قالت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مينيون هيوستن، لـ"الشرق"، الأربعاء، إن الولايات المتحدة لن تطبع العلاقات مع روسيا "دون التوصل لاتفاق سلام" مع أوكرانيا، معربةً في الوقت نفسه عن استعداد إدارة الرئيس دونالد ترمب للتفاوض مع إيران لـ"عدم امتلاك سلاح نووي"، مشيرةً إلى عدم وجود رغبة في رؤية مواصلة طهران برنامجها للصواريخ الباليستية.
وتحدثت هيوستن عن أجندة ترمب الطموحة بشأن إنهاء الحروب في العالم، وعن جهود إدارته خلال الأيام الـ 100 الأولى من ولايته منذ يناير الماضي، قائلة: "نحتفل اليوم بمرور 100 يوم على تولي هذه الإدارة، ونُقرّ جميعاً بالجهود الجبارة التي بذلتها لتحقيق وقف إطلاق النار في عدة أماكن حول العالم".
وأضافت: "نحن الآن أقرب من أي وقت مضى، نرى تحركات حقيقية وملموسة نحو السلام، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل.. ونُدرك ذلك، ونُقرّ به، وسنواصل تركيزنا الشديد وانخراطنا على أعلى المستويات فيما يتعلق بهذا الجهد".
ورداً على سؤال بشأن التطورات الأخيرة في المفاوضات الأميركية مع روسيا بشأن أوكرانيا، وإمكانية انسحاب الولايات المتحدة منها، أجابت هيوستن: "كان الرئيس ووزير الخارجية واضحين للغاية، نريد أن نرى نهاية لهذه المعاناة، ونهاية للموت، وعدم الاستقرار في المنطقة".
وأكدت أن "هذه أولوية الإدارة، ولا تزال أولوية لكل مواطن أميركي، وكذلك لشركائنا الأوروبيين وشركائنا حول العالم"، مشيرة إلى أن بلادها "كانت واضحة جداً بشأن الحاجة إلى تسوية، ورؤية نهاية تفاوضية لهذه الحرب، وهذا يعني أنه يتعين اتخاذ قرارات صعبة للغاية".
لا تطبيع دون اتفاق
وأشارت إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو "قال هذا إنه أسبوع حاسم لنرى أفعالاً، لا مجرد أقوال"، معتبرة أن الوزير "ذكّر العالم بأن هذه الإدارة كانت شديدة التركيز خلال هذه الأيام الـ100 الأولى، والآن نريد أن نرى كلا الطرفين يتخذان موقفاً، ويتفاوضان لإنهاء هذا السلام".
وتابعت: "نحن أقرب من أي وقت مضى، ولا يزال هناك الكثير من الأشياء التي يجب القيام بها.. وقد خصصنا الكثير من الموارد والوقت على أعلى المستويات، لكن القرار يعود للأطراف، ونريد أن نرى الأطراف تجلس على طاولة المفاوضات".
وعن إمكانية إعادة إرساء العلاقة مع روسيا دون اتفاق سلام مع أوكرانيا، لفتت هيوستن، إلى أن "موقف الولايات المتحدة هو أننا لن نُطبّع العلاقات مع روسيا دون اتفاق سلام".
وأكدت أن "الاتفاق أولوية، وهو مهم لنا"، وأردفت: "لقد أوضحنا علناً.. أن اتفاق السلام هو ما نسعى إليه، وكذلك التفاوض لإنهاء هذه الحرب، ووقف المعاناة".
المفاوضات مع إيران
وفي سؤال عن سبب التحول في موقف الإدارة الأميركية من الرفض الكامل لبرنامج إيران النووي إلى القبول ببرنامج نووي مدني، قالت هيوستن: "أود تذكير الجميع بأن إيران دولة رائدة في رعاية الإرهاب، وأنها ارتكبت فظائع حول العالم، وانتهاكات لحقوق الإنسان تُسبب معاناة جماعية وعدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا السبب لا تستطيع إيران امتلاك سلاح نووي، وقد كنا واضحين تماماً في هذا الشأن".
ولفتت إلى أن الإدارة الأميركية "كانت واضحة تماماً بأن امتلاك سلاح نووي سيُزعزع الاستقرار، ولا أحد يريد أن يرى استخدام الطاقة بهذه الطريقة، ولا أحد يريد أن يرى إيران تستمر في الوصول إلى برنامج الصواريخ الباليستية من أجل التصعيد النووي"، متحدثة عن قرب طهران من امتلاك سلاح نووي.
وأشارت هيوستن إلى أن ترمب "تحدّث عن إمكانية إبرام صفقة، وصرّح بأنه إذا أرادت إيران إبرام صفقة، فهو مستعد لذلك"، واصفة الجولات السابقة من المحادثات مع طهران بأنها "بنّاءة ومباشرة وغير مباشرة".
وأعربت عن رغبة الولايات المتحدة في "استمرار الحوار للتوصل إلى اتفاق، لكننا لا نستطيع أن نرى إيران تمتلك سلاحاً نووياً، وهذا لن يكون مفيداً للمنطقة ولا للعالم".
واعتبرت المتحدثة الأميركية، أن "تخصيب اليورانيوم ليس أمراً نرغب في أن تقوم به إيران"، وأضافت: "هدف هذه الإدارة هو منع إيران من مواصلة برنامج الصواريخ الباليستية، الذي يمتلك القدرة على تحويل اليورانيوم المخصب إلى قنبلة، وسيكون ذلك كارثياً، وهذا ليس ما نراه الآن".
وتنطلق، السبت المقبل، جولة رابعة من المفاوضات غير المباشرة في روما، بعدما أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، السبت الماضي، جولة ثالثة من المحادثات في مسقط عبر وسطاء عمانيين استمرت نحو 6 ساعات، وذلك بعد أسبوع من جولة ثانية في روما وصفها الجانبان بـ"البناءة".
حرب غزة
وفي سؤال عن مدى إمكانية التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة "حماس" لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، قالت المسؤولة الأميركية: "لا يمر يوم دون أن نركز على أعلى مستوى على التوصل لوقف لإطلاق النار في غزة".
وذكرت أنه "لا يمر يوم دون أن نناقش ما يمكن فعله، ونعلم أن هناك احتياجات ماسة في غزة حالياً، وكان الرئيس واضحاً تماماً في قوله إنه يتفهم هذه الاحتياجات، وأنه يريد القيام بشيء ما لتلبيتها".
لكنها أضافت: "ندرك أنه خلال الأسابيع الأولى لهذه الإدارة، وعندما كنا نحافظ على (تنفيذ اتفاق) وقف إطلاق النار، تعرضت جهودنا الإنسانية للنهب أو السرقة".
وشددت هيوستن على أهمية وقف إطلاق النار، وأن "العمل الجاد واللازم لدعم سكان غزة لا يمكن أن يتم إلا عبر وقف إطلاق النار، ولهذا السبب نواصل التركيز على ذلك، لذا نحن نعمل على أعلى مستوى، ونحن ملتزمون ومركزون للغاية".
وعن إمكانية بحث مسألة إعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة مع إسرائيل، جددت هيوستن التأكيد على أن ترمب "يركز على ذلك، وسيُنجز المهمة، هذا بالضبط ما قاله فيما يتعلق باحتياجات أهالي غزة، هذه أولوية بالنسبة لنا".
وشددت على ضرورة وقف إطلاق نار، معبرة أن "حماس مسؤولة عن هذه الحرب، لقد أكدنا بشدة أن هذا ما كان يجب أن يحدث، وأن أهالي غزة لا يستحقون هذا، ونريد أن نرى وقف إطلاق نار حتى نتمكن من إنهاء المعاناة الآن".
الموقف الأميركي بشأن سوريا
وعن طبيعة موقف الولايات المتحدة الحالي من الإدارة السورية الحالية، قالت هيوستن: "موقفنا من سوريا لم يتغير، لا نعترف بوجود حكومة في سوريا، لقد كنا واضحين تماماً بأنه إذا كانت السلطات المؤقتة مستعدة للتفاوض بجدية، فعلينا أن نراها تتخلى عن الإرهاب".
وتابعت: "علينا أن نراهم يتبنون مواقف مؤيده لحقوق الإنسان للأقليات العرقية. علينا أن نضمن عدم وجود أي إرهابي أجنبي بصفة رسمية في سوريا، فهذه أولويات هذه الإدارة، وكان الوزير روبيو واضحاً جداً، وموقفنا من هذا لم يتغير".
وفي سؤال عن مدى صحة التقارير التي ذكرت أن مسؤولين أميركيين عقدوا اجتماعاً، الثلاثاء الماضي، مع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في نيويورك، أعربت هيوستن، عن أسفها، لعدم تمكنها من الخوض في تفاصيل الاجتماع أو أي نقاشات حيوية تجري حالياً.
لكنها قالت: "ما أستطيع قوله هو أننا نركز على رؤية السلطة المؤقتة في سوريا تتخذ خطوات فعلية نحو الصواب، نريد أن نرى أفعالها وليس فقط أقوالها".
وعن النتائج المتوقعة من زيارة ترمب المرتقبة إلى الشرق الأوسط في مايو الجاري، أكدت هيوستن، أن الولايات المتحدة "تريد السلام، وتريد الاستقرار في الشرق الأوسط، وتريد شرق أوسط يتمتع بظروف مواتية لزيادة الاستثمار.. كما تريد أن ترى المنطقة تتطلع فيه أجيال من الشباب إلى المستقبل الذي يستحقونه".
تطورات السودان
وبشأن طبيعة الخطة الأميركية للتفاعل مع تطورات الحرب في السودان، ذكرت هيوستن: "لقد واصلنا التواصل والحديث علناً حول الحرب المأساوية في السودان. ودعونا جميع الأطراف إلى البدء بإنهاء القتال، وسنواصل ذلك".
وشددت على الحاجة إلى وقف إطلاق النار في السودان، قائلة: "هذا مهم، إذا أرادت تلك الدول مواصلة الاستثمارات مع الولايات المتحدة.. فعلينا أن نرى وقفاً لإطلاق النار".
وأضافت: "لا يمكن التوصل إلى اتفاق، ولا يمكن إجراء مفاوضات حول تعزيز الشراكات أو العلاقات الاقتصادية دون وقف هذه المذبحة، هذه هي الأولوية".
وأكدت المسؤولية الأميركية، أن الولايات المتحدة "تركز على السودان وقارة إفريقيا، لقد قضيتُ وقتاً طويلًا في القارة الإفريقية، وكان الوزير روبيو واضحاً في هذا الملف".