هل تحرّك واشنطن مياه الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في الناقورة بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية بجنوب لبنان - 11 نوفمبر 2020 - REUTERS
قاعدة لقوات حفظ السلام التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في الناقورة بالقرب من الحدود اللبنانية الإسرائيلية بجنوب لبنان - 11 نوفمبر 2020 - REUTERS
بيروت -الشرق

بدأ الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكستين، زيارة إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الثلاثاء، استهلها بلقاءات مع وزير الخارجية عبد الله بوحبيب. كما التقى هوكستين، الأربعاء، بقائد الجيش العماد جوزيف عون بحضور السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا.

قائد الجيش اللبناني، أكد للوسيط الأميركي، الذي يشغل أيضاً منصب مبعوث وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، أن المؤسسة العسكرية اللبنانية "تقف مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية". 

وتشمل زيارة هوكستين إلى لبنان، محادثات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

غموض وترقب

وفيما تسود في بيروت حال من الترقب لما يحمله الوسيط الأميركي آموس هوكستين، أوضحت مصادر لبنانية مطلعة على ملف الترسيم لـ"الشرق"، أن ما سيطرحه المبعوث الأميركي في زيارته هذه، "غير معروف بعد". وتساءلت عما إذا كان بإمكانه تحقيق نتائج إيجابية محددة حيال الملف الذي لم يطرأ عليه أي جديد طوال الأشهر الأخيرة. 

وربطت المصادر ذاتها بين مساعي هوكستين والرسالة التي وجهتها وزارة الخارجية اللبنانية إلى الأمم المتحدة أخيراً، والتي استبقت فيها وصوله إلى بيروت، بمطالبة الأمم المتحدة بتعديل الخط الفاصل بين الحدود البحرية للبلدين (لبنان وإسرائيل).

وفي سياق متصل، لم تخف مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري " توجس" الأخير من تلك الرسالة التي يقول وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب بأن الهدف منها لا يتعلق بأكثر من الرد على الرسائل الإسرائيلية.

مطالب لبنان

في رسالته الأخيرة إلى الأمم المتحدة، طالب لبنان بتعيين الخط 29 في مفاوضات الترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بدلاً من الخط 23، مع التلويح بالاحتفاظ بحق تعديل المرسوم رقم  6433 المتعلق بترسيم الحدود البحرية والصادر في أكتوبر 2011. ليطالب لبنان بمساحة إضافية لحدود البحرية تبلغ 1430 كيلومتراً.

وتوقفت المفاوضات التي بدأت في أكتوبر 2020 بين لبنان وإسرائيل في مايو 2021، حين قدم لبنان خرائط جديدة مطالباً بحقه في 2290 كيلومتراً مربعاً بدلاً من 860 كيلومتراً مربعاً.

تجدر الإشارة هنا، إلى أن الدراسات التي أجرتها قيادة الجيش اللبناني، أظهرت أن الخريطة المتعلقة بـ860 كيلومتراً مربعاً والتي أرسلها لبنان للأمم المتحدة في 2011، استندت إلى تقديرات خاطئة، ليطالب لبنان بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً وتشمل أجزاء من حقل "كاريش" النفطي الذي يقع جزء كبير منه داخل الحدود اللبنانية.

وطالب لبنان في سبتمبر 2021، مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، بوقف أعمال التنقيب في المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل، وذلك بعدما منحت تل أبيب شركة "هاليبرتون" الأميركية، عقداً للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة. 

كما سعت الحكومة اللبنانية السابقة لتقديم شكوى أمام المحاكم الدولية المختصّة، لمنع شركة النفط اليونانية "إنرجيان" العاملة في حقل "كاريش" الإسرائيلي من استكمال عملها.

موقف إسرائيل

ولطالما اتهمت إسرائيل لبنان بـ"تغيير موقفه بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في المتوسط"، محذرةً من "احتمال أن تصل المحادثات إلى لناًلناً أن "لا أساس لها من الصحة".

أهمية الترسيم للبنان

وبحسب مصادر "الشرق"، فإن أطرافاً لبنانية كثيرة، وكذلك أطراف إقليمية ودولية، تحض الجهات الرسمية اللبنانية على المضي قدماً في الانتهاء سريعاً من المفاوضات، على أمل أن يشكل إنجازها رافعة لإخراج البلد من أزمته الاقتصادية الأسوأ في تاريخه بالتزامن مع مفاوضات بدأها لبنان مع صندوق النقد الدولي حول خطة للتعافي الاقتصادي.

وترى المصادر المذكورة أن التقدم في مسار مفاوضات الترسيم البحري من شأنه أن يدفع عملية استكشاف الموارد النفطية في الثروة المائية اللبنانية إلى الأمام، وبالتالي المساعدة على تخطي انعكاسات الانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي يضرب لبنان والذي يتبدى في انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي وكذلك في ارتفاع نسبة الفقر.

تجدر الإشارة إلى أن "حزب الله" لم يعلن موقفاً من موضوع الترسيم، باستثناء تشديد قيادته بأنها "تقف عند ما تقوله الدولة اللبنانية في تحديد حدود لبنان البحرية وعدم تمكين الجانب الإسرائيلي من الاعتداء عليها".

خلفيات تعيين هوكستين

دفعت التعقيدات التي أدت إلى توقف المفاوضات بإدارة الرئيس جو بايدن إلى تعيين آموس هوكستين، كوسيط في المفاوضات التي بدأت في ظل إدارة ترمب (الرئيس السابق دونالد) كبديل عن الدبلوماسي الأميركي جون ديروشير.

وبدأت مهمة آموس هوكستين في أكتوبر 2021 بعد تعليق المحادثات غير المباشرة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، إثر خلاف بشأن المنطقة المتنازع عليها وذلك بعد 5 جولات من المفاوضات في مقر القوات الدولية (اليونيفل) في منطقة الناقورة في الجنوب اللبناني كان أولها في 14 أكتوبر 2020.

وانطلقت المفاوضات بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية الأميركية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، ليعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تولى التفاوض مع الجانب الأميركي في بداية أكتوبر 2020 عن "اتفاق إطار" للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة وبوساطة الولايات المتحدة الأميركية.

وسبق أن أعلنت الخارجية الأميركية أن هوكستين، سيؤكد خلال لقاءاته استعداد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لمساعدة لبنان وإسرائيل على إيجاد حل مقبول للطرفين بشأن حدودهما البحرية المشتركة من أجل مصلحة الشعبين.

ولدى إعلان تعيينه وسيطاً في المفاوضات أعلن هوكستين رغبته في حلحلة المفاوضات سريعاً، معتبراً أن المضي قدماً في ترسيم الحدود من شأنه تخفيف أزمة الكهرباء عبر السماح للبنان للبنان بتطوير موارد الغاز البحرية لديه، وبالتالي التخفيف من الأزمة الاقتصادية الطاحنة وكذلك أزمة الكهرباء والطاقة التي يعيشها.

تصنيفات