بين التنبؤ باغتيال بوتين والولاء له.. تصريحات ألكسندر دوجين تثير الجدل

time reading iconدقائق القراءة - 8
المفكر الروسي ألكسندر دوجين في موسكو. 23 أغسطس 2022 - AFP
المفكر الروسي ألكسندر دوجين في موسكو. 23 أغسطس 2022 - AFP
دبي -الشرق

أثارت تصريحات منسوبة للمفكر الروسي المقرب من الكرملين ألكسندر دوجين جدلاً في روسيا إذ وصفتها تقارير غربية بأنها "تلميح لاحتمال اغتيال" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حال فشل الغزو الروسي لأوكرانيا، فيما نفى دوجين تغيير موقفه تجاه بوتين وشددّ على إخلاصه له "حتى النهاية".

وتعود تفاصيل القصة إلى الخميس الماضي تزامناً مع إعلان روسيا سحب أكثر 30 ألف جندي من خيرسون الواقعة في جنوب أوكرانيا بعدما كانت روسيا ضمتها عقب استفتاء لأراضي الاتحاد الروسي، ما فتح المجال أمام أوكرانيا لاستعادة السيطرة على المدينة الاستراتيجية.

ونقلت تقارير غربية تصريحات منسوبة لدوجين عبر تليجرام، تتضمن انتقادات ضمنية لبوتين والانسحاب الروسي من خيرسون. ولفتت التقارير الغربية إلى أن دوجين حذف تلك التصريحات، وهو ما نفاه المفكر الروسي.

وقال موقع "ذا هيل" الأميركي إن "دوجين، الذي يوصف بـ( عقل بوتين) اتهم بوتين بعدم الوفاء بالتزامه بالدفاع عن المدن الروسية، وقارن ذلك بقصة ملك يتم اغتياله بعد عدم الوفاء بالتزاماته تجاه شعبه".

بدورها أشارت إذاعة "إل بي سي" البريطانية إلى أن دوجين "نشر تهديداً واضحاً لبوتين على منصة تليجرام قبل أن يحذفه". وأوضحت أنه "نشر مقتطفاً من رواية The Golden Bough (الغصن الذهبي) للكاتب (الاسكتلندي) جيمس فرايزر، حول اغتيال ملك لأنه فشل في جلب المطر خلال الجفاف".

ونقلت الإذاعة البريطانية عن دوجين القول: "نعطي الحاكم السلطة الكاملة والمطلقة، فيما يقوم هو بحمايتنا جميعاً، الشعب والدولة (..) وإذا لو لم ينقذنا؟ فإنه – (سيلقى) مصير (ملك الأمطار)"، في إشارة إلى الملك الذي تتحدث عنه رواية "الغصن الذهبي".

ما صحة تصريحات دوجين؟

وبينما قال دوجين في بيان نشره، السبت، إن التقارير الغربية التي تحدثت على أنه أدار ظهره لبوتين "مزيفة"، وأنها تعتمد على "رسائل مزعومة محذوفة"، فإن التصريحات الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام الغربية ما تزال منشورةً على قناة دوجين على تليجرام.

وجاء في منشور دوجين أنه "تم تسليم خيرسون. تم تسليم مدينة روسية، إحدى مناطق روسيا - مثل بيلجورود أو كورسك أو دونيتسك أو سيمفيروبول. إذا كنت لا تهتم، فأنت لست روسياً. الروس الآن يضغطون على أسنانهم من الألم والبكاء والمعاناة وكأن قلوبهم ممزقة، سيقتل أطفالهم وإخوانهم وأمهاتهم وزوجاتهم أمام أعينهم. إذا كنت لا تشعر بالآلم الآن، فأنت لا شيء". 

وأضاف: "السلطة هي المسؤولة عن هذا. ما معنى حكم الفرد القوي وهل هذا موجود في بلدنا؟ نمنح الحاكم السلطة المطلقة، وهو في لحظة حرجة ينقذنا جميعاً، الناس، الدولة، الناس، المواطنون. وإذا كان يحيط نفسه بالقذارة أو يبصق على العدالة الاجتماعية، فهذا أمر مزعج، ولكن فقط لينقذنا. ماذا لو لم ينقذنا؟ حينها، (سيلقى) مصير (ملك الأمطار)، راجع كاتب فريزر".

وتابع: "حكم الفرد القوي له جانب سلبي كذلك. اكتمال السلطة في حالة النجاح، ولكن أيضاً اكتمال المسؤولية عن الفشل. وكيف ترغبون أنتم؟". 

وأضاف أن الانسحاب من خيرسون "ليس خيانة، هذه خطوة نحو هرمجدون"، وهو مصطلح إغريقي يُستخدم للإشارة إلى نهاية العالم. وتابع: "موسكو لن تقبل شروط الغرب المنتصر، حضارة الشيطان هذه. وهذا يعني أن الأسلحة النووية التكتيكية والأسلحة النووية الاستراتيجية ستبقى. هذه هي النهاية. وهذا الشيء الأهم". 

ما الذي ينفيه دوجين؟

ويبدو أن دوجين ينفي في البيان الذي نشره، السبت، تأويل منشوره الأول على أنه تهديد لبوتين أو بمثابة تراجع عن دعمه، بينما اتهم في الوقت ذاته "نخبة حاكمة" بخيانة "القائد الأعلى بوتين"، في تلميح ضمني إلى أنه كان يقصد تلك النخبة الحاكمة بمنشوره الأول وليس بوتين.

في المقابل، يبقى الحديث عن حذف المنشور غامضاً، خصوصاً وأنه ما يزال موجوداً على قناته في تليجرام. ويشار إلى أن منصة تليجرام تتيح خاصية إعادة نشر المنشورات المحذوفة.

وقال دوجين في بيانه، السبت، إن "الغرب بدأ ينشر أخباراً مزيفة حول أن الوطنيين الروس وبما في ذلك أنا شخصياً، وبعد انسحاب القوات الروسية من خيرسون، أداروا ظهورهم لبوتين وزُعم أنهم طالبوا برحيله. هذا لا يتبع من أي مكان، وهم يعتمدون على بعض الرسائل المزعومة المحذوفة مني. من الواضح ألا أحد سيصدق هذا. لكن فقط (للتوضيح): لم يبتعد أحد عن بوتين، أنا وجميع الوطنيين الروس نؤيده دون قيد أو شرط".

إلى ذلك، قال "إن آلام فقدان  خيرسون شيء، والموقف تجاه القائد الأعلى للقوات المسلحة (بوتين) شيء مختلف تماماً. نحن مخلصون لبوتين وندافع عن العملية العسكرية وروسيا حتى النهاية".

تابع: "ومع ذلك، فإن الغرب، الذي يمارس ضغوطاً كبيرة على روسيا، لا يفهم أن روسيا وبوتين لا يستسلمان تحت أي ظرف من الظروف. يمكن أن تكون الخطوة التالية فقط استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. وأوضح الرئيس: لن نستسلم. إن دفع بروسيا إلى الزاوية وهذا أمر انتحاري بالنسبة للغرب والإنسانية".

وختم بيانه بالقول: "أنا متأكد من أنه يمكن تجنب الأسلحة النووية التكتيكية والمزيد من الأسلحة النووية الاستراتيجية إذا لجأنا إلى الأيديولوجية واستخدمنا الفكرة الروسية الآن. بعد أن حشدنا المجتمع روحياً وعقائدياً، سننتصر دون أسلحة نووية. باسم الرئيس ولصالح الشعب. إذا كانت هناك أي ادعاءات، فإن ذلك يعود إلى النخبة الحاكمة، التي تعمل فعليا في جميع الاتجاهات وتخون القائد الأعلى (بوتين). نحن وحدنا الوطنيون الروس والشعب الروسي مخلصون له (بوتين)".

العلاقة مع بوتين

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، برز اسم المفكر الروسي ألكسندر دوجين باعتباره "عقل" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أو Putin's Rasputin في إشارة إلى القس الروسي إبان حكم القياصرة، وهو ما جعل وسائل إعلام غربية تقول إن الحرب جاءت نتيجة لأفكاره.

وعلى الرغم من أن دوجين لا يشغل أي مناصب حكومية، فإنه دائماً ما يوصف بكونه "مقرب من الكرملين".

ودوجين عضو بحزب "روسيا الموحّدة" الذي يقوده الرئيس بوتين، لكن يصعب العثور على صورة تجمع بينهما.

ومع ذلك تقول "واشنطن بوست"، إن دوجين هو المهندس الفعلي لاستراتيجية بوتين المتعلقة بأوكرانيا وباقي الدول السوفيتية السابقة، وأكثر الأكاديميين قرباً من الرئيس الروسي، لكن علاقتهما بقيت غير معلنة طوال السنوات الماضية.

وفي حوار سابق مع "الشرق"، اعتبر دوجين أن روسيا ومن خلال غزو أوكرانيا "تحاول تغيير النظام العالمي (..) حيث لابد من أن تكون هناك أقطاب جديدة مثل روسيا والصين"، مشدداً على ضرورة  أن تكون هناك "مراكز متعددة لاتخاذ القرار في العالم".

غير أنه أقر بأن الغزو الروسي لأوكرانيا هو مجرد "خطوة" في الطريق نحو كسر الهيمنة الأميركية، قائلاً إن "الطريق طويل من أجل عظمة روسيا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات