خاص
صحة

السمنة وتراكم الدهون.. دليلك لفهم "وباء العصر" وطرق التخلص منه

تعرف على أنواع وأسباب وطرق العلاج من المرض

time reading iconدقائق القراءة - 32
مريض يعاني من السمنة يجري قياساً لمحيط الخصر  في عيادة للتغذية بتايلندا. 16 يونيو 2023 - Getty Images
مريض يعاني من السمنة يجري قياساً لمحيط الخصر في عيادة للتغذية بتايلندا. 16 يونيو 2023 - Getty Images
القاهرة -محمد منصور

أصبحت السمنة على نحو متزايد مصدر قلق عالمي كبير، وتعتبر "وباء القرن الحادي والعشرين"، ويمكن تعريف مرض زيادة الوزن بأنه تراكم غير طبيعي أو مفرط للأنسجة الدهنية التي يمكن أن تضر بالصحة.

وهذه الحالة ليست مجرد قضية سطحية تتعلق بوزن الجسم؛ بل عادة ما تكون مصحوبة بالتهاب مزمن خفيف في الجسم وترتبط بمجموعة واسعة من المشكلات الصحية الخطيرة، بما في ذلك مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأنواع معينة من السرطان وغيرها من الحالات المرضية الضارة.

كما أن العديد من هذه الأمراض المصاحبة هي مكونات لما يُعرف عادة باسم متلازمة التمثيل الغذائي، وهي عامل خطر شائع لأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني.

فما هي السمنة؛ وما مسبباتها؟ وهل للسمنة أنواع؟ وكيف ترتبط السمنة بالأمراض؟ وما علاقة الجينات بها؟ وإلى أيّ مدى تؤثر السمنة على جودة الحياة؟ وهل يُمكن الوقاية منها؟

ما هي أسباب السمنة؟

ينبع التفسير المبسط للسمنة من القانون الأول للديناميكا الحرارية، والذي يشير إلى أن السمنة تنتج عن اختلال التوازن بين تناول السعرات الحرارية ونفقات الطاقة، ووفقاً لهذا الرأي، فإن استهلاك سعرات حرارية أكثر مما يحتاجه الجسم، مقترناً بانخفاض النشاط البدني، يؤدي إلى تراكم الدهون الزائدة، ومع ذلك، فإن هذا التفسير يبسط الطبيعة المعقدة للسمنة بشكل مفرط.

ففي الواقع، تتضمن أسباب السمنة عوامل مختلفة، بما في ذلك الوضع الاجتماعي والاقتصادي، والبيئة والسلوكيات الشخصية، والتفاعلات بين النمط الجيني والنمط الظاهري.

وتؤثر هذه العوامل على تناول الطعام ودوران العناصر الغذائية والتوليد الحراري واستخدام الدهون وتخزين الدهون في مناطق مختلفة من الجسم؛ فالتحكم في وزن الجسم وتكوينه هو عملية متعددة الأوجه تتضمن تناول الطاقة وإنفاق الطاقة وترسيب الدهون وتترابط هذه العناصر وتنظمها الأنظمة العصبية والغدد الصماء، إذ تلعب العديد من الببتيدات العصبية والهرمونات دوراً.

وتساهم العوامل البيئية مثل قلة النوم، والعمل بنظام المناوبات، ودرجات الحرارة المحيطة، وجودة النظام الغذائي بشكل عام، ومستويات النشاط البدني، وميكروبات الأمعاء، ومسببات اضطراب الغدد الصماء والأدوية، والتأثيرات داخل الرحم والتأثيرات فوق الجينية بين الأجيال، في تنظيم وزن الجسم وتوزيع الدهون، ويجعل تعقيد هذه التفاعلات من السمنة، حالة صعبة للدراسة والتعامل معها.

أنواع السمنة

يعد أحد التحديات في دراسة السمنة وعلاجها، هو عدم تجانسها، إذ تظهر السمنة بطرق مختلفة بين الأفراد مع أنماط متفاوتة من توزيع الدهون والمخاطر الصحية المرتبطة بها، وهناك نوعان شائعان من السمنة هما السمنة تحت الجلد، والسمنة الحشوية، والتي تمثل طرفي نقيض من الطيف.

السمنة تحت الجلد.. يتميز هذا النوع من السمنة بتراكم الدهون تحت الجلد مباشرة، وخاصة حول الوركين والفخذين، وهذا التوزيع للدهون أكثر شيوعاً عند النساء ويشار إليه غالباً باسم "السمنة على شكل كمثرى" أو السمنة الأنثوية، في حين أن الدهون تحت الجلد أقل ضرراً مقارنة بأنواع أخرى من الدهون إلا أن التراكم المفرط يمكن أن يؤدي مع ذلك إلى مشكلات صحية.

السمنة الحشوية.. تنطوي على تراكم الدهون حول الأعضاء الداخلية وخاصة في منطقة البطن، وهذا النوع من الدهون المعروف باسم الأنسجة الدهنية المساريقية، وهو أكثر شيوعاً عند الرجال ويرتبط بخطر أعلى للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتعتبر الدهون الحشوية أكثر خطورة من الدهون تحت الجلد لأنها أكثر نشاطاً أيضياً ويمكن أن تؤدي إلى زيادة الالتهاب ومقاومة الأنسولين مما يساهم في تطور متلازمة التمثيل الغذائي.

مؤشر كتلة الجسم وتحديد السمنة

لتحديد ما إذا كان الفرد يعاني من السمنة وإلى أي مدى تم تطوير واستخدام طرق مختلفة، وتشمل هذه الطرق قياسات الجسم وقياس الكثافة والتقنيات القائمة على التصوير، إلا أن الأداة الأكثر استخداماً لتقييم السمنة هي مؤشر كتلة الجسم.

ومؤشر كتلة الجسم هو حساب بسيط يقدر السمنة عن طريق قسمة وزن الفرد بالكيلوجرام على طوله بالأمتار المربعة، وعلى الرغم من استخدامه على نطاق واسع، فإن مؤشر كتلة الجسم هو مقياس غير دقيق للدهون في الجسم، ولا يأخذ في الاعتبار الاختلافات في توزيع الدهون.

وعلى الرغم من أن مؤشر كتلة الجسم هو مقياس مناسب ومستخدم على نطاق واسع، إلا أنه يمكن استكماله بتقييمات أخرى مثل محيط الخصر ونسبة الخصر إلى الورك ونسبة الخصر إلى الطول لتوفير تقييم أكثر دقة للسمنة، وخاصة في التمييز بين السمنة تحت الجلد والسمنة الحشوية.

والسمنة ليست مجرد مشكلة تجميلية؛ بل إنها تشكل مخاطر كبيرة على الصحة، ويمكن أن يؤدي تراكم الدهون الزائدة، وخاصة الدهون الحشوية إلى مجموعة من المشكلات الصحية، فهي عامل خطر رئيسي لتطور مرض السكري من النوع الثاني، إذ تساهم الدهون الزائدة وخاصة بمنطقة البطن في مقاومة الأنسولين وهي الحالة التي لا تستجيب فيها خلايا الجسم للأنسولين بشكل فعال وهذا يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم وبالنهاية مرض السكري.

هل تؤدي السمنة إلى الإصابة بالسرطان؟

ترتبط السمنة ارتباطاً وثيقاً بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي والسكتة الدماغية، وتساهم الدهون الزائدة وخاصة الدهون الحشوية في تراكم اللويحات بالشرايين، مما يؤدي إلى تصلب الشرايين، وهي الحالة التي يمكن أن تؤدي إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وارتبطت السمنة بزيادة خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي والقولون، وسرطان بطانة الرحم، ولم يتم فهم الآليات الدقيقة بشكل كامل، ولكن يُعتقد أن الالتهاب المزمن والتغيرات الهرمونية المرتبطة بالسمنة تلعب دوراً في تطور السرطان.

ويمكن أن يؤدي الوزن الزائد، وخاصة في الصدر والبطن إلى مشكلات في الجهاز التنفسي مثل انقطاع النفس أثناء النوم، وهي حالة تتميز بانقطاع التنفس أثناء النوم، كما يمكن أن يؤدي هذا إلى ضعف جودة النوم والتعب وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتضع السمنة ضغطاً إضافياً على المفاصل وخاصة في أسفل الظهر والوركين والركبتين، مما يؤدي إلى حالات مثل هشاشة العظام، ويعمل الوزن الزائد على تسريع تآكل غضروف المفصل، مما يسبب الألم وانخفاض القدرة على الحركة.

وعلى الرغم من عقود على تراكم الجهود لمكافحة السمنة، إلا أن انتشار هذه الحالة مستمر في الارتفاع، ففي الوقت الحالي يعاني أكثر من ثلث سكان العالم من زيادة الوزن أو السمنة.

وتصاعد العبء العالمي للسمنة بشكل كبير على مدى العقود القليلة الماضية، ووفق منظمة الصحة العالمية فقد قُدِّر عدد البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة في عام 2014 بأكثر من 2.1 مليار شخص، وجرى تصنيف 1.5 مليار منهم على أنهم يعانون من زيادة الوزن و640 مليون شخص يعانون من السمنة، وهذا يشير إلى أن ما يقرب من ثلث سكان العالم البالغين يعانون من زيادة الوزن.

وكان معدل انتشار السمنة حسب العمر في عام 2014 حوالي 10.8% بين الرجال البالغين، و14.9% بين النساء البالغات، وتشير هذه الأرقام إلى أن الجنس الأنثوي مرتبط بخطر أعلى للإصابة بالسمنة، في حين أن حالة زيادة الوزن أكثر انتشاراً بين الرجال، ومع ذلك أفادت دراسة العبء العالمي للأمراض في عام 2013، بانتشار مماثل للسمنة وزيادة الوزن بين الرجال والنساء، وتجاوزت النسبة 36% في كلتا المجموعتين.

زيادة الوزن والاختلافات العرقية 

في الولايات المتحدة، يختلف انتشار السمنة بشكل كبير بين المجموعات العرقية المختلفة، على سبيل المثال، يُظهِر الأميركيون من أصل إفريقي انتشاراً أعلى للسمنة المفرطة مقارنة بالعرقيات الأخرى.

 من ناحية أخرى، يكون لدى السكان الآسيويين عموماً، قيم مؤشر كتلة الجسم أقل من الأفراد البيض، ولكنهم أكثر عرضة لترسب الدهون الحشوية، وهذا يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عند مستويات مؤشر كتلة الجسم المنخفضة مقارنة بنظرائهم البيض.

وبين عامي 1980 و2008، زاد متوسط مؤشر كتلة الجسم العالمي الموحد حسب العمر بمقدار 0.4 (عند الرجال) إلى 0.5 كيلوجرام لكل متر مربع (عند النساء) لكل عقد.

كما شهدت نسبة البالغين الذين يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم أقل من 25 كيلوجرام لكل كيلومتر زيادة ملحوظة من 28.8% إلى 36.9% لدى الرجال، ومن 29.8% إلى 38% لدى النساء بين عامي 1980 و2013.

وتشير التوقعات لعام 2030 إلى أن 57.8% من سكان العالم البالغين سيكون لديهم مؤشر كتلة الجسم 25 كيلوجراماً لكل متر مربع أو أكثر، ويؤكد هذا الارتفاع المتوقع في معدلات السمنة، التحدي المتزايد للصحة العامة الذي تفرضه السمنة، مع توقع زيادة العبء المرضي المرتبط بها في السنوات المقبلة.

وفي العديد من البلدان والمناطق، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، يتجاوز عدد البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة الآن عدد البالغين ذوي الوزن الطبيعي، ويمثل هذا الاتجاه تحدياً كبيراً للصحة العامة، إذ أصبحت العواقب الصحية الضارة للسمنة تهديدات أكثر إلحاحاً للصحة العامة من الجوع أو سوء التغذية.

ولا يقتصر ارتفاع معدلات السمنة على البالغين، ففي عامي 2013 و2014، عانى ما يقدر بنحو 110 ملايين طفل ومراهق في الفئة العمرية بين سنتين إلى 19 عاماً من السمنة على مستوى العالم، وهو رقم تضاعف منذ عام 1980.

وقُدِّر انتشار السمنة المعياري حسب العمر بين الأطفال في عام 2014 بنحو 5%، وكشفت تحليلات اتجاه السمنة عن زيادة الوزن والسمنة بين الأطفال والمراهقين في الفئة العمرية بين 11 و15 عاماً بأميركا الشمالية وأوروبا في الفترة من عام 2002 إلى عام 2010 عن استقرار في انتشار زيادة الوزن.

وظلت المعدلات الإجمالية لزيادة الوزن في العديد من البلدان مرتفعة، والسمنة لدى الأطفال مثيرة للقلق بشكل خاص لأنها مرتبطة بالمضاعفات الأيضية والأمراض المزمنة في مرحلة البلوغ.

علاقة الوزن الزائد بالعمر

تشير البصمة الأيضية إلى برمجة التمثيل الغذائي أثناء الفترات السابقة للولادة والوليدة على المستويين الجينومي والفوق جينومي، ويمكن أن تؤثر هذه العملية بشكل دائم على مخاطر الأمراض والصحة في المستقبل، حسبما تشير فرضية الأصول التنموية للصحة والمرض.

وتشمل الفترات الحرجة في تطور السمنة، فترة ما قبل الولادة والرضاعة والطفولة والمراهقة، وتسلط البيانات المستمدة من مجموعات المواليد الطولية الضوء على تطور السمنة أثناء الطفولة والمراهقة والعوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر على مؤشر كتلة الجسم من الرضاعة إلى مرحلة البلوغ.

ويعتبر اكتساب الوزن الزائد أثناء الحمل لدى الأم، وخاصة خلال الأسابيع العشرين الأولى من الحمل، عاملاً من عوامل خطورة بشأن تطور الوزن الزائد لدى الأطفال، ويرتبط وزن الولادة وهو مؤشر بديل لتغذية الجنين، بخطر السمنة في وقت لاحق من الحياة.

ويمكن أن يؤدي الإفراط في التغذية ونقص التغذية أثناء الحياة الجنينية إلى تحفيز المسارات المسؤولة عن السمنة، ويرتبط ارتفاع الوزن عند الولادة بارتفاع خطر السمنة في حين ارتبط انخفاض الوزن عند الولادة بنسبة أعلى من الدهون في الجسم، بغض النظر عن مؤشر كتلة الجسم والسمنة البطنية لدى المراهقين.

كما يرتبط اكتساب الوزن السريع أثناء الرضاعة بارتفاع خطر السمنة في وقت لاحق من الحياة، فعوامل مثل نوع وكمية العناصر الغذائية التي تستهلكها الأم أثناء الحمل والرضاعة، فضلاً عن الحالة الغذائية للوالدين قبل الحمل، يمكن أن تؤثر على تطور المضاعفات الأيضية في مرحلة البلوغ.

وقد ارتبطت مدة الرضاعة الطبيعية الأطول، بانخفاض انتشار زيادة الوزن في وقت لاحق من الحياة، كما أظهرت الدراسات أن تقليل محتوى البروتين في تركيبات الأطفال يرتبط بانخفاض مؤشر كتلة الجسم وخطر السمنة في سن المدرسة على الرغم من الحاجة إلى مزيد من التحقيق.

أثناء الطفولة يرتبط الارتداد المبكر للسمنة وهي المرحلة التي يبدأ فيها مؤشر كتلة الجسم في الارتفاع بعد الوصول إلى الحد الأدنى، بارتفاع مؤشر كتلة الجسم وزيادة الأنسجة الدهنية تحت الجلد ومحيط الخصر في مرحلة البلوغ.

وتعد مرحلة المراهقة فترة هشة من الناحية التغذوية بسبب النمو المتسارع وزيادة احتياجات الطاقة والمغذيات، كما يؤثر توقيت البلوغ على تغيرات مؤشر كتلة الجسم من الطفولة إلى مرحلة البلوغ إذ يزيد البلوغ المبكر من خطر الإصابة بالسمنة في وقت لاحق من الحياة.

السمنة والإفراط في تناول الطعام

غالباً ما يُعزى "وباء السمنة" إلى المفهوم التبسيطي للإفراط في تناول الطعام وأنماط الحياة المستقرة، ومع ذلك فإن الواقع أكثر تعقيداً بكثير، إذ يتضمن تفاعلاً معقداً بين العوامل السلوكية والبيئية والفسيولوجية والوراثية والاجتماعية والاقتصادية.

ومفهوم توازن الطاقة، أي العلاقة بين تناول السعرات الحرارية والإنفاق، أمر أساسي لفهم السمنة، فتجاوز تناول السعرات الحرارية الإنفاق قليلاً يساهم بشكل كبير في زيادة الوزن التراكمي، ومع ذلك يتأثر هذا التوازن بعدد لا يحصى من العوامل البيولوجية مما يجعل من المبالغة في التبسيط أن نعزو السمنة إلى فائض السعرات الحرارية فقط، وهناك حاجة إلى مناهج وبائية حديثة مثل تحليلات أنظمة المعلومات الحيوية المتكاملة لكشف تعقيدات السمنة وتحديد الأسباب الكامنة وراءها.

وأحد التحديات التي تواجه دراسة عوامل خطر السمنة، هو التباين في كيفية تراكم الدهون في الجسم، فالاختلافات في تكوين الجسم وتراكم الدهون الإقليمية عند أي مستوى معين من السمنة تعقد فهم السمنة كحالة مفردة، ويقول الخبراء إن الحالة لا يمكن علاجها ككيان متجانس.

وساعدت التطورات في التصوير والتقنيات الفسيولوجية التكاملية مثل وضع العلامات النظيرية للكشف عن وجود الدهون البنية في تحديد النمط الظاهري للأفراد المصابين بالسمنة بشكل أفضل وتقييم تكوين الجسم، ما يمكن أن يؤدي هذا إلى تحديد مجموعات فرعية ذات خصائص مشتركة وعوامل سببية مشتركة محتملة.

وأدى البحث عن العوامل الجينية في السمنة، إلى تحديد بعض الأشكال أحادية الجين للحالة على الرغم من ندرتها، فقد تكون هذه الحالات أكثر انتشاراً في السكان من ذوي القرابة.

على سبيل المثال، تشكل الطفرات في جين يُسمى MC4R ما يصل إلى 5% من السمنة المبكرة الشديدة، مما يجعلها واحدة من أكثر الأسباب الوراثية انتشاراً، كما أن السمنة الناجمة عن الطفرات في جين آخر يُعرف باسم FTO معروفة أيضاً.

وتلعب العمليات الجينية مثل مثيلة الحمض النووي، دوراً أيضاً في السمنة، على الرغم من أن مساهمتها الدقيقة لا تزال غير واضحة، تتأثر هذه العمليات بعوامل خارجية مثل النظام الغذائي والنشاط البدني وعوامل داخلية مثل الهرمونات.

وتشير الأبحاث إلى أن التغيرات الجينية قد تساهم في تطور السمنة والأمراض المصاحبة لها ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لإثبات علاقة سببية، ومن الجدير بالذكر أن التعديلات الجينية الناتجة عن العوامل البيئية مثل التغذية الأمومية أثناء الحمل تلعب دوراً كبيراً في تطور السمنة.

ومع ذلك، لا يمكن للوراثة وحدها أن تفسر الزيادة السريعة في انتشار السمنة على مستوى العالم على مدى السنوات الثلاثين الماضية، بدلاً من ذلك يرجح أن تكون السمنة نتيجة للتفاعلات بين جينات الاستعداد المتعددة وعوامل نمط الحياة المختلفة.

وتلعب العوامل البيئية، دوراً حاسماً في تشكيل تناول الطاقة وإنفاقها، ولا تتأثر سلوكيات الأكل بالوراثة فحسب بل تتأثر أيضاً بتوافر الطعام وبأسعار معقولة وفرص تناول الطعام والبيئة المبنية.

واستغلت شركات الأغذية، استراتيجيات تسويقية قوية لتشجيع الإفراط في الاستهلاك، ما ساهم في انتشار وباء السمنة، وقد ارتبط تنوع الأطعمة والوجبات الخفيفة الغنية بالطاقة المتاحة إلى جانب اتجاه تناول الطعام خارج المنزل بزيادة معدلات السمنة، وغالباً ما ينطوي تناول الطعام خارج المنزل على أحجام أكبر من الوجبات وتناول سعرات حرارية أعلى وهو ما ارتبط بزيادة الوزن.

ويتأثر النشاط البدني وهو عنصر سلوكي رئيسي آخر، بعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية، وقد ساهم ارتفاع أنماط الحياة المستقرة التي تغذيها عوامل مثل وسائل النقل وألعاب الفيديو واستخدام الكمبيوتر والمتطلبات المهنية بشكل كبير في زيادة متوسط مؤشر كتلة الجسم في البلدان ذات الدخل المرتفع.

ويتضح هذا الاتجاه أيضاً في العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، بالإضافة إلى ذلك ارتبط انخفاض مدة النوم بزيادة التعب مما يؤدي إلى الإفراط في استهلاك الطعام أثناء اليقظة والاستعداد لأسلوب حياة خامل والسمنة.

خطر السمنة.. عوامل مختلفة

ومن المثير للاهتمام أن القيلولة القصيرة التي تقل عن 30 دقيقة ارتبطت عكسياً بخطر السمنة، وعلى العكس من ذلك يرتبط العمل في نوبات الليل بالحرمان من النوم وتأثيراته اللاحقة والتي قد تشمل زيادة الوزن.

كما يلعب نوع وجودة السعرات الحرارية المستهلكة أيضاً، دوراً حاسماً في وزن الجسم وتوازن الطاقة على المدى الطويل، ويظل تأثير توزيع المغذيات الكبرى الغذائية البروتينات والدهون والكربوهيدرات، على وزن الجسم موضوعاً للنقاش، وتشير بعض الدراسات إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتينات يمكن أن يكون لها تأثير حراري مما يؤدي إلى زيادة إنفاق الطاقة، ومع ذلك فإن التأثير الإجمالي لتوزيع المغذيات الكبرى على السمنة ليس واضحاً تماماً.

تزيد السمنة بشكل كبير من خطر الإصابة بمجموعة متنوعة من المضاعفات الصحية الخطيرة التي تساهم في الوفاة المبكرة، وهذه المخاطر أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالأفراد ذوي الوزن الطبيعي.

وتشير الدراسات السكانية إلى أن كل من النحافة المفرطة والسمنة مرتبطان بزيادة المخاطر الصحية، ومع ذلك يمكن أن تتأثر المخاطر المرتبطة بمؤشر كتلة الجسم المحدد بعوامل مختلفة، وعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي التقدم في السن والتدخين والسلوكيات المستقرة والنظام الغذائي السيئ والدهون الحشوية الزائدة في البطن وانخفاض اللياقة القلبية التنفسية، إلى تفاقم المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم. 

وعلى العكس من ذلك، يمكن لعوامل مثل نمط الحياة النشط جسدياً، ومستويات عالية من اللياقة القلبية التنفسية، والنظام الغذائي عالي الجودة وانخفاض مستويات الأنسجة الدهنية الحشوية، أن تخفف من هذه المخاطر.

وتقول الأبحاث الحديثة، إن تطور الأمراض المصاحبة للسمنة مدفوع بتفاعل معقد من العوامل الوراثية والبيئية والنفسية الاجتماعية، وتؤثر هذه العوامل على العمليات الفسيولوجية التي تنظم تناول الطعام ونفقات الطاقة وترسب الدهون.

على سبيل المثال، يمكن للعوامل الوراثية أن تجعل الأفراد أكثر عرضة للسمنة من خلال التأثير على مسارات الجهاز العصبي المركزي التي تنظم الجوع والشبع، كما تعمل العوامل البيئية مثل الوصول إلى الغذاء غير الصحي وأنماط الحياة المستقرة على تفاقم خطر السمنة ومضاعفاتها المرتبطة بها.

أنواع الدهون في الجسم

تلعب الأنسجة الدهنية دوراً حاسماً في تخزين الطاقة وتنظيم التمثيل الغذائي، إذ تساهم أنواع مختلفة من الأنسجة الدهنية في العديد من العمليات الفسيولوجية والمرضية.

فالنسيج الدهني الأبيض الذي يُعرف تقليدياً بدوره في تخزين الطاقة ويُعترف به الآن كعضو غددي نشط يفرز مواداً نشطة بيولوجياً تُعرف باسم الأديبوكينات، وتؤثر هذه الجزيئات على التمثيل الغذائي وحساسية الأنسولين والالتهابات وهو الشكل الأكثر وفرة للنسيج الدهني لدى البشر ويوجد في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك المستودعات تحت الجلد والأحشاء حول الأعضاء الداخلية.

فيما يتخصص النسيج الدهني البني في إنفاق الطاقة من خلال التوليد الحراري، مما يساعد في الحفاظ على درجة حرارة الجسم، وهذه العملية نشطة بشكل خاص عند الأطفال حديثي الولادة ولكنها تتضاءل مع تقدم العمر، وتم ربط وجود النسيج البني عكسياً بمؤشر كتلة الجسم، مما يشير إلى دور وقائي ضد السمنة على الرغم من أن مشاركته الدقيقة في مسببات السمنة غير مفهومة تماماً.

ويوجد النسيج البني في مناطق محددة مثل منطقة ما بين الكتفين ومنطقة فوق الترقوة، وحول الأعضاء الحيوية مثل القلب والكلى.

وهناك نوعاً مميزاً من الخلايا الدهنية التي تظهر داخل الأنسجة الدهنية البيضاء ويمكنها تبديد الطاقة على غرار الخلايا الدهنية البنية، وهي الخلايا الدهنية البيجية والتي تمثل هدفاً محتملاً للاستراتيجيات العلاجية التي تهدف إلى مكافحة السمنة.

لكن قد تحدث بعض التغيرات المرضية في الدهون، فعندما لا تتمكن الأنسجة الدهنية تحت الجلد من التوسع بشكل صحيح، يتم ترسب الدهون الزائدة في أعضاء مثل الكبد والقلب والكلى، ويرتبط هذا الترسب الدهني خارج الجسم، بالبيئات المسببة لتصلب الشرايين والسكري والالتهابات مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.

يعتبر النسيج الدهني جزءاً لا يتجزأ من تنظيم توازن الطاقة من خلال تفاعلاته مع محور الأمعاء والدماغ والجهاز العصبي اللاإرادي والهرمونات المختلفة المتداولة، وتؤثر هذه الأنظمة على الشهية وتوليد الحرارة وترسب الدهون، بالإضافة إلى ذلك، تلعب ميكروبات الأمعاء دوراً في السمنة، وقد يؤدي خلل التوازن إلى تعزيز الالتهاب وتغيير التمثيل الغذائي للمغذيات والتأثير على تخزين الطاقة.

السمنة ليست حالة موحدة، فأنماطها مختلفة؛ على سبيل المثال، السمنة الصحية الأيضية، والسمنة الهزالية، وتتسبب في مستويات متفاوتة من المخاطر الصحية، ويعد تراكم الدهون الحشوية مؤشراً رئيسياً للانتقال من نمط صحي إلى نمط غير صحي.

خطوات الوقاية من السمنة

يجب أن تركز الوقاية الفعالة من السمنة على فقدان الوزن ومنع زيادة الوزن المفرطة، وتعد مجموعة واسعة من الاستراتيجيات بما في ذلك برامج تعزيز الصحة، وتدخلات سلوك نمط الحياة والسياسات التي تستهدف العوامل البيئية، ضرورية للنجاح.

يجب أن تبدأ الوقاية بشكل مثالي في وقت مبكر من فترة ما قبل الحمل، ومع ذلك هناك أدلة محدودة على فعالية التدخلات المبكرة.

وجدت مراجعة منهجية أن التدخلات أثناء الحمل والرضاعة غالباً ما كان لها تأثير ضئيل أو معدوم على مؤشر كتلة الجسم لدى النسل، وأظهر اثنان فقط من ستة تدخلات تركز على هذه الفترة الحرجة، فعالية.

وتضمنت هذه التدخلات الناجحة، تثقيفاً من قبل متخصصي الصحة المجتمعية بشأن النظام الغذائي للرضع والتغذية والنشاط البدني، قبل سن 24 شهراً، وعلى الرغم من النتائج المتباينة، تظل أهمية التدخل المبكر اعتباراً رئيسياً في الوقاية من السمنة.

كما أظهرت الوقاية من السمنة لدى الأطفال، نتائج متباينة وأظهرت بعض البرامج نجاحاً، في حين أن البعض الآخر، حقق تأثيراً ضئيلاً. 

وغالباً ما تتضمن الاستراتيجيات الفعّالة دمج التثقيف الصحي في المناهج الدراسية، وتعزيز النشاط البدني، وتوفير خيارات غذائية صحية في المدارس، ومع ذلك أظهرت السياسات التي تركز على بيئة الطفل وتكنولوجيا المعلومات الصحية، فعالية محدودة، كما حققت تدخلات الرعاية الأولية نجاحاً متواضعاً في تحسين ممارسات الأبوة وتعزيز عادات الأكل الصحية.

ونظراً لتعقيد السمنة، فإن النهج متعدد المستويات ومتعدد المكونات، ضروري، ويجب أن تعالج هذه الأساليب أطراً متعددة من السلوكيات الفردية إلى التأثيرات المجتمعية الأوسع.

وتسلط منظمة الصحة العالمية، الضوء، على أهمية النظر في عوامل مثل صحة الأم والطفل والتعليم الغذائي ومحو الأمية الصحية وسلوكيات الأكل الأسرية والتأثيرات البيئية، خاصة أن النهج الشامل الذي يتضمن استراتيجيات مختلفة ويشرك قطاعات متعددة، بما في ذلك التعليم والصحة، أمر بالغ الأهمية للوقاية الفعالة.

تتضمن إدارة السمنة، مزيجاً من التدخلات المتعلقة بأسلوب الحياة والتعديلات الغذائية والنشاط البدني والإدارة الطبية، وفي بعض الحالات جراحة السمنة، والهدف هو تحقيق والحفاظ على فقدان الوزن والحد من الأمراض المصاحبة المرتبطة بالسمنة، وتحسين جودة الحياة بشكل عام.

وظل تعديل السلوك، حجر الزاوية في إدارة السمنة لعقود من الزمان، وتركز هذه البرامج على مساعدة المرضى على فهم وتغيير سلوكياتهم الغذائية وإدارة الإجهاد وتطوير آليات التأقلم الصحية.

وأصبحت الأدوات عبر الإنترنت، بما في ذلك ردود الفعل عبر البريد الإلكتروني والعلاج السلوكي، تحظى بشعبية متزايدة في هذه البرامج التي تقدم دعماً أكثر سهولة وشخصية.

كما أصبحت التدخلات الغذائية، أكثر اختباراً بدقة في السنوات الأخيرة، وأظهرت الأنظمة الغذائية المختلفة فعاليتها في إنقاص الوزن.

ومن المثير للاهتمام أن الأنظمة الغذائية المختلفة مثل الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات والدهون، أظهرت نتائج مماثلة لفقدان الوزن، مما يؤكد على أهمية تفضيل المريض والتزامه للحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل، قد تكون الأنظمة الغذائية التي تتضمن تناول كمية أكبر من البروتين، والأطعمة ذات المؤشر الجلوكوزي المنخفض، ومحتوى الدهون المنخفض، مفيدة.

ويلعب النشاط البدني دوراً حيوياً في كل من فقدان الوزن والحفاظ على الوزن على المدى الطويل، وتشير التوصيات الحالية إلى زيادة النشاط الهوائي تدريجياً إلى 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع.

وعلى الرغم من أن نوع التمرين قد لا يؤثر بشكل كبير على فقدان الوزن بشكل عام، إلا أن الأنشطة الأكثر كثافة قد تكون مفضلة لبعض الأفراد، للحفاظ على الوزن بشكل مستدام، وقد تكون هناك حاجة إلى ما يصل إلى 90 دقيقة من التمارين الرياضية اليومية.

وفي بعض الحالات، قد تستخدم الأدوية كمكمل للنظام الغذائي والتمارين الرياضية، وخاصة للمرضى الذين يعانون من السمنة المتوسطة إلى عالية الخطورة.

ويمكن أن تختلف الاستجابة للأدوية المخصصة للمرضى الذين يعانون من صعوبات في فقدان الوزن ويحتاجون إلى دعم إضافي للالتزام بنظامهم الغذائي، وإذا لم يتم تحقيق فقدان كبير للوزن في غضون ثلاثة أشهر، فيجب النظر في العلاجات البديلة، كما تعد جراحة السمنة خياراً علاجياً للسمنة الشديدة واكتسبت شعبية مع ظهور إجراءات التنظير البطني الأقل خطورة.

ويتم النظر في هذا التدخل عادةً للمرضى الذين يعانون من مؤشر كتلة الجسم أكثر من 40 كيلوجراماً لكل متر مربع أو مؤشر كتلة الجسم أكثر من 35 كيلوجراماُ لكل متر مربع مع الأمراض المصاحبة.

وأظهرت الجراحة، نتائج إيجابية طويلة الأمد، بما في ذلك فقدان الوزن بشكل كبير، وانخفاضاً في خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالسمنة مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية، ومع ذلك فإنها تحمل مخاطر محتملة بما في ذلك نقص التغذية والمضاعفات الجراحية واستعادة الوزن.

تأثير السمنة على جودة الحياة

تتأثر جودة الحياة بشكل كبير بالسمنة وزيادة الوزن، ما يمثل عبئاً كبيراً على الصحة العامة، وبحلول عام 2030 من المتوقع أن تصل تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالسمنة ما بين 48 إلى 66 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها، مدفوعة بزيادة خطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالسمنة مثل مرض السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أنواع السرطان.

ومع ذلك، وبصرف النظر عن هذه المخاطر الصحية الجسدية، تؤثر السمنة وزيادة الوزن بشكل عميق على الرفاهية العاطفية وتقدير الذات والصحة النفسية الاجتماعية، مما يؤدي إلى انخفاض جودة الحياة المرتبطة بالصحة.

وتظهر الدراسات التي أجريت في مناطق مختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأستراليا، أنه مع زيادة مؤشر كتلة الجسم تنخفض جودة الحياة المرتبطة بالصحة.

زيادة الوزن وسنوات العمر المفقودة

وتكشف تقييمات جودة الحياة المرتبطة بالصحة، أن الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة يعانون من خسارة كبيرة في سنوات الحياة المعدلة حسب الجودة، مقارنة بنظرائهم من ذوي الوزن الطبيعي، كما أن الرجال والنساء الذين يعانون من زيادة الوزن في الولايات المتحدة، فقدوا 270 ألفاً و1.8 مليون سنة حياة معدلة حسب الجودة على التوالي سنوياً.

كما أن الرجال والنساء الذين يعانون من السمنة فقدوا 1.9 مليون و3.4 مليون سنة حياة معدلة، حسب الجودة على التوالي سنوياً، وتتفاقم هذه الخسائر بسبب حلقة مفرغة إذ يمكن أن يؤدي ضعف جودة الحياة المرتبطة بالصحة وضعف الصحة العقلية إلى زيادة الوزن بشكل أكبر، مما يؤدي إلى إدامة الارتفاع العالمي في معدلات السمنة.

غالباً ما يُنظر إلى فقدان الوزن باعتباره مساراً لتحسين جودة الحياة المرتبطة بالصحة، ولكن حجم فقدان الوزن اللازم لتحسينات سريرية كبيرة في جودة الحياة المرتبطة بالصحة لا يزال غير مدروس.

وتشير بعض الدراسات إلى أنه في الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة، فإن فقدان الوزن بنسبة 20% على الأقل على مدى عامين ضروري لتحقيق تحسينات ذات مغزى في جودة الحياة المرتبطة بالصحة، في حين يبدو بديهياً أن فقدان الوزن من شأنه أن يعزز جودة الحياة المرتبطة بالصحة، إلا أن الكمية المحددة اللازمة لإحداث فرق كبير سريرياً نادراً ما تم تحديدها كمياً.

ووجدت مراجعة منهجية للدراسات القائمة في الولايات المتحدة، والتي تحلل 20 دراسة، أن فقدان الوزن ذي الصلة سريرياً (عادةً أكثر من 5%) بعد جراحة السمنة يرتبط بتحسينات جودة الحياة المرتبطة بالصحة.

وفي الدراسات غير المتعلقة بالسمنة مع فقدان الوزن بنسبة 5%، لوحظت بعض التحسينات في جودة الحياة المرتبطة بالصحة، على الرغم من أن العلاقة السببية لا تزال غير مؤكدة.

تأثير السمنة على الأطفال والمراهقين

وفي الأطفال والمراهقين، في حين أن زيادة الوزن والسمنة قد لا تؤدي إلى أمراض مصاحبة فورية، إلا أنها مرتبطة بأنماط حياة أكثر خمولاً، وانخفاض احترام الذات، والاستبعاد الاجتماعي، والإنجازات التعليمية دون المستوى الأمثل، وانخفاض جودة الحياة.

ولفهم السمنة وإدارتها بشكل أفضل، يؤكد الباحثون على الحاجة إلى دراسات أكثر تفصيلاً حول الشهية وتفضيلات الطعام، فضلاً عن دور علم الوراثة، وعلم الوراثة فوق الجينية، وعلم التغذية الجينومي.

ومجال التغذية الدقيقة المتطور، والذي يهدف إلى تصميم التدخلات الغذائية بناءً على البيانات الوراثية والنمطية الفردية، يحمل وعداً ولكن من غير المرجح أن يكون حلاً مستقلاً لوباء السمنة العالمي، والذي يحركه إلى حد كبير العوامل المجتمعية، لذلك فإن الجمع بين التغذية الدقيقة الفردية والاستراتيجيات القائمة على السكان ضروري لمكافحة السمنة بشكل فعال.

تصنيفات

قصص قد تهمك