ما سبب التوتر المتصاعد شمال كوسوفو؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
لندن-رويترز

سلّط اقتحام دير في شمال كوسوفو الضوء على المشكلات المستمرة في المنطقة التي يغلب الصرب على سكانها، بعد 15 عاماَ من إعلان بريشتينا استقلالها.

واقتحم مسلحون بعربات مدرعة قرية في شمال كوسوفو، الأحد، واشتبكوا مع الشرطة وتحصنوا في دير أرثوذكسي صربي، وسقط خلال هذا الهجوم رجل شرطة وثلاثة من المهاجمين.

ويشكل المنتمون للعرقية الألبانية أكثر من 90٪ من سكان كوسوفو، ولا يشكل الصرب الأغلبية إلا في المنطقة الشمالية التي تشهد اشتباكات منذ مايو الماضي، حيث أصيب فيها العشرات من المحتجين وأفراد قوات حفظ السلام من حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ماذا وراء الخلاف؟

جاء استقلال كوسوفو ذات الغالبية الألبانية في 17 فبراير 2008، بعد نحو عقد من انتفاضة مسلحة ضد صربيا. ويعترف بكوسوفو أكثر من 100 دولة.

ومع ذلك، لا تزال صربيا تعتبر كوسوفو رسمياً جزءاً من أراضيها. وتتهم صربيا الحكومة المركزية في كوسوفو بالتعدي على حقوق الصرب، لكنها تنفي الاتهامات بإثارة الصراع داخل حدود جارتها.

ويشكل الصرب 5% من سكان كوسوفو البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، في حين يشكل الألبان 90% تقريباً. ويُعَبّر نحو 50 ألف صربي في شمال كوسوفو، على الحدود مع صربيا، عن رفضهم لكوسوفو برفض دفع تكاليف الطاقة التي يستخدمونها للدولة، وكثيراً ما يهاجمون الشرطة إذا حاولت إلقاء القبض على أحدهم.

ويحصل جميع الصرب على امتيازات من ميزانية صربيا، ولا يدفعون أي ضرائب سواء لبريشتينا أو بلجراد.

لماذا تفاقم الوضع؟

تصاعدت حدة الاضطرابات عندما تولى رؤساء البلديات من أصل ألباني مناصبهم في المنطقة ذات الغالبية الصربية في شمال كوسوفو، بعد انتخابات قاطعها الصرب في أبريل، وهي الخطوة التي دفعت الولايات المتحدة وحلفاءها إلى توبيخ بريشتينا.

وفي ديسمبر الماضي، أقام صرب شمال كوسوفو عدة حواجز على الطرق، وتبادلوا إطلاق النار مع الشرطة، بعد إلقاء القبض على شرطي صربي سابق، بزعم اعتدائه على أفراد شرطة في الخدمة خلال احتجاج.

ويتصاعد التوتر منذ أشهر بسبب خلاف يتعلق بلوحات ترخيص السيارات. وتريد كوسوفو منذ سنوات من الصرب في الشمال أن يغيروا لوحات سياراتهم الصربية، التي يعود تاريخها إلى حقبة ما قبل الاستقلال، إلى تلك الصادرة عن بريشتينا، ضمن سياستها الرامية إلى بسط سيطرتها على كامل أراضي كوسوفو.

وفي يوليو الماضي، أعلنت بريشتينا مهلة شهرين لتبديل اللوحات، مما أثار اضطرابات، قبل أن توافق لاحقاً على تأجيل موعد التنفيذ إلى نهاية 2023.

واحتجاجاً على التحول الوشيك، استقال رؤساء بلديات من العرق الصربي في الشمال، بالإضافة إلى قضاة و600 فرد شرطة في نوفمبر من العام الماضي، مما أحدث خللاً في عمل المؤسسات وأثار فوضى في المنطقة.

ما الذي يريده صرب كوسوفو؟

يسعى الصرب في كوسوفو إلى إنشاء رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية، تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي.

وترفض بريشتينا ذلك باعتباره وصفة لإقامة دولة صغيرة داخل كوسوفو، وهو ما من شأنه أن يؤدي فعلياً إلى تقسيم البلاد على أساس عرقي.

ولم تحقق صربيا وكوسوفو تقدماً يذكر في هذه القضية وغيرها من القضايا، منذ الالتزام في عام 2013 بحوار يرعاه الاتحاد الأوروبي، بهدف تطبيع العلاقات بينهما، وهو شرط لكليهما قبل الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.

ما دور حلف الناتو والاتحاد الأوروبي؟

يحتفظ حلف شمال الأطلسي بقوات حفظ سلام في كوسوفو قوامها 3700 جندي، وهو ما تبقى من القوة الأصلية التي كان يبلغ قوامها 50 ألفاً عندما نُشرت عام 1999.

ويقول الحلف إنه سيتدخل بما يتماشى مع تفويضه إذا صارت كوسوفو معرضة لخطر تجدد الصراع. وتحتفظ بعثة الاتحاد الأوروبي بنحو 200 من أفراد قوات الشرطة الخاصة في كوسوفو، وكانت هذه البعثة قد دُشنت في 2008 لأغراض تدريب الشرطة المحلية وقمع الفساد ومواجهة العصابات المسلحة.

ما خطط الاتحاد الأوروبي للسلام؟

يضغط مبعوثو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على صربيا وكوسوفو للموافقة على خطة، كُشف النقاب عنها في منتصف 2022، تتوقف بلجراد بموجبها عن ممارسة الضغوط للحيلولة دون حصول كوسوفو على مقعد في المنظمات الدولية، ومنها الأمم المتحدة.

كما تلتزم كوسوفو بموجب الخطة بتشكيل رابطة للبلديات ذات الغالبية الصربية، وسيفتح الجانبان مكاتب تمثيلية في عاصمة الطرف الآخر للمساعدة في حل النزاعات القائمة.

لكن المحادثات المتعلقة بتطبيع العلاقات بين الخصمين السابقين في زمن الحرب، تعثرت الأسبوع الماضي، وحمَّل الاتحاد الأوروبي رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي مسؤولية ذلك، لفشله في إنشاء رابطة البلديات.

كورتي الذي وافق على أن يكون لمثل هذه الرابطة صلاحيات محدودة ويمكن للحكومة المركزية إلغاء قراراتها، اتهم وسيط الاتحاد الأوروبي بالانحياز إلى صربيا، للضغط عليه لتنفيذ شق واحد فقط من الاتفاق.

ويبدو أن الرئيس الصربي مستعد للموافقة على الخطة، إذ أنه حذر القوميين الرافضين من أعضاء البرلمان، من أن بلجراد قد تواجه عزلة تضر بها في أوروبا، إذا رفضوا الخطة.

لكن لا يلوح في الأفق أي تقدم في ظل وجود المتشددين القوميين الأقوياء على الجانبين، وليس فقط بين صرب شمال كوسوفو.

ما هي مخاوف الصرب؟

تكتسب المنطقة الواقعة في شمال كوسوفو، حيث يشكل الصرب غالبية السكان، أهمية فعلية، إذ إنها تشكل امتداداً لصربيا. وتتحمل بلجراد تكاليف الإدارة المحلية ورواتب الموظفين العموميين والمدرسين والأطباء، ومشروعات البنية التحتية الكبرى.

ويخشى السكان الصرب من فقدان مزايا مثل الرعاية الصحية المجانية في صربيا، بمجرد دمجهم بشكل كامل داخل كوسوفو، وهو ما سيدفعهم إلى الانضمام إلى نظام خاص للرعاية الصحية في كوسوفو.

كما يخشون من أن تكون معاشات التقاعد أقل، نظراً لأن متوسط المعاش الشهري في كوسوفو يبلغ 100 يورو (107 دولارات) مقارنة بمعاش يبلغ 270 يورو في صربيا.

تصنيفات

قصص قد تهمك