الهند وكندا.. أزمة دبلوماسية وتجارية عقب اغتيال "زعيم للسيخ"

time reading iconدقائق القراءة - 7
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يستقبل نظيره الكندي جاستن ترودو في نيودلهي. 23 فبراير 2018 - AFP
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يستقبل نظيره الكندي جاستن ترودو في نيودلهي. 23 فبراير 2018 - AFP
دبي -الشرق

ارتفعت حدة التوتر في العلاقات بين الهند وكندا إثر اغتيال هارديب سينج نيجار، أحد زعماء السيخ، إذ تبادلت الحكومتان الاتهامات واتخذتا خطوات باتجاه طرد دبلوماسيين في مؤشر على "تأزم جديد" قد يؤثر أيضاً على مسار العلاقات التجارية.   

وفي أحدث السجالات بين الجانبين، رفضت الهند، الثلاثاء، مزاعم رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بأن عملاء حكومتها كانوا وراء اغتيال مواطن كندي وزعيم بارز للسيخ في البلاد.

وقالت وزارة الخارجية الهندية في بيان، إن "المزاعم المتعلقة بتورط الحكومة الهندية في أي عمل من أعمال العنف في كندا سخيفة ولها دوافع"، حسبما نقلت "بلومبرغ".

وأضاف البيان، أن "إعراب الشخصيات السياسية الكندية علناً عن تعاطفها مع مثل هذه العناصر لا يزال يثير قلقاً عميقاً"، رافضاً تصريحات ترودو، ووزارة خارجيته.

بدورها، نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، عن بيان الحكومة الهندية، أن مزاعم تورطها في أي أعمال عنف في كندا "عبثية وذات دوافع". وأضاف البيان: "نحن نظام ديمقراطي يلتزم التزاماً قوياً بسيادة القانون".

من جانبها، قالت ميلاني جولي، وزيرة الخارجية الكندية، إنها طردت دبلوماسياً هندياً كبيراً، دون تقديم مزيد من التفاصيل، وفي رد فعل متبادل، استدعت الهند المفوض السامي الكندي، الثلاثاء، لإبلاغه قرار طرد دبلوماسي كبير مقيم في الدولة.

من هو نيجار؟ 

في 18 يونيو الماضي، لقي نيجار مصرعه بالرصاص خارج معبد للسيخ في كولومبيا البريطانية بكندا، إذ يسعى إلى إنشاء دولة مستقلة للسيخ باسم "خاليصتان" تكون منفصلة عن ولاية بنجاب الهندية. 

وكان نيجار مطلوباً من قبل السلطات الهندية، وصُنف "إرهابياً" في يوليو 2020، كما تلقى تحذيرات من الاستخبارات الكندية بشأن تهديدات ضده، وفقاً لمنظمة السيخ العالمية في كندا، والتي زعمت أنه "اغتيل في إطلاق نار محدد".

وتُعد كندا موطناً لأحد أكبر المجتمعات الأجنبية ذات الأصول الهندية، والتي تضم 1.04 مليون شخص من إجمالي عدد سكان كندا البالغ عددهم 40 مليون نسمة. وأفاد نحو 770 ألف شخص بأنهم يتبعون السيخية في عام 2021.

كما تضم كندا أكبر عدد من السيخ خارج ولاية بنجاب الهندية، إذ كثيراً ما تشكو الهند للحكومات الكندية من أنشطة "المتشددين" منهم، الذين يحاولون إحياء التمرد.

وركزت بعض الاحتجاجات التي قامت بها هذه المجموعات السيخية على البعثة الدبلوماسية الهندية والقنصليات في جميع أنحاء كندا في السنوات الأخيرة، إذ وصفت نيودلهي مظاهرة يونيو أمام المفوضية العليا بأنها "هجوم" وقالت إن وكالة مكافحة الإرهاب التابعة لها تحقق في الأمر.

 وتشعر الهند بقلق خاص إزاء الجماعة الانفصالية المحظورة التي حاربت من أجل إنشاء دولة مستقلة تسمى "خالصتان" في الثمانينيات والتسعينيات، إذ هزت الجماعة ولاية البنجاب التي يشكل السيخ 58% من سكانها والهندوس 39%، مما أسفر عن مصرع الآلاف.

ضغوط بشأن التحقيقات

بيان الحكومة الهندية يأتي بعد يوم من تصريحات أدلى بها ترودو أمام مجلس العموم في أوتاوا، قائلاً إن "هناك مزاعم موثوقة بتورط الهند في القتل. أعلنت كندا عن مخاوفها العميقة لكبار مسؤولي المخابرات والأمن في الحكومة الهندية".

وأضاف "أي تورط لحكومة أجنبية في مقتل مواطن كندي على الأراضي الكندية يعد انتهاكاً غير مقبول لسيادتنا"، لافتاً إلى أنه أثار هذه المخاوف "شخصياً وبشكل مباشر" مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على هامش اجتماع قادة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في نيودلهي. 

وقال رئيس الوزراء الكندي للمشرعين، إن حكومته "ستضغط على الهند للتعاون في التحقيقات في حادث إطلاق النار على نيجار الذي دافع عن وطن مستقل للسيخ في شمال غربي الهند".

ووفقاً لـ"الجادريان"، فإن ترودو لديه "أدلة موثوقة" على أن الهند مسؤولة عن الاغتيال المزعوم، مؤكداً أن كندا تلتزم سيادة القانون، وأن حماية المواطنين والدفاع عن سيادة البلاد "أمران أساسيان".

وأشار ترودو إلى أن أولويات بلاده القصوى، تتمثل في أن تضمن وكالات إنفاذ القانون والوكالات الأمنية الكندية السلامة الدائمة لجميع الكنديين، واتخاذ كافة الخطوات اللازمة لمحاسبة مرتكبي جريمة القتل، موضحاً أن الاغتيال "يتعارض مع القواعد الأساسية التي تتصرف بها المجتمعات الحرة والديمقراطية".

ولاقت الأزمة ردود فعل من قبل مشرعين من كندا، إذ شدد زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاجميت سينج، وهو من السيخ، على ضرورة أن يكون هناك عواقب للاغتيال، قائلاً: "الاستماع إلى رئيس وزراء كندا يؤكد وجود صلة محتملة بين مقتل مواطن كندي على الأراضي الكندية على يد حكومة أجنبية هو أمر لم أتخيله أبداً".

بدوره، قال بيير بوليفر، زعيم حزب المحافظين الكندي، إن هذه المزاعم، حال ثبتت صحتها، فإنها تمثل "إهانة مشينة لكندا"، مؤكداً أن الكنديين يستحقون الحماية على الأراضيهم.

ودعا بوليفر، الحكومة الكندية، إلى العمل بأقصى قدر من الشفافية أثناء تحقيق السلطات في هذه الجريمة، مضيفاً أن "الحقيقة يجب أن تظهر"، وفقاً لـ "الجارديان".

عرقلة اتفاق تجاري

على الصعيد التجاري، فإن العلاقات المتوترة تهدد بعرقلة خطط التوصل إلى اتفاق تجاري في مرحلة مبكرة.

وقالت الدولتان هذا العام، إنهما "تتوقعان الاتفاق على اتفاقية تجارية بحلول نهاية عام 2023"، لكن تم تعليقها قبل قمة مجموعة العشرين، في حين أرجأت كندا الأسبوع الماضي، إرسال بعثتها التجارية التي كانت بصدد زيارة الهند في أكتوبر المقبل.

وفي هذا السياق، أفاد مسؤول حكومي هندي كبير لـ"بلومبرغ"، بأن المحادثات التجارية مع كندا "ستظل معلقة حتى يتم حل بعض التطورات السياسية".

وفي هذا الصدد، قال جون كيرتون، مدير مجموعة أبحاث مجموعة العشرين بجامعة تورنتو، إن "الفتور كان واضحاً بين وفديْ البلدين بالقمة"، مشيراً إلى أن العلاقات بين البلدين "تشهد الآن تدهوراً شديداً، لأن القضية خطيرة للغاية، ولكن في هذه المرحلة لا تزال في نطاق الاتهامات".

وفي حين أن كندا لم تصل حتى إلى قائمة أفضل 20 شريكاً تجارياً للهند، فإن أي انهيار في المفاوضات التجارية سيكون بمثابة "ضربة للهند" التي تحاول وضع نفسها عالمياً كبديل للصين في سلاسل التوريد العالمية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات