انتهى اجتماع لكبار وزراء الحكومة الإسرائيلية يهدف إلى مناقشة التخطيط لإدارة قطاع غزة في أعقاب الحرب إلى "شجار حاد وصراخ" بين الوزراء وقادة الجيش، فيما اعترض مشرعون يمينيون على خطط الجيش للتحقيق في "إخفاقاته" خلال هجوم 7 أكتوبر، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وأفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، الجمعة، بأن الشجار شهد توجيه سياسيين يمينيين، بينهم أعضاء من حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، انتقادات إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، على خلفية توقيت التحقيق، وضم وزير دفاع سابق.
هذا الخلاف أبرز التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الجيش، وبعض أعضاء ائتلاف اليمين المتشدد بشأن سياسات إسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ما كشف عن تصدعات في "الجبهة الموحدة إلى حد كبير" التي قدمتها الحكومة منذ اندلاع الحرب قبل ثلاثة أشهر، بحسب الصحيفة.
ويأتي في الوقت الذي توجه فيه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى المنطقة، لإجراء محادثات مرتقبة بشأن خطط إنهاء القتال، وتسليم السيطرة المدنية على قطاع غزة في نهاية المطاف.
"صراخ وشجار"
وذكرت تقارير نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مشاركين في الاجتماع لم تذكر أسماءهم، أن نتنياهو قطع الاجتماع بعد ثلاث ساعات مع انطلاق الصراخ، بينما هرع بعض الوزراء للدفاع عن هاليفي.
وقال أحد الوزراء لهيئة البث الإسرائيلي "مكان"، إنهم كانوا يدركون أن الشجار "يمكن سماعه خارج الغرفة"، فيما قال آخر إن بعض مسؤولي الدفاع غادروا مبكراً، احتجاجاً على ما يبدو على معاملتهم.
ومع بدء الاجتماع في وقت متأخر من الليل، وردت تقارير تفيد بأن هاليفي كان يشكل لجنة من مسؤولين سابقين في وزارة الدفاع للتحقيق في إخفاقات الجيش في الفترة التي سبقت هجمات حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، التي كشفت أن الجيش "غير مستعد إلى حد كبير وعاجز عن الاستجابة بفعالية" طيلة ساعات.
وبحسب التقارير، واجهت وزيرة المواصلات ميري ريجيف رئيس الأركان هاليفي خلال الاجتماع بشأن التحقيق، وانضم إليها وزير الأمن القومي، إيتمار بن جفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريش، ووزير التعاون الإقليمي، دافيد أمسالم، للمطالبة بمعرفة سبب قرار الجيش لفتح هذا التحقيق أثناء القتال الدائر في غزة.
ونُقل عن أمسالم قوله: "لماذا نحتاج إلى التحقيق الآن؟ هذا يعني أن القادة العسكريين في موقف دفاعي بدلاً من الانشغال بتحقيق انتصار في (الحرب)؟".
"هل فقدت عقلك؟"
كما أعرب الوزراء عن غضبهم إزاء ضم وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز، بسبب تورطه في الانسحاب من غزة عام 2005. ويأمل البعض في اليمين المتطرف في التراجع عن فك الارتباط عن القطاع في أعقاب الحرب ضد "حماس"، وهي فكرة تعتبر على نطاق واسع غير ناجحة، بحسب "تايمز أوف إسرائيل.
فيما قالت ريجيف: "هل عينت موفاز؟ هل فقدت عقلك؟".
ووفقاً للتقارير، اتهم بن جفير وسموتريتش، هاليفي بالتمسك بـ"تصور فاشل" فيما يتعلق بتعاملات إسرائيل مع الفلسطينيين الذي كشفته الهجمات.
وكررت الاتهامات تلك الانتقادات التي وجهها اليمين ضد خطط "اليوم التالي" في غزة التي تمنح الفلسطينيين سيطرة جزئية على شؤون القطاع.
ودفع هذا الاتهام الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس، رئيس الأركان ووزير الدفاع السابق، إلى الانفجار قائلاً: "هذا تحقيق مهني، ما علاقته بفك الارتباط والمفاهيم؟ رئيس الأركان يحقق في ما حدث لخدمة أهدافنا القتالية وقدرتنا على التخطيط لمواجهة في الشمال"، بحسب موقع "والا".
ودافع وزير الدفاع يوآف جالانت عن قرار هاليفي، منتقداً الوزراء لأنهم "وجهوا له انتقادات شديدة"، ما أثار مشاحنات جديدة بشأن ما إذا كان بإمكان الجيش أن يأمر بإجراء تحقيق دون موافقة السياسيين.
ورد هاليفي على الوزراء قائلاً، إن التحقيق كان عملياتي، وليس يتعلق بالسياسة، مضيفاً: "هذا يبدو وكأنني لم أسلمكم جدول أعمالي للغد. إذا كنت بحاجة إلى التحقيق في العمليات، فأنا لا أحتاج إلى موافقة".
وأشار إلى أن التحقيق سيساعد الجيش على تجنب نفس الأخطاء، بينما يستعد لحرب محتملة ضد "حزب الله" في لبنان.
"ليس من شأنكم"
ودعم وزير الدفاع جالانت، رئيس أركانه هاليفي، وقال لزملائه إنه "ليس من شأنكم" إذا أمر قائد الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق. ومع احتدام الأمور وبدء الصراخ، قال لريجيف: "ميري، أنا لا أعمل لديك. دعيني أتحدث. ويمكن لرئيس الأركان أن يفعل ما يريد".
ومع استمرار المشاحنات، أعلن نتنياهو انتهاء الاجتماع، قائلاً إنه سيواصل النقاش لاحقاً. ولم يصدر بيان حكومي عن الجلسة.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، قال نتنياهو في ختام الاجتماع لهاليفي: "في بعض الأحيان، تحتاج إلى الاستماع إلى الوزراء".
من جانبه، دعا زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لبيد، إلى تغيير الحكومة التي يرأسها نتنياهو، في أعقاب الخلاف بشأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب الحالية، ووصفها بأنها أصبحت "خطراً على الدولة".
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن لبيد قوله، الجمعة، عبر منصة "إكس": "على دولة إسرائيل أن تغير الحكومة وزعيمها.. هؤلاء الأشخاص لن يتمكنوا من اتخاذ قرار استراتيجي، وعليهم أن يرحلوا الآن".
ووفقاً لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، رفض القادة السياسيون الإسرائيليون بشكل واضح النظر في الأخطاء التي سمحت بوقوع هجوم 7 أكتوبر، ووعدوا بأنهم سيفعلون ذلك بعد الحرب، التي شنت بهدفين مزدوجين هما القضاء على حماس، وإعادة المحتجزين، مع توقع البعض أن الأمر ربما يستغرق عاماً أو أكثر من القتال.
تأتي التقارير بشأن خلافات حكومة نتنياهو، بعد نحو 3 أشهر من الهجوم المباغت، الذي شنه مقاتلو "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، عبر الحدود على جنوب إسرائيل، الذي تقول تل أبيب إنه أسفر عن قتل نحو 1200 إسرائيلي، واحتجاز 240 آخرين ونقلهم إلى غزة.