فاز رئيس وزراء سلوفاكيا السابق المناهض لأوكرانيا روبرت فيتسو، في الانتخابات العامة التي جرت، السبت، ويستعد للمضي قدماً في محاولة تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، يمكن أن تقوّض الجهود الغربية لتوحيد الصفوف في مساعدة كييف على مواجهة الغزو الروسي المستمر للبلاد.
وتصدر "الحزب الديمقراطي الاجتماعي" "SMER" اليساري، الذي يتزعمه فيتسو، نتائج الانتخابات بالحصول على ما يقرب من 23%، متقدماً على حزب سلوفاكيا التقدمي الليبرالي بقيادة ميشال سيميكا، الذي حصل على قرابة 18%، وفق نتائج أولية صدرت في وقت مبكر الأحد، بعد فرز أكثر من 99% من الأصوات، بحسب صحيفة "ذا سلوفاك سبيكتيتور" السلوفاكية.
وكانت الانتخابات المبكرة في سلوفاكيا، أثارت مخاوف في واشنطن وبروكسل، اللتين كانتا تخشيان من أن تؤدي عودة فيتسو إلى السلطة إلى إيصال صوت آخر مناهض لأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي إلى جانب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان.
وعارض فيتسو فرض عقوبات على روسيا، وادعى أيضاً أن الدعم الذي يقوده حلف شمال الأطلسي (الناتو) لأوكرانيا يقوّض السيادة الوطنية. وبعد عودته اللافتة إلى الحياة السياسية، سيُحظى فيتسو الآن بأول فرصة لمحاولة تشكيل ائتلاف حاكم ، بحسب صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية.
ولا يزال السياسي الشعبوي متورطاً في عدة قضايا فساد، وكان عليه العام الماضي أن ينجو من محاولة خصومه لرفع حصانته البرلمانية. واضطر إلى الاستقالة من منصب رئيس الوزراء في عام 2018 وسط احتجاجات حاشدة في الشوارع أشعل شرارتها اغتيال الصحافي الاستقصائي يان كوتشياك الذي كان يحقق في قضايا فساد، وخطيبته.
وجاء حزب حزب "هلاس" (Hlas)، الذي يتزعمه رئيس وزراء سابق آخر، بيتر بيليجريني، في المركز الثالث بحصوله على 14.7% من الأصوات. وحل بيليجريني محل فيتسو في منصبه قبل أن يختلف مع معلمه السابق، ويترك الحزب لتشكيل حزب (Hlas).
وفشلت 3 من الأحزاب الرئيسية في اجتياز عتبة الـ5% اللازمة لدخول البرلمان، بما في ذلك حزب الجمهورية اليميني المتطرف، الذي حصل على 4.75% وكان من المتوقع أن يساعد فيتسو بعد التصويت.
ومنذ شهر مايو الماضي، تدير سلوفاكيا حكومة تكنوقراطية، عينتها الرئيسة زوزانا تشابوتوفا، لمنع البلاد من الانزلاق إلى مزيد من الفوضى السياسية بعد انهيار الحكومة الائتلافية السابقة وسط صراعات داخلية.
"خبير" في شؤون السلطة
وخلال حياته المهنية التي امتدت لـ3 عقود، تنقل فيتسو (59 عاماً) بمهارة بين التيار المؤيد لأوروبا والمواقف القومية المناهضة لبروكسل والمناهضة لأميركا، بينما أبدى استعداداً لتغيير موقفه اعتماداً على الرأي العام، أو الحقائق السياسية المتغيّرة.
مع ذلك، فقد ظل ثابتاً طوال مسيرته، على الرغم من وعوده بحماية مستويات معيشة المهمشين في بلد حيث مستويات المعيشة بالنسبة للكثيرين، تلحق ببطء فقط بأوروبا الغربية، وحيث يحتفظ الكثيرون بذكريات جميلة نسبياً لماضي الحقبة الشيوعية، بحسب وكالة "رويترز".
وفي تعليق على الأمر، قال عالم الاجتماع ميشال فاسيكا من "معهد براتيسلافا للسياسة"، إن "فيتسو خبير في شؤون السلطة وهو الأفضل في سلوفاكيا على الإطلاق. وليس له نظير في الوقت الراهن"، مضيفاً: "فيتسو يتابع دائماً استطلاعات الرأي، ويفهم ما يحدث" في المجتمع.
فيتسو تبنى مواقف أكثر تشدداً خلال السنوات الأربع الماضية، بما في ذلك شن هجمات على حلفاء غربيين، والتعهدات بوقف الدعم العسكري لكييف، وانتقاد العقوبات الروسية، والتهديدات برفض أي دعوة مستقبلية من "الناتو" لضم أوكرانيا.
"لن نرسل رصاصة أخرى" لأوكرانيا
وقد نالت حملته الانتخابية التي دعت إلى عدم إرسال "رصاصة واحدة أخرى" لأوكرانيا إعجاب الناخبين في الدولة العضو في "الناتو" البالغ عدد سكانها 5.5 مليون نسمة، حيث تعتقد أقلية فقط أن روسيا هي المسؤولة عن حرب أوكرانيا.
وأضاف: "إنه يضعهم (شعبه) في المقام الأول. وهذا من المفترض أن يكون دور السياسي المنتخب، الذي يعتني بمصالح ناخبيه وبلاده".
واستفاد فيتسو من موجة استياء شعبي ضد ائتلاف يمين الوسط المتشاحن الذي انهارت حكومته العام الماضي، ما أدى إلى إجراء الانتخابات قبل موعدها بـ6 أشهر. وشدد خلال حملته الانتخابية على القلق بشأن ارتفاع عدد المهاجرين الذين يمرون عبر سلوفاكيا إلى أوروبا الغربية.
وتعكس آراء فيتسو مشاعر دافئة بشكل تقليدي تجاه روسيا بين العديد من السلوفاكيين، اكتسبت زخماً على منصات التواصل الاجتماعي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب "رويترز".
نشأة متواضعة
ولد فيتسو لعائلة من الطبقة العاملة، وكان يريد أن يصبح إما سياسياً أو مراسلاً رياضياً أو عالم آثار، ولديه ولع بالسير الذاتية للسياسيين، كان والده سائق رافعة شوكية في أحد المصانع وتوفي في وقت مبكر، ونشأ مع والدته، التي كانت تعمل مساعدة في متجر أحذية.
وحصل على شهادة في القانون عام 1986، ودرجة الدكتوراه في القانون وانضم إلى الحزب الشيوعي الحاكم آنذاك. وبعد سقوط الحكم الشيوعي عام 1989، عمل فيتسو محامياً حكومياً، وفاز بمقعد في البرلمان في عهد الحزب الشيوعي الذي أعيدت تسميته، ومثل سلوفاكيا في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
ويتزعم فيتسو حزب "SMER" منذ عام 1999، بعد تأسيسه لمعارضة حكومة يمين الوسط الإصلاحية.
وتزوج فيتسو من سفيتلانا فيكوفا، ابنة قاضٍ شيوعي ذي سلطة، لكنهما لم يعيشا معاً لفترة طويلة. ولكنه وجد حبه الحقيقي في ماريا تروسكوفا، الصديقة السابقة للإيطالي الذي يعيش في سلوفاكيا أنتونينو فادالا، ومستشارة رئيس الوزراء فيتسو قبل استقالته في عام 2018.
تجدر الإشارة إلى أن الصحافي كوتشياك كان يحقق في علاقات فادالا، الذي يرتبط بعلاقات مع عصابات المافيا في بلده الأصلي، وعصابة "ندرانجيتا" الإيطالية بالسلطات السلوفاكية قبل اغتياله، الذي شكل نهاية العلاقة بين فيتسو وماريا تروسكوفا، بحسب موقع "italy24".