دبي-الشرق
بينما تقترب الحرب في أوكرانيا من عامها الثالث، تشير الأحداث إلى أن الغزو الروسي، قد ينتهي وفق 3 سيناريوهات بينها اثنان ينطويان على انتصار موسكو.
وتوقع القائد الأميركي الأعلى السابق لقوات الحلفاء في أوروبا فيليب بريدلاف، في تصريحات لمجلة Newsweek، أن السيناريو الأول، إذا استمر الوضع الحالي دون أي تغيير، فستخسر أوكرانيا في النهاية، لأن روسيا لديها عدد أكبر من القوة والعتاد.
فيما اعتبر أن السيناريو الثاني سيتحقق إذا تخلّى الغرب عن أوكرانيا، حيث ستقاتل كييف ببسالة، لكن عشرات الآلاف من الأوكرانيين سيموتون، وفي نهاية المطاف ستخضع أوكرانيا بأكملها لروسيا، وستصبح مرة أخرى تابعة لموسكو.
فيما بقي سيناريو ثالث استثنائي، كمسار أمل لأوكرانيا، وفقاً لبريدلاف، الذي شهد بصفته قائداً لحلف شمال الأطلسي بين عامي 2013 و2016 عواقب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
دعم الغرب "مفتاح الانتصار" لأوكرانيا
وقال الجنرال الأميركي السابق، إنه إذا اختار الغرب إعطاء أوكرانيا ما تحتاجه للانتصار، فإن كييف ستحقق النصر في هذه الحرب.
وأشار إلى أن الحاجة إلى المزيد من الأسلحة الغربية، هي التي أدت إلى نداء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الغاضب قبل حين، بأن المعركة ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "ليست معركة كييف فقط".
ويأتي هذا التحذير بعد أن رفض مشرعون بالولايات المتحدة التصديق على حزمة مساعدات عسكرية، تضمنت 61.4 مليار دولار لصالح أوكرانيا.
وعانت أوكرانيا قبل أيام، من قصف روسي على مدار خمسة أيام جرى خلالها إطلاق أكثر من 500 صاروخ وطائرة مسيرة في جميع أنحاء البلاد، ما أدّى إلى تدمير مستشفى للولادة، ومدارس، ووحدات سكنية، وسقوط 45 شخصاً.
من جانبه، قال المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان توم مالينوفسكي، إن تعطيل المساعدات لكييف حقق انتصاراً لبوتين.
وظهرت دعوات متزايدة من بعض المشرعين الأميركيين لزيلينسكي للدخول في المفاوضات والتنازل عن أراضي.
وأشار تقييم أجراه معهد دراسة الحرب الشهر الماضي، العواقب الوخيمة المترتبة على تجميد الصراع، بأنه "انتصار لبوتين".
تهديد روسي ممتد
وحسب Newsweek، ستؤدي هزيمة أوكرانيا إلى أن ارتفاع الخبرة القتالية لدى الجيش الروسي، ما سيشجعه على الزحف إلى المنطقة المجاورة لحدود حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وإذا تحولت روسيا إلى غزو الدول المجاورة لأوكرانيا، ستكون هناك حاجة إلى أنظمة دفاع جوي متقدمة، ما قد يؤدي إلى تدخل مباشر من الطائرات الشبحية الأميركية، ما يترك ثغرات في قوة الردع الأميركية ضد الصين.
وقال معهد دراسة الحرب (Institute for the Study of War)، وهو مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، إن الصراع المجمد سيكون له وقع سيء، لأنه سيمنح بوتين الوقت للاستعداد لجهود حربية متجددة ومواجهة مع الناتو.
واعتبر مالينوفسكي، أن معركة أوكرانيا هي "معركة الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أنه مهما كان القرار الذي ستتخذه كييف وواشنطن وحلفاؤهما من أجل إنهاء هذه الحرب في العام المقبل، فإنه يعتمد على مرور المساعدات، لأنه إذا لم يحدث ذلك، فإن بوتين سيحقق الثقة والزخم والنفوذ.
ولم يسفر الهجوم الأوكراني المضاد بهدف استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا، الذي روج له على نطاق واسع، وبدأ في يونيو الماضي، عن النتائج التي توقعتها كييف أو حلفاؤها الذين سلحوا المعركة ضد روسيا.
وقال بريدلاف، إن حرب المناورة تبدأ بالتفوق الجوي، ولكن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يمنحوا أوكرانيا ما تحتاجه لتحقيق التفوق الجوي.
وأشار إلى أنه رغم تزويد أوكرانيا ببعض الأسلحة قصيرة المدى، إلّا أن نظام ATACMS الأميركي (صاروخ أرض-أرض) كان عبارة عن إصدارات أقدم تحتوي على رؤوس حربية للذخائر العنقودية، أقل قدرة من الإصدارات الحديثة.
وأكد بريدلاف، أن حلفاء أوكرانيا لا يمنحوها ما تحتاج إليه للفوز، ولكن ما يكفي للبقاء في ساحة المعركة.
أخطاء أوكرانيا
في هذا السياق، قال زميل السياسة البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، جوستاف جريسيل، لمجلة Newsweek، إن الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا قد أعيق بسبب بطء تسليم مركبات المناورة المدرعة.
وأضاف أن مركبات "برادلي" الأميركية القتالية ودبابات "ليوبارد" الألمانية الصنع، كان يحتمل أن تكون أكثر فعالية لو سُلِّمَت عندما كانت سلامة القوات الآلية الأوكرانية أفضل.
وأشار جريسيل إلى أن أوكرانيا "ارتكبت أخطاء"، خاصة بعدما ظلت عالقة في باخموت لفترة طويلة، ما جعلها تفقد العديد من القادة ذوي الخبرة. ولم يكن الافتقار إلى الغطاء الجوي وحده هو الذي أضر بالهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا.
وأوضح جريسيل، أن الغرب قلل من تقدير مدى سرعة اعتماد الحرب الروسية على الذخيرة الدقيقة التي يتم التحكم فيها عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وجعلها أقل فعالية.
ولفت إلى أنه ثمة شعور بالقلق العميق بشأن هذا العام، لأنه سيكون "صعباً للغاية" بالنسبة لأوكرانيا، مضيفاً أن حلفاء كييف لم يعملوا على زيادة الإنتاج من الذخيرة حتى للمدفعية البسيطة وقنابل الهاون، إلى الحد الذي يمكن من خلاله منح كييف التفوق الناري.
وأعرب عن أمله في أن يكون عام 2025 أفضل، إذا تحسنت سلاسل توريد الأسلحة وتدريب القوات الأوكرانية.
استراتيجية الحرب الباردة
تضمنت المكاسب الأوكرانية في عام 2022 استعادة خاركوف وخيرسون، وطرد القوات الروسية من كييف، وتوجيه الضربات لأسطول روسيا في البحر الأسود.
وألهمت المكاسب السابقة زيلينسكي، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لوضع "أهداف غير واقعية"، من خلال هجومها المضاد عام 2023، حسبما قال فيكتور كوفالينكو، محلل الدفاع والجندي الأوكراني السابق، لمجلة Newsweek.
وأضاف أن الوقت قد حان لكي يتحول شركاء أوكرانيا الغربيون إلى استراتيجية الحرب الباردة التي أثبتت جدواها، ما يعني ردع روسيا واحتواءها.
ويمكن لأوكرانيا أن تشير إلى بعض الإيجابيات الكبرى، بينها استعادة السيطرة الكاملة تقريباً على شمال غرب البحر الأسود، ما دفع البحرية الروسية إلى الشرق والجنوب الشرقي.
وعلى الأرض، تقدمت القوات الأوكرانية إلى الأمام بما يكفي لبدء استخدام نيران المدفعية قصيرة المدى على الجسر البري المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، الذي تضربه بانتظام.
ولا تتعلق المرحلة التالية في الحرب التي ستشكل الأمن الأوروبي على مدى العقود القليلة المقبلة بالمساعدة الأميركية فقط.
واستخدم حليف بوتين في الاتحاد الأوروبي، رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الشهر الماضي، حق النقض ضد حزمة بقيمة 50 مليار يورو من بروكسل، التي قال زيلينسكي إنه بدونها سيكون من الصعب على كييف البقاء على قيد الحياة مع دخول الحرب عامها الثالث.
وأضاف كوفالينكو، أنه ينبغي إعادة تركيز الدعم الغربي لأوكرانيا على بناء التحصينات والقدرات الدفاعية متعددة الطبقات في أوكرانيا، وعلى تدريب المجندين، وزيادة إنتاجهم من الأسلحة.
تصنيفات
