
دعت مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إلى "حذر أكبر" بشأن تزويد أوكرانيا بالأسلحة التركية، وسط مخاوف في كييف من تغير موقفها بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا، في وقت نقلت وسائل إعلام تركية أن وفداً تركياً سيتوجه إلى روسيا لمناقشة تفاصيل ممر بحري محتمل في البحر الأسود لصادرات الحبوب الأوكرانية.
وقال رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التابعة للرئاسة التركية إسماعيل دمير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إنه "علينا أن نكون أكثر حذراً"، مرجعاً ذلك إلى حاجة بلاده للحفاظ على توازن في العلاقات مع كل من روسيا وأوكرانيا من أجل المضي قدماً في تسهيل مفاوضات السلام بين الطرفان.
وتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي والحليفة لأوكرانيا لا سيّما أنها زوّدتها بـ طائرات مسيّرة قتالية، استضافت جولتي مفاوضات مباشرة بين موسكو وكييف، الأولى في 10 مارس على مستوى وزاري في أنطاليا (جنوب) والثانية في 29 مارس في اسطنبول.
وبينما تستمر الدول الأعضاء في حلف الناتو في محاولات عزل روسيا اقتصادياً وإرسال مزيد من الأسلحة إلى للجيش الأوكراني، حافظت تركيا على خط دبلوماسي مفتوح مع موسكو.
وقال دمير إن "تركيا هي الدولة الوحيدة التي يمكنها دعوة كلا الطرفان (روسيا وأوكرانيا) إلى طاولة (مفاوضات) السلام"، مضيفاً: "لكن، كيف يمكننا القيام بذلك إذا واصلنا في الوقت ذاته إرسال عشرات الآلاف من (قطع) الأسلحة إلى أحد الطرفين؟".
صفقة "بيرقدار تي بي 2"
لعبت الطائرات المسيرة التركية من صنف "بيرقدار تي بي 2" دوراً أساسياً في مقاومة أوكرانيا الأولية للغزو الروسي، إذ قامت بتفجير القوافل العسكرية الروسية المتقدمة نحو العاصمة كييف، وأغرقت سفناً حربية روسية.
وكانت شركة الصناعات الدفاعية التركية "بايكار" قد باعت مسيَّرات "بيرقدار" إلى كييف رغم الاعتراضات الروسية. وقبل الغزو، وقعت الشركة صفقة من أجل الإنتاج المشترك لمزيد من هذه المسيَّرات، وهو ما أغضب موسكو.
وقال مسؤول أمريكي لـ"وول ستريت جورنال" إن تركيا أكدت في مارس أن المزيد من الطائرات المسيرة سترسل قريباً إلى أوكرانيا.
وعند سؤاله بشأن ما إذا كانت أنقرة ستواصل تزويد كييف بالأسلحة بما في ذلك مسيرات "تي بي 2"، قال دمير إن "هناك أشياء تحدث، لكنني لست في وضع يسمح لي بالحديث عنها". وتابع: "لكن علينا أن نكون أكثر حذراً"، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.
ورفض المسؤولون الأوكرانيون والأتراك التعليق عن ما إذا كانت هناك أي شحنات أخرى لمسيرات "تي بي 2" في المستقبل، بحسب "وول ستريت جورنال"..
في المقابل، أوضح رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية أن بلاده لن تتردد في بيع أنواع أخرى من المعدات، من قبيل معدات الحماية ، إلى أوكرانيا.
وقال دمير: "يجب أن نكون قادرين على التحدث إلى كلا الجانبين، يجب أن تكون هناك دولة قريبةً بدرجة كافية من كلا الطرفين من أجل بناء الثقة"، مضيفاً أن أولوية تركيا هي " إحلال السلام" بين روسيا وأوكرانيا.
مخاوف أوكرانية
وجاءت تصريحات دمير في وقت أعرب فيه مسؤولون أوكرانيون عن قلقهم من أن تركيا تغير موقفها تدريجياً بشأن الحرب لصالح روسيا، بعدما كانت قد اتخذت خطوات ملموسة لدعم الجيش الأوكراني في الأيام الأولى من الغزو الروسي.
وفي مطلع مايو الجاري، قال سفير كييف لدى أنقرة إن تركيا من بين الدول التي تشتري الحبوب التي سرقتها روسيا من أوكرانيا، بحسب "رويترز".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أوكراني كبير قوله إن "أوكرانيا تتساءل عن ما إذا كانت تركيا بصدد تغيير موقفها؟". وأضاف المسؤول الأوكراني: "نعتقد أن تركيا تعطي الأولوية لمصالحها".
ولم ترد وزارة الخارجية التركية على طلب للتعليق بشأن الحبوب الأوكرانية ومخاوف كييف من تحول الموقف التركي لصالح روسيا، بحسب "وول ستريت جورنال".
وعلى الرغم من أن تركيا لم تشارك في العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على روسيا، إلا أنها منعت السفن الحربية الروسية من الوصول إلى البحر الأسود، وأغلقت المجال الجوي التركي أمام بعض الرحلات العسكرية الروسية من سوريا بناءً على طلب من أوكرانيا.
وتشكيك كييف في مواقف أنقرة يأتي بعدما كان مسؤولون أوكرانيون رحبوا في البداية بدور الحكومة التركية كميسر لمحادثات السلام، قائلين إن تركيا "تعتبر موقعاً أكثر حيادية للمفاوضات من الموقع الأصلي للمفاوضات"، التي انطلقت في بيلاروس، حليف روسيا الوثيق.
دور في أزمة الحبوب
في الأسابيع الأخيرة، سعت تركيا إلى التوسط في صفقة من شأنها أن تساعد في تصدير الحبوب وغيرها من المنتجات الغذائية الحيوية من أوكرانيا.
وتوقفت شحنات الحبوب الأوكرانية منذ الغزو الروسي وحصار الموانئ، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب وزيوت الطهي والوقود والأسمدة. وتسعى الأمم المتحدة إلى التوسط في اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية وصادرات الأغذية والأسمدة الروسية، التي تقول موسكو إنها تضررت بسبب العقوبات.
وفي هذا الإطار، نقلت محطة "خبر ترك" التلفزيونية التركية الثلاثاء عن مصادر بالرئاسة التركية قولها، إن وفداً عسكرياً تركياً سيتوجه إلى روسيا هذا الأسبوع لمناقشة تفاصيل ممر بحري محتمل في البحر الأسود لصادرات الحبوب الأوكرانية.
وقالت القناة إن اجتماعاً رباعياً بين تركيا وأوكرانيا وروسيا والأمم المتحدة سيعقد في إسطنبول في غضون عشرة أيام، وإن الرئيس رجب طيب أردوغان والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قد ينضمان إلى الاجتماع.
ونقلت القناة عن مصادرها إنه سيتم إنشاء ثلاثة ممرات بموجب الخطة في أربعة موانئ منفصلة في مدينة أوديسا الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، وسيتم شحن المنتجات الغذائية الأوكرانية والروسية من هناك، مشيرة إلى أنه من المتوقع شحن ما بين 30 و 35 مليون طن من الحبوب من
هناك في غضون ما يتراوح بين ستة وثمانية أشهر.
وأعلنت أنقرة الأسبوع الماضي نيتها إنشاء خطوط آمنة لنقل صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، دون الحاجة إلى إزالة الألغام البحرية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إنه "وفقاً لخطة الأمم المتحدة، فإن إزالة الألغام ستستغرق بعض الوقت، وبالتالي سيتم إنشاء 3 خطوط بحرية آمنة تمكن السفن من مغادرة الموانئ بشكل آمن".
وتراجعت صادرات أوكرانيا بشكل حاد هذا العام بينما تحاول نقل المواد الغذائية عبر مسارات بطيئة مستخدمة الطرق والأنهار والسكك الحديدية.