أحمد الشرع: استراتيجية سوريا تصفير المشاكل... ولا يمكننا نسخ "الاتفاقات الإبراهيمية"

الرئيس السوري: الأولوية مع إسرائيل تطبيق "فك الاشتباك" أو ما شابه

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق. 14 مايو 2025 - سانا
الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق. 14 مايو 2025 - سانا
إبراهيم حميديالمجلة

قال الرئيس السوري أحمد الشرع رداً على سؤال لـ"المجلة" إن استراتيجيته هي "تصفير المشاكل وحل الخلافات"، لافتاً إلى أنه لا يمكن نسخ تجربة "الاتفاقات الإبراهيمية" لأن الظروف بين إسرائيل وسوريا تختلف عن الدول العربية الأخرى. وزاد: "لدينا الجولان أرض محتلة" وأن الأولوية هي "العودة لاتفاق فك الاشتباك عام 1974 أو شيء مشابه، أي ضبط الوضع الأمني في جنوب سوريا بإشراف دولي".

كان الشرع يتحدث في لقاء مع وفد عربي ضم رؤساء تحرير وسائل إعلام ووزراء سابقين في القصر الرئاسي السوري في دمشق بعد ظهر الأحد، حيث أجاب عن أسئلة الحاضرين التي تناولت تفاصيل وضع سوريا وعلاقاتها مع دول الجوار والعالم.

وتناولت الأسئلة الوضع السياسي والاقتصادي والأمني السوري ومستقبل الاستثمار، إضافة إلى المفاوضات مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وأحداث السويداء والفرق بين اللامركزية والفيدرالية والدولة المركزية ومستقبل المفاوضات مع إسرائيل.

سألت "المجلة" الشرع عن زيارته المقبلة إلى نيويورك في أول مشاركة رئاسية سورية في اجتماعات الجمعية العامة منذ يونيو 1967، فأجاب أن سوريا كانت في "عزلة ضمن عزلة" بسبب ممارسات النظام السابق وموقف الدول منه و"مشاركتي هي أحد العناوين الكبرى التي تدل على تصحيح المواقف من سوريا سواء بسبب سياسات سوريا أو بسبب سياسات بعض الدول نحو سوريا".

وأضاف: "لا شك أن الزيارة هي من عناوين التحول البارزة في سوريا"، لافتا إلى أنه "كانت هناك عقوبات أميركية منذ 1979. أما الآن فهناك علاقات جيدة مع أميركا والسعودية وتركيا والإمارات وقطر والأردن والدول الأوروبية".

وسألته "المجلة" عن احتمال انضمام سوريا إلى "الاتفاقات الإبراهيمية" خصوصا بعد دعوة البيت الأبيض لدمشق، فتحدث عن الفرق بين سوريا والدول العربية الأخرى التي انضمت إلى هذه الاتفاقات. وقال: "الاتفاقات حصلت بين إسرائيل ودول ليست عندها خلافات وليست مجاورة. سوريا وضعها مختلف. لدينا الجولان أرض محتلة". واستبعد نسخ "الاتفاقات الإبراهيمية" في سوريا.

وأشار الرئيس السوري إلى أنه يريد "تصفير المشاكل ومعالجة الخلافات. هذه استراتيجيتنا"، وأن سوريا التي لديها عوامل قوة وحلفاء لن تنجر إلى أي حرب، بل ركزت على شرح موقفها وحصلت "على دعم لسوريا موحدة وقوية".
 

لبنان عانى كثيراً من السياسة السورية خلال حكم النظام البائد. وهناك ما يسمى قهر الجغرافيا، فالجغرافيا أثرت سلبياً في لبنان

وسئل عن اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، فأجاب: "النظام السابق كان مرتبطا باتفاق فك الاشتباك لعام 1974 وهناك قوات دولية لتطبيق اتفاق فك الاشتباك".

يشار إلى أن إسرائيل التي ربما كانت تراهن على نقل حرب لبنان إلى سوريا فوجئت بسقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول على عكس ما كانت تفيد تقاريرها الاستخباراتية. وقال الشرع: "في يوم واحد وجدت إسرائيل نفسها أمام واقع جديد فتعرضت الاستراتيجية الإسرائيلية لصدمة".

شنت إسرائيل مئات الغارات على أصول سوريا الاستراتيجية واحتلت مواقع في جبل الشيخ والمنطقة العازلة ضمن اتفاق فك الاشتباك في الجولان. وهناك من يعتقد أن تل أبيب تراهن على تقسيم سوريا.

وأوضح الشرع أن "أي سياسة ترمى إلى نوع من التقسيم في سوريا، لن تنجح. فالجولان محتلة منذ عام 1967، ولم يعترف أحد باحتلاله، ولا يحظى بدعم عربي وإقليمي ودولي؛ لأن الدول ضد تقسيم الدول، لأنها لا تريد العدوى، وتريد الحفاظ على وحدة الدول". وزاد: "خلاصة الكلام أنه عندما تلوح إسرائيل بالتقسيم، فالهدف هو الضغط، هذا غير واقعي؛ لأنه سيصطدم بالواقع. هناك كتلة شعبية سورية كبيرة ضد التقسيم".

وأوضح ردا على سؤال آخر: "الأولوية حاليا للعودة لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974 أو شيء مشابه، أي ضبط الوضع الأمني في جنوب سوريا بإشراف دولي". وأشار إلى أن إنجاز الاتفاق الأمني يتوقف على مضمونه، و"عندما ننجز أي شيء لن نكون خجولين، سنعلن أي خطوة نقوم بها إذا كانت فيها مصلحة للبلد وتساهم في تحقيق الاستقرار".

وعن لبنان، تحدث الشرع عن الخصوصية الجغرافية للعلاقة بين دمشق وبيروت. وقال: "لبنان عانى كثيرا من السياسة السورية خلال حكم النظام البائد. وهناك ما يسمى قهر الجغرافيا، فالجغرافيا أثرت سلبيا في لبنان". وأضاف: "نحتاج إلى صفحة جديدة بيضاء بين سوريا ولبنان يكتب فيها تاريخ جديد للعلاقات بين البلدين. ويجب إلغاء الذاكرة السلبية بينهما، وهناك عزيمة لإلغائها".

السوداني استجاب واكتفى بحماية الحدود دون التدخل في سوريا. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. أنا أدخل من الأبواب وأصررت على الدخول عبر الحكومة العراقية

وأوضح الرئيس السوري أن لبنان في حاجة إلى الاستقرار وتحسين الوضع الاقتصادي وبإمكان لبنان أن يستفيد كثيرا من الهبة الاقتصادية في سوريا. "فهناك الكثير من المشتركات من موانئ وطرق وإمكانات للتعاون... يجب أن لا يفهم أن سوريا تريد أن تتحكم في لبنان، دخول البيوت يجب أن يتم من الأبواب وهذا أفضل شيء. هذا ما قمت به. تحدثت إلى الرئيس اللبناني ورئيس الوزراء نواف سلام".

وكشف الشرع أنه بعد وصوله إلى دمشق وسقوط الأسد لم  يصرح بأي تصريح يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني لأنه يريد أن يكون "على مسافة واحدة من الجميع". وزاد أن في الشرق الأوسط "غليانا، من غزة إلى الضفة الغربية وغيرها. هناك أطراف في المنطقة تريد أن يكون لها دور  وتريد استغلال بعض الأمور. إيران خسرت كثيرا ومحورها خسر كثيرا وهي تحاول استغلال بعض الأمور للعودة".

وأكد أن المنطقة "تحتاج إلى تصفير المشاكل. عندما وقعت أزمة في سوريا تأثرت كل المنطقة، لذلك تريد الدفع نحو الاستقرار في المنطقة وركزت على العمل على تحسين وضع سوريا واقتصادها وتقديم نموذج للمنطقة ودعم الاستقرار فيها". وزاد: "بعثت برسالة إلى لبنان والعراق وبعض دول المنطقة عبر تشكيل الحكومة السورية. إنني أرفض المحاصصة، وقلت إننا نريد المشاركة والتشاركية في إدارة البلد ونريد تعزيز المواطنة وهذا هو الأساس".

وعن العراق، قال الشرع إنه خلال معركة "ردع العدوان" وتحرير سوريا "لاحظت أن بعض الأطراف تحاول استغلال الوضع" وإنه بعد تحرير حلب في نوفمبر "كانت عيوني على مواقف أطراف كثيرة بينها العراق. كانت هناك حالة ضاغطة على القرار في العراق، فلم أتوان عن طمأنة الحالة العراقية. تدخل العراق في الشأن السوري كان سيعقد الأمور. فأرسلت رسائل طمأنة". وأضاف: "السوداني استجاب واكتفى بحماية الحدود دون التدخل في سوريا. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. أنا أدخل من الأبواب وأصررت على الدخول عبر الحكومة العراقية".

وزاد الرئيس السوري: "أنا تابعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني واهتماماته وأولوياته التنموية ورغبته في تحقيق الاستقرار وتشجيع الاستثمار. السوداني لديه رغبة في تحسين العلاقات وأنا لدي رغبة ونحن نسير بالتدرج، رغم الجروح الناتجة من تدخل بعض الأطراف العراقية في سوريا".

التحرير أعاد روح الانتماء عند السوريين، ولدينا خطط استراتيجية لبناء سوريا المستقبل" تتضمن ربط موانئ سوريا وطرق وسكك سوريا بالدول المجاورة والعالم

وتطرقت أسئلة الحاضرين إلى الوضع الداخلي وأحداث الساحل والسويداء، فأكد الشرع أن معظم أهالي السويداء مرتبطون بدمشق وأنه  في الأحداث الأخيرة، كانت هناك "قلة قليلة تسبب اضطرابات وبعضها ينسق مع إسرائيل. هناك قوات عسكرية فيها ضباط من النظام السابق وتجار مخدرات".

وزاد أنه حصلت اشتباكات بين الدروز والبدو وحصلت أخطاء من كل الأطراف وتدخلت قوات الأمن وربما حصلت بعض الأخطاء. وأكد أن حل الأمور بالصبر والعمل على ترميم الأمور بين الدروز والبدو والذهاب إلى حالات من التفاهم "أما بعض الطروحات بالتقسيم بدعم من إسرائيل فهي حالمة. وأهل السويداء موقفهم مشرف عبر تاريخ سوريا وموقف فئة معينة لا يعني الكل".

وأكد الشرع على أن "سوريا موحدة والسلاح تحت سلطة الدولة. أما السلاح المنفلت فلن يؤدي إلى الاستقرار ويضر بسوريا والإقليم والجوار".

وتطرق أيضاً إلى وضع شمال شرقي سوريا، حيث ميز بين "قسد" والأكراد. وقال إنه متعاطف مع الأكراد ومعاناتهم بسبب بعض التصرفات عبر عقود سابقة. وقال إنه إذا كان الهدف هو حقوق الأكراد، فلا داعي لنقطة دم، لأن هذه الحقوق ستكون في الدستور. أما المحاصصة فهي غير مقبولة.

وأشار إلى اتفاق 10 مارس الماضي بينه وبين قائد "قسد" مظلوم عبدي الذي لاقى قبولا من جميع الأطراف وهذه الوثيقة مرجع للحوار.  كما أشار إلى "وساطات دولية وذاهبون نحو التفاهم".

وأوضح رداً على سؤال أن قوانين سوريا فيها نوع من اللامركزية و"هناك القانون 107 وهناك وزارة إدارة محلية". وتابع أن المهم هو تعريف الفيدرالية أو اللامركزية. إذا كانت تعني التقسيم، فهذا غير مقبول. و"هل تريد سوريا موحدة؟ هل تريد إدارة مركزية؟ هل تسمح الطبيعة الجغرافية؟ هل الشعب موافق؟"، لافتا إلى أن هذه أسئلة تحدد الموقف.

وسئل عن تجربته الشخصية، فأجاب الشرع أن أي مرحلة بالتاريخ يجب أن تقاس بظروفها وقوانين المرحلة. وأنه "لا يمكن محاكمة الماضي بقوانين الحاضر أو محاكمة الحاضر بقوانين الماضي".

وقال إنه ذهب إلى العراق في 2003 قبل بدء الحرب الأميركية ودخل إلى السجن في 2005 وخرج منه وعاد إلى سوريا و"في سوريا ركزت على موضوع النظام فقط وإسقاطه". وقال إنه ليس امتدادا للأحزاب الإسلامية سواء التنظيمات الجهادية أو "الإخوان المسلمين" وليس امتدادا لـ"الربيع العربي".

وتحدث مطولا عن مستقبل سوريا الاقتصادي ودورها كرابط استراتيجي بين الدول والأقاليم المجاورة. وقال: "منذ تحرير سوريا، نطلب من الدول عدم التخاطب مع السوريين كطوائف تعيش مع بعضها بعضا. قلنا ونقول: خاطبوا السوريين كدولة ومواطنين".

وزاد: "التحرير أعاد روح الانتماء عند السوريين، ولدينا خطط استراتيجية لبناء سوريا المستقبل" تتضمن ربط موانئ سوريا وطرق وسكك سوريا بالدول المجاورة والعالم. إضافة إلى الإمكانات السياحية وكون سوريا سلة غذائية.

وختم: "سوريا تنتقل من ثقافة اقتصادية شرقية إلى ثقافة اقتصادية هجينة... سوريا ذاهبة إلى نهضة وفيها إصلاح قانوني ومصرفي".

هذا المحتوى من "المجلة"

تصنيفات

قصص قد تهمك