أفاد مسؤول عراقي رفيع المستوى لـ"الشرق"، الثلاثاء، بأن العراق يضع "تعديلات جديدة" على الاتفاق الأمني المبرم مع إيران في مارس 2023، مؤكداً أن اللجنة الأمنية العليا بين البلدين تدرس "خيارات جديدة" للاتفاق الأمني الذي خرقته طهران بهجومها الأخير على إقليم كردستان العراق.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن أحد بنود الاتفاق الأمني مع إيران كان ينص على "عدم إطلاق أي نار أو تنفيذ عملية تجاه الأراضي العراقية دون إشعار الحكومة المركزية أو طلب تنفيذها من الحكومة العراقية".
وقصف الحرس الثوري الإيراني، الثلاثاء، أربيل، عاصمة كردستان العراق مستهدفاً ما وصفها بـ"مراكز تجسس تتبع إسرائيل وتجمعات لجماعات إرهابية مناهضة لإيران"، بالإضافة إلى أهداف وصفها بـ"الإرهابية" في سوريا.
وجاء الهجوم، رغم توقيع البلدين، في مارس الماضي، اتفاقاً أمنياً يهدف إلى "التنسيق في حماية الحدود المشتركة" بين البلدين وتوطيد التعاون في مجالات أمنية عدة، وذلك بعد أشهر من المفاوضات بشأن ما وصفته طهران بـ"تهديدات من الأراضي العراقية".
وبموجب الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر الماضي، أخلت العراق المقرات المتواجدة قرب الحدود مع إيران، والتي كانت تشغلها مجموعات المعارضة الإيرانية بشكل نهائي ونقلهم إلى مكان بعيد عن الحدود، كما نُزعت الأسلحة منهم تمهيداً لاعتبارهم لاجئين وفق ضوابط مفوضية اللاجئين، كذلك انتشرت قوات الحدود الاتحادية العراقية بتلك المناطق والوُجود بشكل دائم ورفع العلم العراقي فيها.
وأشار المسؤول العراقي إلى أن "العراق التزم بكل البنود التي وضعها الجانب الإيراني بالاتفاقية الأمنية، ولم يخرق الاتفاق".
وأوضح أن العراق "نزع سلاح الجماعات الإيرانية المعارضة النشطة شمال العراق"، مؤكداً أنهم حالياً "تحت السيطرة العراقية، كما أن الجيش العراقي يسيطر على الجبال والشريط الحدودي" مع إيران.
وكان مسؤول حكومي عراقي رفيع المستوى قال لـ"الشرق"، الأحد الماضي، إن الحكومة العراقية ستبني "مجمع مخيمات للمعارضين الإيرانيين الموجودين شمال العراق في محافظتي أربيل والسليمانية"، مشيراً إلى أنه "سيضم 15 ألف إيراني معارض مع عوائلهم"، وذلك في ضوء الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين.
"عمل عدواني"
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الثلاثاء، قصف أربيل "عملاً عدوانياً يقوض العلاقة القوية بين العراق وإيران"، مشدداً لوكالة "بلومبرغ" على أن "الحكومة العراقية تحتفظ بحقها في اتخاذ كافة الإجراءات الدبلوماسية والقانونية بما يتطابق مع مبدأ السيادة الوطنية".
ورداً على هذه الهجوم، استدعت وزارة الخارجية العراقية، سفيرها لدى طهران نصير عبد المحسن، لغرض التشاور على "خلفية الاعتداءات الإيرانية الأخيرة على أربيل"، كما أعلنت استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في بغداد أبو الفضل عزيزي لتسليمه "مذكرة احتجاج".
كما أعلنت تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد طهران.
واتهم رئيس وزراء إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني الثلاثاء، إيران "بقتل مدنيين أبرياء" في الضربات التي شنتها على عاصمة الإقليم، لافتاً إلى أن المزاعم الإيرانية "لا أساس لها من الصحة"، وأن "الوقت الحالي ليس مناسباً لانسحاب القوات الأميركية من العراق".
وقال بارزاني للصحافيين على هامش منتدى دافوس: "الأمر المثير للدهشة هو أننا لسنا جزءاً من هذا الصراع، ولا نفهم لماذا تنتقم إيران من المدنيين في كردستان وخاصة في أربيل".
إخراج التحالف الدولي
وعند سؤال برزاني بشأن الدعوات الأخيرة في العراق لإخراج التحالف العسكري الدولي بقيادة الولايات المتحدة من البلاد، أجاب: "الولايات المتحدة موجودة في العراق بناء على دعوة من الحكومة العراقية ومهمتها هي مكافحة الإرهاب"، موضحاً: "لا نعتقد أن الإرهاب انتهى وأحداث الليلة الماضية دليل على أن الاستقرار في المنطقة لا يزال على المحك".
ولدى الولايات المتحدة 900 جندي في سوريا، و2500 في العراق في مهمة تقول إنها تقدم المشورة والمساعدة للقوات المحلية التي تحاول منع عودة تنظيم "داعش" الذي استولى في عام 2014 على أجزاء كبيرة من البلدين قبل أن يُهزم.
وتأتي الضربات الإيرانية التي دانتها الولايات المتحدة وأطراف دولية، في سياق توتر متصاعد في الشرق الأوسط ومخاوف من نزاع إقليمي شامل على خلفية الحرب في غزة.
وفي المقابل، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن بلاده "لن تتردد في استخدام حقها المشروع للتعامل الرادع مع مصادر تهديد الأمن القومي والدفاع عن أمن مواطنيها".
واعتبر أن القصف "جزء من رد إيران على أولئك الذين يتخذون إجراءات ضد الأمن القومي الإيراني وأمن المواطنين"، ويأتي في إطار "العقاب العادل" ضد "المعتدين على أمن البلاد".