الانتخابات الأميركية تلقي بظلالها على هجوم إسرائيل المنتظر ضد إيران

تل أبيب تطمئن واشنطن وسط مخاوف بشأن أسعار الطاقة.. ونتنياهو: سنتخذ القرار وفق مصلحتنا

time reading iconدقائق القراءة - 11
اجتماع سابق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من القادة العسكريين. 12 أغسطس 2024 - x/IsraeliPM_heb
اجتماع سابق بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من القادة العسكريين. 12 أغسطس 2024 - x/IsraeliPM_heb
دبي -الشرق

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن الهجوم الإسرائيلي المنتظر على إيران، سيستهدف "مواقع عسكرية في إيران بدلاً من المنشآت النفطية أو النووية"، وفق ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست"، عن مسؤولين اثنين مطلعين على الأمر.

وفي الأسبوعين اللذين أعقبا إطلاق آخر وابل من الصواريخ الإيرانية على إسرائيل، وهو الهجوم المباشر الثاني خلال 6 أشهر، كانت منطقة الشرق الأوسط تترقب الهجوم الذي وعدت به حكومة نتنياهو، وسط مخاوف من أن تتحول "الحرب السرية" المستمرة منذ عقود بين البلدين، إلى مواجهة عسكرية مباشرة.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أنه "لن يدعم ضربة إسرائيلية على المواقع النووية أو النفطية" في إيران.

وعندما تحدث بايدن ونتنياهو، الأربعاء، في أول مكالمة بينهما منذ أكثر من 7 أسابيع، بعد أشهر من تصاعد التوترات بين الطرفين، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إنه يخطط لاستهداف "البنية التحتية العسكرية" في إيران، وفقاً لمسؤول أميركي وآخر مطلع على الأمر، طلبا عدم كشف هويتهما.

وأشار المسؤول المطلع، إلى أن الهجوم الإسرائيلي سيتم "بشكل محسوب" لتجنب ظهور "تدخل سياسي في الانتخابات الأميركية"، في إشارة إلى أن نطاق الضربة الإسرائيلية قد يكون له تأثير على الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر المقبل.

على نحو مماثل، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، الاثنين، عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن إسرائيل أكدت لإدارة بايدن أن الهجوم المخطط له على إيران "لن يستهدف منشآت نووية ونفطية".

وكان البيت الأبيض يسعى للحصول على هذا التعهد، لتجنب المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط وتجنب زيادة محتملة في أسعار النفط.

وأضاف المسؤولون، أن التعهدات جاءت في مكالمة بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، وكذلك في محادثات في الأيام الأخيرة بين وزير الدفاع لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي يوآف جالانت.

وأوضح المسؤولون، أن إسرائيل اقترحت أنها ستستهدف أهدافاً عسكرية أو استخباراتية، لكنها امتنعت عن تقديم قائمة بأهداف محددة للولايات المتحدة. 

قواعد جديدة للاشتباك

في المقابل، قال مكتب نتنياهو في بيان، الثلاثاء، إن إسرائيل ستنصت إلى الولايات المتحدة "لكن تل أبيب ستتخذ قراراتها بناء على مصلحتها الوطنية".

وجاء في البيان الذي كان مرفقاً بتقرير "واشنطن بوست": "نحن نستمع إلى رأي الولايات المتحدة، لكننا سنتخذ قراراتنا النهائية بناءً على مصالحنا الوطنية".

ورجحت "وول ستريت جورنال"، أن هجوم إسرائيل، الذي من المحتمل أن يأتي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 5 نوفمبر المقبل، ربما يشبه هجوماً سابقاً في أبريل، استهدف قاعدة عسكرية إيرانية بعد وقت قصير من إطلاق طهران 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل.

ورفض مجلس الأمن القومي الأميركي، ووزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، والسفارة الإسرائيلية في واشنطن التعليق على التأكيدات الإسرائيلية، التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست" لأول مرة، كما لم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة على طلب التعليق.

لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا، إن عمليتهم ربما تصيب أهدافاً غير متوقعة. ورجح محللون أيضاً أنها ربما تكون أكثر شدة، فيما قال آخرون إن بايدن يجب أن يكون حذراً من تأكيدات نتنياهو بشأن الهجوم.

وقال ناتان ساكس، مدير مركز سياسة الشرق الأوسط التابع لمؤسسة "بروكينجز" للأبحاث، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن قرار نتنياهو كان "مطمئناً إلى حد ما لإدارة بايدن"، لكنه رد إسرائيل من المرجح أن يهدف إلى إلحاق أضرار جسيمة بطهران.

وأوضح ساكس، أن "الهجوم الإيراني الأخير تسبب في أضرار حقيقية، وإسرائيل عازمة على توضيح أن القواعد القديمة لا تزال سارية: إيران يجب ألا تجرؤ على ضرب إسرائيل بشكل مباشر، بدلاً من القواعد الجديدة التي تأمل إيران في تأسيسها، وهي المعاملة بالمثل بشكل منتظم بين البلدين".

بدوره، قال فرانك لوينشتاين، وهو مسؤول سابق بالخارجية الأميركية في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما: "لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يطرح فيها (نتنياهو) ما يريد بايدن سماعه، ثم يغير موقفه عندما يتلقى رد فعل عنيف من اليمين"، مضيفاً أن المتشددين في الحكومة الإسرائيلية "ما زالوا يدفعون باتجاه شن هجوم على مواقع نووية، أو على الأقل منشآت نفطية".

موقف نتنياهو 

ويقول محللون اقتصاديون إن أي ضربة إسرائيلية على منشآت نفط إيرانية ربما تؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة، بينما قد يؤدي هجوم على برنامج الأبحاث النووية في إيران إلى إلغاء الخطوط الحمراء المتبقية التي تحكم الصراع بين تل أبيب وطهران، مما يؤدي إلى تصعيد أكبر، ويزيد من خطر التدخل العسكري المباشر للولايات المتحدة. 

وقوبلت الخطة المعلنة لنتنياهو لاستهداف المواقع العسكرية بارتياح في واشنطن، وفق ما أوردت "واشنطن بوست".

وقال المسؤول الأميركي، إن نتنياهو كان في موقف "أكثر اعتدالاً" خلال الاتصال الهاتفي مع بايدن، مما كان عليه سابقاً. وأوضح أن التغيير الظاهر في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي ساهم في قرار بايدن بإرسال منظومة "ثاد" للدفاع الصاروخي إلى إسرائيل. 

والأحد، أعلن البنتاجون نشر منظومة "ثاد" في إسرائيل، إلى جانب نحو 100 من أفراد الجيش الأميركي.

وقال البنتاجون في بيانه إن المنظومة، التي من المتوقع وصولها خلال أيام، هي تأكيد على "التزام الولايات المتحدة الراسخ بالدفاع عن إسرائيل".

ضربة قبل الانتخابات الأميركية

وأشار المسؤول الأميركي المطلع، إلى أن الضربة الإسرائيلية المرتقبة على إيران ستنفذ قبل الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر، لأن عدم اتخاذ إجراء قد يُفسر من قبل إيران "كعلامة ضعف". وقال: "ستكون واحدة من سلسلة ردود".

وقال زوهار بالتي، الذي تولى سابقاً قيادة مديرية استخبارات "الموساد"، إن "نتنياهو سيحتاج إلى تحقيق توازن بين دعوات واشنطن إلى التهدئة، وبين المطالب الشعبية في إسرائيل برد ساحق"، مضيفاً: "لقد فقد الإيرانيون كل مظاهر ضبط النفس التي كانوا يمتلكونها".

وأقر المسؤول السابق في الموساد، بأنه "دون الأسلحة الأميركية، لا تستطيع إسرائيل القتال. ولكن إسرائيل هي التي تتحمل المخاطر، وتعرف كيف تؤدي المهمة".

وقال المسؤول المطلع لـ"واشنطن بوست"، إن نتنياهو عقد اجتماعاً مع مجلسه الأمني المصغر لمدة ثلاث ساعات، مساء الخميس، لمناقشة الخيارات المطروحة على الطاولة، لكنه لم يطلب تفويضاً رسمياً من مجلسه الوزاري للهجوم على إيران، ما أبقى التوقيت مفتوحاً عن عمد.

وفي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، هناك قلق من أن الضربة لن تكون قوية بما يكفي، أو علنية بما يكفي، لردع إيران عن شن هجوم مباشر آخر على إسرائيل، أو من تطوير أسلحة نووية.

وقالت جايل تلشير، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، والتي لها اتصالات مع أعضاء كبار في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إن "الجيش الإسرائيلي يريد استهداف القيادة العسكرية الإيرانية، لأنه بذلك لن يؤذي الشعب، ولن يشعل بالتالي حرباً أكبر في المنطقة". وأضافت: "لكن هذا ليس ما يفكر به نتنياهو".

 "صبر استراتيجي"

وفي أبريل الماضي، بعد أن ساعد تحالف عسكري تقوده الولايات المتحدة، إسرائيل، في اعتراض مئات من الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، ردّت إسرائيل بهجوم، وُصف بـ"الدقيق"، على قاعدة جوية في أصفهان، وسط إيران. 

وبقي المسؤولون الإسرائيليون صامتون بشأن هذا الهجوم، باستثناء وزير الأمن الداخلي إيتمار بن جفير، الذي نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الرد كان "ضعيفاً".

وفي مطلع أكتوبر، أطلقت طهران ما يقرب من 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، وهذه المرة دون تحذير. وأعلن أمير سعيد إيرواني، سفير إيران لدى الأمم المتحدة، أن الهجوم كان يهدف إلى "استعادة التوازن والردع".

وقال المسؤول السابق في الموساد: "عندما رددنا في المرة السابقة، لم يتلقوا الرسالة، لذا فإن البديل الآن هو بين ضبط النفس أو الانتقام، والإجابة واضحة".

وأطلقت إسرائيل توغلاً برياً في جنوب لبنان، في بداية أكتوبر الجاري، كما شنت حصاراً وهجوماً على شمال قطاع غزة الفلسطيني. ولكن عندما يتعلق الأمر بطهران، أشارت شخصيات مقربة من فريق نتنياهو إلى ما وصفته بـ"صبر استراتيجي".

وقال ناتان إيشل، مستشار عائلة نتنياهو، في رسالة مسربة إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية، الأحد: "تماماً كما انتظرنا مع حزب الله في لبنان، ومع حماس في غزة، أعتقد أننا سنضطر الآن إلى الانتظار مع إيران، سننهي الأمر في الشمال، ثم سنتوجه إلى إيران، التي لن تذهب إلى أي مكان".

وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي سابق مطلع على المناقشات الأمنية الحالية، إن الولايات المتحدة "تمنح إسرائيل وحكومة نتنياهو دعماً كبيراً، لكن من أجل حزب الله".

وأضاف أن الولايات المتحدة "ترسل نظام ثاد، وتعد بأنواع مختلفة من الأسلحة التي نحتاجها للقضاء على حزب الله، ولكنها تقول يمكننا التعامل مع إيران لاحقاً".

ضوء واشنطن الأخضر

وفي إطار المشاورات مع الولايات المتحدة، أفاد المسؤول الأميركي المطلع، بأن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها تعتزم إنهاء العمليات في لبنان خلال الأسابيع المقبلة.

وبينما سيواصل نتنياهو التشاور مع المسؤولين الأميركيين بشأن الضربة المحتملة ضد إيران، إلا أنه "لن ينتظر الضوء الأخضر من واشنطن"، حسبما قال مسؤول إسرائيلي مقرب من نتنياهو.

وأضاف: "الشخص الذي سيقرر الرد الإسرائيلي على إيران سيكون نتنياهو".

تقويض المحادثات النووية المحتملة

وقالت أستاذة العلوم السياسية تلشير، إن فريق نتنياهو يشعر بالقلق إزاء الانتخابات الأخيرة في إيران، والتي فاز فيها الرئيس الإصلاحي مسعود بيزشكيان، الذي أشار إلى انفتاحه على استئناف المحادثات النووية مع الغرب.

وإذا تم انتخاب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، يعتقد نتنياهو أن الاتفاق النووي سيعود إلى الطاولة، وبالتالي "الآن هو وقت استراتيجي لتقويض ذلك".

وتواصل شخصيات سياسية بارزة في إسرائيل، بما في ذلك رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، الضغط من أجل هجوم مباشر على المنشآت النووية الإيرانية. وقال بينيت، إن أي شيء أقل من ذلك قد يعرض الزخم الذي اكتسبته إسرائيل من حروبها في لبنان وغزة للخطر. 

وأضاف: "لقد تقلصت قدرات وكلاء إيران، حزب الله وحماس، بشكل كبير، تمتلك إسرائيل كل المبررات التي يمكن أن تحتاجها، لدينا القدرة، لدينا فرصة لا تتكرر إلا مرة في العمر".

تصنيفات

قصص قد تهمك