هل تطوي الجزائر خلافاتها مع الاتحاد الأوروبي عبر بوابة المجر؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف خلال لقاء نظيره المجري بيتر سيارتو في بودابست، المجر، 8 سبتمبر 2023 - facebook/MFAAlgeria
وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف خلال لقاء نظيره المجري بيتر سيارتو في بودابست، المجر، 8 سبتمبر 2023 - facebook/MFAAlgeria
الجزائر-أمين حمداوي

أظهرت الجزائر رغبة في تجاوز حالة الانسداد التي تشهدها علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، على خلفية قرار السلطات الجزائرية مراجعة اتفاق الشراكة مع بروكسل، والأزمة الدبلوماسية مع إسبانيا.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أبدى في مناسبات عدة رغبة بلاده في مراجعة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، بسبب "عدم تناسبه مع التحولات الحالية، وعدم تحقيقه لمصالح الجزائر بشكل كاف"، خصوصاً في الشق الاقتصادي ونقص الاستثمارات الأوروبية.

وطلبت الجزائر من المجر، التي ستترأس الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام المقبل، المساعدة لتجاوز هذه "الوضعية المضرة" بالمصالح الرئيسية للطرفين، حسب تعبير وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف.

وقال عطاف خلال زيارة المجر، السبت، في مؤتمر صحافي، إنه يتشارك مع نظيره المجري بيتر سيارتو الأسف لحالة الانسداد والجمود التي تعاني منها علاقات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي في المرحلة الراهنة.

توترات جزائرية إسبانية

أرجع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر محمد سي بشير، حالة الانسداد في العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي إلى "التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وإسبانيا، من منطلق أوروبي يعتبر أن أي خلاف بين دولة من خارج الاتحاد الأوروبي مع أحد الدول الأعضاء، يعد خلافاً مع الاتحاد بحد ذاته".

في المقابل، تعترض الجزائر على نقل الخلاف الجزائري الإسباني الى الاتحاد الأوروبي، وجعله خلافاً جزائرياً أوروبياً.

ويرى عبد القادر بريش عضو مجلس النواب الجزائري، وعضو اللجنة البرلمانية المشتركة مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات مع بروكسل يغلب عليها "التشنج" نتيجة الخلافات مع أقطاب الاتحاد، على اعتبار أن علاقات الجزائر بفرنسا غير مستقرة، إضافة الى التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وإسبانيا.

وأضاف عبد القادر بريش أنه يجب على الطرف الأوروبي أن يفهم ان الجزائر تبني علاقاتها وشراكاتها من منطلق السيادة، وأن توتر العلاقات مع إحدى دول الاتحاد مثل إسبانيا لا يعني أن الجزائر تعادي أوروبا، بدليل أن للجزائر علاقات متينة مع دول أوروبية أخرى مثل إيطاليا.

وفي فبراير الماضي، اتهمت الجزائر إسبانيا بعرقلة انعقاد مجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر الهيئة القانونية المكلفة ببحث كافة الشؤون السياسية والاقتصادية والتجارية بين الجانبين.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية حينها عن مسؤول جزائري قوله إن إسبانيا "تستغل بطريقة تعسفية قاعدة الإجماع، لعرقلة انعقاد مجلس الشراكة (الأوروبي) مع الجزائر".

ومنذ العام الماضي تشهد العلاقات الجزائرية الإسبانية أزمة دبلوماسية، بعد قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة والتعاون وحسن الجوار، على خلفية إعلان إسبانيا دعم رؤية المغرب لـ"مبادرة الحكم الذاتي" بشأن قضية الصحراء.

وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قال في مارس الماضي خلال مقابلة مع جريدة "الخبر" الجزائرية، إن انعقاد مجلس الشراكة مع الجزائر "معطل" حالياً،  وذا في تعليقه على اتهام الجزائر لمدريد بـ"عرقلة" انعقاد مجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، في استغلال قاعدة اتخاذ القرار بالإجماع.

مراجعة اتفاق الشراكة

من جانبه، قال النائب البرلماني محمد مشقق في تصريح لـ"الشرق"، إن حالة الانسداد في علاقات الجزائر مع الاتحاد الأوروبي هو "نتيجة اتفاق الشراكة الذي يؤطر علاقات الجانبان، وترفضه الجزائر على اعتبار أنه مجحف في حقها، ولم ينفذ في شقه المتعلق بنقل التكنولوجيا من الاتحاد الاوروبي، وتنفيذ استثمارات أوروبية في الجزائر".

وأشار محمد مشقق إلى "حرص الجزائر على إقامة شراكة مثمرة ومربحة مع الاتحاد الأوربي، تكون مبنية على الندية والسعي لتحقيق المصالح والمنافع المشتركة".

وكانت الجزائر قد ناقشت مع الاتحاد الأوروبي، خلال الدورة الـ12 لمجلس الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2020، إجراءات مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لاعتبارات تتعلق بعدم مواكبة الاتفاق الذي مضى عليه أكثر من 20 عاماً، نظراً لتطلعاتها في تنويع اقتصادها ورفع قدراتها التصديرية.

وتربط الجزائر والاتحاد الأوروبي اتفاقية شراكة وقعت في إسبانيا في أبريل 2002، ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر 2005. وتنص الاتفاقية على توفير إطار مناسب للحوار السياسي بين الطرفين، بهدف السماح بتدعيم علاقاتهما وتعاونهما في جميع المجالات، وتطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة بين الطرفين، وتحديد شروط التحرير التدريجي لتبادل السلع والخدمات ورؤوس الأموال.

لكن تقييم أثر الاتفاق على التجارة الخارجية للبلاد على مدى 10 سنوات (2005-2015)، يشير الى أن إجمالي الصادرات الجزائرية خارج نطاق المحروقات الموجهة للاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول للبلاد، بلغ 14 مليار دولار خلال هذا العقد، في حين أن إجمالي الواردات الجزائرية من الاتحاد الاوروبي قدرت بـ220 مليار دولار، بمعدل سنوي قدره 22 مليار دولار، بحسب تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

وتمثل الجزائر بالنسبة للاتحاد الأوروبي مورداً هاماً وموثوقاً للطاقة، إذ تمثل صادرات الجزائر ما بين 10 الى 12% من إجمالي الواردات الأوروبية على مدى السنوات العشر الماضية، وفق بيانات رسمية للاتحاد الأوروبي.

وبحسب ذات البيانات، فإن 90% من صادرات الغاز الجزائري تذهب نحو أوروبا، كما أن أكثر من نصف التجارة الخارجية الجزائرية تتم مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أي 56% من الصادرات و43% من الواردات.

من جهة أخرى، بلغ حجم التبادل التجاري الإجمالي 37.3 مليار دولار في عام 2021، مقابل 28.2 مليار دولار في عام 2020، بحسب بيانات رسمية جزائرية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات