لبنان يعتزم تقليص دعم سلعٍ توفيراً لـ"الاحتياطي الأجنبي "

time reading iconدقائق القراءة - 8
متظاهر يحمل خبزاً مدعوماً من الحكومة خلال احتجاجات في بيروت، 2 مارس 2021 - Bloomberg
متظاهر يحمل خبزاً مدعوماً من الحكومة خلال احتجاجات في بيروت، 2 مارس 2021 - Bloomberg
بيروت-بلومبرغ

أعلن غازي وزني، وزير المال في الحكومة اللبنانية المستقيلة، أن بلاده بصدد تقليص دعمها للمواد الغذائية، وستزيد سعر البنزين تدريجياً، لتوفير احتياطاتها المتضائلة من العملات الأجنبية.

وتأتي تصريحات وزني في ظل احتجاجات غاضبة في لبنان، بعد انهيار مفاجئ للعملة المحلية، إلى أقلّ من 13 ألف ليرة مقابل الدولار، في السوق السوداء الاثنين، مسجلة تراجعاً بأكثر من 20% خلال أسبوعين.

ومنذ اندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في أكتوبر 2019، فقدت العملة نحو 90% من قيمتها، ما دفع الملايين إلى الفقر. وبلغ معدل التضخم 84% العام الماضي، فيما سجلت أسعار الأغذية تضخماً بنسبة 402% في ديسمبر، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وأشارت الوكالة الأميركية إلى أن المصرف المركزي اللبناني أمّن استقرار أسعار القمح والأدوية والوقود من خلال تزويد المستوردين بالعملة الصعبة، بالسعر الرسمي البالغ 1507 ليرات مقابل الدولار، كذلك منح سعر صرف تفضيلي لمستوردي 300 من السلع الغذائية والمنزلية الأساسية، متيحاً لهم شراء الدولار مقابل 3900 ليرة.

"ترشيد الدعم"

وقال وزني لـ "بلومبرغ" إن لدى المصرف المركزي 16 مليار دولار متبقية من احتياطي العملات الأجنبية، بينها مليار إلى 1.5 مليار دولار فقط يمكن استخدامها لتمويل الدعم، ويكفي ذلك شهرين إلى ثلاثة أشهر، علماً أن الاحتياطات تراجعت إلى النصف، من نحو 30 مليار دولار قبل سنة.

وأضاف وزني: "لم يعد بإمكان لبنان الاستمرار في وتيرة الدعم ذاتها"، من دون إعطاء إطار زمني للتغييرات في هذا الصدد. وتابع: "إنها تكلّف 500 مليون دولار في الشهر، 6 مليارات دولار في السنة. لذلك اتخذت الحكومة قراراً بترشيد الدعم وخفضه في بعض المواد".

وأشار وزير المال اللبناني إلى أن الحكومة ستحذف بعض المنتجات، بما في ذلك الكاجو وأنواع من القهوة ذات العلامات التجارية، من لائحة السلع المدعومة، جزئياً نتيجة تهريبها إلى الخارج بغرض الربح. وأضاف أن الحكومة تخطط لزيادة الأسعار تدريجياً في محطات الوقود خلال الأشهر المقبلة، وخفض دعم البنزين من 90% حالياً  إلى 85%.

وذكر وزني أن دعم القمح والأدوية والفيول لتوليد التيار الكهربائي لا يزال قائماً حتى الآن،واستدرك: "اتُخذ قرار بخفض الدعم عن السلة الغذائية". وتابع: "القرار الذي يجب اتخاذه في الأسابيع المقبلة، هو البنزين. في الشهر الماضي، أثناء الإغلاق (نتيجة تفشي فيروس كورونا) كان لدينا الاستهلاك ذاته، لذلك نعتقد بأن هناك خطأ".

خفض قيمة العملة

وأقرّ الوزير بأن الإجراءات ستغذي التضخم الذي يُتوقع أن يبلغ 77% هذا العام، قبل احتساب الدعم المخفض. ولمساعدة الفقراء على التأقلم، سيعتمد لبنان التحويلات النقدية عبر بطاقات مسبقة الدفع، في إطار برنامج صادق عليه البرلمان الجمعة الماضية.

وستدفع الحكومة للأسر المحتاجة نحو مليون ليرة شهرياً، وحصلت على قرض من البنك الدولي بقيمة 246 مليون دولار، لدعم 786 ألفاً من الشرائح الأكثر فقراً.

وقال وزني إن الحكومة ما زالت تخطط لخفض قيمة العملة، في إطار الانتقال إلى سعر صرف مرن. واستدرك أنها لن تتخذ هذه الخطوة من دون برنامج إصلاح اقتصادي، ودعم من صندوق النقد الدولي، للمساعدة في استعادة الثقة وتثبيت سعر الليرة، مضيفاً: "نحن ذاهبون إلى سعر صرف مرن، ولكننا بحاجة إلى برنامج من صندوق النقد الدولي".

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن الساسة اللبنانيين أخفقوا في الاتفاق على حكومة جديدة، منذ استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس الماضي، بعد انفجار مدمّر في مرفأ بيروت. ولا يمكن لحكومة تصريف الأعمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وهذا أمر ضروري الآن لتقديم مساعدات أخرى.

وتخلّف لبنان قبل سنة عن دفع ديونه الدولية البالغة 30 مليار دولار. ومع غياب إصلاحات أو خطط سداد متفق عليها، منذ ذلك الحين، لا يمكنه الاقتراض أو جذب مستثمرين، فيما عانت الشركات من تداعيات كورونا وأزمة القطاع المصرفي.

انكماش الناتج المحلي

واعتبر وزني أن ضعف الليرة لم يكن مفاجئاً، قائلاً: "الوضع هو: عدم وجود تدفقات بالدولار، وثقة أقلّ، ومأزق سياسي، ويعني ذلك عدم يقين لأن المرء يخشى المستقبل مع تراجع الاحتياطات. هناك عوامل مالية واقتصادية وسياسية تؤدي دوراً، وعوامل ظرفية أدت إلى التدهور السريع في غضون أيام".

وانكمش إجمالي الناتج المحلي في لبنان بنسبة 25% العام الماضي. وقال وزني إن التوقعات لعام 2021 تعتمد على موعد اتفاق الساسة على تشكيل حكومة، وتأمين مساعدات خارجية. وأضاف أنه من دون إحراز تقدّم، سينكمش الاقتصاد بنسبة تبلغ 10%. وتابع أنه في أفضل السيناريوهات، سينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة تتراوح بين 2% و5%.

ورجحت "بلومبرغ" أن يتقلّص عجز الموازنة إلى نحو 4% من إجمالي الناتج المحلي، من 6% العام الماضي و11% في عام 2019. ويعود ذلك إلى حد كبير إلى التخلّف عن سداد الديون، وإلغاء نحو نصف الدين بالعملة المحلية الذي يحتفظ به المصرف المركزي.

ولا يتوقع مشروع الموازنة أي زيادات في ضريبة الدخل أو ضريبة القيمة المضافة. وبدل ذلك، يقترح وزني ضريبة بنسبة 1% على الودائع المصرفية التي تزيد عن مليون دولار، وضريبة بنسبة 10% إلى 30% على الفوائد التي تجنيها المصارف، على الودائع في المصرف المركزي.

ولم تقرّ الحكومة الموازنة بعد، والتي قد تواجه معارضة من المصارف والمودعين الذين عانوا من خفض غير رسمي لقيمة ودائعهم بأكثر من 65%.

اقرأ أيضاً: