مع حلول الذكرى السنوية الأولى لهجوم السابع من أكتوبر، لا يبدو أن الحرب التي تخوضها إسرائيل على غزة في طريقها إلى النهاية، فقد اتخذ الصراع مسارات أكثر تعقيداً، جعلت احتمالات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أقل ترجيحاً من أي وقت مضى. وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من جانب الدبلوماسيين الأميركيين والمصريين والقطريين للتفاوض على وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، فإن الصراع في غزة لا زال دون حل، وهو الآن ينتشر في مختلف أنحاء المنطقة.
وخلفت حرب غزة، ندوباً سياسية وأمنية عميقة، وأشعلت فتيل الصراع في مناطق أخرى، وباتت أصداؤها تتردد في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعانى قطاع غزة، من دمار واسع النطاق، وتضررت بنيته التحتية بشدة، وتوسعت دوائر النزوح. ومنذ بدء الحرب، لقي أكثر من 41 ألف فلسطيني حتفه. ووصل الوضع الإنساني في غزة إلى مستويات كارثية، حيث يواجه سكان غزة نقصاً هائلاً في الغذاء وانتشار الأمراض وتشريد 1.9 مليون شخص من منازلهم.
وعلى مدار عام، فشلت إسرائيل و"حماس" في التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، في حين يتزايد خطر اندلاع صراع إقليمي كامل، مع تبادل الضربات بين إسرائيل و"حزب الله" من جهة، وإيران من جهة أخرى. وعلاوة على ذلك، توسع إسرائيل حربها لتشمل جبهات متعددة في سوريا والعراق واليمن.
وحققت الولايات المتحدة وقطر ومصر نجاحاً في نوفمبر 2023 في تأمين وقف مؤقت لإطلاق النار وتحرير بعض الرهائن، ولكن منذ ذلك الحين استمر الصراع دون هوادة، مما ترك المنطقة في حالة هشة من عدم اليقين، ويتجه ببطء نحو احتمال اندلاع صراع إقليمي أوسع، في ظل استعداد إسرائيل لشن هجوم جديد على إيران.
هل تحقق هدف تدمير "حماس"؟
رداً على هجوم 7 أكتوبر، أعلنت إسرائيل الحرب، وأطلقت عملية "السيوف الحديدية"، وضربت ما تقول إنها أهداف لحماس و"الجهاد الإسلامي" في غزة. كما أغلقت خطوط إمداد الضروريات الأساسية لسكان غزة، بما في ذلك الوقود والمياه.
وفي الفترة ما بين 7 و12 أكتوبر، أسقطت إسرائيل 6 آلاف قنبلة على المنطقة المأهولة بالسكان بكثافة، وهو ما يعادل العدد الإجمالي للغارات الجوية على غزة خلال الصراع بين غزة وإسرائيل في عام 2014 بأكمله، والذي استمر 50 يوماً.
وفي أعقاب هذا الهجوم غير المسبوق، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هدف الحرب هو "تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس". وقال: "إذا كنت تريد السلام، دمر حماس. إذا كنت تريد الأمن، دمر حماس. إذا كنت تريد مستقبلاً لإسرائيل والفلسطينيين والشرق الأوسط، دمر حماس". ووافق الرئيس الأميركي جو بايدن على ضرورة القضاء على "حماس" بالكامل.
ونجحت إسرائيل في استهداف العديد من قيادات "حماس"، بمن فيهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية في طهران، ولكن سرعان ما تم استبداله بيحيى السنوار، قائد الحركة في غزة، ومهندس هجوم السابع من أكتوبر.
وبعد مرور عام على الحرب، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، أن 60% من مقاتلي "حماس"، لقوا مصرعهم أو جُرحوا. وهو ما يشير إلى أن إسرائيل لم تقترب بعد من تحقيق أهدافها للحرب، وفق محللين تحدثوا إلى "الشرق".
وقد تساءل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن ما إذا كان أي شخص يعتقد أنه من الممكن تدمير "حماس" تماماً، وأنه إذا حافظت إسرائيل على هذا الهدف، فإن الحرب ستستغرق 10 سنوات.
الباحث بمعهد الدراسات الاستراتيجية في باريس، جعفر بوزميطة، قال في حديثه مع "الشرق"، إن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة منذ 7 أكتوبر، لسبب بسيط هو أنها "رفعت كثيراً من سقف هذه الأهداف، خصوصاً في ما يتعلق بتدمير حماس، فالحركة مازالت قائمة وموجودة، ولا زالت تشن هجمات على إسرائيل، وبعد فشلها في تحقيق هذه الأهداف، لجأت (إسرائيل) إلى سلسلة من الاغتيالات، وورطت معها الديمقراطيات الغربية، التي باتت تصطف إلى جانب كيان محتل يقتل الأطفال والمدنيين ويدمر المباني".
عجز إسرائيلي
وشدد بوزميطة على أن العجز الإسرائيلي في القضاء على "حماس"، تسبب في توسيع رقعة الصراع في المنطقة، حيث انتقلت إسرائيل إلى القتال في لبنان، بغرض حفظ ماء وجهها أمام العالم والمنطقة، وبذلك، لم يستطع نتنياهو تحقيق أي إنجاز في هذه الحرب، ولا زال لديه الكثير من الرهائن لا يعرف مصيرهم، ويواجه انقساماً داخلياً خطيراً.
وحتى قبل أن تصبح "حماس" الحاكم الفعلي لقطاع غزة في عام 2007، كانت متجذرة بعمق في الشبكات الاجتماعية والدينية والتعليمية في مختلف أنحاء القطاع. وقد أدى حكمها الذي دام أكثر من خمسة عشر عاماً إلى زيادة حضورها. ونتيجة لهذا، تستطيع "حماس" بسهولة أن تستعين بهذه الشبكات للتعافي بمجرد رحيل القوات الإسرائيلية، وفق معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وأظهرت نتائج استطلاع لمركز القدس للإعلام والاتصال JMCC، ارتفاع نسبة من يرون أن هجوم 7 أكتوبر 2023، والذي شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل، يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية.
ووفقاً للاستطلاع، فإن النسبة التي ترى أن الهجوم يخدم المصلحة الوطنية، ارتفعت من 39.6% في مايو الماضي، إلى 45% في سبتمبر، لكن في المقابل انخفضت نسبة الذين يرون أن هذا الهجوم أضر بمصلحة الشعب الفلسطيني من 30.2% في مايو الماضي، إلى 24.5%، علماً بأن 20.1% قالوا إنه لن يضر ولن يخدم المصلحة الوطنية.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في مارس الماضي، أن 71% من الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية يعتقدون أن "حماس" كانت محقة في شن هجمات السابع من أكتوبر، وأن ما يقرب من ثلثيهم يعتقدون أن "حماس" ستخرج منتصرة.
ويشير الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، في حديثه مع "الشرق"، إلى أن "حماس ليست مجرد تنظيم عسكري فحسب، بل هي أيضاً فكرة وعقيدة، وعندما أعلن نتنياهو أن هدف الحرب هو تدميرها، فإنه كان يتخذ من هذا الهدف (شعاراً سياسياً) فقط"، مشدداً على أن "حماس ما زالت مسؤولة عن الحكم في غزة". وأوضح أن "حماس" تعرضت لضربات موجعة، لكن حجم الضرر لم يكن قاتلاً.
وهي نفس الفكرة يدافع عنها المحلل التونسي بوزميطة، الذي قال إن "عدم تحقيق أهداف الحرب هو كسر للأسطورة القائلة بأن إسرائيل هي القوة العسكرية الخارقة في المنطقة المالكة لسلاح النووي، وهي في حقيقة الأمر لا تستطيع بهذا السلاح النووي، حماية نفسها وأن تُوحد جبهتها الداخلية"، وشدد على أن "إسرائيل لم تحقق أهدافها باعتراف مسؤوليها السابقين والحاليين خاصة في مجال الاستخبارات والتكتيك الميداني".
وبشأن نهاية الحرب الإسرائيلية على غزة، قال بوزميطة إن "الكل يدفع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى وقفها، حتى إيران لا تريد توسعاً لهذا الصراع، بل هي في حرب استنزاف، وقد ترغب في أن تنخرط في حرب استنزافية لإسرائيل والولايات المتحدة، إذ تواصل تهديد السلم الداخلي لإسرائيل، وضربت الاقتصاد الداخلي، وهددت اللحمة والاستقرار والسلم الاجتماعي في تل أبيب".
واعتبر أن "إسرائيل فشلت في استعادة كبريائها وأمنها"، مضيفاً أنه "وعلى الرغم من العملية التي تسببت في سقوط أعداد هائلة من المدنيين، فإن إسرائيل لم تتمكن من تحرير جميع رهائنها. كما أنها تخسر معركة الرأي العام الدولي، وقد اتُهمت بالإبادة الجماعية في جلسات استماع في محكمة العدل الدولية".
وبشأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في "حربها العقابية" على غزة، فإنه يرى أن واشنطن لا تريد التورط بشكل مباشر في حرب واسعة في الشرق الأوسط، بالنظر إلى الرهانات الكبرى المرتبطة بالانتخابات الرئاسية ومواجهة الصين في شرق آسيا.
وأوضح أن التوسع العسكري الإسرائيلي، ونقل المعارك إلى مناطق جديدة يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة، سيّما وأن إسرائيل لم تعد مترددة بشأن ضرب إيران، وتجاوز الخطوط الحمراء باستهداف المواقع النووية، "وقد يكون هذا مؤشراً على اتساع نطاق الحرب والتحول إلى حرب شاملة، وهو ما تحاول واشنطن تفاديه".
شرق أوسط جديد
توسعت رقعة الحرب التي تخوضها إسرائيل في المنطقة، لتشمل لبنان وإيران واليمن، في وقت تحث فيه الولايات المتحدة حليفتها على عدم تصعيد الصراع أكثر. لكن من المرجح أن ترى إسرائيل اللحظة الحالية كفرصة جيدة للغاية لا ينبغي تفويتها، وفق "فاينانشيال تايمز".
ومنذ 17 سبتمبر الماضي 2024، وجهت إسرائيل ضربة تلو الأخرى لـ"حزب الله" اللبناني، أولاً "تفجيرات البيجر" وأجهزة اللاسلكي، ثم غارة جوية ضخمة على جنوب بيروت، والتي قتلت القائد الكبير في الجماعة، إبراهيم عقيل، تلا ذلك بعد ثلاثة أيام بدء حملة قصف كبيرة على الضاحية الجنوبية، حيث ثم القضاء على القيادة العليا لـ"حزب الله" بالكامل تقريباً.
وفي أعقاب اغتيال زعيم جماعة "حزب الله" حسن نصر الله، تحدث بنيامين نتنياهو، عن أن عملية الاغتيال هي لـ"تغيير ميزان القوى في المنطقة لسنوات" وأنه يريد تغيير وجه الشرق الأوسط، من خلال القضاء على وكلاء إيران في المنطقة.
ويشير آفي ميلاميد، المسؤول السابق في الاستخبارات الإسرائيلية والمتخصص في الشؤون العربية متحدثاً إلى مجلة rollingstone: "لقد تم رسم مسار جديد، وتحولت موازين القوى والردع في جميع أنحاء المنطقة لصالح إسرائيل". وأضاف أن "الضربات في اليمن لا تهدف فقط إلى منع الحوثيين من إطلاق الصواريخ ضد إسرائيل، بل وأيضا إلى تذكير إيران بأن إسرائيل تحتفظ بقدرات بعيدة المدى".
وشدد على أنه "يبدو أن الضربة الإيرانية ضد إسرائيل هي محاولة لإعادة تأسيس ردعها، وربما خطوة يائسة لتعطيل تقدم إسرائيل ضد حليفها الرئيسي حزب الله"، وأضاف "ومع ذلك، فإن نطاق الإطلاق من المرجح أن يؤدي إلى تصعيد التوترات إلى شفا صراع إقليمي قد تكافح إيران للفوز به. ومن المرجح أن يكون رد إسرائيل هذه المرة أوسع وأقل تحفظاً؛ مما كان عليه في أعقاب الضربة المباشرة غير المسبوقة التي وجهتها إيران في أبريل".
كانت تلك الضربة رداً على هجوم إسرائيل على السفارة الإيرانية في دمشق. في ذلك الوقت، أرسلت إيران مئات الطائرات بدون طيار والصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية إلى إسرائيل، قائلة إنها كانت تستهدف القواعد الجوية. ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، تم اعتراض 99% من الذخائر القادمة من قبل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وكذلك الطائرات المقاتلة الأميركية والبريطانية والفرنسية.
وعلى النقيض من الهجوم الذي وقع في أبريل 2024، استخدمت إيران صواريخ باليستية متوسطة المدى، بما في ذلك بعض أسلحتها الأكثر تقدماً. وفي حين تمتلك إسرائيل نظام دفاع جوي متطور، يُعرف باسم القبة الحديدية، يهدف إلى اعتراض الصواريخ والقذائف قصيرة المدى، فإنها تعتمد على أنظمة مختلفة - مقلاع داود والسهم - للدفاع ضد الصواريخ الباليستية.
ويعود المحلل السياسي، نضال السبح، في حديثه مع "الشرق"، إلى الأيام الأولى لحرب غزة، عندما روج الإسرائيليون لفكرة الانتصار، وجر المنطقة كلها إلى أتون الحرب، مضيفاً أنه "بعد يومين من هجوم 7 أكتوبر، خرج نتنياهو بتصريحات تركز على ضرورة تغيير وجه الشرق الأوسط، ودعا إلى حشد 350 ألف جندي إسرائيلي، وهذا رقم كبير من المؤكد أنه لم يكن مخصصاً لغزة وحدها".
وقال إن الجيش الإسرائيلي تمكن من تدمير غزة خلال الثلاث الأشهر الأولى من الحرب، وعمل نتنياهو على إطالة أمد الحرب من أجل ارتكاب مزيد من الجرائم، فيما كان "حزب الله" في تلك الفترة يعتقد أن عملية الإسناد قد تدوم شهر أو شهرين على أبعد تقدير، ولكن الإسرائيليين كانوا يراهنون على جره إلى حرب استنزاف طويلة دامت عاماً كاملاً.
وشدد المحلل اللبناني، على أن "الإسرائيليين استعدوا لهذه المعركة بشكل جيد استخباراتياً وأمنياً وسياسياً، وبدا واضحاً أن المعركة مع (حزب الله) مختلفة هذه المرة ومغايرة لحرب 2006، إذ لم يتمكن الإسرائيليون خلال ذلك العام من الوصول إلى أي قيادي في الحزب، عكس اليوم، حيث تم القضاء على غالبية القيادات في ظرف شهرين فقط".
وحسبما يرى نضال السبح، فإنه "إذا تمكن الإسرائيليون من كسر شوكة (حزب الله)، فإنهم سيتجهون في الغالب إلى دمشق، خاصة أنهم وجهوا رسائل تهديدية لمسؤولين سوريين، وهددوا بالقضاء على النظام السوري". وشدد على أن "الجيش السوري يعيش على وقع استنفار أمني كبير في منطقة الجولان منذ إعلان إسرائيل بدء عملية برية في جنوب لبنان".
واعتبر أن "القيادات الإسرائيلية تسعى إلى رسم وضع جديد من خلال تحديد الأهداف ووضعها في سلة واحدة، وتشمل هذه الأهداف قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان وسوريا واستهداف المواقع النووية الإيرانية"، مضيفاً "لكن نتنياهو لا يمكنه الذهاب إلى هذه الخطوة بدون موافقة الولايات المتحدة التي تبدو مترددة حيال ذلك".
هل هي حرب لا نهاية لها؟
تتصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل في الوقت الذي تدرس فيه الأخيرة خيارات الرد على هجوم بالصواريخ الباليستية الذي شنته طهران، والذي كان رداً على العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان.
وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى إقناع إسرائيل بـ"تقليص" ردها المرتقب على هجوم إيران، على أمل منع تفاقم صراع إقليمي تتسع رقعته في منطقة الشرق الأوسط على نحو لا يمكن السيطرة عليه، رغم مخاوف غربية من أن تأثير واشنطن ربما يكون "محدوداً".
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، إن "القيادات الإسرائيلية الحالية تخدم مصالحها الحزبية الخطيرة عبر إطالة الحرب، حيث أن نتنياهو مستعد لخوض حرب استنزاف طويلة، (يقول الجيش إنها ليست ضرورية وبدون أهداف واضحة)، وهو يخوضها لكي يبقى في الحكم".
تغييب أزمة غزة
فيما إيران "لديها حسابات ذاتية ضيقة ولديها أذرع قوية ومدربة وكبيرة، وتسخرها من أجل مصالح القومية الضيقة"، مشيراً إلى أن "المصالح الإيرانية والإسرائيلية تلتقي في لبنان، لأنه من جهة نتنياهو هذه الحرب غيبت موضوع غزة عن الاهتمام العالمي، ولم يعد أحد يهتم بالضحايا المدنيين والأطفال والبنية التحتية المدمرة، كما أنها أظهرت أن (حزب الله) هو المعتدي، وأن إسرائيل في حالة دفاع".
وبشأن ما إذا كانت هذه الحرب التي تخوضها إسرائيل لا نهاية لها، قال مجلي، إن "نتنياهو أعلن أن العملية في لبنان ستكون محددة ومؤقتة، لكن في العلم العسكري ليس هناك شيء محدود ومؤقت، هم خفضوا سقف العملية لأهداف غير معروفة، بمعنى أنهم إذا واجهوا مقاومة شرسة من (حزب الله)، وأوقع بهم خسائر بشرية، سيقول (نتنياهو) نحن من البداية تحدثنا أن العملية مؤقتة ومحدودة، وفي حال انهارت خطوط حزب الله الأمامية، ربما لا يلتزم نتنياهو بالحدود التي وضعها لهذه العملية، وهي نهر الليطاني، وربما يصل إلى بيروت".
استراتيجية الضربات المتلاحقة
وعلى حد وصفه، يواجه الإسرائيليون "حزب الله" من خلال استراتيجية "الضربات المتلاحقة"، "حتى لا يتمكن من لململة جراحه وترميم بنيته الأمنية والعسكرية، مضيفاً أن "أكبر خلل يعاني منه (حزب الله) هو الخرق الأمني والاستخباراتي، وهو بمثابة سرطان ينهش بالجسد". وقال إنه "ما لم يتمكن (حزب الله) من حل لغز الاختراقات الأمنية، ستستمر هذه العملية، وربما بوتيرة أعلى وأعنف".
عاهد فروانة، الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الإسرائيلي قال، إن "نتنياهو يحرص أن تظل هذه الحرب مستمرة حتى الانتخابات الأميركية، لأنه يريد أن يعيد صديقه القديم دونالد ترمب إلى الحكم، فهو لا يثق في الحزب الديمقراطي وبقادته؛ لأنه له تجربة مريرة معهم مثل بايدن وأوباما وكلينتون، وهو لا يثق حتى بالمرشحة كامالا هاريس إذا تولت الحكم".
وأشار في حديثه مع "الشرق"، إلى أن "نتنياهو لا يريد إنجاح أي مبادرة لوقف إطلاق النار يرعاها الديمقراطيون، وهو يعمل على فتح جبهات جديدة، من خلال خوض حرب مع لبنان، وقصف اليمن وسوريا".
وشدد على أن "نتنياهو يحرص على أن تظل هذه الحرب لأطول فترة ممكنة، حتى ينقذ نفسه من التحقيقات التي ستفتح ضده لإخفاقه في 7 أكتوبر، وهو بذلك يريد إطالة أمد هذه الحرب لإبعاد هذه التحقيقات عنه، وهو في نفس الوقت يريد تحقيق رؤية اليمين المتطرف داخل دولة الاحتلال، وهو عراب هذا اليمين، بأنه يريد حسم الصراع مع الفلسطينيين".
وأكد فراونة، أن نتنياهو يحرص على "حسم الصراع" بمعنى تصفية القضية الفلسطينية، ويعتبر أن "الدعم الأميركي يوفر له البيئة المناسبة للاستمرار في هذه الحرب"، مشدداً على أنه "سيظل في هذه الحرب الوجودية لضمان تأييد المجتمع الإسرائيلي".
من جانبه، قال حسام الدجني، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في قطاع غزة، إنه "لا يوجد حرب ليست لها نهاية، لكن حرب غزة لن تنتهي في القريب العاجل"، مضيفاً أن "نتنياهو يراهن على الانتخابات الأميركية وإلى أين ستؤول الأمور، وبالتالي "ستبقى هذه الحرب مستمرة إلى نوفمبر المقبل".
وشدد في حديثه مع "الشرق"، على أن "بعض الإنجازات التي يحققها نتنياهو العسكرية في غزة تُعطيه مؤشراً للبقاء والاستمرار في هذه الحرب، إلا إذا حدثت تطورات على المستوى الميداني، وارتفعت الخسائر البشرية التي يتكبدها الجيش الإسرائيلي".