هل ينهي خروج فرنسا من النيجر التدخلات العسكرية في الساحل الإفريقي؟

بخروج قوات فرنسا أصبحت روسيا الطرف الخارجي الوحيد في المنطقة عبر "فاجنر"

time reading iconدقائق القراءة - 5
قائد القوات الفرنسية في الساحل الجنرال إريك أوزان والكولونيل سيدي عمر إسماعيل قائد القوات الجوية في النيجر خلال انسحاب آخر القوات الفرنسية، نيامي. 22 ديسمبر 2023 - Reuters
قائد القوات الفرنسية في الساحل الجنرال إريك أوزان والكولونيل سيدي عمر إسماعيل قائد القوات الجوية في النيجر خلال انسحاب آخر القوات الفرنسية، نيامي. 22 ديسمبر 2023 - Reuters
نيامي-أ ف ب

يطوي خروج فرنسا مرغمة من النيجر، صفحة النموذج الغربي في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، ويمهّد الطريق أمام مواجهة غير واضحة المعالم بين الأنظمة العسكرية والتنظيمات المسلحة.

وغادر آخر الجنود الفرنسيين الـ1500 الذين كانوا منتشرين في النيجر، الجمعة، في ختام تجاذب طويل بين باريس والمجلس العسكري في نيامي أعقب انقلاب يوليو الذي أطاح الرئيس محمد بازوم.

وجعل ضباط الجيش الذين استولوا على السلطة في النيجر في يوليو، خروج الجيش الفرنسي أحد مطالبهم الرئيسية على غرار المجلسين العسكريين في بوركينا فاسو ومالي المجاورتين اللتين قطعتا العلاقات الأمنية القائمة منذ فترة طويلة مع فرنسا بعد انقلابات وقعت بين عامي 2020 و2022.

وبالإضافة إلى الانسحاب العسكري، أكدت مصادر دبلوماسية، الخميس، أن فرنسا قررت "إغلاق سفارتها في النيجر".

وقال الأستاذ في جامعة الأخوين في المغرب جليل لوناس إن خروج العسكريين مؤشر على "فشل، هو نهاية الانخراط الفرنسي في الساحل".

وأضاف: "هذه نهاية التدخلات الكبرى".

ويعود التواجد الفرنسي إلى 2013، حين نشرت باريس ما يصل إلى 5500 عسكري في إطار عملية "برخان" بالتعاون مع القوات المسلحة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وانضمت إليها قوات خاصة أوروبية، ونالت دعماً استخبارياً ولوجستياً من واشنطن انطلاقاً من قاعدة أميركية في نيامي.

لكن الأنظمة العسكرية التي انبثقت بعد انقلابات عسكرية متتالية في الدول الثلاث، طلبت مغادرة الفرنسيين، ما يعكس تراجعاً كبيراً للنفوذ الغربي في المنطقة.

وتتطلب عمليات مكافحة الإرهاب اتفاقات ثنائية، خصوصاً مع ألمانيا وإيطاليا.

التواجد الأوروبي والروسي بإفريقيا

وقال الباحث في المعهد الألماني للعلاقات الدولية والأمن دينيس تول لوكالة "فرانس برس" إنه "بالنسبة للأوروبيين يُختصر الانخراط العسكري في التعاون العسكري والأمني، مروراً بالتجهيزات والتدريبات، أما بالنسبة للولايات المتحدة، فالمهام التي نفذتها على مدى الأعوام الماضية، ستكون موضع مراجعة".

وتساءل: "هل يريد الأوروبيون إقامة علاقات مع الأنظمة العسكرية القائمة؟ لا إجماع على ذلك".

واعتبر الباحث في "14 نورث ستراتيجيز" مايكل شوركين أن "غالبية الجهود الأميركية في النيجر كانت لدعم جهود فرنسا".

ومن منظور قانوني لا يمكن للولايات المتحدة التعاون أمنياً مع أنظمة عسكرية، وفي حين لم تقرر واشنطن بعد إغلاق قاعدة الطائرات المسيّرة في النيجر، وسحب جنودها الـ1500 المنتشرين فيها، فإن الفائدة من مساعدتها المحتملة ستكون ضعيفة، ولن تكون بأي حال من الأحوال بدلاً لتلك التي كانت تقدّمها فرنسا.

روسيا الطرف الخارجي الوحيد

وفي ظل ذلك، ستصبح روسيا الطرف الخارجي الوحيد في المنطقة، إذ أن مجموعة "فاجنر" المسلحة المتواجدة في مالي، باتت هدفاً لعمليات من المجموعات المسلحة.

وبدأت "فاجنر" تنفيذ عملية إعادة هيكلة منذ تمرّدها الفاشل على القيادة العسكرية في موسكو في يونيو، ووفاة زعيمها يفجيني بريجوجين في تحطم طائرة قرب العاصمة الروسية في أغسطس.

وتحافظ روسيا على تواجدها الميداني في إفريقيا، ويتواجد عشرات المدرّبين العسكريين الروس في واجادوجو، على الرغم من أن السلطات لا تؤكد ذلك رسمياً. كذلك، وقعت روسيا ونيجيريا اتفاق شراكة لم تكشف تفاصيله.

واعتبر لو أوزبورن من منظمة "أول آيز أون فاجنر" غير الحكومية أن "الموقف الروسي هو أقرب إلى التحايل للحفاظ على المواقع"، مشيراً إلى أن موسكو "ليست في موقع مضمون وثابت".

ويشكك خبراء في أهمية هذه المقاربة.

واستبعد لوناس أن تتمكن "(فاجنر) مع بضع مئات من الرجال، من التأثير ما لم يكن للجيوش المحلية دور أساسي".

وأشار لوناس إلى أن القتل يحلّ أينما حلّ عناصر "فاجنر"، معتبراً أن المجموعة "تكسب المال من مناجم الذهب، وتنفّذ مهمات دعم دون تكبّد خسائر مرتفعة، وإذا أصبح هذا الأمر غير ممكن، سينسحبون، لكن في المقابل سيكونون قد تمكّنوا من إبعاد الغربيين".

مستقبل المنطقة

ويتحدد مستقبل المنطقة بناء على المواجهة بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش" من جهة، والأنظمة العسكرية التي أعلنت في سبتمبر تشكيل "تحالف دول الساحل"، متعهدة من خلاله بمكافحة الإرهاب والإيفاء بـ"واجب المساعدة والإغاثة" ضد أي اعتداء.

وأعرب مدير مشروع الساحل في "مجموعة الأزمات الدولية" جان-إيرفيه جيزيكيل، عن خوفه من إغفال الجوانب السياسية في عملية مكافحة المتطرفين في الساحل.

وأشار إلى أن أنظمة المنطقة "تستثمر كثيراً في الردّ العسكري على هذا التهديد. هذه كانت المشكلة على مدى العقود الماضية، وتزداد حدّة" حالياً، ويمكن للمفاوضات مع المسلحين أن تنتج بارقة أمل، وهو ما كان غير ممكن مع الغربيين.

وأشار جيزيكيل إلى أنه خلف الخطاب الصارم للأنظمة "بعض الانفتاح هناك وهناك، على نحو غير رسمي".

وأضاف: "في حال اقتنعت الأنظمة بأن الحوار قد يكون وسيلة مكمّلة، ستكون في حوزتها أوراق للمناورة"، مشدداً على أنه بالإضافة لمبادرات وطنية ومحلية، يمكن توقع مفاوضات مشتركة مع الدول الأعضاء في تحالف الساحل، لكن لا تزال بعيدة".

تصنيفات

قصص قد تهمك