطاع المصرفي

ويأتي الانخفاض القياسي في سعر الصرف الثلاثاء، غداة إعلان مصرف لبنان بدء مراجعة أوضاع البنوك، بعد انتهاء مهلة حددها لها من أجل زيادة رأسمالها، ضمن خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

وكان المصرف المركزي طلب من المصارف، في تعميم صيف عام 2020، زيادة رأسمالها بنسبة 20% بحلول نهاية فبراير، كما طلب منها تكوين حساب خارجي حرّ من أي التزامات لدى بنوك المراسلة في الخارج، لا يقل عن 3% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية. وفي حال عدم التزام المصارف تلك المعايير، تصبح أسهمها ملكاً لمصرف لبنان المركزي.

اللبنانيون محبطون

وتصدّر وسم "دولار" موقع تويتر في لبنان، حيث سخر كثيرون من انخفاض سعر الصرف، فيما شكا آخرون من عدم القدرة على احتمال انهيار إضافي في بلد يشهد شللاً سياسياً منذ استقالة الحكومة بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020.

ولم تتمكن القوى السياسية حتى الآن من الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة التي كُلف رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري بتشكيلها.

وكانت الحكومة السابقة برئاسة حسان دياب وضعت خطة للتقشف قبل استقالتها، وأجرت على أساسها جلسات تفاوض مع صندوق النقد الدولي، أملاً في الحصول على تمويل بمليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد، لكن المفاوضات عُلّقت وسط خلافات بين المفاوضين اللبنانيين على أرقام الخسائر والأولويات.

ويشهد لبنان منذ صيف عام 2019 أسوأ أزماته الاقتصادية التي أدت إلى خسارة العملة المحلية 85% من قيمتها مقابل الدولار، وفاقمت معدلات التضخم والبطالة، وتسببت بخسارة كثيرين جنى عمرهم في المصارف التي تفرض قيوداً مشددة على الودائع الدولارية وتمنع تحويل العملة الصعبة إلى الخارج. وأتى فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت ليفاقما الأزمة.