
قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس، إن المرحلة التالية في خارطة طريق التواصل مع الحكومة السورية، هي عقد اجتماع على صعيد وزيري خارجية البلدين، مشيراً إلى المسائل الأساسية التي سيبحثها البلدان في الفترة المقبلة.
وأكد جاويش أوغلو خلال "اجتماع تقييم نهاية العام" في أنقرة، "ضرورة وأهمية" التواصل مع دمشق، لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين، ولضمان عودة آمنة للاجئين، بحسب ما أفادت وكالة "الأناضول" التركية.
وشدّد على ضرورة تأمين عودة آمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، مضيفاً أن الحكومة السورية "ترغب بعودة السوريين إلى بلادهم، هذا ما نلمسه في تصريحاته"، لكن "من المهم أن يتم ذلك بشكل إيجابي مع ضمان سلامتهم".
واعتبر وزير الخارجية التركي أن من المهم أيضاً إشراك النظام الدولي والأمم المتحدة أيضاً في موضوع عودة اللاجئين السوريين.
"عمل مشترك" بين دمشق وأنقرة
وفي شأن ذي صلة، نفى الوزير التركي عقد اجتماع بين مسؤولين أتراك والرئيس السوري بشار الأسد، قائلاً: "لم يتم لقاء مع (بشار) الأسد على مستوى الوزير، ولا على أي مستوى سياسي آخر."
وفيما يخص الاجتماع الثلاثي في موسكو، بين وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وسوريا، وصف جاويش أوغلو المباحثات بأنها "مفيدة"، مشيراً إلى إمكانية العمل المشترك مستقبلاً، في حال تشكلت أرضية مشتركة بين البلدين فيما يخص "مكافحة الإرهاب".
وفي ما يتعلق بالفصائل الكردية قال جاويش أوغلو إن "تنظيم (واي بي جي) ذراع (بي كي كي) في سوريا)، خطر يُهدد تركيا"، معتبراً أن تهديده لسوريا أكبر، لكونه يمتلك "أجندة انفصالية"، مؤكداً في الوقت نفسه مواصلة بلاده بحزم "مكافحة الإرهاب"، لافتاً إلى أن الخلافات بين أنقرة ودمشق، حالت دون تأسيس تعاون بينهما في هذا المجال.
وفي ما يخص مطالب دمشق بـ"خروج القوات التركية" من سوريا، قال جاويش أوغلو إن الغرض من تواجد قوات بلاده هناك "هو مكافحة الإرهاب، لا سيما وأن دمشق لا تستطيع تأمين الاستقرار"، مشدداً على أن أنقرة أكدت مراراً عزمها نقل السيطرة في مناطق تواجدها حالياً، إلى سوريا حال تحقق الاستقرار السياسي، وعودة الأمور إلى طبيعتها في البلاد، مجدداً احترام أنقرة لوحدة وسيادة الأراضي السورية.
وبشأن ردود فعل المجتمع الدولي إزاء المباحثات بين أنقرة ودمشق، قال جاويش أوغلو إن هناك دولاً تؤيد هذا الأمر وترغب في تحوله لخطوات ملموسة، مقابل وجود أخرى معارضة له أو حذرة تجاهه.
وأشار إلى أن التقدم المطلوب إحرازه لم يتحقق خلال اجتماعات أستانة واللجنة الدستورية بسبب "تعنت دمشق"، مؤكداً "وجوب تحقيق تفاهم بين الحكومة والمعارضة السورية".
وأضاف: "نحن الضامن للمعارضة السورية، ولن نتحرك بما يعارض حقوقها، على العكس من ذلك فإننا نواصل مباحثاتنا للإسهام في التفاهم على خارطة الطريق التي يريدونها".
"منعطف جديد" للعلاقات التركية السورية
في سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي كبير قوله إن المحادثات التي عُقدت بين وزيري الدفاع السوري والتركي في موسكو شهدت "مناقشة أمن الحدود، وسبل التحرك المشترك مع تركيا ضد المسلحين الأكراد"، في ما يُمثل منعطفاً في العلاقات بين الدولتين، ويسلط الأضواء على تقارب بين دمشق وأنقرة بعد الخصومة.
والاجتماع الذي استضافته موسكو، الأربعاء، هو الأرفع بين الجانبين منذ بدء الأزمة السورية قبل أكثر من عقد. ولعبت تركياً دوراً كبيراً في الصراع من خلال دعم معارضين للرئيس بشار الأسد، وتوغل قواتها في الشمال السوري.
ومن شأن التقارب بين الجانبين الذي يتم بتشجيع من روسيا، أقوى حلفاء الأسد، أن يعيد تشكيل المشهد في الصراع السوري، لكن هناك عقبات من بينها مصير المعارضين المسلحين الذين تدعمهم تركي، ومصير ملايين المدنيين الذين فر الكثير منهم للحدود التركية.
ووصف المسؤول التركي الاجتماع بأنه "إيجابي".
وكان في ذلك تأكيد لمضمون بيان صدر عن وزارة الدفاع السورية، بعد الاجتماع الذي حضره أيضاً وزير الدفاع الروسي ورئيسا المخابرات السورية والتركية، اللذان عقدا لقاءات متكررة في الأشهر القليلة الماضية.
وقال المسؤول التركي لـ"رويترز": "تمت مناقشة كيفية تحرك الجانب التركي بشكل مشترك ضد المنظمات الإرهابية مثل وحدات حماية الشعب (السورية الكردية) وتنظيم داعش من أجل ضمان وحدة الأراضي السورية ومحاربة الإرهاب". وأضاف: "تم التأكيد على أن أولوية تركيا هي أمن الحدود".
"ضربة لمكاسب الأكراد"
من جانبه، توقع بدران جيا كرد، وهو مسؤول بارز في الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في الشمال السوري، أن تسفر الاجتماعات عن مرحلة جديدة من الاتفاقات والخطط، لكنه وصفها بأنها ستكون "معادية لمصالح السوريين". وأضاف لـ"رويترز" أنه يخشى من أن يوجه ذلك "ضربة للمكاسب التي حققها الأكراد في شمال وشرق سوريا".
ونفذت تركيا 3 عمليات توغل في الشمال السوري كانت تستهدف بالأساس وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي أسست في الشمال السوري مع بداية الحرب عام 2011.
وتعتبر تركيا الوحدات الكردية تهديداً لأمنها القومي بسبب ما تقول إنها صلات بينها وحزب العمال الكردستاني المحظور، وهددت بتنفيذ توغل جديد بعد هجوم بقنبلة أسقط قتلى في إسطنبول الشهر الماضي.
واعترضت روسيا والولايات المتحدة على ذلك، إذ اشتركت كل منهما مع "قوات سوريا الديمقراطية"، التي يقودها الأكراد، في محاربة تنظيم "داعش".
وعلى الرغم من وقوع اشتباكات عرضية، ظلت وحدات حماية الشعب ودمشق بمنأى عن بعضهما البعض خلال الحرب، كما أن لهما أعداء مشتركين، من ضمنهم جماعات مدعومة من تركيا.
لكن دمشق تُعارض مطالب الحكم الذاتي الكردية، ولم تسفر المحادثات الرامية لتسوية سياسية عن تحقيق تقدم.
"طريق مقبول" لدمشق
نقلت صحيفة "الوطن" المولية للحكومة السورية عن مصادر قولها، إن اجتماع وزيري الدفاع لم يكن ليعقد إذا لم تكن الأمور تسير في طريق مقبول، ووفقاً لما تريده دمشق خلال الاجتماعات السابقة.
وذكرت وكالة "سانا" السورية الرسمية، أن الجانبين ناقشا "جهود محاربة الإرهاب والأوضاع في سوريا ومسألة اللاجئين" خلال الاجتماع، وأضافت أن الوزراء الثلاثة أكدوا "ضرورة وأهمية استمرار الحوار المشترك من أجل استقرار الوضع في سوريا والمنطقة".
وقال المسؤول التركي أيضاً إن الاجتماع أكد على أن "الهجرة من سوريا إلى تركيا لم تعد أمراً مرحباً به".
وتستضيف تركيا 3.7 مليون لاجئ سوري على الأقل في أكبر تعداد للاجئين في العالم. وأصبح الشعور العام مناهضاً للاجئين إلى حد ما، مع تصاعد المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، وفق "رويترز".
اقرأ أيضاً: