مخاوف المجاعة.. تحذير أممي وتطمين روسي ومفاوضات لتجنب الأزمة

time reading iconدقائق القراءة - 10
عامل يفرغ سماداً أوكرانياً من شاحنة لاستخدامه في حقل قمح خارج مدينة خاركوف - 5 أبريل 2022 - REUTERS
عامل يفرغ سماداً أوكرانياً من شاحنة لاستخدامه في حقل قمح خارج مدينة خاركوف - 5 أبريل 2022 - REUTERS
جنيف/ لندن/ دبي - الشرقرويترز

حذر مسؤولون أمميون وأميركيون، الجمعة، من أن الحرب التي طال أمدها في أوكرانيا تهدد بأزمة جوع في البلاد وحول العالم، في وقت نفى الرئيس الروسي أي علاقة بين الحرب وأزمة الغذاء، معتبراً أن هناك "محاولات لإلقاء اللوم على روسيا".

واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هناك "محاولات لإلقاء اللوم على روسيا" في المشكلات المرتبطة بسوق الغذاء العالمية، مشيراً إلى أن قرار الولايات المتحدة الأميركية بطبع نقود أدى إلى زيادة أسعار الغذاء.

وأضاف في مقابلة بثها التلفزيون الرسمي، أن الوضع "غير المرغوب به" في سوق الأغذية العالمية، مرتبط بقصر نظر السياسة الأوروبية حول الطاقة، مشيراً إلى أن أوروبا بالغت في أهمية مصادر الطاقة البديلة، مشدداً على أن أزمة الأسمدة لا علاقة لها بـ"العملية العسكرية" الروسية في أوكرانيا. 

وبيّن بوتين أنه لا مشكلات في شحن الحبوب من أوكرانيا، مشيراً إلى أنها قادرة على تصدير الحبوب من الموانئ التي تسيطر عليها مثل أوديسا، أو من رومانيا وبولندا، متعهداً بضمان أمن صادرات الحبوب من الموانئ في بحر آزوف.

وتابع أن التوقعات الروسية تشير إلى أن أوكرانيا قادرة على تصدير 5 ملايين طن من القمح، و7 ملايين طن من الذرة، منبهاً إلى أن الوضع سيزداد سوءاً بفعل العقوبات على إنتاجنا من الأسمدة.

وتأتي هذه التصريحات، بعد تأكيد جديد من بوتين خلال لقاء مع الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، ورئيس السنغال ماكي سال، بضمان أمن صادرات القمح والأسمدة الروسية إلى القارة الإفريقية، التي تشير التصريحات الأممية إلى أنها المتضرر الأكبر من الأزمة، وتواجه خطر حدوث أزمة جوع.

وأجج الصراع في أوكرانيا أزمة غذاء عالمية مع ارتفاع أسعار الحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة.

وتورد روسيا وأوكرانيا معاً نحو ثلث إمدادات القمح العالمية، كما أن روسيا مورد رئيسي للأسمدة وأوكرانيا مورد رئيسي للذرة وزيت دوار الشمس.

واستولى الجيش الروسي على جزء كبير من الساحل الجنوبي لأوكرانيا خلال الحرب المستمرة منذ 100 يوم، وتتحكم سفنه الحربية في وصول السفن إلى موانئ البلاد على البحر الأسود. لكن موسكو تواصل لوم أوكرانيا والغرب على توقف صادرات الحبوب الأوكرانية.

الملايين في خطر

ومع مرور 100 يوم على غزو روسيا لجارتها، قال منسق الأمم المتحدة المعني بالأزمة الأوكرانية أمين عوض إن ما لا يقل عن 15.7 مليون شخص في أوكرانيا بحاجة ماسة الآن إلى المساعدة والحماية، مع ارتفاع هذا العدد يوماً بعد يوم.

وقال عوض في إفادة صحفية عبر الإنترنت، إنه عندما يحل الشتاء سيتعرض الملايين للخطر بسبب تدمير محطات الطاقة ومستودعات الوقود.

وأضاف "100 يوم من الحرب و100 يوم من المعاناة والدمار والخراب على نطاق واسع.. حياة الملايين تحطمت".

وأشار إلى أن قرابة 14 مليون شخص، أي ثلث عدد السكان، أجبروا على الفرار من القتال، وظل ما بين 15 مليوناً و16 مليوناً في أوكرانيا لكنهم فقدوا سبل عيشهم.

وأوضح أن الإغاثة الإنسانية ساعدت أكثر من 1.5 مليون شخص حتى الآن، ويمكن أن تصل إلى 8.7 مليون بحلول أغسطس، و25 مليوناً بحلول نهاية العام.

الحل السحري في البحر الأسود

وقال المسؤول الأممي أمين عوض إن هناك حاجة لمزيد من المفاوضات لفتح ممرات التجارة عبر البحر الأسود.

وتابع قائلاً "عدم فتح تلك الموانئ سيؤدي إلى مجاعة واضطرابات وهجرة جماعية حول العالم"، مشيراً إلى أن نقص القمح والحبوب الأخرى يمكن أن يؤثر على 1.4 مليار شخص، ما قد يتسبب في الجوع وزيادة التضخم.

وتسعى الأمم المتحدة إلى التوسط في اتفاق لفتح الممرات أمام صادرات الحبوب الأوكرانية. 

ووصف ماثيو هولينجورث المسؤول ببرنامج الأغذية العالمي موانئ البحر الأسود بأنها "الحل السحري عندما يتعلق الأمر بدرء المجاعات والجوع حول العالم".

وناشد المجتمع الدولي إيجاد سبل لإخراج الشحنات الغذائية من أوكرانيا عن طريق البر أو البحر في ظل استمرار الحرب.

وقال "على أرض الواقع، نعلم أن هذه الحرب ستستمر للأسف لبعض الوقت، ربما بدون منتصرين أو خاسرين".

من جانب آخر، قالت المنظمة الدولية للهجرة إن هناك حوالي سبعة ملايين نازح داخل أوكرانيا حتى 23 مايو، بانخفاض عن ذروة بلغت حوالي ثمانية ملايين.

حرب استنزاف

إلى ذلك، قال أعضاء بالنخبة الاقتصادية الروسية لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في تقرير نشر الجمعة، إن الرئيس الروسي، "يسعى إلى زيادة ضغوطه الاقتصادية لتقويض الدعم الأجنبي لأوكرانيا"، إذ يستعد "لحرب استنزاف طويلة لا هوادة فيها، باستخدام أسلحته الاقتصادية، بما فيها حظر تصدير الحبوب الأوكرانية لتقليل أثر أي دعم غربي لكييف".

واستغل الكرملين بعض علامات التردد في الحكومات الغربية مؤخراً للتدليل على أن الغرب بدأ في فقدان التركيز في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة عالمياً بعد فرض العقوبات على موسكو بحسب ما قالت الصحيفة.

وقال ملياردير روسي على صلة وثيقة بدوائر الحكم في روسيا، إن بوتين "يعتقد أن الغرب سيصبح مجهداً".

وأضاف المليادرير الذي تحدث للصحيفة شريطة عدم ذكر اسمه خوفاً من العواقب، أن بوتين لم يتوقع الرد الغربي القوي والموحد في بداية الغزو الروسي، لكنه "يحاول الآن إعادة تشكيل الوضع، وهو يعتقد أنه سيفوز على المدى البعيد".

وتابع: "القادة الغربيون عرضة لمخاطر الدورات الانتخابية، وبوتين يعتقد أن الرأي العام قد يتغير في يوم واحد".

"لن نخسر"

وقال مسؤول روسي قريب من الدوائر الدبلوماسية الروسية، إن الحظر الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي المنقول بحراً الأسبوع الجاري، في خطوة وصفها رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل بأنها "تضع الضغط الأقصى على روسيا لإنهاء الحرب"، سيكون لها في الواقع تأثير ضئيل على المدى القريب.

وأضاف: "حالة الكرملين المزاجية هي أننا لا يمكننا أن نخسر مهما كان الثمن، لقد أوضح الكرملين أن خطوة الاتحاد الأوروبي ستؤدي فقط إلى دفع أسعار الطاقة إلى المزيد من الارتفاع، وأنه سيحول إمداداته إلى آسيا رغم الحظر المفروض على تأمين الشحنات الروسية".

ومضى قائلاً: "هذا الموقف يعني أن الكرملين يعتقد أنه سيفوز على الغرب وأنه سيتجاوز تأثير العقوبات الاقتصادية".

رهان على اضطرابات

من ناحيته رأى سيرجي جورييف، كبير الاقتصايين السابق بالبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن بوتين لا يوجد لديه خيار سوى مواصلة الأمل في أن منع تصدير الحبوب الأوكرانية سيقود إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط ويتسبب في فيضان جديد من اللاجئين بحسب ما نقلت "واشنطن بوست".

ولفتت الصحيفة إلى أن موقف الكرملين يعكس تفكير نيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن الروسي، والذي خدم مع بوتين في ليننجراد بجهاز الاستخبارات السوفيتي "كي جي بي"، ويبدو أنه المسؤول الذي يدفع الحرب الروسية في أوكرانيا وفق "واشنطن بوست".

وباتروشيف واحد من ثلة قليلة من المستشارين الأمنيين الذين يعتقد خبراء في موسكو أنهم قريبون من بوتين.

ومنذ الغزو الروسي أدلى باتروشيف الذي لم يكن معروفاً عنه الحديث للإعلام، بثلاث حوارات صحافية حملت تصريحات مناهضة للغرب بشدة، معلناً أن أوروبا على شفا "أزمة اقتصادية وسياسية عميقة"، تؤثر فيها معدلات التضخم المرتفعة والتكلفة المتزايدة للمعيشة على الحالة المزاجية للأوروبيين، "فيما يخلق المهاجرون الجدد أخطاراً أمنية جديدة"، وفق تعبيره.

"الوقت في صالح بوتين"

وقال باتروشيف في حوار لصحيفة "روسيكايا جازيتا": "العالم يدخل تدريجياً في أزمة غذاء غير مسبوقة. عشرات الملايين من الناس في إفريقيا والشرق الأوسط، سيصبحون على شفا المجاعة بسبب الغرب. وللنجاة سيفرون إلى أوروبا، ولا أعتقد أن أوروبا ستنجو من تلك الأزمة".

وفي حوار الأسبوع الماضي، مع صحف تابلويد روسية، قال باتروشيف، إن روسيا ليست في عجلة من أمرها بخصوص الحملة العسكرية في أوكرانيا. 

وقال الملياردير الروسي الذي تحدث لـ"واشنطن بوست" شريطة عدم ذكر اسمه، إن القوات الروسية تحقق مكاسب تدريجية في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وبدلاً من السعي إلى معارك فورية وحاسمة، بوتين يعتقد أن الوقت في صالحه".

وأضاف: "بوتين رجل صبور للغاية. يمكنه الانتظار ستة أو تسعة أشهر، يمكنه التحكم في المجتمع الروسي، بطريقة أكثر شدة مما يمكن للغرب التحكم في مجتمعاته".

رفع العقوبات مقابل حل الأزمة

وتلقي موسكو باللائمة في الوضع على الألغام البحرية التي تطفو بالقرب من الموانئ الأوكرانية وعلى العقوبات الغربية التي تضر بصادراتها من الحبوب والأسمدة بسبب تأثيرها على الشحن والمعاملات المصرفية والتأمين.

وقالت روسيا إنها مستعدة للسماح للسفن التي تحمل مواد غذائية بمغادرة أوكرانيا مقابل رفع بعض العقوبات، وهو اقتراح وصفته أوكرانيا بأنه "ابتزاز".

تحذير أميركي وإدانة ألمانية

ولكن متحدثاً باسم الخارجية الألمانية أدان بشدة محاولة الرئيس الروسي ترديد تصريحات مفادها أن الغرب هو المسؤول عن التسبب في الجوع في إفريقيا.

وأضاف المتحدث في مؤتمر صحافي للحكومة، الجمعة، "علينا أن نشدد على أن خطر حدوث مجاعة في أجزاء من العالم، وكون بعض الدول لا تتمكن من الحصول على صادرات الحبوب، نتيجة لحرب روسيا العدوانية وليس العقوبات الغربية".

وفي مقابلة مع شبكة "بي بي سي"، قالت السفيرة الأميركية الجديدة لدى أوكرانيا، بريدجيت برينك، الجمعة، إن أزمة الحبوب الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا تؤثر على العالم بأسره، بما فيه أوروبا وأميركا.

وأضافت في تصريحات لـ"بي بي سي"، من كييف أنه (الغزو) يؤثر على إفريقيا وعلى العالم والأمن الغذائي العالمي.

وأشارت برينك إلى أن الولايات المتحدة "تعمل مع وكالات الأمم المتحدة وأصدقاء وشركاء آخرين لمحاولة فعل ما في وسعنا لنقل الحبوب بسرعة خارج أوكرانيا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات