قالت أوكرانيا إنها أسقطت أكثر من عشر طائرات قتالية إيرانية مسيرة عبر الخطوط الأمامية الأسبوع الماضي، مع توسع روسيا في استخدام نظام الأسلحة الذي يقول القادة الأوكرانيون إنه ألحق أضراراً جسيمة بقواتهم، حسب ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة أدلى بها الجمعة، إلى أن قوات بلاده المضادة للطائرات أسقطت طائرات إيرانية مسيرة في منطقة دنيبروبيتروفسك شرقي البلاد ومدينة أوديسا جنوباً، بما في ذلك ميناء بيفدينيي القريب المستخدم لتصدير الحبوب.
وبيّنت الصحيفة أن سلاح الجو الأوكراني تعرف إلى تلك الطائرات، وقال إنها طائرات مسيرة من طراز "شاهد-136"، وطائرات "مهاجر-6" المسيرة، يمكنها حمل صواريخ واستخدامها للاستطلاع. ونشر سلاح الجو مقطع فيديو يظهر إحدى الطائرات المسيرة التي أسقطها في سماء دنيبروبيتروفسك.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن الطائرات الإيرانية المسيرة صغيرة نسبياً، وتحلق على ارتفاع منخفض جداً، ما يجعل من الصعب على أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية اكتشافها.
وتمكنت واحدة على الأقل من تلك المسيّرات من تجاوز الدفاعات الأوكرانية، وضربت مقر البحرية في أوديسا الجمعة. وقالت القيادة العسكرية الجنوبية الأوكرانية إن مدنياً واحداً سقط، ودُمر مبنى إداري في الميناء.
وأظهرت لقطات بثتها قنوات إخبارية أوكرانية جنوداً يحاولون دون جدوى إسقاطها بأسلحة صغيرة، قبل أن تتحطم وتتحول إلى كرة نار.
كما أظهر مقطع فيديو آخر على الإنترنت إحدى الطائرات المسيرة التي تم إسقاطها، وهي يتم سحبها من الماء إلى الشاطئ.
هجمات المسيرات
وقال سلاح الجو الأوكراني إنه دمر 7 طائرات إيرانية مسيرة أخرى؛ من بينها أربع طائرات من طراز "شاهد 136" في منطقة ميكولايف جنوبي البلاد، الخميس، وأخرى الثلاثاء.
وبدأت طائرات "شاهد-136" المسيرة، التي أعيد طلاؤها بالألوان الروسية وأعيدت تسميتها باسم "جيرانيوم 2"، في الظهور هذا الشهر فوق مواقع المدرعات والمدفعية الأوكرانية في منطقة خاركوف شمال شرقي البلاد، وفقاً لما قاله الكولونيل روديون كولاجين، قائد المدفعية في اللواء 92 الآلي الأوكراني، لـ"وول ستريت جورنال".
وأوضح كولاجين أنه في منطقة عمليات لوائه وحدها، دمرت الطائرات الإيرانية المسيرة، التي تحلق ثم تصطدم بأهدافها، مدفعي "هاوتزر" ذاتي الدفع عيار 152 مليمتراً ومدفعي "هاوتزر" ذاتي الدفع عيار 122 مليمتراً، فضلاً عن مركبتي مشاة مدرعتين من طراز "بي تي آر".
توسع إيران
وبحسب الصحيفة، يمثل استخدام روسيا لطائرات "شاهد-136" المسيرة في أوكرانيا التوسع الأكثر تحدياً لترسانة طهران خارج الشرق الأوسط، حيث استخدمت إيران مركباتها الجوية غير المأهولة للضغط على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
كما يسلط الضوء على أوجه القصور في برنامج الطائرات المسيرة الروسي، الذي لم يتمكن من مضاهاة القوة النارية للطائرات المسيرة المسلحة التي نشرتها أوكرانيا.
وقال برنارد هدسون، المدير السابق لمكافحة الإرهاب في "وكالة الاستخبارات المركزية" (سي آي إيه) إنه من الصعب تقييم التأثير الفوري لدخول الطائرات الإيرانية المسيرة في الحرب الأوكرانية في ساحة المعركة، لكن الانتشار يمنح طهران فرصة لاختبار منتجاتها ضد أنظمة الدفاع التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي.
وأضاف هدسون، الذي يرأس شركة تعمل في قطاع الطائرات المسيرة في كل من أوروبا الشرقية والشرق الأوسط أن "هذا يسمح لطهران بمسار خالٍ من المخاطر لتحسين تكنولوجيا وتكتيكات الطائرات المسيرة وجعلها أكثر قدرة وفتكاً. الدروس المستفادة من أوكرانيا ستفيد كيف ستستخدم إيران لاحقاً هذه الأنظمة في الشرق الأوسط".
والجمعة، قال زيلينسكي إن أوكرانيا ألغت اعتماد السفير الإيراني، وخفضت عدد الموظفين الدبلوماسيين في السفارة الإيرانية في كييف رداً على إرسال إيران الطائرات المسيرة. وقال إنه كلف وزارة الخارجية بتطوير رد على الدعم الإيراني لروسيا، مضيفاً: "سيعرف العالم كل حقيقة من حقائق التعاون مع الشر".
وكتب ميخائيلو بودولاك مستشار الرئيس الأوكراني في تغريدة باللغة الإنجليزية، السبت، أن إيران تدعم روسيا "من خلال تقديم طائرات مسيرة حديثة إلى دولة رجعية لقتل الأوكرانيين".
"الرد المناسب"
على الجانب الإيراني، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، السبت، إن طهران تخطط لاتخاذ "الرد المناسب" إزاء قرار أوكرانيا خفض العلاقات معها بسبب ما تردد عن إمداد روسيا بطائرات مسيرة إيرانية.
وأضاف المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني أن أوكرانيا يجب أن "تكف عن الخضوع لتأثير أطراف ثالثة تسعى لتدمير العلاقات بين البلدين". وقال كنعاني إن قرار أوكرانيا "استند إلى تقارير غير مؤكدة ونتج عن ضجة إعلامية من قبل أطراف أجنبية".
ولم يشر كنعاني مباشرة إلى الطائرات الميسرة. ونفت إيران في وقت سابق تزويد روسيا بطائرات مسيرة، لكن صحيفة "كيهان" اليومية المحافظة قالت السبت إن إيران باعت "مئات الطائرات المسيرة المسلحة".
وقالت الصحيفة التي يعين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي رئيس تحريرها: "على مدار الفترة الماضية، كانت الطائرات المسيرة الإيرانية تنفذ عمليات في سماء أوكرانيا ضد حلف شمال الأطلسي".
واتهمت إسرائيل والغرب إيران ووكلاءها بإطلاق طائرات مسيرة مسلحة؛ لمهاجمة صناعة النفط السعودية والإمارات، وجنود أميركيين في سوريا وكذلك ناقلات النفط في خليج عمان في السنوات الأخيرة.
كذلك، استخدم الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن مراراً طائرات مسيرة لتنفيذ هجمات على السعودية.
وفي مقابلة نشرتها صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية، السبت، قال زيلينسكي إنه يأسف لأن إسرائيل لم تزود أوكرانيا بدفاعات مضادة للطائرات.
وقال: "هذا يصدمني لأن إسرائيل تصدر في الوقت نفسه أسلحتها إلى دول أخرى"، ملقياً باللوم على النفوذ الروسي في إسرائيل.
وذكرت إسرائيل في وقت سابق إنها تعارض الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها ستقدم مساعدات إنسانية بدلاً من العسكرية.
وطلبت أوكرانيا من الحلفاء الغربيين، الذين قدموا بالفعل معدات عسكرية بمليارات الدولارات، توفير تقنيات أكثر تقدماً مضادة للطائرات المسيرة وتكنولوجيا دفاع جوي.