مجموعة العشرين.. الهند نحو "قيادة الجنوب العالمي" ومودي "أكبر الرابحين"

time reading iconدقائق القراءة - 5
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي. 10 سبتمبر 2023 - REUTERS
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي. 10 سبتمبر 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

أظهرت قمة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها في الهند، الأحد، رئيس الوزراء ناريندرا مودي باعتباره قادراً على تقريب وجهات النظر بين الدول، وحل المشكلات العالمية، وهو نجاح يعزز موقف نيودلهي في تنافسها مع الصين لقيادة الجنوب العالمي.

وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن القمة سبقتها شكوك كبيرة بشأن قدرة مودي على الخروج بإعلان موحَّد خلال اجتماعات المجموعة، في ظل الانقسامات الخطيرة داخل الكتلة بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقالت الوكالة إنَّ مودي تمكَّن من تبديد تلك الشكوك بكشفه عن "إعلان مشترك" بالإجماع، قبل يوم واحد فقط من انتهاء القمة، لافتة إلى أنَّ الإعلان "تضمَّن لغة وافقت عليها كل من روسيا والصين بشأن الحرب في أوكرانيا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إنَّ المجموعة اتفقت على "رسالة قوية للغاية"، فيما وصف المستشار الألماني أولاف شولتز الإعلان بأنه "نجاح للدبلوماسية الهندية"، مشيراً إلى أنَّ "الكثيرين لم يعتقدوا أن ذلك سيكون أمراً ممكناً".

ووصف وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، الإعلان بأنه "يستجيب للوضع كما هو اليوم"، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".

توافق بشأن أوكرانيا

وتبنَّى الإعلان "صياغة ألطف" من تلك التي تبناها الإعلان الصادر عن قمة المجموعة، العام الماضي، في إندونيسيا حين تجنب إدانة موسكو بصورة مباشر.

وبدلاً من الإدانة، استشهد الإعلان بميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه "يجب على جميع الدول أن تمتنع عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة".

وعلى الرغم من تجنب الإعلان إدانة موسكو بشكل مباشر، إلا أنَّ جميع الدول وافقت عليه، مّا سمح للهند بادعاء النجاح الدبلوماسي.

وقال أميتاب كانت، كبير مفاوضي الهند في مجموعة العشرين: "هذا هو الإعلان الأول الذي يصدر دون حاشية واحدة".

ورأى بعض الخبراء أنَّ الإعلان "انتصار لروسيا"، فيما اعتبره آخرون "إنجازاً للغرب"، لكن معظمهم اتفقوا على أنه "انتصار للسياسة الخارجية لمودي"، في وقت يسعى فيه الزعيم الهندي لزيادة نفوذ بلاده على المسرح العالمي.

قيادة الجنوب العالمي

وقال ديريك جروسمان، المحلل المتخصص في شؤون منطقة المحيطين "الهندي - الهادئ" في مؤسسة "راند": "يجسد إعلان الهند صوت الجنوب العالمي الناشئ".

وأضاف: "هذا الإعلان بمثابة ضربة موفقة للهند، خصوصاً في سياق التنافس الاستراتيجي مع الصين، ما يساعدها على أن تصبح قائدة لهذه الكتلة"، على حد تعبيره.

وخلال القمة أعلن مودي أيضاً، موافقة المجموعة على ضم الاتحاد الإفريقي كعضو دائم، وأحرزت تقدماً في القضايا الرئيسة الأخرى المهمة للدول النامية في الجنوب العالمي.

وقال مايكل كوجلمان، مدير معهد جنوب آسيا التابع لمركز ويلسون: "نشهد أخيراً تحول مجموعة العشرين إلى كيان عالمي حقيقي، والخروج من ظل مجموعة السبع".

وأضاف: "إنها (مجموعة العشرين) تمثل حالة ناجحة للقوى الغربية وغير الغربية والجنوب العالمي عندما يعملون معاً لتحقيق الأهداف المشتركة".

التنافس الصيني الهندي

وبحسب "أسوشيتد برس"، عقدت القمة في وقت تحاول فيه كل من روسيا والصين التركيز بشكل أكبر على مجموعة "بريكس" ذات التفكير المتماثل، والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ووافقت في قمتها، الشهر الماضي، على التوسع بضم 6 دول أخرى.

وتغيب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والزعيم الصيني شي جين بينج، عن قمة مجموعة العشرين هذا العام.

"إصلاح داخلي"

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الذي حل مكان بوتين في القمة، إنَّ "المجموعة تمر بأزمة"، مشبهاً "النجاح المطلق" للهند بـ"الإصلاح الداخلي".

وأضاف في تصريحات صحافية: "لقد تجلَّى ذلك في التنشيط الكبير لأعضاء مجموعة العشرين من الجنوب العالمي في ظل الدور القيادي للهند التي سعت بكل وضوح وإصرار إلى مراعاة مصالحهم".

وأشار الزميل الباحث في "المجلس الأطلسي"، مايكل شومان، إلى أنَّ بكين تسعى لحشد الجنوب العالمي في إطار تكتل يتمركز حول الصين، لافتاً إلى أنَّ غياب الرئيس الصيني عن القمة مكَّن مودي وآخرين من "الترويج لأفكارهم وأهدافهم الخاصة".

وأضاف شومان، أنه بفضل نهج مودي الدبلوماسي، والذي برز باعتباره "الفائز الأكبر في القمة، كما أنه أصبح لاعباً متزايد الأهمية في الشؤون الدولية".

وقال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "أعتقد أن قيادة الهند القوية حافظت على مجموعة العشرين وفتحت المجال أمام البرازيل في الرئاسة المقبلة للعمل على القضايا العالمية".

وقبيل انعقاد القمة، شدد مودي على أنَّ الدول النامية يجب أن يكون لها دور أكبر، مشيراً إلى أنها تتأثر بشكل غير متناسب بالعديد من الأزمات بما في ذلك تغير المناخ ونقص الغذاء وارتفاع أسعار الطاقة.

وقال كوجلمان: "مع مواجهة العالم للعديد من التحديات التي لا حدود لها ونقص التعددية، فإن هذا النوع من التعاون العالمي الحقيقي هو ما تشتد إليه الحاجة الآن".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات