أكد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، استعداد بلاده للعمل على عودة اللاجئين السوريين ومكافحة المخدرات إثر عودة دمشق إلى الجامعة العربية، فيما اعتبر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي أن الجامعة تدشن "مرحلة جديدة" في التعامل مع الملف السوري بمشاركة دمشق في قمة جدة.
جاءت هذه التصريحات في مقابلتين منفصلتين مع "الشرق"، عقب اجتماع وزراء الخارجية التحضيري لمجلس جامعة الدول العربية في جدة، الأربعاء، والذي شهد مشاركة وزير الخارجية السوري إثر عودة سوريا إلى الجامعة بعد 12 عاماً من الغياب.
كما أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مقابلة أخرى مع "الشرق"، "وجود توافق عربي سوري للتعاون بشأن قضية تهريب المخدرات عبر الحدود السورية"، فيما أشار وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في تصريحاته لـ"الشرق"، إلى "اتفاق بشأن إعادة اللاجئين السوريين".
وقرّرت الجامعة العربية في 7 مايو الجاري، استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعاتها، بعد أكثر من عقد على تعليق عضوية دمشق، بعد الأزمة التي عصفت بالبلاد منذ عام 2011.
ورحب المشاركون في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعاء بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، فيما أكد مصدر لـ"الشرق" أن الرئيس بشار الأسد، سيشارك شخصياً في القمة العربية المقررة، الجمعة، في جدة.
"تحديات أكثر صعوبة"
وقال وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لـ"الشرق"، إن بلاده تتطلع للحاضر والمستقبل عقب عودتها إلى جامعة الدول العربية، مشيراً إلى ضرورة الاستعداد "للتحديات، لأن ما هو مقبل أكثر صعوبة".
وأكد المقداد أن سوريا "تناضل لنبذ الإرهاب، وعودة مواطنينا اللاجئين ونعمل ليل نهار من أجل مكافحة المخدرات، من خلال التعاون مع كل الدول العربية".
وفي السياق، اعتبر أنه "من المعروف عندما تواجه أي دولة تحديات كبيرة، فإن الجوانب السلبية تكثر. لذلك، من خلال التعاون العربي، نحن جاهزون لكي نقضي على كل هذه المظاهر".
وأثنى وزير الخارجية السوري، على الترحيب بعودة سوريا إلى الجامعة العربية خلال اجتماع وزراء خارجية العرب التحضيري بجدة، قائلاً إنه أُحيط بشعور "المحبة والاشتياق".
وبسؤاله عما ذا كانت هناك طلبات من الرئاسة السورية، قال المقداد إنه "لا توجد هناك أي طلبات". وأضاف: "نحن نبحث مع الأشقاء كيف نقوي من عزائم هذه الأمة".
وتابع أن الزيارة التي قام بها إلى السعودية في أبريل الماضي والزيارة التي أجراها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق في الشهر ذاته "وضعت أسس جديدة ومتطورة للتعاون بين البلدين".
وقال: "إننا بدأنا. وهي بداية جيدة. أنا متفائل. والسعودية لم تقصر إطلاقاً في دعم الجهود التي تقوم بها الجمهورية السورية. نتطلع إلى مشاركة جيدة في الاستثمار السعودي في سوريا ونتطلع إلى دور متقدم في إعادة البناء والإعمار في سوريا، ونتطلع أيضاً أن نغني عملية التنمية التي تقودها المملكة".
التطبيع مع تركيا
وبشأن جهود تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، قال المقداد إن "مشكلتنا مع تركيا هي الاحتلال". واعتبر أن تطور العلاقات بين السعودية وتركيا "سيساهم بشكل كبير في تنفيذ الانسحاب التركي من الأراضي العربية".
وشدد على أن دمشق ليس لها أي مشكلة مع الشعب التركي، قائلاً إن "المشكلة الأساسية هو الوجود غير الشرعي للقوات التركية على الأراضي السورية".
وبسؤاله عن موقف بلاده من القوات الأجنبية الأخرى في سوريا، قال المقداد إن "كل هذه القوات يجب أن تنسحب. القوات الأميركية يجب أن تنسحب. الميليشيات يجب أن تنسحب. القواعد غير المشروعة يجب أن تنسحب". في المقابل، قال إن "وجود قوات نرتبط بها من خلال معاهدات واتفاقيات فيعتبر حق سيادي لكل دولة".
وقال إنه وبينما "نتطلع لوحدة الأمة العربية، إننا نظر بنفس الطريقة إلى توحيد أبناء الشعب السوري بكل انتماءاتهم"، مشدداً على أنه "يجب التعامل مع الوطن السوري كوطن واحد. وكل من يحلم بالانفصال، لن نسمح لأحلامه بالتحقق. لأنها أحلام شيطانية".
توافق بشأن "مكافحة المخدرات"
من جهته، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لـ"الشرق"، إن السعودية أعدت للقمة العربية "بشكل جيد انعكس على الاجتماع الوزراي، إذ كان هناك توافقاً على كل القضايا"، من بينها الملف السوري.
وأوضح الصفدي أنه "كان هناك توافقاً على المضي قدماً في جهود حل الأزمة السورية بشكل عملي يعالج كل تبعاتها".
وأضاف "سنعمل كذلك بشكل مكثف لإنهاء قضايا الإرهاب وقضايا المخدرات تحديداً، التي تشكل للأردن وللمنطقة خطراً كبيراً في ضوء ضخامة عمليات التهريب وآثاراها الكارثية على شبابنا".
ولفت إلى أن "التوافق الذي تم خلال اجتماع وزراء الخارجية أكد على التعاون في هذا الموضوع، ونحن نتطلع إلى ذلك. لأنها قضية تمس أمننا الوطني وبالتالي لابد من أن يتم التعامل معها بشكل حاسم".
وكان الأردن أعلن في وقت سابق من مايو الجاري شن غارة جوية في جنوب سوريا استهدفت أحد تجار المخدرات، يُدعى مرعي الرمثان.
وجاءت الغارة النادرة من نوعها داخل سوريا، بعد اجتماع في عمان مطلع الشهر الحالي، ضمّ وزراء خارجية الأردن وسوريا والعراق ومصر والسعودية، نصّ بيانه الختامي على "تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية".
ويقول الأردن إن تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية السورية الممتدة على مسافة حوالي 375 كيلومتراً "عملية منظمة" تستعين بطائرات مسيّرة وتحظى بحماية مجموعات مسلحة.
وأحبط الجيش الأردني مطلع عام 2022 دخول أكثر من 16 مليون حبة "كبتاجون" خلال نحو 45 يوماً، ما يُعادل الكمية التي ضُبطت طوال عام 2021.
وتُعد سوريا المصدر الأبرز لـ"الكبتاجون" منذ ما قبل 2011. لكن النزاع جعل تصنيعها أكثر رواجاً واستخداماً وتصديراً.
اتفاق بشأن عودة اللاجئين
من جانبه، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين لـ"الشرق"، إن وجود سوريا في القمة العربية يدشن مرحلة جديدة، مؤكداً أن قمة جدة هي "قمة لم الشمل العربي".
وبشأن احتمال طرح تصور لعودة اللاجئين السوريين خلال القمة، قال فؤاد حسين، إن إحدى النقاط التي تمت مناقشتها في إطار الرباعية، التي شارك فيها وزراء خارجية السعودية ومصر والأردن والعراق، كانت وضع اللاجئين السوريين في دول الجوار والمناطق الأخرى.
وأضاف: "وصلنا إلى اتفاق حول هذه المسألة"، مشيراً إلى مناقشة القضية كذلك مع وزير الخارجية السوري في اجتماع عمّان.
وأوضح أن معالم الحل يتعلق "بالوضع الإقليمي والوضع الدولي، لكن أيضاً بالوضع الإنساني الداخلي كذلك، إذ أن وصول المساعدات إلى الداخل السوري يؤدي إلى وضع الخطوات لعودة اللاجئين إلى سوريا".
"دور عربي أكبر" في الملف السوري
إلى ذلك، اعتبر الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية تدشن "مرحلة جديدة في التعامل مع سوريا، ومع الملف السوري بشكل عام".
وقال زكي لـ"الشرق"، إن "الوضع في السنوات الـ12 الماضية كان صعباً ومليئاً بالتشابكات والتعقيدات والعراقيل".
وأضاف: "الآن، هناك مرحلة جديدة. والأمل معقود على أن عودة سوريا ستشجع شكل من أشكال الدعم للدور العربي في التعامل مع القضية السورية"، لإيجاد حل لها، مشيراً إلى أنه لم يكن في الماضي "لم يكن هناك دور كبير للدول العربية في التعامل مع هذه القضية".
وبخصوص احتمال وجود مبادرات عربية لإعادة الإعمار في سوريا، قال إن قضية إعادة الإعمار "تنطوي على مشكلات لا تتصل فقط بالوضع العربي أو الإرادة العربية، فالوضع معقد، لأن سوريا تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية شاملة وقوية".
وأضاف: "أن التعامل مع هذه العقوبات يحتاج إلى الكثير من العمل والكثير من الاتصالات وإقناع الدول الأخرى برفع العقوبات"، لافتاً إلى أن هذه المهمة "ليست سهلة وستأخذ قطعاً شوطاً كبيراً من الوقت".
إلى ذلك، اعتبر أن عودة اللاجئين السوريين تعتبر "قضية ضاغطة، خصوصاً بالنسبة لدول اللجوء العربية، والتي هي في الأساس لبنان والأردن". وقال إن "الأمل معقود الآن في أن توفر سوريا الظروف المناسبة لعودة السوريين وفق المفاهيم الدولية واتفاقية اللاجئين، ضمنها العودة الكريمة والطوعية والآمنة".
اقرأ أيضاً: