هل يفتح حكم طالبان باب الأزمات أمام باكستان؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
عناصر من حركة طالبان خلال تأمين مسيرة نسائية مؤيدة للحركة في كابول - 11 سبتمبر 2021 - AFP
عناصر من حركة طالبان خلال تأمين مسيرة نسائية مؤيدة للحركة في كابول - 11 سبتمبر 2021 - AFP
دبي-الشرق

تواجه باكستان عدداً من الأزمات بوصول طالبان للحكم في أفغانستان، على الرغم من أن إسلام أباد تعتبر سيطرة الحركة على كابول مكسباً استراتيجياً لها، وخسارة لخصمها التاريخي الهند التي احتفظت بعلاقات وطيدة مع النظام الأفغاني السابق، بحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية.

وأشار التقرير إلى أن رئيس المخابرات الباكستانية فايز حميد، زار العاصمة الأفغانية كابول الأسبوع الماضي، وبدا عليه "ثقة المنتصر"، لافتاً إلى أن المسؤولين الجدد في أفغانستان تم إيواؤهم جميعاً من قِبل باكستان لما يقرب من عقدين، إلّا أن إسلام أباد تنفي ذلك.

وتوقعت فورين بوليسي أن تستغل "الدولة الباكستانية العميقة"، الامتداد الاستراتيجي الأفغاني ضد الهند، واستخدام الأراضي الأفغانية "كملاذ آمن للجماعات المناهضة للهند"، كما فعلت في المرّة الأخيرة التي كانت فيها طالبان في السلطة. 

ووفقاً للتقرير، نجحت باكستان في "إثبات قيمتها للصينيين كوسيط وضامن للأمن"، إذ تعتزم بكين استخراج المعادن في الدولة التي مزقتها الحرب، وإنفاق مليارات الدولارات على بناء ممر اقتصادي يمر عبر باكستان وأفغانستان إلى آسيا الوسطى.

"توترات طائفية"

لكن ما يُعد إنجازاً للمؤسسة السياسية الباكستانية، ربما يكون مأساة لشعبها، بحسب "فورين بوليسي"، التي أوضحت أن هناك أسباباً متزايدة تدعو للقلق في باكستان، من وجود "إمارة متشددة" مجاورة.

المحلل الأمني ​​الباكستاني، أمير رنا، قال للمجلة الأميركية، إنه "مع سعي المزيد من الباكستانيين للإلهام من طالبان، قد يكون من الصعب محاربة الروايات التي تروج لدولة، ومجتمع أكثر تشدداً". 

وتوقع أن يزيد "الطابع الطالباني" على باكستان، مضيفاً أن "زيادة شعبية طالبان ستجعل طوائف أخرى تشعر بعدم الأمان. ما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية".

مكاسب استراتيجية

وتسعى باكستان لتحقيق المزيد من المكاسب الاستراتيجية، إذ نقلت فورين بوليسي، عن مصدر باكستاني طلب عدم الكشف عن هويته، أن إسلام أباد قد تعرض استضافة قاعدة عسكرية للولايات المتحدة "لمواجهة تنظيم داعش في خراسان".

وأضافت المجلة الأميركية، أن باكستان تحاول تقديم نفسها كوسيط بين الغرب وطالبان، وأنها يمكنها تشجيع الحركة على الإصلاح، لكن قلة في الغرب يصدقون وعود باكستان.

وأوضحت أن "توفير باكستان ملاذاً لطالبان، تسبب في توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن "لم يجرِ أي اتصال" برئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، منذ تسلمه السلطة يناير الماضي.

ولكن التقرير، لفت إلى أن طالبان ربما تستجيب بشكل أقل لمطالب باكستان، للحفاظ على "ادّعاء استقلالها" أمام الشعب الأفغاني. 

"حركة طالبان باكستان"

وسلطت المجلة الأميركية الضوء على العلاقة بين حركة طالبان، ونظيرتها "تحريك طالبان باكستان"، ونقلت عن أحد قادة طالبان رفض ذكر اسمه، قوله: "لسنا دمى لباكستان، نحن مستقلون"، مضيفاً: "نعم، لدينا علاقات جيدة جداً مع (حركة طالبان باكستان)".

ولفتت المجلة إلى أن أعضاء "طالبان باكستان"، تخرّجوا في نفس المعاهد التي تخرّجت فيها عناصر من طالبان الأفغانية، إضافة إلى أنها تتألف من قومية البشتون.

وأشارت إلى أن حركة "طالبان باكستان"، نفذت هجمات دموية ضد الباكستانيين، واستهدفت عدداً من المدارس، حتى تمكن الجيش الباكستاني من دفعها إلى داخل أفغانستان.

وذكر تقرير صدر مؤخراً عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أن العلاقة بين حركة طالبان الأفغانية وطالبان الباكستانية، استمرت بشكل أساسي "كما كانت من قبل". 

ولاحظ مراقبو الأمم المتحدة، أن "طالبان باكستان" دعمت نظيرتها الأفغانية عسكرياً، ضد القوات الحكومية الأفغانية للاستيلاء على السلطة، بينما اتهمت باكستان الحكومات الأفغانية المنتخبة بدعم حركة طالبان باكستان طيلة هذه السنوات. 

وقال أفراسياب خطاك، وهو مفكر باكستاني ينتمي لقومية البشتون: "حركة طالبان باكستان قاتلت إلى جانب طالبان الأفغانية". وأضاف: "هذا مؤشر واحد على مدى خطأ السياسة التي انتهجتها دولتنا العميقة".

"حكم ذاتي"

وأشارت فورين بوليسي، إلى أنه منذ عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان، عدلت حركة طالبان باكستان موقفها، وتقول إنها "تريد الآن حكماً ذاتياً في المناطق القبلية على طول الحدود، معقل البشتون الباكستانيين". 

ولم توضح حركة طالبان الأفغانية موقفها من "طالبان باكستان"، لكنها قالت إنها ترغب في فتح معابر حدودية مع باكستان، على الأقل على امتداد 1640 ميلاً يسكنها البشتون في كلا الجانبين.

وبيّن التقرير أن حركة طالبان تدرك أن باكستان تتمتع بنفوذ اقتصادي ضخم على أفغانستان، ولكن مع ترسيخ وجودهم في السلطة، ربما يرغبون في استخدام حركة طالبان باكستان ضد إسلام أباد.

وقالت المجلة الأميركية، إنه حتى لو تجنبت حركتا طالبان على جانبي الحدود الهوية الانفصالية البشتونية، فإن تلك الصلة العرقية ستظل مصدر ذعر لقادة باكستان. متسائلة: "هل باكستان مستعدة لإبقاء الحدود مفتوحة، وتسليم السيطرة إلى حركة طالبان باكستان في مناطق نفوذها؟"

وتوقع التقرير أن يستمر الليبراليون الباكستانيون في مقاومة عملية ما، وصفوه بـ"طلبنة باكستان"، "على الرغم من أنهم الآن في أضعف وضع لهم منذ عقود".

اقرأ أيضاً: