
بدأ الناخبون في بيرو، الأحد الإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة، للاختيار بين اليمينية الشعبوية كيكو فوجيموري، واليساري المتشدد بيدرو كاستيّو.
وأفادت وكالة "فرانس برس" بأنه على الرئيس الجديد التعامل مع بلد يعاني من ركود اقتصادي، وأسوأ معدل للوفيات في العالم، نتيجة فيروس كورونا الذي حصد أرواح 184 ألف شخص، علماً بأن عدد سكانها يبلغ 33 مليون نسمة.
وبعد تعاقب 4 رؤساء في السنوات الثلاث الماضية، وإدانات في قضايا فساد، أو إجراء تحقيقات في هذا الصدد، طاولت 7 من آخر 10 رؤساء حكموا البلاد، يتطلّع المواطنون إلى الرئيس القادم، لإنهاء ذلك.
وفي ذروة عاصفة سياسية اجتاحت البلاد، في نوفمبر الماضي، حكم بيرو 3 رؤساء مختلفين خلال 5 أيام، في الوقت ذاته، خسر 2 مليون مواطن وظائفهم جراء جائحة كورونا، فيما يعاني ثلث السكان الآن من الفقر، كما تفيد أرقام رسمية.
برنامجان متباينان
وأشارت "فرانس برس" إلى دهشة واكبت تصدّر فوجيموري (46 عاماً) وكاستيّو (51 عاماً) نتائج الجولة الأولى من الانتخابات، التي أجريت في أبريل الماضي.
واعتبرت الوكالة، أنه على الناخبين الاختيار بين برنامجين اقتصاديين وسياسيين متناقضين، مشيرة إلى أن آخر استطلاع للرأي أظهر أن كاستيّو يتقدّم بنقطتين مئويتين، لكن 18% من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد، في بلد يُعدّ فيه التصويت إلزامياً.
وتمثّل فوجيموري، ابنة الرئيس السابق ألبيرتو فوجيموري، المسجون الآن بتهم فساد وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، نموذج الاقتصاد النيوليبرالي القائم على خفض الضرائب وتعزيز القطاع الخاص، بهدف إيجاد الوظائف.
في المقابل تعهد أستاذ المدرسة النقابي كاستيّو، بتأميم القطاعات الحيوية وزيادة الضرائب، وإلغاء الإعفاءات الضريبية وزيادة الضوابط الحكومية.
وسعت فوجيموري، المرشحة المفضلة لقطاع الأعمال والطبقة المتوسطة، إلى تصوير خصمها على أنه تهديد شيوعي، مشيرة إلى أن فوزه سيحوّل بيرو إلى بلد أشبه بفنزويلا أو كوريا الشمالية.
لكن كاستيّو ذكّر بتاريخ أسرة فوجيموري، الملطّخ بفضائح فساد، وتخضع كيكو حالياً لتحقيق بشأن قبولها تمويلاً غير قانوني لحملتيها الانتخابيتين، عامَي 2011 و2016، وقضت 16 شهراً في السجن، قبل محاكمتها. أما والدها، فيقضي عقوبة السجن 25 سنة.
"أهون الشرّين"
وذكرت "فرانس برس" أن الكثير من المواطنين يعتبرون أنهم مضطرّون لاختيار "أهون الشرّين" في الانتخابات.
ونقلت عن سائق شاحنة مقيم في ليما، يُدعى جوني سامانييغو (51 عاماً)، قوله: "لا أرغب في التصويت، لا يستحق أيّ منهما ذلك، لكن كاستيّو مثير للذعر بالنسبة ليّ، ولذلك سأصوّت لفوجيموري".
وقالت بائعة الفاكهة مارتا هوامان (27 عاماً) في تاكابامبا، الواقعة في منطقة كاخاماركا حيث يقيم كاستيّو: "سئمنا من الحكام ذاتهم، نريد أن تتغيّر بيرو".
وتحدث الكاهن الإنجيلي فيكتور سييزا ريفيرا عن "حلم بالنسبة إلينا"، مضيفاً: "إنها صحوة، نشعر بسعادة بالغة كوننا مع كاستيّو" الذي تصلّي زوجته، ليليا باريديس، في كنيسة ريفيرا.
وأشارت "فرانس برس" إلى أن الفائز في الانتخابات سيواجه صعوبة في الحكم، نظراً للانقسام في الكونغرس، إذ إن حزب كاستيّو "بيرو الحرة" هو الأكبر، متفوّقاً بفارق ضئيل على حزب فوجيموري "القوة الشعبية"، لكنه لا يحظى بأغلبية.
"استقطاب شديد"
ونقلت الوكالة عن الخبيرة في العلوم السياسية جيسيكا سميث، قولها إن "الأمر لن يكون سهلاً"، في حال فوز فوجيموري، نظراً إلى "انعدام الثقة الذي يثيره اسمها واسم عائلتها في قطاعات عديدة". وتابعت: "سيتوجّب عليها المسارعة إلى تهدئة الأسواق وابتكار وسائل لإعادة تنشيطها". وزادت أن على كاستيّو "تحقيق أغلبية برلمانية تتيح له تطبيق برنامجه الطموح"، إذا فاز في الاقتراع.
لكن المحلل لويس باساراينديكو اعتبر أن "تهدئة الأوضاع ستستغرق وقتاً، نظراً للاستقطاب الشديد وأجواء الصراع الاجتماعي" في البلاد، أياً تكن النتيجة.
وذكرت "فرانس برس" أن السلطات نشرت حوالى 16 ألف شرطي لضمان أمن الانتخابات، التي سيشارك فيها حوالى 25 مليون شخص، إضافة إلى حوالى مليون مغترب في 75 بلداً.
وسيتولى الرئيس الجديد الحكم في 28 يوليو المقبل، مكان الرئيس المؤقت الوسطي فرانسيسكو ساغاستي.
اقرأ أيضاً: