اعتبر يانج جيتشي، أبرز الدبلوماسيين الصينيين وعضو المكتب السياسي بالحزب الشيوعي الحاكم، أن المشكلات القديمة في العلاقات بين بكين وطوكيو "متشابكة مع مشكلات جديدة"، مشدداً على أن "تجاهل التحديات ليس ممكناً إذا رغب الجانبان في إقامة علاقات صحية".
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية، أن يانج، الذي تحدث هاتفياً مع مستشار الأمن القومي في اليابان تاكيو أكيبا، قال إنه على البلدين أن "يدركا الاتجاه الصحيح، ويدعما تعاوناً مربحاً للطرفين، ويركّزا على المدى البعيد، ويعزّزا الأمن ويبنيا ثقة متبادلة".
وأكد يانج أنه على البلدين أن يعملا سوياً لضمان علاقات "مستقرة وصحية ومرنة" خلال الأعوام الخمسين المقبلة، و"الحفاظ على السلام والازدهار الإقليميين بشكل مشترك".
توتر صيني ياباني
ويصادف العام الجاري، الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين طوكيو وبكين. وشهدت العلاقات بين البلدين توتراً، إذ دفعت اليابان بمقاتلات بعد اقتراب طائرات حربية صينية وروسية من مجالها الجوي الشهر الماضي، خلال استضافتها قمة لقادة تحالف "الرباعية" (كواد)، إضافة إلى مخاوف قديمة بشأن غزو صيني محتمل لتايوان.
وقال وزير الدفاع الياباني نوبو كيشي، إن طوكيو أبلغت روسيا والصين "قلقها البالغ" من هذه الطلعات، التي اعتبرها "استفزازاً". وأضاف: "بينما يردّ المجتمع الدولي على العدوان الروسي على أوكرانيا، فإن قيام الصين بعمل مماثل بالتعاون مع روسيا المعتدية، يدعو للقلق. لا يمكن التغاضي عن ذلك".
وأعلن قادة "كواد"، التي تضمّ الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، معارضتهم لكل محاولات "تغيير الوضع القائم بالقوة، خصوصاً منطقة المحيطين الهندي والهادئ"، لكنهم تجنّبوا إدانة الصين أو روسيا علناً.
وشارك في القمة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز. وتسعى الدول الأربع إلى تعزيز تحالفها، ليشكّل ثقلاً موازياً أمام النفوذ العسكري والاقتصادي المتزايد للصين.
معاهدة يابانية أسترالية
جاء ذلك بعدما أعرب كيشيدا عن خيبة أمله، إزاء جهود بكين لتطوير مناطق في بحر الصين الشرقي، معتبراً أن الأمر "غير مقبول"، علماً أن ثمة نزاعاً بين البلدين بشأن جزر تديرها طوكيو في هذا البحر وتطالب بكين بالسيطرة عليها.
وخلال لقائه بايدن في طوكيو الشهر الماضي، أشار كيشيدا إلى أن البلدين "يواجهان تحديات أمنية في المحيطين الهندي والهادئ"، مضيفاً أنهما "سيراقبان نشاطات البحرية الصينية". وتابع: "نعارض بشدة محاولات تغيير الوضع القائم بالقوة في بحرَي الصين، الشرقي والجنوبي". وزاد: "اتفقنا على التعامل معاً مع مختلف القضايا المتعلقة بالصين، بما في ذلك حقوق الإنسان".
في يناير الماضي، وقّع كيشيدا ورئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون، معاهدة اعتُبرت "تاريخية" لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين. في المقابل، رأت الصين أن "المبادلات والتعاون بين الدول يجب أن تفضي إلى تعزيز التفاهم والثقة المتبادلة، بدلاً من استهداف أو تقويض مصالح طرف ثالث".
"مفترق طرق"
وفي أبريل الماضي، أشار السفير الصيني في طوكيو، كونج شوانيو، إلى إحباط بلاده من حكومة كيشيدا، نتيجة تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة ضد الصين.
وقال في خطاب افتراضي أمام أكثر من 100 من رواد الأعمال اليابانيين: "إذا كان بعضهم في اليابان مهووساً برؤية جيوسياسية ضيّقة وعقلية الحرب الباردة المتمثلة في صدام بين معسكرات، فسيكره الصين ويعتبرها تهديداً أو حتى عدواً، وينطلق في المسار الخطأ لتحريض نفسه ضد جيرانه".
ونبّه إلى أن وضع العلاقات الثنائية "بعيد كل البعد عن المثالية، حيث تتشابك ملفات بارزة قديمة وجديدة مع بعضها بعضاً"، وتابع: "نحن على مفترق طرق، حيث إما أن نمضي قدماً وإما أن نتراجع".
مجلة "ذي ديبلومات" اعتبرت أن العلاقات بين الصين واليابان تطرح "المشكلة الأكثر خطورة في آسيا"، مشيرة إلى أن البلدين يتقاتلان منذ ألف سنة". وتساءلت: "ماذا لو كرّر هذا النمط نفسه؟".
وأضافت: "في ضوء عدم قدرتهما على التعايش بشكل متناغم جنباً إلى جنب في الألفية السابقة أو نحو ذلك، هل يمكننا حقاً أن نرى وسائل يمكن من خلالها للصين القوية واليابان القوية أن تتعايشا جنباً إلى جنب من دون صراع في القرن الحادي والعشرين؟". واعتبرت المجلة أن تحقيق ذلك سيتعارض مع "نمط تاريخهما الكامل مع بعضهما بعضاً".
اقرأ أيضاً: