"درس أوكراني" وحرب "هجينة".. كيف تستعد إسرائيل لمواجهة "حماس"؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
جنود إسرائيليون يطلقون قذائف على قطاع غزة. 17 أكتوبر 2023 - AFP
جنود إسرائيليون يطلقون قذائف على قطاع غزة. 17 أكتوبر 2023 - AFP
دبي-الشرق

بينما يستعد الجيش الإسرائيلي لما يمكن أن يكون غزواً برياً واسعاً لقطاع غزة على نطاق لم يشهده منذ عقود، من المرجح أن يدرس قادة الحرب تاريخ الصراع في المنطقة، وينظرون من كثب إلى أوكرانيا لجمع نظرة ثاقبة بشأن أفضل السبل للقضاء على حركة "حماس"، وفق موقع "واريور مافن".

وتظهر العديد من المتغيرات الحاسمة التي تلعب دوراً في هذا السيناريو، فيما يتعلق بالحرب الحالية في أوكرانيا، والصراع السابق بين الجيش الإسرائيلي و"حماس" في عام 2008.

ويبدو أن الدروس المستفادة من كلا السيناريوهين القتاليين تشير بوضوح إلى عدد من التكتيكات الحاسمة والمتغيرات القتالية، مثل احتمال استخدام "حماس" للأسلحة المضادة للدروع، لعرقلة أي تقدم للجيش الإسرائيلي، مثلما فعلت أوكرانيا.

وأودى القصف الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية المحتلة بحياة أكثر من 4 آلاف فلسطيني، وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين، حسبما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، إضافة إلى إجبار مئات الآلاف على الفرار من منازلهم، بينما تفرض إسرائيل حصاراً كاملاً على القطاع بما يتضمن قطع إمدادات الكهرباء والماء والوقود.

فيما أعلنت إسرائيل ارتفاع عدد القتلى إلى أكثر من 1400 شخص، وإصابة ما لا يقل عن 3 آلاف و968 آخرين من اندلاع الصراع. وأوضحت وزارة الصحة الإسرائيلية في بيان أن من بين الجرحى 26 في حالة حرجة و310 حالتهم خطيرة.

كما تصاعد التوتر على الحدود بين إسرائيل ولبنان، بعد قصف متبادل متكرر واشتباكات وقعت بالمنطقة منذ أن شنت فصائل فلسطينية هجوماً مباغتاً على بلدات ومستوطنات إسرائيلية بمحاذاة قطاع غزة، في 7 أكتوبر.

"الحرب الهجينة"

ومن المرجح أن تكون حركة "حماس"، التي عرفت استراتيجية "الحرب الهجينة"، راقبت بشكل جيد تكتيكات حرب روسيا في أوكرانيا.

وأثار استخدام الأسلحة المضادة للدروع بشكل ناجح للغاية خلال الحرب في أوكرانيا، اهتمام القادة العسكريين والمفكرين الاستراتيجيين.

وصدم الاستخدام الأوكراني لأسلحة "Javelin"، و"Carl Gustaf"، و"NLAW" المضادة للدروع العالم، خاصة بعدما تمكنت كييف من تدمير "الغزو المدرع الآلي" القادم من روسيا.

ويمكن نسب النجاح الأوكراني في وقف تقدم المدرعات الروسية، إلى استخدام الأسلحة المتقدمة والكفاءة التكتيكية، خاصة بعد زيادة المدى والدقة والقوة التفجيرية للأسلحة المضادة للدروع.

وتمكنت أوكرانيا من دمج وتوظيف تلك القدرات الحديثة ببراعة لتنفيذ كمائن وهجمات خاطفة استفادت من الطرق والجسور والتضاريس المختلفة لتتمكن من تدمير العديد من المدرعات الروسية.

لم تكن "حماس" تراقب تلك التكتيكات الأوكرانية فحسب، بل إن لها تاريخاً طويلاً في استخدام نوع من أسلوب الهجوم "الهجين" الذي يدمج تكتيكات حرب العصابات مع الهجمات التقليدية باستخدام الأسلحة الموجهة المضادة للدبابات.

وجرى استخدام الصواريخ المضادة للدبابات، وغيرها من الأسلحة التقليدية المتقدمة بشكل فعال ضد دبابات الجيش الإسرائيلي في الصراع الذي اندلع بين 2008 و2009.

"العودة إلى الأساسيات"

في عام 2009، نشرت دراسة لمركز الأسلحة المشتركة التابع للجيش الأميركي بعنوان "العودة إلى الأساسيات"، لشرح تكتيكات "حماس" القتالية خلال صراعها مع إسرائيل.

وسردت الدراسة تاريخاً مفصلاً للقتال بين كل من الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" اللبناني، إضافة إلى الاشتباكات المتعددة مع "حماس" في غزة. كما طرحت تحليلاً متعمقاً لتكتيكات الحرب المستخدمة من كلا الجانبين.

ويرجح أن يكون الجيش الإسرائيلي درس تلك التكتيكات بعناية شديدة.

وأوضحت الدراسة أنه بحلول عام 2008، لم تكن "حماس" قد حصلت بالفعل على أعداد كبيرة من الأسلحة الصغيرة وبنادق القنص من روسيا وإيران فحسب، بل جمعت أيضاً ترسانة هائلة من الأسلحة المضادة للدروع مثل صواريخ "SA-7"، و"RPG-29"، والقنابل اليدوية والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.

كما من المرجح أن تكون "حماس" مسلحة حالياً بصواريخ موجهة مضادة للدروع بدقة أعلى مما كان عليه الحال في عام 2008.

ونجحت الحركة حينها، في مزج تلك الأسلحة بتكتيكات الحرب "الهجينة"، لتشمل استخدام "الأنفاق الواسعة والعبوات الناسفة والملاجئ تحت الأرض ونقاط الكمائن".

ومع ذلك قد تفتقر مجموعات مقاتلي "حماس" إلى الكفاءة التكتيكية اللازمة لتحدي جنود الجيش الإسرائيلي بشكل حقيقي في أي نوع من القتال القريب، وسيناريوهات القتال التي من المحتمل أن تحدث إلى حد ما.

"تأثير غير متوقع"

وقدَّرت الدراسة التي صدرت في 2009، بأن هناك نحو 20 ألف مقاتل من "حماس"، لكن عدداً قليلاً منهم فقط يتقنون التكتيكات القتالية الحديثة، موضحة أن جزءاً صغيراً فقط من مقاتليها تلقوا تدريباً مكثفاً على التكتيكات القتالية في سوريا أو إيران أو لبنان.

وأكد محللو الحرب بين "حماس" والجيش الإسرائيلي، أن بعض قدرة الحركة الفلسطينية على استخدام الأسلحة المضادة للدروع والتكتيكات "الهجينة" كان لها تأثير غير متوقع على دروع الجيش الإسرائيلي.

ويشير عنوان الدراسة "العودة إلى الأساسيات" بشكل خاص إلى الحاجة المتزايدة، لا سيما في حالة "حماس"، إلى مزج تكتيكات مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد مع بعض مناورات الأسلحة المشتركة التقليدية".

ولم تنجح العمليات الصارمة لمكافحة الإرهاب، والتي يتطلب الكثير منها تطهير المنازل والمناطق، والدوريات الراجلة، والتحرك الحر نسبياً للقوات المدرعة، كما كان متوقعاً ضد "حماس" في عام 2008، وقد لا تنجح حالياً، بحسب الدراسة.

ويُرجح أن قادة الجيش الإسرائيلي يدركون ذلك تماماً، ما يجعل من الأفضل الاستفادة من الأجيال الجديدة من الطائرات المقاتلة، وأجهزة الاستشعار الجوية للعثور على مواقع "حماس" ورؤيتها وتدميرها من الجو، بعد أن أثبتت تفوقها الجوي.

وقد يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى الهجوم بمزيج من مناورات الأسلحة المشتركة التقليدية ومكافحة الإرهاب، خاصة عند التعامل مع مجموعة مثل "حماس"، وفق الدراسة.

ومن المرجح أن تقدم أجهزة الاستشعار الجوية، والأسلحة الدقيقة، وتوجيهات الاستهداف على منصات مثل طائرة "F-35I Adir" الإسرائيلية، جيلاً جديداً تماماً من تكنولوجيا الهجوم الجوي مقارنة بما كان متاحاً في 2008.

وتعتبر الطائرات المسيّرة، والأقمار الصناعية، وطائرات المراقبة ذات الأجنحة الثابتة، وحتى الصغيرة المسيّرة المحمولة هي أيضاً أكثر تقدماً، وقادرة على تزويد قوات الجيش الإسرائيلي بمستويات متقدمة من الاستهداف والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، كما حدث في أوكرانيا.

كما يمكن أن يستخدم الجيش الإسرائيلي الضربات بنيران أرضية دقيقة وبعيدة المدى، في حال كانت "حماس" تمتلك أسلحة دفاع جوي حصلت عليها من إيران أو غيرها.

تصنيفات

قصص قد تهمك