حرب أوكرانيا في 2024.. ترجيحات روسية بالتصعيد ومخاوف من "تجميد الصراع"

time reading iconدقائق القراءة - 7
جنود أوكرانيون يطلقون قذيفة مدفعية تجاه القوات الروسية في مدينة باخموت. 21 ديسمبر 2023 - Reuters
جنود أوكرانيون يطلقون قذيفة مدفعية تجاه القوات الروسية في مدينة باخموت. 21 ديسمبر 2023 - Reuters
موسكو -ديالا الخليلي

مع اقتراب دخول الحرب الروسية على أوكرانيا عامها الثالث، وغياب أي آفاق لإجراء مفاوضات سلام، رجح خبراء ومحللون روس، عدم انتهاء الحرب أو حسمها في العام المقبل 2024، بينما أبدوا مخاوف من اتجاه الصراع نحو التجميد.

ومنذ اندلاع الحرب في 24 فبراير 2022، تؤكد موسكو مواصلة ما تصفها بـ"العملية العسكرية الخاصة"، حتى تحقيق أهدافها المتمثلة في نزع سلاح من وصفتهم بـ"النازيين" في أوكرانيا، حسبما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي تعهَّد بحماية الذين تعرضوا، لما وصفه، بـ8 سنوات من الاضطهاد والإبادة الجماعية من قِبَل الحكومة الأوكرانية للأقليات الروسية.

مرحلة جديدة من الأزمة

وبين نظرة موسكو ومساعيها لتحقيق النصر، وفرضية "تجميد" النزاع، قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن روسيا "على علم بخطط الغرب لتجميد الصراع في أوكرانيا، وإعلان كييف طرفاً منتصراً".

واعتبر خبراء أن تجميد النزاع سيعني خسارة روسيا، إذ ذكر المحلل السياسي، سيرجي ستروكان، في حديثه لـ"الشرق"، أن "هناك بوادر تشير إلى إنهاء الصراع"، مشدداً في الوقت نفسه، على أن "تجميد الصراع يعني خسارة روسيا، لأن هذا الأمر سيصب في مصلحة الغرب وأوكرانيا".

وقال ستروكان لـ"الشرق"، إن هناك "مؤشرات بشأن مرحلة جديدة في الأزمة الأوكرانية.. ولكن لا أعتقد أنه الصراع سينتهي العام المقبل.."، موضحاً أن هذه البوادر توحي، إما بانتهاء النزاع المسلح، أو بأن يتم اتخاذ خطوات حاسمة لنقل الحل من العسكري إلى تسوية سياسية سلمية".

وأوضح ستروكان، أن "أبرز تلك المؤشرات هي وصول موارد التعبئة البشرية في أوكرانيا إلى الحد الأقصى، واقتراب إمكانيات الغرب من سقفها، بما في ذلك مواردها ومجمعها الصناعي العسكري وسقفها السياسي".

وأشار إلى أنه "واشنطن والغرب عموماً، عادة ما يقل اهتمامهم بسرعة كبيرة بالمشروعات الجيوسياسية المهمة، كما حدث في العراق وأفغانستان.. كما أن هناك إحساساً بأن واشنطن والحلفاء سيفقدون الاهتمام بأوكرانيا كذلك، وهذا الأمر مسألة وقت فقط".

وأضاف ستروكان، أن "تجميد الصراع يعني بشكل تلقائي خسارة روسيا، لكونه يمنح الدول الغربية الوقت في استعادة طاقتها لمواصلة مواجهة روسيا".  

وأشار الخبير السياسي الروسي، إلى أن "تجميد الأزمة لن يحقق أهداف موسكو من الحرب، كما يعني استراحة منتظرة لكييف لاستعادة طاقتها"، لافتاً إلى سيناريو "الحرب الكورية". وقال: "هل نحن مستعدون للعيش 70 عاماً في التوتر، بالطبع لا، نحن بحاجة إلى المضي قدماً حتى النهاية". 

وانطلقت المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في فبراير ومارس عام 2022، بوساطة بيلاروس ثم تركيا، إلى أن توقفت المحادثات، في وقت لاحق.

وفي مقابلة مع وسائل إعلام أوكرانية، في نوفمبر الماضي، قال زعيم فصيل "خادم الشعب" في البرلمان الأوكراني "الرادا"، ديفيد أراخاميا، إن كييف قررت وقف المفاوضات مع موسكو بعد إقناع رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون لنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمواصلة القتال، في حين اعتبرت موسكو، آنذاك، أن "أوكرانيا والغرب لا يظهران استعداداً للتفاوض". 

فيما قال عضو وفد كييف المفاوض، ألكسندر شالي، إن روسيا وأوكرانيا، "كانتا قريبتين من التوصل لتسوية سلمية للخلافات بعد مباحثات إسطنبول في مارس 2022، لافتاً إلى أن الطرفين نجحا في التوصل إلى حل وسط حقيقي، وإن بوتين أراد ذلك".

ويسود جو من التشاؤم بين خبراء روسيين بشأن إمكانية انتهاء الحرب خلال العام المقبل، فالخبير العسكري، فيكتور ليتوفكين، استبعد في حديثه لـ"الشرق"، انتهاء الحرب العام المقبل، معتبراً أن روسيا "ليست مهتمة بأي محادثات، فهي تركز على تنفيذ جميع الأهداف التي وضعتها".

تعزيزات عسكرية روسية

وتواصل روسيا تعزيز قدراتها العسكرية، إذ أعلن وزير دفاعها، سيرجي شويجو، في 26 ديسمبر الجاري، أن مؤسسات مجمع الصناعات العسكرية الروسية ضاعفت من إنتاج الأسلحة والمعدات الأكثر طلباً، لإمداد القوات في منطقة "العملية العسكرية الخاصة"، وفق تعبيره، دون انقطاع.

وفي 21 نوفمبر الماضي، أعلن شويجو خلال اجتماع مع هيئات وزارة الدفاع، زيادة حجم الإمدادات الرئيسية من الطائرات المسيّرة والصواريخ والمدفعية إلى القوات الروسية بـ5 أمثال تقريباً خلال عام 2023.

كما رفعت الحكومة الروسية الإنفاق الدفاعي، إلى نحو ثلث إجمالي النفقات في عام 2024، بزيادة قدرها 68%، لتصل إلى 10.8 تريليون روبل (ما يعادل نحو 115 مليار دولار).

من جهته، اعتبر نائب مدير معهد الدراسات والتنبؤات الاستراتيجية في موسكو، يفجيني سيميبراتوف، أن التحركات الروسية بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي لميزانية عام 2024، أو تطوير إنتاج المجمع العسكري الصناعي، يعد دليلاً على مضي بلاده قدماً نحو الاستمرار في حرب أوكرانيا. 

وأضاف سيميبراتوف في تصريحات لـ"الشرق"، أن "الكرملين غير مقتنع بنجاح مفاوضات السلام مع كييف"، "ولا سيما في ظل وجود تشريعات أوكرانية يدعمها الغرب تحظر الانخراط في مفاوضات".

تباين الموقف الأوروبي

مع تضاؤل حجم التقدم الذي تحققه القوات الأوكرانية في الحرب، وخاصة بعد إطلاق "الهجوم المضاد"، شهد الموقف الأميركي الأوروبي، تبايناً كبيراً في اتجاه التركيز على العبء الذي تمثله هذه الحرب عليها، وفق خبراء ومحليين روس. 

فبحسب الخبير العسكري، فيكتور ليتوفكين، فإن مثل هذه التباينات تدل على "محاولة الدول الغربية إيجاد تبرير لفشل الجانب الأوكراني رغم الدعم".

وأضاف ليتوفكين: "يسعى الغرب للخروج من هذا الوضع برأس مرفوع، ولذلك بدأوا في الحديث عن ضرورة تجميد الصراع وبدء المفاوضات. وبالنسبة لروسيا، فإن الانخراط في المفاوضات دون استسلام كييف سيعني هزيمة موسكو".

واعتبر المحلل السياسي، سيرجي ستروكان، أن أوكرانيا لا تزال قادرة على مواصلة القتال لفترة طويلة، لكن النقطة الأبرز تكمن في عدم تخلي كييف رسمياً عن هجومها المضاد.

وأضاف ستروكان: "حتى الآن تمتلك أوكرانيا موارد وإمكانيات كافية لمواجهة طويلة الأمد، وكأحد السيناريوهات الممكنة، فإن بوسع كييف حرمان موسكو من الانتصار، طالما استمرت المساعدات الخارجية في التدفق، ولهذا لا يوجد إعلان رسمي بوقف الهجوم المضاد".

وتابع بقوله: "أما إذا تراجعت أوكرانيا عن خططها لإعادة سيادتها على جميع أراضيها وفقاً لحدود عام 1991، واتجهت نحو الدفاع الاستراتيجي، بحيث لا تخسر مزيداً من الأراضي التي تملكها، فحينها لن يكفي العام المقبل، وسيجب على روسيا بدء الهجوم، وهذا لا يعني أنها قد تتمكن من تحقيق نتائج جيدة، وهذه مشكلة حقيقية، إذ لا توجد ضمانات على ذلك".

وفي الوقت الذي يبدي فيه بعض المسؤولين الروس، تفاؤلاً بشأن اقتراب لحظة الانتصار في الحرب، يُظهر آخرون تشاؤماً بشأن فرص بدء مفاوضات سلام، أو حسم النزاع عسكرياً.

تصنيفات

قصص قد تهمك