سول تعرض "مبادرة جريئة" على بيونج يانج وتسوية "مشكلات تاريخية" مع طوكيو

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يلوّح بعلم بلاده في سول خلال احتفال بيوم التحرير من الاستعمار الياباني. 15 أغسطس 2022 - REUTERS
الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول يلوّح بعلم بلاده في سول خلال احتفال بيوم التحرير من الاستعمار الياباني. 15 أغسطس 2022 - REUTERS
سول/ طوكيو - وكالات

أعلن الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، الاثنين، أنه سيقدّم حزمة مساعدات ضخمة لبيونج يانج في مقابل نزع سلاحها النووي. كذلك وصف اليابان بأنها شريك فيما يواجه البلدان "تهديدات مشتركة"، وعرض تحسين العلاقات بين الدولتين التي تجمعهما علاقات تاريخية شائكة.

وقال يون، في كلمة ألقاها بمناسبة ذكرى التحرّر من الاستعمار الياباني (1910-1945): "المبادرة الجريئة التي أتصوّرها ستحسّن بشكل كبير اقتصاد كوريا الشمالية وسبل عيش شعبها على مراحل، إذا أوقف الشمال تطوير برنامجه النووي وشرع في عملية صادقة وثابتة لنزع السلاح النووي".

وتحدث بالتفصيل عن خطة مساعدات واسعة، تشمل الغذاء والطاقة، إضافة إلى المساعدة في تحديث البنية التحتية، مثل الموانئ والمطارات والمستشفيات، علماً أنه كان اعتبر نزع السلاح النووي "ضرورياً" لتحقيق سلام دائم في شبه الجزيرة الكورية، حسبما أفادت وكالة "فرانس برس".

تهديدات كوريا الشمالية

اقتراح يون يأتي بعد أيام على تهديد بيونج يانج بـ"القضاء" على سلطات سول، على خلفية تفشّي فيروس كورونا المستجد في كوريا الشمالية، وبعد أقلّ من شهر على إعلان الزعيم كيم جونج أون أن بلاده "مستعدة لتعبئة" قدراتها النووية في أيّ حرب مع الولايات المتحدة والجنوب.

ونقلت "فرانس برس" عن محللين أن فرص قبول بيونج يانج بعرض يون، الذي طُرح للمرة الأولى خلال خطاب تنصيبه، ضئيلة جداً، إذ أن كوريا الشمالية التي تستثمر جزءاً ضخماً من ناتجها المحلي الإجمالي في برنامجها للتسلّح النووي، أوضحت منذ فترة طويلة أنها لن تدخل في صفقة مشابهة.

ورجّحت واشنطن وسول أن بيونج يانج تستعد لتنفيذ تجربة نووية قريباً، ستكون السابعة في تاريخها.

خلافات سول وطوكيو

وتطرّق يون في خطابه إلى العلاقات بين سول وطوكيو، التي بلغت مستوى متدنياً قياسياً، خلال عهد سلفه مون جاي إن، نتيجة قرارات قضائية منحت تعويضات لعمال كوريين سابقين. وتعتبر اليابان أن القرارات غير قانونية وأن القضية "سُوّيت بالكامل ونهائياً"، بموجب اتفاق أُبرم عام 1965 وأقام علاقات دبلوماسية بين البلدين، إضافة إلى تقديم مساعدات وقروض لسول بقيمة 500 مليون دولار، بحسب "بلومبرغ".

وقال يون إنه يريد تحسين العلاقات مع طوكيو "بسرعة وبشكل مناسب"، نتيجة خلافاتهما التاريخية. وأضاف: "عندما تمضي العلاقات بين كوريا واليابان نحو مستقبل مشترك، وعندما تنتظم مهمة عصرنا، بناءً على قيمنا العالمية المشتركة، فإنها ستساعدنا أيضاً في تسوية المشكلات التاريخية القائمة بين بلدينا".

والتقى وزيرا خارجية كوريا الجنوبية واليابان في طوكيو الشهر الماضي، وقالا إنهما سيسعيان إلى حلّ مبكّر لملف تعويضات الكوريين، الذين جُنّدوا قسراً خلال الاستعمار للعمل في مصانع ومناجم ساعدت الجيش الإمبراطوري الياباني.

وطرح يون خطة، تقضي بتأسيس صندوق مشترك بين الحكومتين، لكن فرص قبولها ضئيلة في اليابان، التي لا تزال غاضبة بعدما أحبط مون صندوقاً منفصلاً خُصّص للنساء الكوريات اللواتي أُرغمن على العمل في بيوت دعارة تابعة للجيش الإمبراطوري الياباني.

وطلبت الخارجية الكورية الجنوبية من المحكمة العليا الشهر الماضي، تأجيل حكم بتصفية أصول شركة يابانية من أجل دفع تعويضات للعمال الكوريين، مشيرة إلى أنها تبذل جهوداً دبلوماسية لتسوية المشكلة، بحسب "بلومبرغ".

واستبعدت الوكالة أن يحصل يون على أموال تُخصّص لأيّ صندوق مشترك، أو أن تدفع كوريا الجنوبية بشكل أحادي، من البرلمان الذي يتمتع فيه حزب مون بأغلبية، ويطالب اليابان بإظهار ما يعتبره "ندماً مناسباً" على حقبة الاستعمار.

ضريح "ياسوكوني"

وفي خطوة يُرجّح أن تغضب سول وبكين، زار وزراء يابانيون ضريح "ياسوكوني"، الذي يعتبره القوميون معلماً وطنياً، فيما ترى فيه دول آسيوية رمزاً للماضي العسكري لطوكيو، إذ يتضمّن أسماء قادة عسكريين وسياسيين يابانيين أُدينوا كمجرمي حرب بعد الحرب العالمية الثانية، بحسب "فرانس برس".

وزارت الضريح، الاثنين، وزيرة الأمن الاقتصادي ساناي تاكايشي، ووزير إعادة إعمار منطقة توهوكو بعد كارثة فوكوشيما في عام 2011، كينيا أكيبا. وقالت تاكايشي، وهي قومية متشددة: "هذه السنة هناك الحرب في أوكرانيا. صلّيت لئلا يسقط مزيد من القتلى في الحرب".

وكان وزير التجارة ياسوتوشي نيشيمورا زار الضريح في نهاية الأسبوع، فيما اكتفى رئيس الوزراء فوميو كيشيدا بإرسال هبة نقدية تقليدية. وأعلن مكتب كيشيدا أنه قدّم هذه الهبة من أمواله الخاصة و"بالوكالة بصفته رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي" الحاكم.

ولم يُقدم أيّ رئيس وزراء ياباني على زيارة الضريح منذ عام 2013، علماً أن كيشيدا دعا إلى تقارب مع كوريا الجنوبية.

اليابان تجدد تعهدها 

وجدّد رئيس الوزراء اليباني فوميو كيشيدا تعهد بلاده بالامتناع عن شنّ حرب، خلال إحياء ذكرى هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، مشدداً على "تمسّكها بتصميمنا على عدم تكرار مأساة الحرب".

كيشيدا لم يتطرّق إلى الاستعمار الياباني لآسيا، أو ضحاياه، وركّز إلى حد كبير على الأضرار التي لحقت باليابان على أرضها، مثل القنبلتين الذريتين اللتين ألقتهما الولايات المتحدة على مدينتَي هيروشيما وناجازاكي. واعتبر أن السلام والازدهار اللذين تتمتع بهما البلاد الآن، مبنيّان على معاناة وتضحيات أولئك الذين توفوا أثناء الحرب، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وقال كيشيدا: "لن نكرّر أهوال الحرب مرة أخرى. سأواصل الوفاء بهذا القسم... في عالم لا تزال فيه الصراعات بلا هوادة، تُعتبر اليابان زعيمة فاعلة في مجال السلام".

وأعرب مسؤولون كوريون جنوبيون عن "خيبة أمل عميقة" وأسفهم لزيارة وزراء يابانيين ضريح "ياسوكوني". وقال ناطق باسم وزارة الخارجية في سول إن "الحكومة الكورية تحضّ المسؤولين اليابانيين على مواجهة التاريخ وإبداء تفكير متواضع وجوهري في الماضي من خلال العمل".

أما السفارة الصينية في طوكيو فشددت على أن بكين "ليست راضية جداً" عن سلوك اليابان بشأن ضريح "ياسوكوني". وأضافت: "على اليابان أن تتعلّم من التاريخ وأن تفهم بشكل صحيح وتفكّر بعمق في تاريخها العدواني السابق، وأن تنأى عن النزعة العسكرية، من أجل كسب ثقة جيرانها الآسيويين والمجتمع الدولي"، بحسب "رويترز".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات