اعتبر موقع "بوليتيكو" أن المستقبل السياسي للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لا يزال مجهولاً، رغم تبرئته من اتهامه بـ"التحريض على التمرد"، إثر اقتحام مؤيدين له مقر الكونغرس، في 6 يناير الماضي، لمنع المصادقة على انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة.
ووَرَدَ في بيان أصدره ترمب، مخاطباً أنصاره بعد تبرئته: "في الأشهر المقبلة لديّ الكثير لأشاركه معكم، وأتطلّع إلى مواصلة رحلتنا المذهلة معاً، لتحقيق العظمة الأميركية لجميع أفراد شعبنا. لم يكن هناك شيء من هذا القبيل!".
لكن "بوليتيكو" تحدثت عن "عدم يقين يلوح في الأفق، تقريباً بشأن كل جوانب المستقبل السياسي للرئيس السابق، بدءاً من القضايا التي سيتبناها، إلى مستوى نفوذه داخل الحزب الجمهوري، وإلى احتمال أن يواجه تهماً جنائية، أو يشهد تضاؤلاً في تأييد ناخبين، في إطار محاولته الترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة المرتقبة في عام 2024.
وأضاف الموقع أن حالة عدم اليقين بشأن مستقبل ترمب هي "مروعة، استفزازية ومشلّة" بالنسبة إلى كثيرين من الجمهوريين. وتابع أن الرئيس السابق تعهد بمساعدة الحزب الجمهوري للسيطرة مجدداً على الكونغرس، في انتخابات التجديد النصفي المرتقبة في نوفمبر عام 2022، مستدركاً أنه يريد أيضاً "الانتقام من 10 نواب جمهوريين صوّتوا لعزله في مجلس النواب"، ومرجحاً أن يكنّ "العداء ذاته للجمهوريين السبعة في مجلس الشيوخ، الذين صوّتوا بإدانته" السبت.
"العالم تجاوز ترمب"
وتعهد ترمب بمواصلة إصلاحات انتخابية، بعد إصراره على أن انتخابات 2020 شهدت تزويراً، لكنه بذلك يجازف بـ"انقسام هائل في الحزب الجمهوري، الذي يعاني من انقسام عميق، نتيجة اتهامات الرئيس السابق، من دون دليل، بتزوير الانتخابات"، وفق "بوليتيكو".
وتابع الموقع أن حلفاء ترمب ليسوا متأكدين من مدى نجاحه في أي من هذه المشاريع، لا سيّما بعد محاكمة عزل قد تكون "مسّت سمعته بشدة".
وقال براين لانزا، وهو مستشار سابق لترمب، إن "100% (من محاكمة العزل) تمسّ ترمب سلباً، لا إيجاباً"، ملمّحاً إلى أن النفوذ الضخم للرئيس السابق لدى قاعدة الحزب الجمهوري، بدأ بالتلاشي. وأضاف: "العالم تجاوزه، ويتحرّك بسرعة أكبر، بعد حرمانه من تويتر".
لكن آخرين يعتبرون أن تبرئة ترمب لن تؤدي سوى إلى تعزيز مكانته في الحزب، وتوجيه رسالة مفادها بأن ترمب، وتياره، هما القوة المهيمنة في سياسة الحزب الجمهوري. ونقل "بوليتيكو" عن مساعد سابق في حملة ترمب قوله: "لن يغيّر ذلك محاولته لعام 2024. قاعدته ستتشجّع، فيما أن منتقديه سيكرهونه أكثر".
اتهامات جنائية
ونجح المدعون الديمقراطيون، خلال المحاكمة، في إقناع 7 من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ بإدانة ترمب، علماً بأنهم احتاجوا إلى 17 صوتاً لإدانته.
ورغم تصويت زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بتبرئة ترمب، مشيراً إلى مخاوفه بشأن دستورية عزل رئيس سابق، لكنه أوضح لاحقاً ازدراءه لسلوك الأخير، قائلاً: "لا يزال ترمب مسؤولاً عن كل ما فعله عندما كان في منصبه. لم يفلت من أي شيء بعد. لدينا نظام عدالة جنائية في هذا البلد، ودعاوى مدنية. والرؤساء السابقون ليسوا في مأمن من المساءلة بأيّ منهما".
وأشار "بوليتيكو" إلى أن ترمب يواجه "شبكة من التحقيقات، في سلوكه (أثناء عهده) وممارسات تجارية سابقة"، بعد انتهاء الحماية القانونية الممنوحة للرؤساء الذين يمارسون مهماتهم، ضد الملاحقة الجنائية الفيدرالية.
وأعلن قبل أيام المدعون العامون في جورجيا، فتح تحقيق في محاولات الرئيس السابق قلب نتائج الانتخابات في الولاية، بما في ذلك خلال "اتصال هاتفي تهديدي"، في 2 يناير الماضي، مع الأمين العام في جورجيا براد رافينسبيرغر. وقد يتيح التحقيق توجيه اتهامات جنائية لترمب، من سلطات الولاية وتلك المحلية.
وقد يواجه الرئيس السابق أيضاً اتهامات جنائية في واشنطن العاصمة، إذا قرر المدعي العام للمدينة، كارل راسين، متابعة قضية ضده، لدوره المزعوم في اقتحام مبنى الكابيتول. وأفادت معلومات بأن راسين يدرس هذا الأمر، حتى قبل تصويت مجلس الشيوخ بتبرئة ترمب.
"وحدة" الحزب الجمهوري
وبعدما شكا ترمب، إثر تبرئته، من "تحويل العدالة إلى أداة لانتقام سياسي، واضطهاد"، استخدمت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري ذلك السبت، في رسالة لجمع التبرعات، سعت إلى إظهار وحدة الحزب، رغم أن جمهوريين في مجلس الشيوخ صوّتوا ضد الرئيس السابق. ووَرَدَ في الرسالة: "بُرئ في النهاية! انتهى أخيراً أضخم سيرك سياسي في كل العصور، ونريد أن نوجّه رسالة، مفادها بأن الحزب الجمهوري أقوى من أي وقت".
وذكّر "بوليتيكو" بمعلومات أفادت، قبل يوم من تبرئة ترمب، بأن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام سيلتقي الرئيس السابق قريباً، لمناقشة دوره في الحزب الجمهوري، ومستقبل الحزب.