أفغانستان تواجه خطر العتمة بسبب "طالبان"

time reading iconدقائق القراءة - 7
رجل يقف على تلة مطلة على العاصمة الأفغانية كابول- 13 أبريل 2013 - REUTERS
رجل يقف على تلة مطلة على العاصمة الأفغانية كابول- 13 أبريل 2013 - REUTERS
دبي-الشرق

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن أفغانستان قد تغرق في ظلام دامس مع بداية فصل الشتاء، لأن حركة "طالبان" الحاكم الجديد للبلاد "لم تسدد مستحقات شركات الكهرباء في آسيا الوسطى، ولم تستأنف جباية الفواتير من المستهلكين". 

وحذرت الصحيفة من وقوع "كارثة إنسانية" في حال عدم مواجهة هذه الأزمة، وهو تحذير نقلته عن الرئيس التنفيذي السابق لشركة "دا أفغانستان بريشنا" التي تحتكر توزيع الكهرباء في البلاد.

وقال داود نورزاي، الذي استقال من منصبه بعد أسبوعين فقط من استيلاء "طالبان" على السلطة في 15 أغسطس، لكنه لا يزال على اتصال وثيق مع من تبقى من موظفي الإدارة في الشركة، إن "التداعيات ستعم كافة أرجاء البلاد، وخصوصاً العاصمة كابول".

وأضاف: "سيعم الظلام، وستعود أفغانستان إلى العصور المظلمة في ما يتعلق بالكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية.. الوضع بالغ الخطورة". 

مصادر الكهرباء

وبحسب "وول ستريت جورنال"، تفتقر أفغانستان إلى "شبكة كهرباء وطنية" منتظمة، فيما تعتمد كابول بشكل شبه كامل على "الطاقة المستوردة من آسيا الوسطى". 

وتغطي واردات الكهرباء من أوزبكستان وطاجيكستان وتركمانستان "نصف استهلاك الطاقة" في أفغانستان، فيما توفر إيران "إمدادات إضافية للجزء الغربي من البلاد". 

وأشارت الصحيفة إلى أن الإنتاج المحلي، الذي يصدر معظمه عن محطات الطاقة الكهرومائية، "تأثر بشدة بموجة الجفاف التي أصابت البلاد هذا العام". 

خطر محدق

وقالت "وول ستريت جورنال"، إنه في الوقت الراهن، تتوافر الطاقة الكهربائية في العاصمة الأفغانية، لكن من المرجح أن يصل هذا الأمر إلى نهاية مفاجئة في حال قرر مورّدو آسيا الوسطى، وخصوصاً طاجيكستان التي تشهد علاقاتها مع "طالبان" تدهوراً سريعاً، قطع الإمدادات عن "دا أفغانستان بريشنا" بسبب عدم سداد المستحقات. 

ونقلت عن صفي الله أحمدزاي، كبير مسؤولي التشغيل في "دا أفغانستان بريشنا"، الذي استمر في عمله كرئيس تنفيذي بالإنابة حتى تم استبداله بعالم دين ينتمي لـ"طالبان"، إنه "يحق لدول الجوار الآن قطع الكهرباء عنا بموجب العقد المبرم بيننا". لكنه أضاف: "نحاول إقناعهم بعدم الإقدام على ذلك عبر بذل الوعود بسداد مستحقاتهم". 

ولا يزال عدد من فريق الإدارة القديم لـ"دا أفغانستان بريشنا" في مواقعه داخل الشركة، إلا أن "طالبان" استبدلت مديري الولايات الكبرى بـ"علماء دين"، مع الاحتفاظ بالمديرين التنفيذيين للشركة "كنواب مديرين"، بحسب أحمدزاي. 

ولم يستجب مكتب الناطق باسم "طالبان" والناطق باسم وزارة الطاقة والمياه في الحكومة الطالبانية الجديدة، لطلبات "وول ستريت جورنال" للتعليق. 

الجباية متوقفة 

وفقاً لما قاله مسؤولون في "دا أفغانستان بريشنا" للصحيفة، فقد "تقلص التحصيل من المستهلكين بنسبة 74% الشهر الماضي"، حيث انخفضت إيرادات الشركة إلى "8.9 مليون دولار فقط منذ 15 أغسطس الماضي". 

وقالت الصحيفة إنه مع توقف الوزارات الحكومية لأشهر عن دفع الرواتب وإصابة النظام المصرفي بالشلل التام بعد استيلاء "طالبان"، "لا يتوافر لدى كثير من الأفغان سبل دفع فواتير الكهرباء المستحقة عليهم"، والتي تتراوح بين 6 دولارات و12 دولاراً لأسرة مكونة من 8 أفراد.

ونقلت عن مواطنين أفغان قولهم إن دخلهم تدهور بعد استيلاء "طالبان" على السلطة، وبات عليهم اختزال الوجبات الغذائية لتأمين ثمن فاتورة الكهرباء. وتخوف أحدهم من أنه "في حال قطعوا عنا الكهرباء، سيتعين علينا العودة بالزمن إلى الوراء، واستخدام الزيت للإضاءة والتدفئة في البيوت". 

خياران للإنقاذ

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي استولت فيه "طالبان" على السلطة، كان لدى شركة "دا أفغانستان بريشنا" قرابة 40 مليون دولار نقداً في حساباتها، وهي أموال ترفض "طالبان"- المتعطشة للمال بسبب العقوبات الدولية- استخدامها في سداد فواتير مورّدي الطاقة.

وقال أحمدزاي للصحيفة إنه منذ ذلك الحين، فإن التزامات "دا أفغانستان بريشنا" تضاعفت إلى أكثر من 90 مليون دولار، ولا تزال آخذة في الارتفاع. 

وأوضح أحمدزاي أن "دا أفغانستان بريشنا" بحاحة ماسة لضخ 90 مليون دولار بشكل عاجل لتفادي الانهيار. وحضّ المانحين الدوليين إما على "تسوية متأخرات الشركة مباشرة مع دول آسيا الوسطى" أو على "تغطية فواتير المستهلكين الأفغان غير المسددة". 

وشدد أحمدزاي على أن "هذه ليست قضية سياسية، وإنما سداد مباشر لديون الشعب الأفغاني الفقير، وليس الحكومة"، مشيراً إلى أن "الكهرباء ضرورية للحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد".

بدوره، قال نورزاي إن "التسعير المتميز" في اتفاقيات شراء مواد الطاقة الحالية مع دول آسيا الوسطى يواجه "خطراً بالغاً" ما لم تتم تسوية المتأخرات بسرعة، موضحاً أنه "ما لم نسدد في الموعد المحدد، فإننا نتخلى عن التزاماتنا ونخالف نصوص العقود التي أبرمناها". وعلى غرار المعمول به في الأسواق المالية، "سيصبح لزاماً عليك تعويض العميل عن المخاطر التي تَعرّض لها بزيادة الأسعار المتفق عليها". 

عامل ضغط على "طالبان"

وبحسب "وول ستريت جورنال"، كان المجتمع الدولي تعهد بتقديم أكثر من مليار دولار كمساعدات طارئة لأفغانستان، خلال مؤتمر نظمته الأمم المتحدة الشهر الماضي. لكن دبلوماسياً غربياً صرح للصحيفة بأن "المانحين لا يريدون أن يروا الأموال المخصصة لإنقاذ حياة الشعب الأفغاني تذهب إلى شركات توليد الكهرباء في آسيا الوسطى بدلاً من ذلك". 

وأضاف أن "الأمر متروك لدول آسيا الوسطى لاستخدام الأموال المستحقة كوسيلة للضغط على نظام طالبان الجديد". 

اقرأ أيضاً: