"معركة المستقبل".. سباق "الدرع والسيف" في معرض الدفاع العالمي بالرياض

time reading iconدقائق القراءة - 13
صورة عامة داخل معرض الدفاع العالمي في العاصمة السعودية الرياض. 4 فبراير 2024 - وكالة "واس"
صورة عامة داخل معرض الدفاع العالمي في العاصمة السعودية الرياض. 4 فبراير 2024 - وكالة "واس"
الرياض-الشرق

"للغد نستعد" كان هذا هو الشعار الذي رفعه معرض الدفاع العالمي بالرياض، خلال فعالياته التي تستمر من 4 إلى 8 فبراير الجاري، إذ انعكس شعار المعرض بصورة كبيرة عن تنوع منتجات شركات الصناعات الدفاعية والأمنية المشاركة فيه.

وقدم أكثر من 773 عارضاً من الشركات الأمنية والدفاعية من أكثر من 75 دولة، منتجات مختلفة من الأسلحة عالية التقنية، إلى المنتجات الدفاعية التي تحاول ملاحقة التطور المتزايد في القدرات العسكرية عالمياً.

واحتفى المعرض الذي قدر موقعه الرسمي عدد زواره بنحو 100 ألف زائر، بحضور أكثر من 115 وفداً رسمياً، للمشاركة في الفاعليات التي تركز على مستقبل صناعة الدفاع، ودور التكنولوجيا المتنامي في مواجهة التهديدات المتزايدة للدول، خاصة مع تزايد التهديدات العسكرية التي تعتمد على التقنيات الرخيصة والضربات الخاطفة.

وأجرت "الشرق" جولة داخل أروقة المعرض الذي تنظمه الهيئة العامة للصناعات العسكرية بالمملكة. وتستعرض في التقرير التالي، "السباق المحموم" بين الأصول العسكرية الهجومية والدفاعية، والابتكارات التقنية التي تمكن الجيوش من حسم المعارك في المستقبل، في مواجهة التهديدات التقليدية وغير النمطية. 

من يحمي الأجواء من "القاتل الرخيص"؟

مع تزايد التهديدات التي تشهدها المنطقة والعالم، من الأصول العسكرية "زهيدة الكلفة"، خاصة الطائرات المُسيّرة المسلحة، برزت في المعرض ابتكارات تقنية متنوعة في محاولة من شركات الدفاع للإجابة عن السؤال الصعب: من يستطيع حماية الأجواء؟ وبأي كلفة؟

يقول جون يونج سو، مسؤول فريق العارضين بشركة "هيونداي روتيم" Hyundai Rotem من كوريا الجنوبية، إن مواجهة التهديدات "رخيصة" الكلفة بسعر مناسب، "هو السؤال الصعب الذي يبحث الجميع هنا عن إجابته، فالتهديدات الجوية التقليدية مثلاً لا تزال مؤثرة، لكنها لم تعد تمثل التهديدات كلها التي تواجهها الجيوش بصورة عامة".

وأضاف في تصريحات لـ"الشرق" أن "تزايد معدلات التهديد من الطائرات المُسيرة وغيرها من الوسائل العسكرية، خاصة تلك التي تعتمد على تقنيات رخيصة، يجعل صناع الدفاع في مواجهة هذا التحدي التقني والمالي معاً". 

وتقدم "Rotem" الكورية الجنوبية نفسها كشركة حلول دفاعية تعتمد على خبرات تقنية مؤثرة، إذ تصنع دبابة القتال الرئيسية لكوريا الجنوبية K2، التي بدأت الدخول كمنافس قوي لمنتجي دبابات القتال الرئيسية في العالم مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا، فضلاً عن ذلك تنتج الشركة مركبات أرضية مُسيرة وطائرات بدون طيار متعددة الأغراض، كما قدمت في المعرض أنظمة رصد وتتبع وإسقاط عالية التقنية لمواجهة الطائرات المُسيرة والمقاتلات التقليدية عبر أنظمة دفاع جوي مختلفة.

وأضاف سو: "سؤال الكلفة أصبح ملحاً بدرجة ملحوظة، فنحن نرى تهديدات رخيصة الثمن، قد تضطر الجيوش لاستخدام أسلحة مضادة باهظة الثمن مثل الصواريخ الموجهة لإسقاط هذه التهديدات، فهذا سباق بين القدرة على الدفاع بوسائل مكلفة، ومواجهة خصم يمكنه استنزاف القدرات بتكلفة أقل بكثير".

وتابع العارض الكوري الجنوبي: "بالمقابل فإن سؤال الكلفة وحده قد لا يكون منصفاً إذا لم نسأل أنفسنا أولاً عن قيمة الأصول التي تحميها الأسلحة الأكثر تطوراً وتكلفة".

وعرضت الشركة الكورية الجنوبية، منظومة برية مُسيرة تعمل بمزيج من الكهرباء وخلايا الهيدروجين، مع قدرات مراقبة ورصد متطورة، كما تحمل العربة غير المأهولة طائرة مُسيرة، لاستكشاف التهديدات.

وحسب العارضين في جناح الشركة، فإن "استخدام مثل هذه التقنيات، قد يوفر للجيوش مفهوماً مختلفاً بالكامل لمواجهة التهديدات وبتكلفة أقل". 

بنادق الموجات.. تواجه المسيرات

لمواجهة مشكلة الطائرات المُسيرة خاصة التي تطير على ارتفاعات منخفضة، والتي تجعل مهمة الردارات في استكشافها أكثر صعوبة، طرحت شركة TRD للأنظمة الدفاعية حلاً مختلفاً.

وعرضت الشركة منظومة ORION، وهي عبارة عن بندقية تطلق حزماً موجهة من الموجات المركزة، التي بإمكانها، بحسب الشركة، تدمير الأهداف.

ويقول Nattawut chonra أحد مهندسي المشروع لـ"الشرق"، إن "الموجات بخلاف بقية أنظمة الدفاع المضادة للمُسيرات، لا تكلف الكثير مثل العديد من منظومات الدفاع الجوي باهظة الثمن، ولا تخلف أثراً فهي لا تطلق صواريخ قد تخطئ الهدف، فضلاً عن ذلك فهي سلاح سهل للغاية على مستوى قدرته على الحركة، إذ يحمله العسكري المدرب، لحماية أصول هامة أو شخصيات أو مواقع حساسة من الهجمات".  

وتقول الشركة التي تأسست في ماليزيا عام 2011، إن منظومتها الحديثة من طراز ORION -H9 أصبحت جاهزة ومصممة كـ"نسخة للسعودية ودول الخليج".

وأعلنت خلال المعرض إطلاق نسختها الجديدة، مع تمويه صحراوي وتقنيات رصد معززة.

ويقول سام أونج الرئيس التنفيذي للشركة، إن "منظومة ORION للتعامل مع المُسيرات أثبتت كفاءة عالية في أكثر من 25 دولة.. ونحن ملتزمون تماماً بتطوير منتجاتنا للوصول لأعلى مستوى جودة، ليصبح المستهلكون على ثقة تامة بأن لديهم أفضل فرصة للنجاح في مواجهة هذا النوع من التهديدات".  

وبحسب الشركة، فإن ORION -H9 يعمل على أكبر عدد من نطاقات الترددات اللاسلكية التي يستخدمها مطلقو المسيرات للتحكم فيها.

وتنتج بندقية الموجات حزمة مركزة يمكنها "تعطيل معظم الطائرات المُسيرة الموجودة في السوق، وعلى مسافة جيدة".

وتحتوي البندقية على شاشة LED لعرض معلومات الهدف مثل الاتجاه وحالة التشغيل، وتؤكد الشركة أن المنظمة محمية من مخاطر الحرارة الزائدة والمنخفضة، كما أنها لا تتأثر بالغبار أو الرطوبة أو الماء، فضلاً عن كون البندقية آمنة على المستخدمين وكذلك على الوقود والذخائر القريبة منها.

ورغم استخدام بنادق الموجات في أكثر من دولة، إلا أنها لم تخض حتى الآن ما يُعرف باسم "اختبار الميدان"، إذ لم يتم الإعلان عن تسجيل استخدام منظومات الموجات المحمولة لمواجهة التهديدات الجوية، فضلاً عن كونها لم تتعرض لاختبارات الإغراق بأسراب من المُسيرات وهي التكتيكات التي استخدمت في حرب أذربيجان وأرمينيا فضلاً عن حرب روسيا وأوكرانيا الجارية.

الصين وباكستان.. جارتان نوويتان في معرض الرياض

في موقع متميز احتل جناح الصناعات العسكرية الصينية، الصدارة من حيث الحجم، إذ تدفقت شركات الصناعات الدفاعية الصينية إلى المعرض، مع حزم واسعة من الأسلحة والمعدات والتقنيات الحديثة في البحر والبحر والجو، تشمل المدرعات والدبابات والطائرات ثابتة الجناح وكذلك المُسيرات والذخائر للقوات البحرية والبرية والجوية.

واختار الجناح الصيني تعبيراً عن وجهته في المعرض عبارة تقول "نجلب السلام لأي مكان نتواجد فيه، حاملين سيفاً ودرعاً في أيادينا"، وترجمها الجناح الصيني الضخم لعدة لغات. 

وحسب العارضين في الجناح الصيني، فإن "كل الشركات الدفاعية الصينية تعمل تحت مظلة واحدة"، مرجحين أن تكون عمليات نقل تكنولوجيا التصنيع لبعض المنتجات متاحة "لكنها تحتاج بالتأكيد لموافقات رسمية قبل كل شيء". 

أما الجناح الباكستاني المخصص لمجمع الصناعات العسكرية الباكستانية، والمواجه للجناح الصيني، فتضمن معروضات متعددة، منها أسلحة متطورة مثل طائرة JF -17، وهي طائرات مقاتلة خفيفة متعددة المهام صنعتها باكستان بالتعاون مع الشركات الصينية.

وتتميز الطائرة بخفة وزنها الشديد، وقدراتها النيرانية التي توازي المقاتلة الأميركية من طراز F-16، مع إلكترونيات طيران من الجيلين الرابع المتقدم والجيل الخامس، وتستطيع حمل صواريخ PL ذات التكنولوجيا الصينية من طرازي PL -10 وpl – 15. 

بخلاف الطائرات المقاتلة، عرض الجناح الباكستاني أحد أبرز أسلحته الهجومية، وهو صاروخ تيمور الجوال. وهو صاروخ كروز طويل المدى يتم إطلاقه من الجو، ويتميز بقدرته على ضرب الأهداف الأرضية، وكذلك يمكن، حسب شركة GIDS الباكستانية المصنعة للصاروخ، أن يتم استخدامه أيضاً كصاروخ مضاد للسفن. 

يبلغ مدى الصاروخ المعروض 290 كيلومتراً، ويعمل بنظام الملاحة بالقصور الذاتي ونظام التوجيه عبر الأقمار الصناعية. فيما يبلغ طوله 4.38 متراً، ويزن 1100 كيلوجرام، بينما تبلغ المسافة بين جناحيه 3.2 متراً.  

وحسب الشركة، فإن الصاروخ يمكنه مراوغة أنظمة الدفاع الجوي بكفاءة، خاصة أنه يحلق على ارتفاعات منخفضة، فضلاً عن تمتعه بخاصية Fire-and-forget التي تجعل معدلات تحقيقه للأهداف عالية.  

صاروخ "براهموس".. رهان الهند "فرط الصوتي"  

لا تخفي شركة " براهموس أيروسبيس " الهندية حماسها في عرض صاروخ براهموس الجوال فرط الصوتي. فبخلاف باقي المعروضات من أنظمة الدفاع الهندية، يبدو "براهموس" رهاناً واضحاً يسعى لتحقيق اختراق في سوق صناعة السلاح خاصة في ظل تصاعد التوترات بمنطقة الشرق الأوسط. 

يقول برافين باتثاك مدير التصدير والتعاون التقني في الشركة لـ"الشرق"، إن الاهتمام بالصاروخ عالي التقنية "يمثل فرصة كبيرة دولياً وفي منطقة الشرق الأوسط، فنحن نجري مفاوضات فنية مستمرة مع عدد متزايد من المشترين الذين يبدون اهتماماً كبيراً بصاروخ براهموس".  

والصاروخ فرط الصوتي، هو إنتاج مشترك بين شركة براهموس للأنظمة الجوية والفضائية بالهند، والرابطة العلمية – الإنتاجية "ماشينوستويينيا" الروسية.

والصاروخ الذي يحمل مزيجاً من اسمي نهر براهمابوترا الهندي والعاصمة الروسية موسكو، يمكن إطلاقه من منصات أرضية وبحرية وجوية وأيضاً من الغواصات.  

وصاروخ براهموس تبلغ سرعته 3 أضعاف سرعة الصوت، ويبلغ مداه 290 كيلومتراً، فيما يحمل رأساً حربياً تقليدياً يتراوح وزنها بين 200 إلى 300 كيلوجرام.

كما يتمتع بنطاق أوسع يزيد عن 3 إلى 4 مرات من نطاقات البحث التي تمتلكها الصواريخ الجوالة المماثلة، ويعتبر "براهموس" أول صاروخ كروز فرط صوتي يدخل الخدمة في الجيش الهندي، إذ سُلم للبحرية الهندي في 2005 فيما دخل الخدمة في الجيش الهندي في 2007، وأجريت تجارب ناجحة لإطلاقه من الجو باستخدام مقاتلة روسية من طراز سوخوي – 30MKI. 

يضيف برافين: "استغرق إنتاج الصاروخ سنوات طويلة من البحث والمقارنة والتجارب وصولاً إلى التصنيع، لكننا في النهاية وصلنا لمنتج قوي للغاية، وأصبح معروفاً بشدة عالمياً وأيضاً في منطقة الشرق الأوسط".  

وبشأن تأثير العقوبات الأميركية ضد روسيا، على عمليات الشراء المستقبلية أوضح المسؤول الهندي: "هذه ليست مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، فشركتنا شركة هندية، ونحن نستطيع بالتأكيد التوصل لحل مع الجانب الروسي لإنجاز صفقة بيع محتملة لدولة ثالثة".  

وتبدي الشركة الهندية الروسية التي تأسست عام 1998، حماساً للترويج للصاروخ المتطور، إذ احتفى كل من رئيس الوزراء الهندي شري ناريندرا مودي، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بإنتاج الصاروخ المتطور. واعتبره مودي "صاروخاً يجب أن يجعل كل هندي يشعر بالفخر". 

بالمقابل، لا يرجح برافين إمكانية نقل تكنولوجيا إنتاج الصاروخ لدولة ثالثة: "ليست المسألة فقط في بناء مصنع للإنتاج، علينا أن نعي أولاً، كم صاروخاً ستحتاجه لجيش معين كي تبني مصنعاً للإنتاج؟

أيضاً هناك مكونات ومواد خام متعددة دخلت في بنية براهموس وأكسبته المزايا الفنية الفائقة. بالإضافة لذلك فالأمور تستغرق وقتاً، وهناك الكثير جداً من التفاصيل الفنية المعقدة التي يجب مناقشتها أولاً قبل نقل التكنولوجيا. فمحرك الصاروخ مثلاً، يتضمن 6 مكونات مختلفة، والوصول للإنتاج الكمي، استغرق منا وقتاً طويلاً".  

تصنيفات

قصص قد تهمك