الشركات الأميركية في هونغ كونغ تطالب بكين بتطمينات بشأن الوصول للإنترنت

time reading iconدقائق القراءة - 8
قارب يمرّ أمام مبنى الجيش الصيني في هونغ كونغ - 1 يوليو 2021 - Bloomberg
قارب يمرّ أمام مبنى الجيش الصيني في هونغ كونغ - 1 يوليو 2021 - Bloomberg
دبي - الشرق

تسعى الشركات الأميركية إلى تطمينات من الصين، بشأن منع أي تآكل لبيئة الأعمال في هونغ كونغ، بما في ذلك ما يتعلّق بالوصول إلى الإنترنت، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".

جاء ذلك بعدما أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة الماضي، نصيحة للشركات العاملة في هونغ كونغ، تحذرها من "أخطار متزايدة" يشكّلها قانون الأمن الوطني، الذي فرضته بكين في المدينة العام الماضي. وتبرز هذه النصيحة مخاوف مرتبطة بخصوصية البيانات، والشفافية، والوصول إلى المعلومات التجارية المهمة، فضلاً عن الأخطار الناجمة عن التعامل مع مسؤولين وكيانات في هونغ كونغ، يخضعون لعقوبات أميركية.

ونقلت "بلومبرغ" عن تارا جوزيف، رئيسة غرفة التجارة الأميركية في هونغ كونغ، قولها إن الشركات تدرك أن المدينة لا تزال مكاناً جيداً للاستقرار فيه، مستدركة أنها تأمل بأن تتمكّن حكومتا الصين وهونغ كونغ من ضمان القوانين التي تؤمّن وصولاً غير مقيّد إلى الإنترنت، والحفاظ على التدفق الحرّ للمعلومات.

وأضافت: "إحدى السمات الأساسية لهونغ كونغ، هي أن المرء يستطيع دخول (موقعَي) غوغل وفيسبوك، وأي منصة أخرى يريدها، في مقابل ما يمكنه فعله في الصين القارية. لذلك أعتقد بأهمية أن تدرك الحكومة ذلك، وأن تكون منفتحة وتقول إننا سنحافظ على هذا التدفق الحرّ للمعلومات".

جرس إنذار

وأشارت جوزيف إلى أن النصيحة التي أصدرتها الخارجة الأميركية، لم تتضمّن معلومات كثيرة، تشكّل مفاجأة للشركات العاملة في هونغ كونغ، مستدركة أنها لا تزال بمنزلة جرس إنذار. وتابعت: "ليس معتاداً أن تقدّم الحكومة الأميركية نصيحة للأعمال التجارية. لذلك فإن هذا الأمر هزّ أي شخص لم يكن على دراية بالتغييرات، أو الوضع الجديد الذي نشهده في هونغ كونغ".

وزادت: "بالنسبة إلى أعضائنا وأغلبية الشركات الموجودة هنا، كنا نتعايش مع هذا الأمر لفترة من الوقت. لذلك ندرك تماماً ما يحدث على الأرض، ونهيئ أنفسنا للتعامل معه. لكن هناك أخطاراً متزايدة".

ولفتت جوزيف إلى أن قانون الأمن الوطني لم يمسّ بعد البيئة القانونية، بطريقة تؤثر في العمليات التجارية للشركات الأميركية، مستدركة أن التأثير الواسع للتشريع أثار مخاوف. وأضافت: "سيادة القانون مهمة جداً بالنسبة إلى الشركات هنا. ولذلك على المرء أن يستخلص ما إذا كان قانون الأمن الوطني يستغلّ أي جانب آخر من القانون، يمسّ الشركات، مثل القانون التجاري. لا شيء واضحاً الآن في هذا الصدد، لكنه يجعل الناس يتساءلون عن هذه الأمور".

"أقوى سوق استهلاكية"

في السياق ذاته، أوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن رجال أعمال في هونغ كونغ ذكروا أنهم كانوا على دراية بالأخطار، وشكوا من أن تحذير الخارجية الأميركية يصعّب عليهم إقناع المكاتب الرئيسة بالفوائد المستمرة للعمل في المدينة. ونقلت عن شخص مقرّب من الشركات الأميركية قوله إن "مجتمع الأعمال لا يحتاج إلى (الوزارة) لإخباره بوجود أخطار، أو كيفية إدارتها".

وقال عضو في مجتمع الأعمال الأميركي في هونغ كونغ، إن كثيرين "مرعوبون" من إقدام الشرطة على نقل ناشطين مؤيّدين للديمقراطية، في شاحنات صغيرة لا تحمل لوحات، مستدركاً أنهم لا يرون أن لذلك علاقة بأعمالهم.

كذلك شدد مصرفي أميركي في هونغ كونغ، على أن "أكثر من 90%" من أضخم 500 شركة في العالم، "موجودة في هونغ كونغ، ولن تذهب إلى أي مكان"، وزاد: "لا تزال الصين تشكّل أقوى سوق استهلاكية في العالم".

لكن مسؤولين أميركيين اعتبروا أن الصين "لا تستطيع أن تسير في اتجاهين"، وأصرّوا على أن الوضع السياسي سيمسّ بيئة الأعمال. ونقلت "فايننشال تايمز" عن مسؤول قوله إن الرئيس الأميركي جو بايدن أصدر بيان الاستشارة، جزئياً، لأنه شعر بأن الشركات لا تتعامل بجدية مع الأخطار المتزايدة. وقال مسؤول أميركي آخر: "إن فرض نظام البرّ الرئيس (على هونغ كونغ) لا يتوافق" مع كونها مركزاً مالياً دولياً جذاباً.

ترقب لقوانين أخرى

وأشارت الصحيفة إلى أن الشركات في المدينة تحاول التكيّف مع النظام الأمني، إذ درّبت موظفين على كيفية التصرّف، إذا دهمت السلطات مكاتبهم وطالبتهم بوثائق، من دون أوامر قضائية. وأضافت الصحيفة أن شركات نقلت خوادمها إلى الخارج، تجنّباً للاحتفاظ ببياناتها في المدينة.

وتسعى حكومة هونغ كونغ إلى فرض قوانين أخرى، تثير مزيداً من القلق. وأكدت الجمعة أنها ستلجأ إلى قوانين صارمة لمكافحة الاستقصاء، والتي أثارت تفاصيلها قلقاً لدى شركات التكنولوجيا الأميركية، مثل "غوغل" و"فيسبوك". وبموجب هذه القوانين، التي ستُطبق خارج نطاق القضاء، قد يواجه موظفون السجن، إن لم يحذفوا مواد منشورة على الإنترنت، بموجب أوامر من مفوّض الخصوصية في المدينة.

ورغم تحذيرات الولايات المتحدة، لم يكن هناك أي مؤشر على تغيير في المسار، من الصين وحكومة هونغ كونغ. وقال وزير التجارة في المدينة، إدوارد ياو: "إن أقوال قادة الأعمال الأجانب، وأفعالهم، تثبت تماماً أن بيئة الأعمال في هونغ كونغ لم تتقوّض بعد تطبيق (قانون الأمن الوطني). على العكس من ذلك، فقد أصبحت أفضل".

"نمر من ورق"

ولم يتضمّن التحذير الذي أصدرته إدارة بايدن، أي التزامات قانونية جديدة للشركات الأميركية، رغم أن واشنطن فرضت عقوبات على 7 مسؤولين صينيين في هونغ كونغ، في خطوة اعتبرت وسائل إعلام رسمية صينية أنها أظهرت الولايات المتحدة بوصفها "نمراً من ورق".

وقال كورت تونغ، القنصل العام السابق للولايات المتحدة في هونغ كونغ: "تكتشف الحكومة الأميركية أن هناك وسائل ضئيلة لمعاقبة الصين على نكث وعودها، بطريقة خاصة بهونغ كونغ، من دون الإضرار بالمصالح الأميركية وسكان" المدينة.

واعتبر دوغلاس أرنر، وهو أستاذ في القانون وخبير في التنظيم المالي بجامعة هونغ كونغ، أن تطبيق قوانين مكافحة العقوبات في المدينة قد يرغم شركات على فصل عملياتها في الصين وهونغ كونغ، عن بقية أعمالها في العالم.

لكن كريستين سافاج، وهي خبيرة في العقوبات، حذرت من عدم وجود ضمان بأن هذه الخطوة ستحمي الشركات من إجراءات عقابية محتملة تتخذها بكين. وتابعت: "ثمة قلق بالتأكيد من إجراءات انتقامية، (لأن) قانون الأمن الوطني يتضمّن لغة توحي بإمكان محاسبة المرء في الصين، على إجراءات يتخذها خارجها".

اقرأ أيضاً: