بعد قيود وعقوبات على النشر.. وسائل إعلام عالمية تهجر روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
مجلس الدوما الروسي - REUTERS
مجلس الدوما الروسي - REUTERS
دبي -الشرق

تسببت مصادقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون يتعلق بالمسؤولية الجنائية لنشر أخبار تمس القوات المسلحة الروسية، في تعليق عمل مراسلي عدد من وسائل الإعلام العالمية في موسكو لتغطية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وينص القانون الجديد على عقوبات تصل إلى 3 سنوات أو غرامات لنشر ما تعتبره السلطات "أخباراً كاذبة" عن الجيش، لكن العقوبة القصوى تصل إلى 15 عاماً، للحالات التي يعتقد أنها أدت إلى "عواقب وخيمة"، حسبما نقلت وكالة "تاس" الروسية عن بيان للكرملين.

وأعلنت شبكات "بلومبرغ" و"سي إن إن" و"بي بي سي" وهيئة الإذاعة الكندية "سي بي سي"، تعليق أعمالها في روسيا، كما اختارت وسائل إعلام معروفة داخل روسيا الإغلاق من بينها موقع "زناك" الإخباري، ومحطة الإذاعة الروسية الكبيرة المستقلة إيخو موسفكي، وقناة "دوجد" التلفزيونية المستقلة بعد تلقيها تهديداً بالإغلاق من السلطات.

وبرر رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين في جلسة مجلس النواب القوانين الجديدة بأنها "ضرورية لتلقي معلومات محايدة من أجل حماية المواطنين والبلد من الأكاذيب التي تتدفق أولاً من خلال مصادر المعلومات من الخارج"، بحسب قوله.

عقوبات كبيرة

وتضمن القانون مواد تستهدف "النشر العام لمعلومات خاطئة عن عمد حول القوات المسلحة الروسية"، ووصلت عقوبتها إلى السجن 3 سنوات، أو دفع غرامة تصل إلى 1.5 مليون روبل.

وتصاعدت العقوبات في حال الانتهاك بـ"استخدام تصريحات منسوبة لمنصب رسمي، أو لأسباب تتعلق بالمرتزقة، أو على أساس الكراهية أو العداء السياسي أو الأيديولوجي أو العرقي أو الإثني أو الديني"، لتصل إلى السجن مدة تصل إلى 10 سنوات أو بغرامة قدرها ما يصل إلى 5 ملايين روبل.

ووصلت العقوبة القصوى في القانون إلى السجن 15 عاماً "إذا ترتب على هذه المعلومات المزيفة عواقب وخيمة".

وتصف وسائل الإعلام الحكومية، غزو روسيا لأوكرانيا، بأنه "عملية عسكرية خاصة" وليس "حرباً" أو "غزواً"، كما تشجب السلطات الروسية مراراً تقارير عن انتكاسات عسكرية روسية، أو مقتل مدنيين في أوكرانيا، وتصفها بأنها "أخبار كاذبة"، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

استهداف المراسلين

واتجهت وكالة بلومبرغ، الجمعة، إلى إعلان تعليق نشاط صحافييها في روسيا، بعدما أقرت موسكو مبدأ فرض عقوبات جزائية قاسية في حال نشر "معلومات كاذبة" عن الجيش وغزو أوكرانيا.

وقال رئيس تحرير الوكالة جون ميكلثويت في مقال نشره موقع الوكالة الإلكتروني "قررنا ببالغ الأسف أن نعلق عملنا مؤقتاً في جمع الأخبار داخل روسيا".

واعتبر ميكلثويت أن "التغيير في القانون الجنائي الذي يبدو أنه يهدف إلى تحويل أي مراسل مستقل إلى مجرم بالتبعية البحتة، يجعل الاستمرار في أي شكل من أشكال الصحافة العادية داخل البلاد أمراً مستحيلاً"، وفقاً لـ"رويترز".

وأقدمت شبكة "سي إن إن" على نفس الخطوة، مشيرة إلى أنها "ستتوقف عن البث فى روسيا، بينما نواصل تقييم الوضع، وخطواتنا التالية للمضي قدماً".

وأعلنت "بي بي سي" إيقاف عمل صحافييها في روسيا، في حين قالت هيئة الإذاعة الكندية "سي بي سي" إنها أوقفت مؤقتاً التقارير الواردة من روسيا.

وذكر المدير العام لـ"بي بي سي" تيم ديفي في بيان "يبدو أن هذا التشريع يجرّم عمل الصحافة المستقلة"، وحذر من أن الصحافيين قد يواجهون "خطر الملاحقة الجنائية لمجرد تأديتهم عملهم"، مشدداً على أن "سلامة موظفينا لها أهمية قصوى".

تقييد المصطلحات

وفرضت موسكو مزيداً من القيود على المصطلحات الإعلامية منذ اندلاع الحرب، إذ تم منع وسائل الإعلام من استخدام مصطلحات "غزو" و"هجوم" و"إعلان حرب" أو الحديث عن مقتل مدنيين بسبب الجيش الروسي، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وأشارت جالينا تيمتشينكو، مديرة موقع ميدوزا الإخباري الإلكتروني ومقره في لاتفيا، للوكالة إلى أن "القوانين الروسية كافية لإدانة صحافي لأي سبب، وثمّة أدوات كافية للقضاء على وسيلة إعلامية".

وحجبت هيئة الرقابة على الاتصالات الحكومية "روسكومنادزور" موقع فيسبوك، و5 مؤسسات إعلامية أجنبية مقرها في الخارج تنشر أخباراً باللغة الروسية، من بينها خدمات "بي بي سي" الناطقة باللغة الروسية، وذلك في إجراء كاسح لوضع ضوابط أكثر صرامة على وصول المعلومات حول الغزو الروسي لأوكرانيا إلى المواطنين الروس العاديين.

وأرجعت "روسكومنادزور" حجب موقع فيسبوك إلى أن "القيود التي فرضتها شركة ميتا (المالكة لموقع فيسبوك) على القناة الإخبارية الروسية (آر تي) وغيرها من وسائل الإعلام الحكومية تنتهك القانون الروسي".

وقال مسؤول شركة "ميتا" للشؤون العالمية نيك كليج، في تغريدة على تويتر رداً على تصرف روسيا، إن "ملايين الروس العاديين سيجدون أنفسهم معزولين عن المعلومات الموثوقة، محرومين من طرقهم اليومية للتواصل مع العائلة والأصدقاء، ويتم إسكاتهم من التحدث علانية".

وأضاف كليج:"سنواصل بذل كل ما في وسعنا لاستعادة خدماتنا، حتى تظل متاحة للناس للتعبير عن أنفسهم بأمان، وتنظيم العمل".

قيود إضافية

وقيّدت هيئة مراقبة وسائل الإعلام الروسية، الجمعة، الوصول إلى عدد من وسائل الإعلام الأجنبية باللغة الروسية، ومن بينها صوت أميركا الذي تموله الحكومة الأمريكية، وراديو أوروبا الحرة، وإذاعة "ليبرتي سفوبودا"، و"دويتشه فيله" الألمانية، والموقع الإلكتروني "ميدوزا" الذي يتخذ من لاتفيا مقراً له.

واعتبرت "روسكومنادزور"، أن هذه الوسائل الإعلامية نشرت "معلومات كاذبة" بشأن مواضيع تشمل "أساليب تنفيذ الأنشطة القتالية، وهجمات على المدنيين، وضربات على البنية التحتية المدنية، وعدد الخسائر في صفوف القوات المسلحة الروسية، والضحايا بين السكان المدنيين".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات