صندوق النقد يدعو أميركا إلى تشديد السياسة المالية.. وبايدن متفائل بـ"سقف الدين"

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى وسائل الإعلام في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بواشنطن العاصمة في الولايات المتحدة. 26 مايو 2023 - Bloomberg
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث إلى وسائل الإعلام في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بواشنطن العاصمة في الولايات المتحدة. 26 مايو 2023 - Bloomberg
واشنطن/ ديترويت -وكالات

شدد صندوق النقد الدولي على حاجة الولايات المتحدة إلى تشديد السياسة المالية لخفض ديونها الاتحادية، فيما أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق مع الجمهوريين لحل أزمة سقف الدين، ما ينعش الآمال بنهاية وشيكة لخطر تخلف أكبر اقتصاد في العالم عن سداد ديونه.

وقال صندوق النقد الدولي، الجمعة (بالتوقيت المحلي)، إن أسعار الفائدة الأميركية ستحتاج على الأرجح إلى البقاء مرتفعة لفترة أطول لترويض التضخم، مضيفاً أن واشنطن بحاجة إلى تشديد السياسة المالية لخفض ديونها الاتحادية.

وذكر صندوق النقد، في بيان صدر بعد مراجعة "المادة الرابعة" لسياسات الولايات المتحدة، أن الاقتصاد الأميركي أثبت مرونته في مواجهة السياسة النقدية والمالية الأكثر تشدداً، لكن هذا يعني أن التضخم كان أكثر ثباتاً مما كان متوقعاً.

تضمنت مراجعة الصندوق توقعات النمو للعام بأكمله في الولايات المتحدة عند 1.7% لعام 2023، أعلى بقليل من توقعاته البالغة 1.6% في أبريل، وانخفاض الإنتاج بنسبة 1.2% على أساس المقارنة في الربع الأخير من العام.

وقال الصندوق: "بينما من المتوقع أن يستمر انخفاض تضخم إنفاق المستهلكين الأساسي والرئيسي خلال عام 2023، فإنهما سيظلان أعلى من هدف مجلس الاحتياطي الاتحادي البالغ 2% خلال 2023 و2024".

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، في مؤتمر صحافي، إن الحكومة الأميركية بحاجة إلى تقليل العجز، لا سيما مع زيادة عائدات الضرائب.

وأضافت جورجيفا أنها تأمل أن يتم التوصل إلى حل "في غضون 12 ساعة" لأزمة سقف الديون الأميركية في واشنطن، لتفادي تعثر كارثي من شأنه أن يضيف المزيد من الصدمات إلى الاقتصاد العالمي.

بايدن وسقف الدين

من جانبه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة (بالتوقيت المحلي)، إن المفاوضين الديمقراطيين والجمهوريين على وشك التوصل إلى اتفاق لحل أزمة سقف الدين.

وقال بايدن للصحافيين في البيت الأبيض إن الاتفاق "قريب جداً وأنا متفائل".

وعلى الرغم من عدم وجود إشارات لإعلان رسمي وشيك، إلا أن هذا يعد حتى الآن أقوى مؤشر على إمكان حل الخلاف بين الحزبين الرئيسيين والسماح للحكومة بالاقتراض وتجنب التخلف عن السداد.

وكانت صحيفتا "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" قد ذكرتا أن الاتفاق المحتمل سيجمد بعض النفقات لكن بدون المساس بالميزانيات المخصصة للدفاع وقدامى المحاربين.

وسيتيح الاتفاق إرجاء خطر التخلف عن السداد لسنتين، حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبحسب تقديرات محدّثة لوزيرة الخزانة جانيت يلين، هذا السيناريو غير المسبوق لتخلف أكبر اقتصاد في العالم عن سداد ديونه يمكن أن يحصل اعتبارا من 5 يونيو، بعد أن كانت قد أشارت سابقاً إلى أنه يمكن أن يحصل في الأول من يونيو.

وجاء في رسالة وجّهتها يلين إلى رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي: "بناء على أحدث البيانات، تفيد تقديراتنا بأن موارد الخزانة لن تكون كافية للوفاء بالتزامات الحكومة إذا لم يعمد الكونجرس إلى رفع سقف الدين العام أو تعليقه بحلول 5 يونيو".

وأوضحت ان أكثر من 130 مليار دولار من المدفوعات للمتقاعدين وقطاع الصحة وقدامى المحاربين تستحق في اليومين الأولين من يونيو، وهو ما "يترك الخزانة مع مستوى موارد منخفض جداً".

وتتبدى صعوبة إبرام اتفاق بمطلب ملح للجمهوريين بوقف مزايا مثل الإعانات الغذائية.

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بايتس أن الجمهوريين على استعداد للمخاطرة "بأكثر من 8 ملايين وظيفة لإخراج الطعام من أفواه الأميركيين الجياع".

وفي حال عدم التوصل الى اتفاق سياسي وحصول تصويت في مجلسي النواب والشيوخ لن تكون الولايات المتحدة غير قادرة على سداد ديونها فحسب، بل أيضاً غير قادرة على دفع رواتب بعض الموظفين الرسميين أو الإعانات الاجتماعية.

والتحدي، إلى جانب تجنب كارثة مالية واجتماعية واقتصادية، هو السماح لكل معسكر بالحد من الضرر على المستوى السياسي.

فكيفن مكارثي الذي يحتاج لترسيخ مكانته كرئيس لمجلس النواب يمكن أن يفاخر بأنه أرسى مزيداً من التشدد في الميزانية، فيما سيؤكد الديموقراطيون أنهم قاموا بحماية الإعانات الاجتماعية او مشاريع الاستثمار الكبرى.

وقال مكارثي للصحافيين إن المفاوضين "أحرزوا تقدماً"، لكنه أضاف: "لن يتم الاتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء".

رؤيتان متعارضتان

وقال الرئيس الأميركي، الذي يخوض حملة لولاية ثانية، الخميس، إن المحادثات تتمحور حول "رؤيتين متعارضتين".

وطرح نفسه مدافعاً عن العدالة الاجتماعية والضريبية بعدما طالب بأن يدفع الأكثر ثراء والشركات الكبرى "حصتهم العادلة" من الضرائب، واصفاً الجمهوريين بأنهم حزب الثروات الكبرى وحزب وول ستريت.

لكن بحسب تقارير إعلامية، قد يكون الديموقراطي البالغ 80 عاماً تخلى في المفاوضات مع الجمهوريين عن الزيادة التي كان يرغب بها للأموال المخصصة لمكافحة التهرب الضريبي.

وإذا تم التوصل إلى اتفاق فلا يزال يجب أن يقر في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديموقراطيون بفارق ضيق، وفي مجلس النواب حيث يشغل الجمهوريون غالبية هشة. وهذا الأمر لن يكون مهمة سهلة.

من جهة، ولأن الجدول الزمني البرلماني مقيد، عاد عدد من أعضاء الكونجرس إلى منازلهم في مختلف أنحاء الولايات المتحدة لقضاء عدة أيام في عطلة نهاية الأسبوع الطويلة المصادفة "يوم الذكرى"، الذي تحتفل به الولايات المتحدة في آخر يوم اثنين من شهر مايو لتكريم الجنود الأمريكيين الذين قتلوا في ساحات المعارك. 

من جانب آخر، لأن بعض التقدميين داخل الحزب الديموقراطي تماما مثل بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين، هددوا من الآن بعدم المصادقة على نص يقدم الكثير من التنازلات للمعسكر المنافس.

هكذا تعهد السيناتور الجمهوري مايك لي، الخميس، أنه سيستخدم "كل أداة إجرائية متاحة لمنع اتفاق على سقف الديون لا يتضمن إصلاحات جوهرية للإنفاق"، قائلاً: "أخشى أننا نسير في هذا الاتجاه".

من جهتهم طلب أعضاء ديموقراطيون في مجلس الشيوخ من بايدن أن يستند إلى التعديل 14 في الدستور الذي يحظر التشكيك في "ملاءة" الولايات المتحدة ويمكنه من ان يتصرف وكأن سقف الدين غير موجود أساساً، ليواصل إصدار الديون حتى لو لم يتم التوصل إلى اتفاق. وهو ما يعارضه البيت الأبيض بشكل قاطع، مثيراً استياء معسكر التقدميين.

بالتالي سيتعين على بايدن ومكارثي اعتماد دبلوماسية الوسط لجمع تأييد أكبر عدد ممكن من البرلمانيين من الطرفين، وهي ممارسة أصبحت صعبة جداً في بلد تعمقت فيه الانقسامات السياسية بشكل كبير في السنوات الماضية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات