أصبحت فنلندا، الثلاثاء، العضو الحادي والثلاثين في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لتقدّم مساهمة استراتيجية أساسية ومكاسب في قدرات المنظمة التي تعتمد على القوات المسلّحة التي توفّرها الدول الأعضاء كونها لا تملك قوات مسلحة خاصة بها.
ويُعدّ انضمام هلسنكي إلى حلف شمال الأطلسي ثورة لفنلندا التي تتشارك مع روسيا حدوداً بطول 1300 كيلومتر. وبعدما اعتمدت سياسة عدم انحياز عسكري على مدى 3 عقود، ستستفيد من المساعدة العسكرية التقليدية من حلفائها والردع النووي.
وتضم القوات المسلحة الفنلندية 12 ألف جندي محترف، لكن فنلندا تُدرّب أكثر من 20 ألف مجنّد سنوياً ويمكنها تعبئة 280 ألف جندي قادر على القتال، بالإضافة إلى 600 ألف جندي احتياط، وهي قدرات استثنائية تتمتّع بها دولة واقعة في أوروبا.
وتعمل الدولة الاسكندينافية على رفع ميزانيتها الدفاعية بنسبة 40% بحلول عام 2026. ولديها أسطول مكوّن من 55 طائرة مقاتلة من طراز F-18 تنوي استبدالها بالمقاتلات الأميركية الأكثر تطوراً F-35، بالإضافة إلى 200 دبابة وأكثر من 700 قطعة مدفعية.
حدود مضاعفة
كما تعني عضوية فنلندا في الناتو، زيادة الطول الإجمالي للحدود بين روسيا والناتو بمقدار الضعف تقريباً، ما يعني "مئات الكيلومترات الإضافية من الحدود التي يجب حمايتها، ما يشكّل ثقلاً لا يُستهان به بالنسبة لحلف شمال الأطلسي"، بحسب مراقب أوروبي.
وتعتبر موسكو أن كل عضو جديد في حلف شمال الأطلسي، يزيد من تغيير الحدود الجيو استراتيجية التي تفصل بينها وبين الولايات المتحدة.
وقبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، كانت روسيا تطالب بالامتناع عن أي توسع ونشاط عسكري في أوكرانيا وأوروبا الشرقية وجنوب القوقاز وآسيا الوسطى.
ورداً على ذلك، كان حلف شمال الأطلسي يطالب بـ"انسحاب القوات الروسية من أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا"، في إشارة على التوالي إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في العام 2014، وأوسيتيا وأبخازيا في جورجيا، وترانسنيستريا في مولدوفا.
"جناح أكثر هشاشة"
ومع انضمام فنلندا إلى الناتو، "يصبح الجناح الغربي لروسيا أكثر هشاشة، إذ ستمتدّ حدودها مع الحلف من المحيط المتجمّد الشمالي إلى بحر البلطيق"، بحسب موقع "وور أون ذا روكس" War on the Rocks المتخصص في التحليل والمناقشة حول الاستراتيجية والدفاع والشؤون الخارجية.
والمعدات العسكرية الوحيدة التي يملكها حلف شمال الأطلسي لنفسه هي أسطول طائرات "أواكس" (نظام الإنذار المبكر والتحكم جواً) وخمس طائرات استطلاع من طراز "جلوبال هوك" Global Hawk.
وتبقى كل دولة مالكة لما تقدّمه كدعم لحلف شمال الأطلسي، لكن جميع الدول الأعضاء وعدت بتعزيز أمن دول الجناح الشرقي وحشد مزيد من الموارد.
وعلى سبيل المثال، أرسلت فرنسا منذ بداية الحرب في أوكرانيا 500 جندي إلى رومانيا حيث كان جنود أميركيون منتشرين أيضاً. وانضمّ إليهم في وقت لاحق جنود هولنديون وبلجيكيون.
وبحسب أرقام ديسمبر الماضي، يتمركز نحو 5 آلاف جندي أجنبي في رومانيا، ما يشكّل أكبر مجموعة من القوات المتحالفة في الجناح الجنوبي الشرقي لحلف شمال الأطلسي.
تطور عسكري
في عام 2022، أجرى حلف الناتو 9 مناورات، من شرق البحر المتوسط إلى البلطيق، ومن جورجيا إلى دول البلطيق، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ويمكن لحلف شمال الأطلسي "الاعتماد على نحو 3.5 مليون من الطواقم والجنود والمدنيين مجتمعين"، بحسب القيادة العليا للقوات المتحالفة في أوروبا.
والدول الثلاث التي لديها أكبر عدد من الجنود في الحلف هي الولايات المتحدة (1.47 مليون جندي يُضاف إليهم 800 ألف جندي احتياط)، وتركيا (425 ألف جندي و200 ألف جندي احتياط)، وفرنسا (210 آلاف جندي و40 ألف جندي احتياط).
ولدى المنظمة قوة رد سريع منذ عام 2004، مؤلفة من 40 ألف جندي يُضاف إليهم 100 ألف جندي أميركي منتشرين بالأساس في أوروبا. ويخطط الناتو لزيادة هذه القوة إلى 300 ألف جندي.
وتمّ تشكيل "فرقة عمل مشتركة عالية الجهوزية" قادرة على نشر العناصر القيادية للواء برّي قوامه 5 آلاف جندي في غضون يومَين إلى ثلاثة أيام.
وكان حلف شمال الأطلسي يعاني مشكلات وجودية قبل الحرب، ما يفسّر إنشاء مجموعة من الخبراء الدوليين عام 2020 موكلين للبحث في مستقبل الحلف.
في نهاية عام 2019، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الناتو في حالة "موت دماغي"، وذلك بعد عملية عسكرية شنتها تركيا في أكتوبر 2019 في شمال شرقي سوريا استهدفت فيها المقاتلين الأكراد المتحالفين مع التحالف الدولي بدون إبلاغ الأخير.
ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا "وفّر الوقود لوحدة جديدة وُجدت في الحلف، وإعادة التزامه في الأمن التعاوني وإدارة الأزمات والدفاع الجماعي"، حسبما قال القائد السابق للقوات المسلحة الأميركية في أوروبا، فيليب بريدلوف، في فبراير الماضي.
وزادت مواقع نشر القوات من أربعة استراتيجية (إستونيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا) إلى 8 (مع إضافة بلغاريا ورومانيا والمجر وسلوفاكيا).
اقرأ أيضاً: