بعد "إخفاق أمني كبير".. "استراتيجية إسرائيلية جديدة" تجاه "حماس" وقطاع غزة

مسؤول إسرائيلي يرجح "غزواً برياً" رغم "نتائج كارثية" متوقعة

time reading iconدقائق القراءة - 7
نظام القبة الحديدية يحاول اعتراض صواريخ أطلقتها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة باتجاه مدينة عسقلان جنوبي إسرائيل. 8 أكتوبر 2023 - Reuters
نظام القبة الحديدية يحاول اعتراض صواريخ أطلقتها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة باتجاه مدينة عسقلان جنوبي إسرائيل. 8 أكتوبر 2023 - Reuters
دبي -الشرق

كشف الهجوم واسع النطاق الذي شنته حركة "حماس"، السبت، والأساليب المختلفة التي استخدمتها للدخول إلى إسرائيل والخروج منها عن "فشل" جهاز الاستخبارات وإخفاق النهج الدفاعي لتل أبيب، ما قد يدفعها لانتهاج استراتيجية مختلفة تجاه قطاع غزة والحركة، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحيفة، طلب عدم كشف هويته، إن هذا الهجوم واسع النطاق، الذي كان ناجحاً في معظمه من وجهة نظر الحركة الفلسطينية، "فاجأ جهاز الاستخبارات وكشف عن بعض الإخفاقات الكبيرة لدى مؤسسة الدفاع الإسرائيلية".

وأشار إلى أنه "سيؤدي لتغيير الاستراتيجية العامة لإسرائيل تجاه الحركة وقطاع غزة"، وهو ما رأت الصحيفة أنه سيكون له تأثير بعيد المدى على الشرق الأوسط بأكمله.

وأضاف المسؤول، أن "اختيار تاريخ الهجوم لم يكن مصادفة على الأرجح، لكنه اختيار دقيق من قبل (حماس)، إذ اختارت تاريخاً يُنظر إليه على أنه يمثل صدمة وطنية"، لافتاً إلى أن المفاجأة الاستخباراتية، فضلاً عن قدرة الحركة على عبور الحدود والتسبب في خسائر فادحة، تذكر بشكل لافت بحرب عام 1973. 

وحذر المسؤول من أن إسرائيل "سترد بقوة على الهجوم"، لافتاً إلى أنها "قد تغير استراتيجيتها، وربما تشن غزواً برياً داخل غزة، وذلك على الرغم من النتيجة الكارثية لهذا الأمر، إلا أنها قد تشعر أن (حماس) لم تترك لها أي خيار".

ونفذت "حماس" هجوماً واسعاً مباغتاً في محيط قطاع غزة حمل اسم "طوفان الأقصى"، إذ اقتحم مقاتلون فلسطينيون بلدات إسرائيلية عدة، بالتزامن مع إطلاق نحو آلاف الصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، إذ أودى الهجوم غير المسبوق، بحياة نحو 300 إسرائيلي، وأسفر عن أسر ما يقارب 50 إسرائيلياً، بينما أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، ارتفاع عدد الجرحى إلى 1590 بينهم نحو 300 بحالة خطرة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتبر الهجوم، "حرباً، لا مجرد عملية عسكرية"، وأعلن استدعاء قوات الاحتياط لإعادة السيطرة على البلدات الإسرائيلية، والشروع في رد "يكبد العدو ثمناً فادحاً".

"استراتيجية فاشلة"

وقالت "نيويورك تايمز"، إن الاستراتيجية الإسرائيلية تتلخص في "احتواء القتال ضد المسلحين في قطاع غزة ما دامت أعداد القتلى في صفوفها ليست مرتفعة للغاية، الأمر الذي قد يضطرها إلى الانخراط الآن في غزو بري شامل". 

وذكرت أن إسرائيل "ظلت حتى الآن قادرة على احتواء (حماس) وغزة من خلال استراتيجية تعتمد على شبكة استخباراتية قادرة على التحذير مسبقاً من تحركات الحركة، وكذلك على قدرة الجيش الإسرائيلي على صد الغزو البري الذي قد تشنه، ولكن هذه الضمانات أثبتت فشلها في هجوم السبت الذي شنته (حماس)". 

وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه الاستراتيجية فشلت بعد مرور 50 عاماً على اليوم الذي بدأت فيه حرب أكتوبر عام 1973، ما يجعل فكرة أن إسرائيل لم تكن على عِلم بشأن هذا الهجوم "أكثر إثارة للدهشة". 

وكانت إسرائيل قد استثمرت موارد هائلة في تحقيق أكبر قدر ممكن من الاختراق الاستخباراتي لنظام الحركة في غزة، ما أعطاها كميات كبيرة من المعلومات حول معظم مبادرات الحركة، كما ساعد أيضاً في تحديد أماكن العديد من قادتها وقتلهم، ولكن اليوم باءت كل هذه الجهود بـ"الفشل"، بحسب الصحيفة. 

"ثمن باهظ"

في السياق، أعرب 4 رؤساء وزراء إسرائيليين متعاقبين عن رأيهم بشكل متكرر بأن ثمن غزو واحتلال قطاع غزة من أجل سحق "حماس" سيكون باهظاً للغاية، سواء لحياة الجنود الإسرائيليين أو الفلسطينيين. 

ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن تل أبيب واصلت التصرف بهذه الطريقة، رغم علمها أن حركتي "حماس" و"الجهاد الفلسطيني"، تلقتا التمويل والتدريب والأسلحة والمعدات القتالية والاستخباراتية من إيران، وأن هذه الجماعات قد أصبحت أقوى من قبل. 

وأضاف أحد هؤلاء المسؤولين، أنه على الرغم من أن الاستخبارات الإسرائيلية جمعت بعض المؤشرات على أن "حماس" تخطط لشن عملية كبيرة، فإنها كانت بعيدة عن تكوين صورة واضحة عن الأمر. 

ورجح المسؤول "عدم استيعاب إسرائيل" لحجم الاستعدادات التي كانت مطلوبة لـ 250 عضواً من "حماس"، الذين تم تكليفهم بقيادة الهجوم واستهداف القواعد العسكرية والمدن. 

من جانبهم، قال مسؤولون أميركيون للصحيفة، إن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة كانتا "على عِلم بأنه من الممكن أن تشن حماس هجوماً في مرحلة ما أو حتى إن الأمر قد يكون مرجحاً"، لكنهم ذكروا أنه لم يكن هناك تحذير تكتيكي محدد بشأن الضربات التي وقعت السبت، كما لم تكن هناك إشارة تسمح لإسرائيل باتخاذ إجراءات محددة. 

بدوره، قال ميك مولروي، وهو ضابط سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية CIA ومسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، إن "مدى تعقيد الهجوم الذي نفذته حماس يشير إلى أنه تطلب الكثير من الاستعدادات".

وأضاف: "كانت هناك مؤشرات محتملة على جمع الذخائر وإعداد القوة الهجومية، كما كان هناك نشاط إلكتروني في إسرائيل قبل الهجوم". 

إهانة المؤسسة الأمنية في إسرائيل

الصحيفة الأميركية، لفتت كذلك، إلى أنه على الرغم من علم الجيش الإسرائيلي بإمكانية قيام "حماس" بغزو بري للاستيلاء على قواعد عسكرية على طول الحدود، وإلمامها بمدى استعدادها لمثل هذا الاحتمال، فإن الجيش بعد أن علم بالهجوم "كان بطيئاً ومتعثراً في الوصول إلى العديد من الأماكن وفهم ما كان يحدث فيها ومحاولة تقديم المساعدة، ما اضطر العديد من السكان للدفاع عن أنفسهم بأسلحة بدائية الصُنع، ما مكن "حماس" من تحقيق تقدم وأسر الجنود واحتجاز الرهائن. 

ووفقاً للصحيفة، فإن مقاطع الفيديو التي التقطتها "حماس" خلال العملية، والتي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باعتبارها "منخفضة المستوى وضعيفة ومتفاجئة ومُهانة". 

وكان كبار مسؤولي الاستخبارات، بحسب "نيويورك تايمز"، قد حذروا في الأشهر الستة الماضية من أن "أعداء إسرائيل، وبخاصة إيران، والمجموعات المرتبطة بها بما في ذلك (حماس)، ينظرون إلى الانقسامات الشديدة الحالية في تل أبيب بشأن الإصلاح القضائي على أنها علامة على ضعفها"، لافتين إلى أن "عدم وجود وحدة وطنية، فضلاً عن أزمة قوات الاحتياط قد عرَّض البلاد للخطر".

 وقالت الصحيفة في نهاية تقريرها، إن أحد الأسئلة المهمة التي ستحدد كيف ستطور الأزمة، هو ما إذا كان "حزب الله" اللبناني سيبقى على الهامش أم أنه سيدفع بمقاتليه لمهاجمة إسرائيل، محذرة من أنه، حال انخرط في القتال بشكل مباشر، فمن المرجح أن يصبح من أكثر المعارك شدة في المنطقة منذ سنوات.

تصنيفات

قصص قد تهمك