بعد تعليق العمل به.. ما هو مشروع الغاز الروسي "نورد ستريم 2"؟

time reading iconدقائق القراءة - 11
خبراء على متن سفينة فورتونا الروسية يقومون بأعمال إنشائية في خط أنابيب نوردستريم 2 فوق الماء في بحر البلطيق – سبتمبر 2021 - AFP
خبراء على متن سفينة فورتونا الروسية يقومون بأعمال إنشائية في خط أنابيب نوردستريم 2 فوق الماء في بحر البلطيق – سبتمبر 2021 - AFP
دبي -الشرق

منذ بدء الأزمة الأوكرانية، تمحورت التهديدات الغربية لروسيا حول عقوبات اقتصادية بالعزل من النظام المالي واستهداف المصالح الاقتصادية الروسية، لكن كثيراً من تلك التهديدات تعلق بفرض عقوبات على المشروع المثير للجدل منذ بدء بنائه خط أنابيب "السيل الشمالي 2" المعروف باسم "نوردستريم 2"، الذي ينقل الغاز الروسي لألمانيا.

وجاء إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز، الثلاثاء، عن اتخاذ خطوات لتعليق العمل بالخط ليضع ألمانيا التي كانت تعول على الخط لمضاعفة إمداداتها من الغاز، في موقف صعب مع اتخاذ الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، لأبعاد جديدة علقت عمل الخط الذي كانت تتوقع روسيا بدء ضخ الغاز فيه نهاية العام الماضي.

الجدل بشأن الخط الذي يعبر البلطيق لم يبدأ مع الأزمة الأوكرانية، إذ سبب انقساماً بين العواصم الأوروبية، وغذّى التوتر مع واشنطن لسنوات، خوفاً من منح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين نفوذاً أكبر في أوروبا وسط اتهامات لموسكو باستخدام الطاقة "سلاحاً" في وجه أوروبا.

ما هو مشروع "نورد ستريم 2"؟

يمتد "نورد ستريم 2" من الساحل الروسي عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، ويتكون من خطين بسعة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وتم الانتهاء من بنائه في أوائل سبتمبر 2021.

بلغت تكلفة الخط نحو 10 مليارات يورو، ويمتد لمسافة 1200 كيلومتر، وتم مد الخط بموازاة "نوردستريم 1" الذي دخل الخدمة في 2011.

وتصل السعة الاستيعابية للخطين إلى 110 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً وهو ما يعني أن "نوردستريم 2" كان سيضاعف إمدادات ألمانيا من الغاز، وتشكل الـ110 مليارات متر مكعب نحو ربع استهلاك أوروبا من الغاز سنوياً أو تزيد قليلاً على الربع.

 أهمية الخط لروسيا وألمانيا

ترغب روسيا في تشغيل الخط، إذ تستعيض به عن الخطوط البرية المتقادمة والتي أصبحت غير فعالة. 

كما أن تلك الخطوط البرية تمر عبر أوكرانيا وبولندا، ومقابل هذا المرور تتقاضي كييف ووارسو رسوماً باهظة تشكل مصدراً للدخل، وكانت هذه النقطة إحدى نقاط الخلاف بشأن "نورد ستريم 2" الذي يحرم الدولتين من رسوم العبور، خصوصاً أوكرانيا.

لماذا تدافع ألمانيا عن "نورد ستريم 2"؟

لطالما دافعت ألمانيا عن خط الأنابيب معتبرة أنه "مشروع تجاري بحت"، إذ تعتمد ألمانيا على الاستيراد لتوفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي مع تخليها عن الطاقة النووية وطاقة الفحم.

ويبلغ استهلاك ألمانيا المحلي سنوياً نحو 100 مليار متر مكعب، وتظهر بيانات مكتب التجارة والإحصاء الألماني، أن برلين استوردت بين يناير وأكتوبر 2021 نحو 119 مليار متر مكعب، لم تحدد منشأه رغم ذلك.

ولا يفي الإنتاج المحلي من الغاز بأكثر من 5% من احتياجاتها. وتعتمد ألمانيا على الغاز في توليد 15.3% من احتياجاتها من الكهرباء وتعتمد نصف البيوت الألمانية البالغة 41.5 مليون منزل على الغاز في التدفئة وكذلك عدد من الصناعات كصناعة السيراميك.

وبحسب بيانات نشرتها "رويترز" تتحصل ألمانيا على 32% من احتياجاتها من الغاز من روسيا، و11% من خط أنابيب من التشيك و20% من خط نرويجي، و12% من خط هولندي.

ويعني ذلك التوزيع أن ألمانيا لن يمكنها الاستغناء عن الغاز الروسي قبل سنوات حسبما ذكرت رويترز.

كيف يضر تشغيل الخط بأوكرانيا؟

يحرم تشغيل الخط أوكرانيا من عائدات سنوية لا تقل عن 1.5 مليار دولار تتقاضاها لقاء مرور الغاز الروسي عبر أراضيها.

كما تعارض بولندا ودول البلطيق المشروع بشدة، خوفاً من اكتساب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفوذاً أكبر على الدول التي تحررت من سيطرة موسكو مع نهاية الحرب الباردة.

لماذا عطلت ألمانيا بدء عمل الخط؟

في نوفمبر الماضي، علقت الوكالة الفيدرالية الألمانية لتنظيم الطاقة، آلية الترخيص لـ"نورد ستريم 2"، بسب عقبات قانونية تتعلق بالجهة المشغلة للخط، والتي يفرض القانون الألماني أن تكون الشركة المشغلة للجزء الألماني منه على الأقل ألمانية. ورأى الكرملين حينها أن لا أسباب سياسية وراء القرار.

من يدير الخط؟

يدير الخط الروسي "كونسورتيوم" مسجل في سويسرا تحت اسم "نورد ستريم إيه جي"، ومملوك لشركة "جازبروم" الروسية، وطلبت ألمانيا من تحالف الشركات تحويل أصوله وميزانيته إلى فرعها الألماني.

وإلى جانب مجموعة "جازبروم" العملاقة التي تملك حصة رئيسية في خط أنابيب الغاز، شارك في تمويل المشروع اتحاد دولي من 5 شركات يضم "إنجي" الفرنسية و"يونيبر" و"وينترشال" الألمانيتين و"أو إم في" النمسوية و"شل" الهولندية البريطانية.

من يعارض "نوردستريم 2"؟

تعارض الولايات المتحدة وبريطانيا وأوكرانيا وبولندا المشروع، وهدد الرئيس الأميركي جو بايدن في وقت سابق من الشهر الجاري، بأنه لن يكون هناك شيء اسمه "نورد ستريم 2" إذا غزت روسيا أوكرانيا.

وتعد الولايات المتحدة من أكبر الدول المعارضة للمشروع، وحاولت تعطيله من قبل بفرض عقوبات عليه وعلى السفن التي تسهم في بنائه، ولكنها استهدفت فقط الشركات الروسية المنخرطة بالمشروع دون الشركات الألمانية.

ووضع المشروع إدارة بايدن في مأزق، إذ اضطرت للتساهل معه رغم رفضها إياه رغبة في إصلاح العلاقات مع ألمانيا في بداية حكم إدارته بعد 4 سنوات تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، تدهورت فيها العلاقات مع حليف قوي للولايات المتحدة.

وتخشى الولايات المتحدة أن يزيد "نوردستريم2" النفوذ الروسي بأوروبا وهو ما قد "يضعف الاتحاد الأوروبي بزياد اعتماده على موسكو في إمدادات الطاقة". كما وصف بايدن خط الأنابيب بأنه "صفقة سيئة لأوروبا".

ويذكر أن الولايات المتحدة أحد مصدري الغاز الكبار لأوروبا لكن الغاز الروسي أرخص ثمناً.

ورغم المعارضة الأميركية، أعلنت الولايات المتحدة في مايو الماضي تخفيف العقوبات على خط الأنابيب سعياً لإعادة بناء العلاقات التي تضررت مع برلين، في خطوة انتقدها مشروعون في الكونجرس. 

ويعارض مشرعون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري المشروع، ويعتقدون أن العقوبات على السفن الروسية المشاركة فيه "لم تكن كافية".

وتنظر دول أوروبا الشرقية، إلى المشروع على أنه "وسيلة روسيا لاكتساب نفوذ جيوسياسي غير مبرر على أوروبا من خلال صادرات الطاقة، ومعاقبة كييف مالياً في غضون هذه العملية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات