أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، عن مساعدات إنسانية للبنان بقيمة 100 مليون يورو، فيما قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن بلاده تعتمد على المجتمع الدولي لإنهاء الحرب.
وقال الرئيس الفرنسي، الذي تستضيف بلاده مؤتمراً دولياً لحشد المساعدات لصالح لبنان، إن على جماعة "حزب الله" في لبنان أن توقف عملياتها واستهداف ما بعد الخط الأزرق، لافتاً إلى أن "مؤتمر باريس سيقدم إمدادات أساسية للجيش اللبناني ويدعم تجنيد 6 آلاف فرد إضافي".
وأضاف ماكرون أن باريس ستقدم أيضاً مساعدات إنسانية للبنان بقيمة 100 مليون يورو، مشدداً على ضرورة احترام إسرائيل ولبنان القرار الأممي 1701، من أجل وضع الأسس لبناء السلام في الشرق الأوسط.
من جانبه، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن الهجمات الإسرائيلية على لبنان أدت إلى نزوح 1.4 مليون شخص، مؤكداً إلى أنها أخرجت أيضاً 13 مستشفى عن الخدمة.
وأضاف ميقاتي من باريس أن لبنان يعتمد على المجتمع الدولي من أجل إنهاء الحرب، وزيادة الدعم الإنساني، وإعادة بناء البنية التحتية في لبنان.
مؤتمر دعم لبنان
وتستضيف فرنسا، الخميس، مؤتمراً دولياً لحشد المساعدات العسكرية والإنسانية للبنان، الذي يتعرض لغارات إسرائيلية مكثفة، فضلاً عن العملية البرية التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، وسط تقارير إعلامية تشير إلى خلاف أميركي - فرنسي في وجهات النظر حول سياسة إيمانويل ماكرون بالشرق الأوسط.
وقال مكتب الرئيس الفرنسي إن المؤتمر سيضم وزراء ومسؤولين من أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والشركاء الإقليميين، بحسب "أسوشيتد برس".
ولفت مكتب ماكرون إلى أن الدعم الدولي قد يشمل المعدات والتدريب والمساعدات المالية، لتوظيف القوات وضمان الاحتياجات اليومية للجيش اللبناني.
وقال المنظمون الفرنسيون إنهم يأملون أن تلبي التعهدات المالية المتوقعة للمساعدات الإنسانية دعوة الأمم المتحدة للحصول على 426 مليون دولار، تقول إنها "مطلوبة بشكل عاجل في لبنان".
كما تهدف فرنسا من المؤتمر إلى تنسيق الدعم الدولي لتعزيز القوات المسلحة اللبنانية حتى تتمكن من "الانتشار على نطاق أوسع وبكفاءة" في جنوب البلاد، كجزء من صفقة محتملة لإنهاء الصراع بين جماعة "حزب الله" وإسرائيل.
وسيناقش المشاركون أيضاً كيفية دعم بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل"، ما قد يمنحها دوراً أقوى، حيث تقدم فرنسا ودول أوروبية أخرى ثلث قواتها، إضافة إلى تطبيق القرار الرقم 1701 ووقف النار.
وتسعى باريس إلى المساعدة في استعادة سيادة لبنان وتعزيز مؤسساته، إذ يعاني من فراغ في السلطة منذ عامين، وسط فشل في الاتفاق على رئيس جديد.
سياسية ماكرون "الغامضة"
لكن المؤتمر الدولي يأتي في وقت يقول فيه منتقدون إن النهج الدبلوماسي للرئيس الفرنسي في الشرق الأوسط أصبح "غامضاً"، بسبب اتصالاته التي وصفوها بأنها "فوضوية في بعض الأحيان".
وفي الأسابيع الأخيرة، بدا أن ماكرون شدد موقفه ضد إسرائيل، بينما دعا مراراً إلى وقف النار في كل من لبنان وغزة، وأدان "الخسائر البشرية التي لا تطاق". وقال مكتبه إنه كرر دعوته تلك، الاثنين، أثناء حديثه عبر الهاتف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وكانت هناك توترات حديثة بين مسؤولين فرنسيين وإسرائيليين، خاصة بعد أن دعا ماكرون إلى وقف صادرات الأسلحة لاستخدامها في غزة.
كما أدان ماكرون بشدة "الاستهداف المتعمد" من قبل إسرائيل لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) في جنوب لبنان، وهو ما نفته إسرائيل.
وما زاد التوتر بين الجانبين إعلان تل أبيب مقاضاة ماكرون بسبب قراره بمنع الشركات الإسرائيلية من عرض منتجاتها في معرض "يورونافال" البحري.
بدورها، ترى "رويترز" أن باريس أعدت للمؤتمر على عجل في مسعى لإظهار أنها "لا تزال تتمتع بنفوذ في دولة كانت تحتلها في الماضي"، لكن رغم مشاركة 70 وفداً و15 منظمة دولية في المؤتمر، فإن عدد الوزراء المشاركين من أصحاب الثقل "قليل".
فوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اختار القيام بجولة أخيرة في الشرق الأوسط، قبل الانتخابات الأميركية التي تجري في نوفمبر، ويتغيب عن اجتماع باريس رغم أنه سيكون في لندن، الجمعة، وسيكتفي بإرسال نائب عنه للحضور.
ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر الوزراء الرئيسيون الذين يشاركون في جهود الإغاثة، لكن لم تتم دعوة إيران ولا إسرائيل، حيث انتقد نتنياهو إقامة باريس للمؤتمر.
التنسيق الفرنسي الأميركي
من ناحية أخرى، تضغط باريس على الأطراف الرئيسية في لبنان، رغم ممانعة البعض، للمساعدة في المضي قدماً لانتخاب رئيس لملء الشغور المستمر منذ عامين قبل التوصل لوقف لإطلاق النار.
وقال دبلوماسيون إنه ليس من الواضح ما الذي يمكن تحقيقه على الصعيد السياسي، رغم أن فرنسا تروج لاتصالاتها المباشرة مع "حزب الله" وإيران، مقارنة بجهود الوساطة الأميركية، فيما يبدو أن التنسيق بين باريس وواشنطن "هزيل".
فعندما زار المبعوث الأميركي الخاص للبنان آموس هوكستين بيروت، الاثنين، قال إن الولايات المتحدة تعمل على صيغة لإنهاء الحرب بشكل دائم، وأشار إلى أن مجرد الالتزام بقرار سابق للأمم المتحدة ليس كافياً.
ولم يأت على ذكر باريس، رغم أنه التقى المستشار الدبلوماسي للرئيس إيمانويل ماكرون، الأربعاء.
وقال دبلوماسي من الشرق الأوسط إن "فرنسا تريد وقفاً لإطلاق النار وترى أنه لن يتم القضاء على حزب الله. وهي لا تريد أن تخسر ما استثمرته في هذه العلاقة، أما الولايات المتحدة فتريد تدمير حزب الله وتشجع الإسرائيليين على المضي قدماً".
بدوره، أفاد دبلوماسي غربي لـ"رويترز"، بأن "من غير الواضح ما الذي يحاول الفرنسيون تحقيقه من خلال هذا المؤتمر، فالفرنسيون غاضبون من الولايات المتحدة بسبب السماح للعمليات الإسرائيلية بالمضي قدماً، والولايات المتحدة تريد أن تبقي الفرنسيين بعيداً".
وينتقد مسؤولون أوروبيون عدم دعوة واشنطن إلى وقف فوري لإطلاق النار، ويخشون ألا تغير الإدارة موقفها قبل الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر.
وقالت رئيسة تحرير مدونة "كارنيجي أوروبا الاستراتيجية"، ريم مونتاز، لـ "أسوشيتد برس"، إن "الروابط التاريخية لفرنسا مع لبنان ودبلوماسيتها المؤثرة تمنح باريس الزخم لتنسيق الاستجابة المناسبة للتحدي الهائل الذي تشكله الحرب في لبنان الآن".
وأضافت أن الفرنسيين "يحاولون التأكد من أن المانحين الدوليين يسمعون مباشرة من الجهات الفاعلة على الأرض في لبنان والتي يمكنها وصف الاحتياجات الأكثر إلحاحاً الناجمة عن العدوان الإسرائيلي الذي أدى إلى نزوح 20% من السكان اللبنانيين على مدى أسبوعين".