يواجه نحو مليون مهاجر في الولايات المتحدة خطر فقدان إجراء "الحماية المؤقتة" الذي أقره الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك بعد أن وعد الرئيس المنتخب دونالد ترمب ونائبه جي دي فانس بتنفيذ عمليات ترحيل جماعي، وألمحا إلى تقليص استخدام وضع الحماية المؤقتة الذي يشمل أكثر من مليون مهاجر، بحسب "أسوشيتد برس".
ومنذ تولي بايدن منصبه في يناير 2021، عملت إدارته على توسيع عدد المهاجرين المؤهلين للحصول على وضع الحماية المؤقتة (TPS) بشكل كبير، وهو تصنيف يمنحهم إذناً محدوداً للإقامة والعمل في الولايات المتحدة وتجنب الترحيل المحتمل.
وكانت إدارته منحت وضع الحماية المؤقتة لمواطنين من 17 دولة شهدت اضطرابات سياسية أو كوارث طبيعية، بما في ذلك هايتي وأفغانستان والسودان ولبنان مؤخراً.
ويُعد الفنزويليون، إلى جانب الهايتيين والسلفادوريين، أكبر مجموعة مستفيدة من وضع الحماية المؤقتة، وهم الأكثر عرضة لخطر الترحيل إذا تم إلغاء هذا الوضع.
"قلق في هايتي"
وهذا الأسبوع، أُغلق المطار الدولي في هايتي بعد أن أطلقت عصابات النار على طائرة تجارية كانت تهبط في العاصمة، بور أو برنس، في وقت أدى فيه رئيس وزراء مؤقت جديد اليمين الدستورية، وإثر ذلك أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية قراراً بمنع شركات الطيران الأميركية من الهبوط هناك لمدة 30 يوماً.
بدورها، قالت فانيا أندري، رئيسة تحرير صحيفة "ذا هايتيان تايمز" الإلكترونية التي تغطي أخبار الجالية الهايتية: "هذا الوضع يخلق الكثير من القلق".
وأضافت: "إعادة آلاف الأشخاص إلى هايتي ليس خياراً، فالبلاد غير مؤهلة للتعامل مع العنف واسع النطاق الذي تسببه العصابات، ولا يمكنها استيعاب كل هؤلاء الأشخاص".
أما الفنزويلية ماريبيل هيدالجو فقد فرّت من وطنها فنزويلا قبل عام مع ابنها البالغ من العمر سنة واحدة، حيث قطعت رحلة شاقة عبر أدغال دارين في بنما، ثم استقلت القطارات عبر المكسيك وصولاً إلى الولايات المتحدة.
وقالت هيدالجو: "أملي الوحيد كان في وضع الحماية المؤقتة". وأضافت: "ما يقلقني، على سبيل المثال، أنني بعد كل ما عانيته مع ابني للوصول إلى هذا البلد، سيعيدونني مرة أخرى".
وفرّ أكثر من 7.7 مليون شخص من فنزويلا بسبب العنف السياسي والأزمة الاقتصادية في واحدة من أكبر حالات النزوح حول العالم.
كما تنتهي الحماية الممنوحة للسلفادوريين في مارس، بينما تنتهي الحمايات الممنوحة للسودان وأوكرانيا وفنزويلا في شهر أبريل. أما الحمايات الأخرى فتنتهي في وقت لاحق.
وأثارت مزاعم ترمب غير المؤكدة حول الهايتيين الذين يعيشون ويعملون بشكل قانوني في سبرينجفيلد، بولاية أوهايو، جدلاً، بعد اتهامهم بأنهم يأكلون حيوانات جيرانهم الأليفة.
كما قام ترمب بتضخيم مزاعم مثيرة للجدل أدلى بها عمدة أورورا في كولورادو، حول سيطرة عصابات فنزويلية على مجمع سكني.
وقال دي فانس في تجمع بولاية أريزونا، الشهر الماضي: "ما اقترح دونالد ترمب القيام به أننا سنتوقف عن منح الإفراج المشروط الجماعي"، في إشارة إلى وضع هجرة منفصل يسمى الإفراج الإنساني المشروط الذي بات هو الآخر في خطر.
ما إجراء الحماية المؤقتة؟
ويُعتبر وضع الحماية المؤقتة مشابهاً لبرنامج أقل شهرة يُسمى برنامج تأجيل التنفيذ المؤقت للترحيل، والذي استخدمه ترمب لمكافأة أنصاره من المنفيين الفنزويليين مع اقتراب نهاية فترة رئاسته الأولى، ما وفر الحماية من الترحيل لـ145 ألف شخص لمدة 18 شهراً.
وتوفر التصنيفات، التي يصدرها وزير الأمن الداخلي، حماية لمدة تصل إلى 18 شهراً، لكن يتم تمديدها في العديد من الحالات، فيما تنص اللوائح الفيدرالية على أنه يمكن إنهاء التصنيف قبل انتهاء صلاحيته، لكن ذلك لم يحدث من قبل، ويتطلب إشعاراً قبل 60 يوماً.
وأنشأ الكونجرس "وضع الحماية المؤقت" في عام 1990 عندما كانت الحرب الأهلية مستعرة في السلفادور. كما وفرت تصنيفات أخرى الحماية للناس خلال حروب البوسنة والهرسك والكويت، وأمام العنف في رواندا، وبعد الانفجارات البركانية في مونتسيرات، وهي إقليم بريطاني في الكاريبي، في عامي 1995 و1997.
ولا يشك المحامي أهيلان أرولانانثام، الذي نجح في تحدي محاولات ترمب السابقة، لإنهاء وضع الحماية المؤقتة لعدة دول، في أن الرئيس المنتخب سيحاول مرة أخرى القيام بذلك.
وقال أرولانانثام: "من الممكن أن يدرك بعض أفراد إدارته أن إلغاء تصاريح العمل لأكثر من مليون شخص، عاش العديد منهم في هذا البلد لعقود، ليس سياسة جيدة، بل كارثة اقتصادية، لكن لا شيء في تاريخ ترمب يوحي بأنهم سيهتمون بمثل هذه الاعتبارات".
وذكر أرولانانثام أن من "المؤكد" أنه قد يشهد تحدياً قانونياً آخر، وذلك بناء على ما ستفعله إدارة ترمب.
وقامت المحاكم بمنع انتهاء صلاحية تصنيفات الحماية المؤقتة لهايتي والسودان ونيكاراجوا والسلفادور حتى فترة طويلة من ولاية الرئيس جو بايدن، ثم قام وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس بتجديدها.
ولا يُعد وضع الحماية المؤقت طريقاً للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية الأميركية، لكن يمكن للمتقدمين محاولة تغيير وضعهم من خلال إجراءات هجرة أخرى.
ويدفع النشطاء البيت الأبيض لتقديم تصنيف جديد لوضع الحماية المؤقت للنيكاراجويين قبل مغادرة بايدن منصبه، فيما لا يزال أقل من ثلاثة آلاف شخص فقط يتمتعون بالحماية المؤقتة التي تم منحها عام 1998، بعد أن ضرب إعصار ميتش البلاد.
أما الأشخاص الذين فروا في وقت لاحق بسبب القمع من حكومة الرئيس دانيال أورتيجا، فلا يتمتعون بالحماية نفسها من الترحيل.