ضغوط على اليابان للانخراط في حملة العقوبات على الصين

time reading iconدقائق القراءة - 9
رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا خلال مؤتمر صحافي في طوكيو - 18 مارس 2021 - Bloomberg
رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا خلال مؤتمر صحافي في طوكيو - 18 مارس 2021 - Bloomberg
طوكيو-بلومبرغ

يتعرّض رئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا، لضغوط، للانضمام إلى دول كبرى أخرى في فرض عقوبات على الصين، لاتهامها بانتهاك حقوق الإنسان، فيما يستعد لحضور أول قمة مباشرة مع الرئيس الأميركي جو بايدن، بحسب وكالة "بلومبرغ".

وفرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة عقوبات منسّقة على الصين، لاتهامها بانتهاكات في إقليم شينجيانغ الذي تقطنه أقلية الإيغور، في خطوة تناغمت معها أستراليا ونيوزيلندا. وفرضت بكين عقوبات مضادة، علماً بأنها ترفض الاتهامات الغربية، وتصفها بأنها "أكاذيب ذات دوافع سياسية".

وأفادت "بلومبرغ"، بأن اليابان قاومت منذ فترة طويلة، فرض عقوبات اقتصادية على الصين، أبرز شركائها التجاريين. ويحض أعضاء في الحزب الحاكم، سوغا على اتخاذ موقف أكثر تشدداً، لا سيّما قبل قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، المرتقبة في المملكة المتحدة، في يونيو المقبل.

ونقلت الوكالة، عن وزير الدفاع الياباني السابق، جين ناكاتاني، الذي يشارك في رئاسة مجموعة من نواب ينتمون إلى عدة أحزاب، بشأن ملف الصين، قوله إن "اليابان هي الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لا تشارك في العقوبات، إنه أمر مخزٍ أن يُنظر إلى اليابان بوصفها دولة تتظاهر بأنها لا تدرك ما يجري".

موقف محرج

وسيصبح سوغا، أول زعيم أجنبي يلتقي بايدن في البيت الأبيض، إذ أفادت تقارير إعلامية بأن اجتماعهما سيُعقد في 9 أبريل المقبل. وكانت اليابان أيضاً أول دولة يزورها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي أجرى محادثات مع نظيره توشيميتسو موتيغي في طوكيو، الشهر الجاري.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن اليابان، مثل جارتها كوريا الجنوبية، في موقف محرج كونها متشابكة بشدة مع الصين اقتصادياً، ولو أنها تعتمد دفاعياً على الولايات المتحدة، بوصفها الحليف العسكري الوحيد. وسعت الحكومة اليابانية غالباً إلى الحفاظ على علاقات مع خصوم للولايات المتحدة، وتتجنّب تقليدياً توجيه انتقادات إلى دول أخرى بشأن مسائل حقوق الإنسان.

ويأتي الجدل في وقت تجد فيه علامات تجارية يابانية نفسها معرّضة لخطر المقاطعة في الصين، كما حدث مع "Hennes & Mauritz AB" و"NIKE"، بعد تعهد الشركتين بالامتناع عن استخدام قطن مُصنّع في شينجيانغ. وأغلقت متاجر "H&M" في أجزاء من الصين، تنفيذاً لقرار مالكي العقارات، في الأيام الماضية، نتيجة تداعيات بيان أصدرته قبل أشهر بشأن العمل القسري في شينجيانغ.

وتراجع سعر سهم شركة "Ryohin Keikaku"، المشغلة لسلسلة متاجر "Muji" للأثاث والملابس، بعدما أصدرت بياناً أعربت فيه عن "قلق بالغ" بشأن التقارير المتعلّقة بـ"انتهاكات حقوق الإنسان" في الإقليم.

تجنّب صدام مباشر

الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ، قالت الأسبوع الماضي، إن "الأشخاص المعنيّين من الجانب الياباني زعموا أنهم يهتمون بحقوق الإنسان، لكنهم نسوا 35 مليون ضحية صينية لحرب العدوان الياباني"، في إشارة إلى الاستعمار الياباني للصين قبل نهاية الحرب العالمية الثانية، واعتبرت أن مهاجمة بكين "ليست من مصلحة" طوكيو.

وتشهد علاقات اليابان بالصين، توتراً في أحيان كثيرة، نتيجة نزاعات إقليمية وخلافات بشأن التاريخ، لكن الحكومة اليابانية تتجنّب عادة الصدام المباشر، الذي قد يدمّر العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

وركّز رئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، على إعادة بناء العلاقات مع بكين، التي كانت سيئة جداً عندما تولّى الحكم في عام 2012، نتيجة مزاعم الجانبين بشأن السيطرة على جزر في بحر الصين الشرقي.

وفي الأيام الأولى بعد تفشي فيروس كورونا، تلقّت الصين مساعدات من الحكومة اليابانية ومجموعات مواطنين يابانيين، في خطوة أثارت امتناناً وثناءً في بكين، وكان مقرراً أن يجري الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة رسمية إلى اليابان، في ربيع عام 2020، لكنها أُرجئت إلى موعد غير محدد مع تفاقم الجائحة.

"تغيير الوضع القائم"

وظهرت العام الماضي تصدعات في العلاقات مجدداً، بعدما أدت اليابان دوراً قيادياً في إصدار وزراء خارجية دول مجموعة السبع، بياناً مشتركاً في يونيو الماضي، يدين حملة صينية تستهدف المؤيّدين للديمقراطية في هونغ كونغ.

كما أن توتراً متزايداً بشأن جزر متنازع عليها، معروفة باسم "سينكاكو" في اليابان و"دياويو" في الصين، وكذلك تمرير بكين قانوناً يمكّن سفن خفر السواحل من إطلاق النار على سفن أجنبية، دفع يابانيين إلى اتخاذ موقف أكثر عدائية إزاء الصين، وفق "بلومبرغ".

ونقلت الوكالة عن كونيهيكو مياكي، وهو دبلوماسي سابق ومستشار خاص لحكومة سوغا، قوله: "الأمر لا يتعلّق فقط بالولايات المتحدة واليابان، إنه مصدر قلق بشأن محاولات لتغيير الوضع القائم، ولو بالقوة، أو تجاهل قيم عالمية، بما في ذلك الديمقراطية أو حقوق الإنسان".

"قانون ماغنتسكي" ياباني؟

وأصدرت كندا والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي نسخاً خاصة بها من "قانون ماغنتسكي" الأميركي، والذي يتيح لحكومات إلغاء التأشيرات، وتجميد أصول مالية لأفراد متورطين بانتهاكات لحقوق الإنسان، أو بفساد.

وليس لدى اليابان قانون مشابه، ويريد ناكاتاني ونواب آخرون، بينهم شيوري ياماو من "الحزب الدستوري الديمقراطي"، أبرز فصائل المعارضة، سنّ تشريع مماثل، أو على الأقلّ إصدار قرار يحظى بالتأثير ذاته.

وعلّق الناطق باسم الحكومة اليابانية، كاتسونوبو كاتو، الأسبوع الماضي، على ذلك، مشدداً على وجوب "تحليل السياسة باستمرار، ودراستها من وجهات نظر مختلفة، بما في ذلك الطريقة التي أُديرت بها دبلوماسية اليابان في ملف حقوق الإنسان حتى الآن، واتجاه المجتمع الدولي".

ولكن لا يزال غير واضح هل ستدعم الحكومة اليابانية مشروع القانون في النهاية، أو تطبّقه في حال إقراره، علماً بأن أعضاء في "الحزب الديمقراطي الليبرالي" بزعامة سوغا، وكذلك شريكه في الائتلاف الحاكم، "كوميتو"، يتباهون بعلاقاتهم الوثيقة مع بكين، كما أفادت "بلومبرغ".

وقال مياكي: "بالطبع الصين جارة مهمة بالنسبة لنا... امتلاك الوسائل لفعل شيء، ولتوجيه الرسالة الصحيحة إلى البلد الصحيح، هو شيء، وتفعيلها مسألة أخرى".

اقرأ أيضاً: