قال دبلوماسي أوروبي، السبت، إن روسيا فقدت نفوذها في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وذلك جراء صعوبات عسكرية تواجهها في غزو أوكرانيا.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، في تصريحات لـ فرانس برس": "كل محيط روسيا يتفكك ويبدو واضحاً أنها عاجزة عن السيطرة".
من جانبه، أكد بن دوبوو، الباحث في مركز الدراسات الأميركي CEPA "ضعف النفوذ الروسي في المناطق الحدودية"، مشيراً إلى أن رهانات موسكو "كبيرة جداً" في هذه المناطق المحاذية لجنوب روسيا من جانبي بحر قزوين، بين الصين شرقاً وتركيا، اللاعبين الأساسيين في المنطقة.
ورأى مراد أصلان، الباحث في مركز الدراسات التركي "سيتا" ومقره العاصمة أنقرة، أنه في هذه المناطق قبل الحرب "كانت الفكرة راسخة جداً بأن روسيا لا يمكن أن تُهزم".
وأضاف: "حال خسرت روسيا سيتبدل كل شيء (..) ينبغي توقع حدوث نزاعات ضيقة النطاق"، متوقعاً تراجعاً تدريجياً للنفوذ الروسي، لكنه نبه إلى أنه حال كسبت روسيا عسكرياً "فستستفيد من رافعة معنوية هائلة لتظهر بأنها قادرة على فرض وجهة نظرها".
وخلال القمة الأخيرة لمنظمة "شنجهاي للتعاون" التي استضافتها العاصمة الأوزبكية سمرقند الأسبوع الماضي، وجد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه تحت ضغوط شركائه، ولا سيما الصين والهند، الذين أعربوا عن "قلقهم" بشأن الحرب في أوكرانيا.
نزاعات حدودية
وفي الأسابيع الأخيرة، تأجج نزاعان لم تتم تسويتهما بعد في جمهوريات سوفيتية سابقة، الأول بين أرمينيا وأذربيجان والثاني بين قرجيزستان وطاجيكستان، ما أسفر عن سقوط مئات الضحايا.
وفي هذا الصدد، قالت إيزابيلا دامياني، خبيرة الجغرافيا المتخصصة بآسيا الوسطى في جامعة فيرساي الفرنسية، إنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي "أصبحت الحدود التي من المفترض أن تكون تقسيمات إدارية تندرج في إطار كيان واحد، دولية"، في حين لفتت إلى أن نصف الحدود تقريباً بين طاجيكستان وقرجيزستان "لم ترسم بعد وهذا أساس المشكلة".
من جانبه، يرى مايكل ليفيستون، الخبير بشؤون روسيا وآسيا الوسطى في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (Ifri)، أن التوتر بين هذين البلدين "لا علاقة له بالضرورة بوضع روسيا في أوكرانيا، لكن ثمة رابط أوضح مع الوضع بين أذربيجان وأرمينيا".
وقال ليفيستون: "مهما يكن من أمر يجب مراقبة ما قد يحصل في أرمينيا مع التظاهرات الاحتجاجية على منظمة معاهدة الأمن الجماعي، الهيئة الأمنية الإقليمية التي أنشأتها موسكو".
وترتفع أصوات في أرمينيا بعضها في صفوف السلطات للتنديد بعدم فاعلية هذه المنظمة التي تعتبر "أداة" في يد موسكو وتشارك فيها أيضاً دول آسيا الوسطى ومن بينها قرجيزستان طاجيكستان.
وعلى غرار اتفاق حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ينص بند في المعاهدة على حصول أي دولة عضو تتعرض لعدوان على دعم من الأعضاء الآخرين، ولكن رغم نداءات المساعدة لم تحصل أرمينيا على هذا الدعم.
نفوذ تركيا
وعدم تحرك روسيا النسبي ومعاهدة الأمن الجماعي، قد يترك الساحة مفتوحة لنفوذ تركيا الداعمة لباكو.
وعلى غرار الصين التي تدير في المنطقة منظمة شنجهاي، وتروج لـ"طرق حرير جديدة" تحاول تركيا، منافسة موسكو التاريخية في هذه المناطق على مر القرون، تسجيل النقاط.
وقال ليفيستون إن أنقرة "أنشأت (مجلس الترك) الذي سمي في فترة لاحقة منظمة الدول الناطقة بالتركية والتي توسعت تدريجياً لتشمل كل الدول الناطقة بالتركية في آسيا الوسطى، فضلاً عن أذربيجان".
وأضاف ليفيستون "منذ بدء الحرب في أوكرانيا تقيم تركيا شراكات عسكرية مع كل دول آسيا الوسطى تشمل طاجيكستان غير الناطقة بالتركية، ما يطرح سؤالاً لمعرفة ما إذا كانت منظمة الدول الناطقة بالتركية ستتحول إلى حلف سياسي-عسكري محوره أنقره".