إيران.. غموض يحيط باستقالة أمين مجلس الأمن القومي

time reading iconدقائق القراءة - 7
علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلال مراسم أداء يمين الرئيس السابق حسن روحاني في البرلمان. 5 أغسطس 2017 - REUTERS
علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني خلال مراسم أداء يمين الرئيس السابق حسن روحاني في البرلمان. 5 أغسطس 2017 - REUTERS
دبي/ الرياض -الشرق

أكدت وكالة "نور نيوز" للأنباء المقربة من السلطات الإيرانية، الأحد، استقالة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني من منصبه، وذلك بعد نحو عقد من شغله هذا الموقع في أحد أكثر الأجهزة الرسمية أهمية في إدارة ملف السياسية الخارجية للبلاد.

وفي ما بدا أنه تأكيد لأنباء استقالته من منصبه على رأس جهاز الأمن القومي الإيراني، كتب شمخاني تغريدة، الأحد، باللغة الفارسية عبر حسابه على تويتر، الذي يُتابعه حوالي 27 ألف شخص، تضمنت بيتاً من قصيدة للشاعر كمال الدين علي محتشم كاشاني الذي وُلد في كاشان بوسط إيران وعاش أكثر من 90 عاماً (1499 - 1487).

واختار شمخاني بيتاً من قصيدة غزلية لكاشاني، تتحدث عن وداع الأحبة، وتقول من بين ما تقول، إن "ما كان في الخفاء أصبح في العلن".

وبعد دقائق من نشر تغريدته التي فسّرتها وسائل إعلام إيرانية بأنها تأكيد لرحيله عن منصبه، أعادت وكالة "نور نيوز" نشر التغريدة قائلة "بينما انتشرت في الأسابيع الأخيرة في دوائر مختلفة شائعات كثيرة حول نية الأدميرال شمخاني الاستقالة من منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، نشر (شمخاني) قصيدة ذات مغزى لمحتشم كاشاني (شاعر) على حسابه في تويتر، تُظهر استقالته من منصبه بعد 10 سنوات من توليه".

وفي وقت سابق هذا الشهر، دعا شمخاني، القيادة الإيرانية بشكل غير مباشر إلى استيعاب التطورات الحاصلة على المسرح الدولي، محذراً في الوقت نفسه من أن الافتقار للجاهزية والقوة سيجعل البلاد عُرضة لصعوبات لا تريدها.

"تغييرات مناسبة" في إيران

واعتبر شمخاني في كلمة خلال ختام الملتقى الدولي الذي استضافته جامعة الدفاع الوطني العليا بالعاصمة طهران، تحت عنوان "هندسة النظام العالمي الجديد" أن الظروف الدولية الجديدة خلقت تغييرات وتحولات ضخمة ستستمر، مؤكداً أن إيران والمنطقة معرضتان لهذه التغييرات، ولذلك "علينا إحداث التغييرات المناسبة".

وبحسب الكلمة التي نشرت تفاصيلها وكالة "نور نيوز"، رأى شمخاني أن افتقار إيران إلى الاستعداد والقوة اللازمين لتلك التغييرات، ستجعلها في تقلبات وصعوبات وتقود نحو طريق غير مرغوب فيه.

وبدا أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وكأنه يدق ناقوس الخطر، إذ حذّر من أن "قلة الاهتمام أو الاستغلال غير السليم لقدرات العالم يمكن أن يسببه انحدارنا ودمارنا وحتى سقوطنا"، مشدداً على ضرورة أن "تستعد إيران بحنكة لمواجهة الظروف، وزيادة قدرتها على الصمود، والاستغلال الذكي والمدروس للوضع الراهن"، بحسب تعبيره.

ويُعد شمخاني من السياسيين البارزين في إيران، إذ لعب دوراً كبيراً في المحادثات التي استضافتها بكين نهاية مارس الماضي، وأفضت إلى توقيع اتفاق عودة العلاقات بين إيران والسعودية، كما كان له دور مؤثر في رسم السياسة الخارجية الإيرانية مع انتخاب الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم رئيسي في أغسطس من عام 2021.

ويُنظر إلى شمخاني على أنه واحد من الشخصيات ذات الوزن في إيران، وذلك في ضوء توليه أعلى منصب في المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو جهاز مهم، يتولى ملفات حساسة وذات أهمية في السياسية الخارجية، على غرار مفاوضات الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، والتي تشارك فيها أيضاً جهات رسمية أخرى كوزارة الخارجية وإدارة الطاقة النووية زمام الملف النووي.

ويُعتبر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي تأسس عام 1989 من أجهزة السلطة المقربة إلى المرشد علي خامنئي، إذ يشغل الأخير منصب رئيس المجلس، بحسب الدستور.

وتتمثل مسؤولياته بحسب الدستور، في تحديد سياسات الدفاع والأمن القومي للبلاد في إطار السياسات العامة التي يحددها المرشد، وتنسيق الأنشطة السياسية والمخابراتية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية المتعلقة بالسياسات العامة للدفاع والأمن القومي.

كما يتولى المجلس استغلال الموارد المادية والفكرية للبلاد لمواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.

وتأتي استقالة شمخاني بعد يوم واحد من نشر كبير مفاوضي طهران للملف النووي ونائب وزير الخارجية علي باقري مقالاً في الموقع الرسمي لوزارة الخارجية بعنوان "منظور السياسة الخارجية في ضوء النظام العالمي الجديد"، تحدث خلاله عن رؤيته لكيفية تموضع طهران حيال عدد من القضايا على المسرح الدولي.

وقال باقري في المقال الذي كتبه بمناسبة اللقاء الذي جمع المرشد علي خامنئي برؤساء البعثات الدبلوماسية الإيرانية في الخارج إنه "في ضوء التطورات الدولية والإقليمية الهامة، يصبح تقييم ديناميكيات السياسة الخارجية في ظل الحكومة الإيرانية الحالية ضرورياً لتحليل الآفاق الناشئة في النظام العالمي المتطور."

وأضاف أن إيران "اعترفت بالدينامكية المتغيرة للساحة الدولية".

نهج دبلوماسي جديد

وتناول المقال على المستوى الإقليمي أهمية عودة العلاقات الإيرانية السعودية، معتبراً أنها خطوة استراتيجية من المتوقع تساهم في ازدهار المنطقة واستقرارها، وتحدث أيضاً في الشأن الدولي عن الملف النووي مشيراً إلى أن طهران تدعم النهج الدبلوماسي لدعم سياستها الخارجية".

وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت شمخاني استقال من منصبه أو أنه دُفع إلى ذلك، ما قد يكون مؤشراً على وجود خلافات داخل مراكز صنع القرار في إيران.

وربما يعكس مقال شمخاني الذي نشره في 12 مايو الجاري، وحذّر فيه من مغبة اتباع إيران "سياسات غير حكيمة" تجاه التطورات الدولية، وإعلان استقالته بعد يوم واحد من مقال نشره علي باقري، أوضح خلاله رؤيته لاستراتيجية إيران السياسية في ضوء النظام العالمي الجديد، صراعاً بين بين مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية.

ورغم تأكيده رحيله عن منصبه، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي تنتشر فيها أنباء عن استقالة علي شمخاني، ففي نوفمبر من العام الماضي، انتشرت أنباء مشابهة بينما كانت تواجه إيران موجة احتجاجات في عدد من المناطق، إلا أنه سرعان ما تم نفي تلك الأنباء.

ونشرته وكالة "نور نيوز" ذاتها آنذاك رداً قالته خلاله "بعد فشل الأعداء في إثارة الاضطرابات في أنحاء البلاد، وضع المغرضون هدف شحن الأجواء لخلق انتصار زائف، وتشجيع مثيري الشغب من خلال نشر أخبار كاذبة على جدول أعمالهم".

وأضافت "في السياق، يُعد نشر أخبار عن استقالة الأدميرال علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني التي تداولتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مجرد محاولة غير ناجعة لصرف أنظار الرأي العام عن الجرائم التي ارتكبها المرتزقة الأجانب بقتل الأبرياء في الأيام الأخيرة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات