أنصار ترمب ليسوا أول من فعلها.. 8 حوادث عنف في تاريخ الكونغرس

time reading iconدقائق القراءة - 10
أحد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اقتحامهم مبنى الكابيتول، 6 يناير 2021  - AFP
أحد أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال اقتحامهم مبنى الكابيتول، 6 يناير 2021 - AFP
القاهرة -الشرق

يرتبط مبنى الكونغرس الأميركي في الأذهان بالمناكفات السياسية والاجتماعات المطولة، وإلى جانب قبته الشاهقة، التي تجذب السائحين باعتبارها أحد أبرز معالم واشنطن العاصمة، كان هذا المبنى مسرحاً لمشاهد صادمة أثارت دهشة العالم في مناسبات عدة، ليس أولها ما حدث الأربعاء تزامناً مع جلسة التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية التي كرّست فوز الديمقراطي جو بايدن.

الآلاف من أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اقتحموا المبنى حتى بلغوا القاعة حيث اجتمع النواب والشيوخ لعرض نتائج التصويت والتصديق عليها، مثيرين فوضى وهلعاً في المكان، أدى إلى وقف الجلسة وإجلاء ممثلي الأمة على عجل، تاركين خلفهم وثائق ومتعلقات شخصية. تدخلت الشرطة بقنابل الغاز المسيل للدموع وأطلق الرصاص، ولم ينته "الزحف" إلا بعدما وجه ترمب نداءه إلى من هيجهم من قبل من مناصريه، بالتوقف والعودة إلى البيوت.

ورغم غرابة المشاهد التي تثير اليوم استنكاراً أميركياً وعالمياً، فإن الأجواء لم تكن هادئة على الدوام داخل الصرح التشريعي الأميركي، حتى إن قاعات الكابيتول شهدت مشادات واعتداءات بين أعضاء الكونغرس أنفسهم، خاصة خلال السنوات التي سبقت الحرب الأهلية الأميركية.

"حقل الدماء"

طرحت المؤرخة بجامعة يال الأميركية جوان فريمان، كتاباً مصوراً في الأسواق عام 2018، ناقشت خلاله مجريات تلك الحقبة تحت عنوان "حقل الدماء: العنف في الكونغرس والطريق للحرب الأهلية"، ففيما يتعلق بمسألة العبودية، وصلت المشاحنات بين ممثلي الشعب أحياناً أن يرفع أحدهم سلاحه في وجه معارضه مُهدداً، إذ إن النائب بريستون بروكس من ولاية ساوث كارولينا اعتدى على السيناتور تشارلز سومنر من ولاية ماساتشوستس بأداة صلبة على الرأس، كادت تقتله عام 1856، بعد أن عارض الأخير قانوناً يترك لبعض الولايات الحق في التصويت المحلي على مسألة العبودية، وتعرض لبعض زملائه أثناء الخطاب بالسب، وفقاً لموقع thenation.com.

ويوثق الموقع الرسمي لمجلس النواب الأميركي نزاعاً آخر حول القضية ذاتها، نشب بين ويليام تشرشويل وويليام كولوم الممثلين لولاية تينيسي، إذ أدى احتدم النقاش بينهما داخل قاعة المجلس في أحد أيام شهر يونيو من عام 1854، إلى انفعال الأخير، ليقفز من مكانه في اتجاه خصمه تشرشويل، الذي مد يده في تلك اللحظة إلى جيبه لرفع مسدسه، إلا أن النائب بيرتون كريج ممثل نورث كارولاينا أمسك بيده ومنعه من استخدام سلاحه، في واقعة وصفتها الصحافة آنذاك بأنها "مشهد مؤسف ومخزٍ".

وفي حادث عنف آخر، حاول الرسام العاطل ريتشارد لورانس إطلاق النار على الرئيس أندرو جاكسون في جنازة في يناير 1835، لكن الرصاصة فشلت في الخروج.

قنابل وغاضبون

أما خلال القرن العشرين فقد تحولت دفة العُنف إلى حوادث أكثر دموية، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 1998، إذ شهدت قاعات مبنى الكابيتول اضطرابات وحوادث عنيفة شتى، ما بين زرع قنابل منزلية الصنع احتجاجاً على بيع الولايات المتحدة للسلاح، مثلما حدث في عام 1915 من قِبل أستاذ جامعي، وحتى إطلاق الرصاص على ممثلي الأميركيين اعتراضاً على السياسات الاقتصادية والخارجية.

فخلال الحرب العالمية الأولى، زرع أستاذ جامعي يدعى إيريك مونتر، قنبلة في غرفة استقبال مجلس الشيوخ، في يناير 1915 وانفجرت قرب منتصف الليل لكنها لم تسفر عن إصابات. وكان إيريك ناشطاً ألمانياً أميركياً ذكرت بعض المصادر أنه اشتغل جاسوساً لألمانيا، وقد قتل زوجته قبل سنوات من التفجير واعتقل لاحقاً لمحاولته قتل مصرفي يدعى جي بي مورغان.

 وفي عام 1947، أطلق عضو سابق بقوات تأمين مبنى الكابيتول النار على سيناتور ولاية أوهايو، جون دابليو بريكر، بعد أن خسر الأول أموالاً استثمرها في شركة صُفيت بالولاية.

أما في مارس عام 1954، فأطلق أربعة أفراد ينتمون للحزب القومي البورتوريكي النار على أعضاء مجلس النواب احتجاجاً على ضم الولايات المتحدة لبلادهم قبل عقود وعلى خلفية مطالبات بالاستقلال وفقاً للموقع الرسمي لمجلس النواب، الأمر الذي أسفر عن إصابة 4 نواب ومحاكمة المنفذين.

وفي عام 1971، تعرض مجلس الشيوخ لتفجير في دورات المياه امتدت آثاره لست غرف أخرى، وأعلنت منظمة "weather underground" (الطقس تحت الأرض) مسؤوليتها عن التفجير، رداً على نشاط الولايات المتحدة العسكري في كمبوديا، وذلك وفقاً لما أوردته نيويورك تايمز.

وفي عام 1983 انفجرت قنبلة في الجناح الشمالي للكابيتول، لكنها لم تُحدث إصابات، واتهم على إثر الواقعة 7 أشخاص وصفوا أنفسهم بأنهم أعضاء في منظمة شيوعية مسلحة، إلا أن 3 منهم فقط أقروا بكونهم مذنبين بشكل رسمي.

 صرح معماري

يمكن تتبع التاريخ الرسمي لمبنى الكابيتول حتى أواخر القرن الثامن عشر، وتحديداً عام 1793 حين بدأ تشييده بعد نحو 10 سنوات على انتهاء حرب التحرير الأميركية، في عهد الرئيس الأميركي الأول جورج واشنطن، وكان من المقرر أن يضع تصميمات المقر الرسمي للسلطة التشريعية الأميركية المعماري بيير تشارلز لانفانت، الذي وضع بالفعل مخططات واسعة للعاصمة، وفقاً للموسوعة البريطانية، إلا أن اختيار التصميم المناسب للمبنى خضع في النهاية لمنافسة معمارية اختير على إثرها تصميم أعده طبيب مُمارس يُدعى وليام ثورنتون، والذي لم يكن قد حصل قبل وضعه للتصميم على أي تدريب معماري.

وبالرغم من تشييده مُبكراً، فإن الكونغرس الأميركي لم يجتمع داخله الكابيتول بالفعل سوى بحلول نوفمبر من عام 1800 في عهد الرئيس الأميركي الثاني جون آدامز، وفقاً لموقع "هندسة الكابيتول".

 وعلى مدار قرنين تاليين من الزمن، ظل مبنى الكابيتول يخضع للتعديل وأعمال التوسعة والإضافة لحجراته وأجنحته، فعلى سبيل المثال، لم تُشيّد قبته البيضاء الشهيرة سوى بحلول عام 1868، بل إن حركة البناء والتشييد استمرت حتى عام 2008 إذ أضيف إلى المبنى مركز للزوار.

ويشتهر مبنى كابيتول بجناحيه الرئيسيين، الجناح الشمالي لأعضاء مجلس الشيوخ، والجناح الجنوبي لأعضاء مجلس النواب، وإضافة إلى ذلك يعتبر الموقع الرسمي لمراسم تنصيب الرؤساء الأميركيين، كما يحتضن بين الحين والآخر بعض المناسبات الخاصة كالمراسم الجنائزية للشخصيات الأميركية المؤثرة، التي تُقام تكريماً للمتوفى في قاعة روتوندا المُستديرة، والتي تعلوها القبة الأيقونية، وكانت التكلفة التاريخية للمبنى قد قُدرت حتى عام 2003، بـ 133 مليون دولار أميركي وفقاً لوكالة هندسة الكابيتول.