بين سوريا وأوكرانيا.. قائد سابق في "فاجنر" يكشف عالمها السري

time reading iconدقائق القراءة - 6
المقاتل السابق في شركة فاجنر الروسية شبه العسكرية الخاصة مارات جابيدولين، في العاصمة الفرنسية باريس، 11 مايو 2022 - AFP
المقاتل السابق في شركة فاجنر الروسية شبه العسكرية الخاصة مارات جابيدولين، في العاصمة الفرنسية باريس، 11 مايو 2022 - AFP
دبي-الشرق

كشف مارات جابيدولين، أول مقاتل منشق تابع مجموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية الخاصة، عن كواليس 4 سنوات قضاها كـ"مرتزق"، عمل خلالها في شرقي أوكرانيا وسوريا.

ونشر جابيدولين مذكراته باللغتين الإنجليزية والروسية في وقت سابق من العام الحالي، وأتيحت مذكراته أخيراً، بالفرنسية بعنوان "أنا مارات القائد السابق لجيش فاجنر".

وقال جابيدولين لموقع راديو فرنسا الدولي "RFI"، إن الجندي العامل في "فاجنر شخص غير خاضع للمساءلة، وليس له وجود قانوني، ولا وضع واضح.. ويتصرف بحصانة مطلقة.. لن يحاسب أبداً على أفعاله أو جرائمه في محكمة قانونية.. لذلك كل شيء يعتمد على شخصيته".

واستدرك قائلاً: "لكنني أؤكد أنهم غالباً رجال لديهم خبرة عسكرية، ولا يعانون من مشاكل نفسية.. وقادرون على اتخاذ قرارات جيدة في أوقات الحرب".

وأكد أنه "لم يرتكب ولا زملاؤه ولا جنود تحت إمرته أي شيء، ولم تُلطخ أيديهم بدماء المدنيين"، لكنه أشار إلى مقطع فيديو لإعدام عناصر من جماعات مسلحة في سوريا قبل سنوات، مضيفاً أنه يعتقد أن المسؤولين عن ذلك كانوا من "فاجنر".

وأكد أن جميع الأدلة تشير إلى أن "هؤلاء كانوا ضمن الكتائب التي تشكلت عام 2017، قبيل عملية عسكرية كبيرة في بلدة عقربات السورية في محافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا"، ولفت إلى أن "قلة من المجندين الجدد كانت لديهم أي خبرة عسكرية".

وبسؤاله عن مدى ارتباط "فاجنر" بالكرملين والجيش الروسي، قال إن القانون الروسي "لا يحظر مجموعات المرتزقة فحسب، بل لا يستطيع الأفراد حيازة أسلحة آلية.. لكن مثل هذه الشركات موجودة، فهذا يعني أنها محمية من قبل الدولة".

وتتهم دول ومنظمات الكرملين بالوقوف وراء المجموعة، وهو ما تنفيه موسكو.

الجيش الروسي

وتابع أن الأوامر صدر لمقاتلي "فاجنر" من الجنرالات والضباط الروس، موضحاً "هذا طبيعي.. إنهم يتعاونون مع مركز قيادة الجيش.. وإلا لما كان ذلك ممكناً على الأرض، فالقوات لا تتخذ قراراتها من تلقاء نفسها".

ورفض مقاتل "فاجنر" السابق الحديث عن أسماء المسؤولين في إنشاء المجموعة، وهل هو يفجيني بريجوجين رجل الأعمال الذي يطلق عليه "طاهي بوتين"، والذي يعرف مارات شخصياً حسب الموقع الفرنسي.

وقال: "المخطط بسيط.. هناك رجل يتمتع بروح المبادرة، قريب من القيصر (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، وله مشروع تجاري في الخارج.. يضع المشروع أمام القيصر ويطلب المال والوسائل.. يوافق القيصر ويعطيه ما يحتاج إليه، لكنه يطلب منه الترويج لمصالح بلاده السياسية في الخارج".

وذكر مارات إنه يريد "أن يعرف أكبر عدد ممكن من الناس كيف تعمل هذه الشركة العسكرية من الداخل. يجب أن يعرف العالم الواقع"، وأضاف "غالباً ما يتم إضفاء الشيطانية على صورة فاجنر في الصحافة". 

وأضاف أنه لم يطلب إذن أحد للتحدث، متابعاً: "أعتقد أنه من المهم التحدث عن ذلك لأن مشكلة الشركات العسكرية الخاصة مهمة للغاية بالنسبة لروسيا".

وأوضح أنه "في الوقت الحالي لا أشعر بالخطر (على حياته) لأنني بعيد عن روسيا"، مضيفاً: "لكن السكاكين على الأرجح يتم شحذها ضدي هناك". وأشار إلى أنه في فرنسا حالياً، وليس لديه تصريح إقامة، وهو مجرد سائح "لكن إذا شعرت بأن الأمر خطير بالنسبة لي في روسيا، فقد أبقى هنا". وأكد: "لا أخجل من أي شيء، لم أرتكب أي فعل سأكون مسؤولاً عنه جنائياً".

وبشأن من ينضمون إلى "فاجنر" دون خبرة عسكرية، قال جابيدولين إنه من الصعب القول من أين أتوا "خاصة الآن مع الحرب في أوكرانيا.. لا أعتقد أنهم يفحصونهم، لا توجد أي معايير صارمة للذهاب إلى الصفوف الأولى (للقتال)"، موضحاً أن "فاجنر لا تزال تجند الرجال لإرسالهم إلى أوكرانيا عبر تدريبهم في دونباس شرقي أوكرانيا".

وبالسؤال عما إذا تمت دعوته للقتال في أوكرانيا خلال الحرب الجارية، قال: "لن يسمحوا لي بالعودة إلى فاجنر أبداً، فأنا شخص غير مرغوب فيه.. لكن اتصلت بي شركة عسكرية خاصة أخرى في سبتمبر الماضي.. بمجرد أن أدركت أن الأمر يتعلق بالقتال ضد أوكرانيا، أخبرتهم أنني لا أستطيع.. قلت لهم بصراحة، إنه يتعارض مع قناعاتي".

"ضحية الدعاية"

وترك مارات مجموعة "فاجنر" عام 2019، بعدما شارك في القتال ضد الجيش الأوكراني في إقليم دونباس عام 2015، موضحاً أنه كان "ضحية الدعاية الروسية". وأضاف:"قيل لنا إن النازيين الذين استولوا على السلطة في كييف كانوا يهددون دونباس، وأن علينا إنقاذ العالم الروسي.. اعتقدت أنه كان ضرورياً".

وتابع: "مهمتي في لوغانسك (في دونباس) كان لها تأثير كبير علي.. أدركت بعد شهرين قضيتهما في أوكرانيا أننا كذبنا كثيراً في روسيا، وأن الدعاية لا تتوافق مع الواقع".

وأشار إلى أنه أراد مغادرة "فاجنر" بعد عام 2015، لكن تمت دعوته للقتال في سوريا، التي وصفها بـ"دولة عربية بعيدة لم أكن أعرفها"، مؤكداً أن الأمر كان يتعلق بكسب المال، إذ كان يتلقي في فترة التدريب "80 ألف روبل روسي شهرياً (نحو 1200 يورو). ثم خلال الحرب 180 ألف روبل في الشهر (2600 يورو)، إذا شاركت في القتال فقد كان المبلغ 240 ألف روبل (3700 يورو)".

وأشار إلى أنه في سوريا، قاتل "فاجنر" تنظيم "داعش" الذي وصفه بـ"وباء القرن الـ21"، مضيفاً أن التدخلات العسكرية التي نفذتها المجموعة كانت أكثر أهمية من تدخلات الجيش السوري وفق تعبيره، مضيفاً: "الاستيلاء على تدمر، عقربات، هذا نحن.. ما حدث في عقربات معبّر للغاية. قمنا بكل العمل، ثم أُمرنا بمغادرة المدينة.. وذلك عندما دخل الجيش الروسي المدينة مع الصحافيين.. تبعت الكاميرات الجنود الذين حرروا مدينة كانت قد تحررت بالفعل".

تصنيفات