تسببت صعوبة الحصول على المياه النقية الصالحة للشرب في تفاقم تفشي داء الكوليرا في أنحاء محافظات سوريا التي تمزقها الحرب، وتكافح السلطات المحلية لاحتواء المرض بأقراص الكلور واللقاحات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إنه تم تسجيل أكثر من 35 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا في أنحاء سوريا. وأضافت أنه تم إجراء الفحوص لما يقرب من 2500 فقط ثبتت إصابة نصفهم تقريباً بالمرض.
وقال زهير السهوي، مدير الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة السورية، إن "اكتشاف حالة واحدة مثبتة بمرض الكوليرا يعني حدوث وباء".
وأضاف أن "المنحنى استقر إلى حد كبير مع تباطؤ عدد الحالات الجديدة المؤكدة يومياً، وعندما نقول المنحنى مسطح، فهذا يعني عدم وجود ازدياد كبير بعدد الإصابات المثبتة. هناك عدد كبير من الحالات التي تراجع المشافي بحالات الإسهال، لكن بعد التشخيص لا يتم إثباتها على أنها كوليرا".
وتابع السهوي أنه "حتى الآن يوجد 46 وفاة نتيجة التأخر في أخذ المشورة الطبية، وعدد الإصابات التراكمي حتى الآن 1249 حالة مثبتة موزّعة على المحافظات"، وتم طلب لقاحات للكوليرا من منظمة الصحة العالمية.
أسباب الانتشار
وبحسب منظمة الصحة العالمية، ترتبط حالات الإصابة في سوريا بتفشٍّ هائل بدأ في أفغانستان في يونيو، ثم امتد إلى باكستان وإيران والعراق ثم سوريا ولبنان.
وتنتشر الكوليرا عادة من خلال المياه الملوثة أو الطعام أو مياه الصرف الصحي. ويمكن أن يسبب المرض إسهالاً شديداً وجفافاً قد يكون قاتلاً إذا تُرك دون علاج.
ودمرت الحرب المستعرة منذ أكثر من عشر سنوات خطوط المياه ومحطات الضخ في سوريا، وترك الجفاف هذا العام مستويات مياه منخفضة بشكل خاص في نهرها الرئيسي، نهر الفرات.
وقال الطبيب نبوغ العوا، وهو اختصاصي أنف وأذن وحنجرة في دمشق، إن "إلقاء النفايات الصلبة في المياه الراكدة ساهم في انتشار الوباء".
وأضاف: "بدأت الكوليرا في الصيف بمنطقة الفرات بسبب شُح مياه النهر، وكثيراً من الناس مفرغاتهم البرازية والبولية يلقونها بالنهر، إذا كان النهر جارياً فلا مشكلة، المشكلة بعد أن قلّت المياه
بسبب حرارة الطقس في كثير من بلدان العالم، عندها ترسبت الجراثيم وانتشرت".
وتابع أنه مع اعتماد المزارعين على مياه الأنهار غير المعالجة، سرعان ما تلوثت الخضراوات وانتشر الفيروس إلى المدن، وقال: "بسبب مخلفات الحرب والعقوبات الاقتصادية لجأ بعض الناس لري خضراواتهم بالمياه الملوثة، هنا بدأت الجائحة تنتشر في سوريا".
وضع صعب
وعدّلت المتاجر والمطاعم في العاصمة قوائمها لحماية عملائها، وقال ماهر، صاحب مطعم فلافل (سناك) في دمشق: "أوقفنا الورقيات (خضراوات ورقية) لم نعد نستخدمها".
ووفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية لا تزال العاصمة محمية نسبياً، حيث سُجلت أعلى أعداد الإصابات في محافظة دير الزور الصحراوية الشاسعة في الشرق، والرقة وحلب في الشمال، والتي تعتمد أكثر على نهر الفرات.
وتقوم وكالات الأمم المتحدة في الغالب بنقل المياه بالشاحنات إلى المجتمعات المتضررة وصرف أقراص التعقيم.
لكن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقول إنها لا تزال بحاجة إلى نحو 9 ملايين دولار من المخصصات المالية لمواصلة جهودها حتى نهاية العام.
اقرأ أيضاً: